يبحث مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في جلسة خاصة انتهاكات حقوق الإنسان في دولة الإمارات والتوصيات التي أصدرها فريق الاستعراض الدوري الشامل بشأن أبوظبي.
ويشارك في الجلسة المقررة اليوم الثلاثاء في جنيف في إطار الدورة الـ54 لمجلس حقوق الإنسان العديد من المنظمات الحقوقية البارزة مثل مركز الخليج لحقوق الإنسان، العفو الدولية، هيومن رايتس ووتش، والخدمة الدولية لحقوق الإنسان.
كما ستشارك في الجلسة المدافعة الإماراتية عن حقوق الإنسان جنان المرزوقي، ابنة معتقل الرأي عبدالسلام درويش، إذ من المقرر أن تلقي كلمة حول التوصيات الاستعراض الدوري الشامل والرد الإماراتي عليها.
يشار إلى أن الإمارات قدمت الشهر الماضي ردها على التوصيات المقدمة من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة خلال الاستعراض الدوري الشامل الذي انعقد في شهر مايو الماضي وذلك بعد أسابيع من المماطلة.
ورفضت الإمارات القبول بـ125 توصية من أصل 323 تم تقديمها خلال الاستعراض الدوري الشامل الأخير، مبررة ذلك بأن العديد من تلك التوصيات إما أنها تقتضي مزيدا من الدراسة، وتحتاج إلى تهيئة البيئة التشريعية الوطنية بحيث تتماشى مع المعايير والاتفاقيات الدولية.
وقد انتقد مركز حقوقي ردود الإمارات على توصيات الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بشأن انتهاكات أبوظبي الممنهجة لحقوق الإنسان.
وقال مركز مناصرة معتقلي الإمارات إنه بعد أسابيع من المماطلة، قدم وفد الإمارات في الأمم المتحدة رده على التوصيات المقدمة من الدول خلال الاستعراض الدوري الشامل الذي انعقد في 8 مايو الماضي والتي بلغ عددها 323 توصية.
وذكر المركز في بيان تلقت “إمارات ليكس” نسخة منه، أن السلطات الإماراتية وافقت على 198 توصية، وأخذت علماً بـ125 توصية مبررةً ذلك بأن العديد من تلك التوصيات إما تقتضي مزيدا من الدراسة، وتحتاج إلى تهيئة البيئة التشريعية الوطنية بحيث تتماشى مع المعايير والاتفاقيات الدولية، أو تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية ومع التشريعات الوطنية.
وبحسب المركز فإن هذا يعني عملياً، أن الإمارات رفضت قبول 125 توصية من التوصيات المقدمة بالاستعراض الشامل، حيث أن مصطلح “أخذ العلم” يعني أن الدولة ستقوم بمراجعة هذه التوصيات وإلقاء نظر ثاقبة عليها لكنها لن تنفذها.
في الواقع، مصطلح “أخذ العلم” هو مجرد بديل “مهذب” لمصطلح الرفض، ويبدو أن السلطات الإماراتية وجدت أن رفض هذا العدد الكبير من التوصيات سيظهر عدم تعاونها مع الأمم المتحدة.
كما أنه يشكل إحراجاً للأمم المتحدة، ولذلك قررت بأنها “أخذت علماً” بممارسة التعذيب وقمع حقوق الإنسان.
وكان لافتاً أن السلطات الإماراتية كررت نفس الذرائع والردود التي أطلقتها خلال الدورات الماضية من الاستعراض الأخير.
إذ زعمت للمرة الرابعة أن العديد من تلك التوصيات تقتضي مزيدا من الدراسة، لأنها تحتاج إلى تهيئة البيئة التشريعية الوطنية، وهي نفس الجملة التي تكررها منذ الاستعراض الأول الذي كان في 2009، علماً أن معظم التوصيات كانت مكررة.
كما زعمت أبوظبي في ردها أنها تعمل حاليا على إعداد مشروع قانون جديد يحل محل القانون الاتحادي رقم 15 لسنة 1980 في شأن المطبوعات والنشر، وبما يتماشى مع المعايير الدولية ذات الصلة، علماً أن رئيس الوفد الإماراتي في 2013 أنور قرقاش، قدم نفس هذا الوعد.
وبمقارنة الاستعراض الدوري الشامل الأخير مع الذي سبقه، نجد أن عدد التوصيات المقدمة للإمارات ارتفع من 180 إلى 323 توصية.
وهو ما يعكس حجم التدهور الكبير في حالة حقوق الإنسان في البلاد، رغم أن السلطات في ردها على التوصيات المقبولة تؤكد أن الكثير منها قد تم إنجازه على أرض الواقع، وهو ما يعني أيضاً أنها لن تنفذ التوصيات المقبولة لأنها أنجزتها.
ورغم أن الإمارات تزعم دوماً في رودوها أنها تدرس بشكل مستمر المصادقة على المعاهدات والاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، إلا انها رفضت قبول 56 توصية تتعلق بالمصادقة على معاهدات حقوق الإنسان.
وقالت الإمارات في ردها، إنها تحرص على تعزيز تعاونها مع أجهزة وآليات ولجان الأمم المتحدة.
ورغم ذلك فقد رفضت 5 توصيات تتعلق بتوجيه دعوة للمقررين الأمميين الخاصين، من بينها توصية لا تفي بالاستجابة لطلبات الزيارة المعلقة من المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة بالأمم المتحدة.
كما يمكن ملاحظة أن معظم التوصيات التي رفضت الإمارات القبول بها، ترتبط بقضايا حرية التعبير والمدافعين عن حقوق الإنسان وتعديل القوانين القمعية.
إذ رفضت أبوظبي القبول بتوصية سويسرا تعديل قانون 2014 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية، وقانون 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، وقانون العقوبات، ومواءمة كل هذه القوانين مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان.
ورفضت السلطات الإماراتية القبول بـ9 توصيات متعلقة بتعزيز حرية الرأي والتعبير، وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان، مثل رفضها لتوصيات بلجيكا، كندا، كوستاريكا، تشيكيا، وإستوانيا بضمان حرية التعبير وعدم مضايقة المدافعين عن حقوق الإنسان.
وقبلت الإمارات بتوصية واحدة فقط بالمسائل التي تتعلق بمكافحة الإرهاب، والتي قدمتها الصين، وطالبت فيها أبوظبي بمواصلة مكافحة الإرهاب، بينما رفضت بقية التوصيات التي تطالب بعدم استخدام القانون لمضايقة المدافعين عن حقوق الإنسان وتعديله.
إضافة لذلك، رفضت الإمارات القبول بتوصية بلجيكا بالإفراج غير المشروط عن جميع المدافعين عن حقوق الإنسان وسجناء الرأي والأشخاص المسجونين بسبب معتقداتهم السياسية أو ممارسة حقهم بحرية التعبير.
وبهذه الردود تكون السلطات الإماراتية قد تهربت عملياً من تنفيذ أي توصية تتعلق بتحسين حقوق الإنسان، مكتفية بأخذ العلم بأنها تقمع حرية التعبير وتستخدم قوانين قمعية وتسجن المدافعين عن حقوق الإنسان.