قصة ناشط سوري في سجون الإمارات بدعوى الإساءة إلى هيبة الدولة
في 23 ديسمبر 2019، انضم المدافع السوري عن حقوق الإنسان عبد الرحمن محمد النحاس، إلى قائمة طويلة من ضحايا الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري في سجون الإمارات.
ولأن النحاس كان يعيش وحيداً في منزله بمدينة زايد حيث كان يعمل مشرفاً للمشتريات في بلدية المدينة، فإن خطيبته وأهله لم يتمكنوا من معرفة ما جرى له على وجه الدقة بحسب ما نشر مركز مناصرة معتقلي الإمارات.
حاول شقيقه وخطيبته معرفة سبب ومكان اختفائه المفاجئ، لكنهما لم يستطيعا حل اللغز، فعلى الرغم من محاولة مراجعة السلطات الإماراتية المتكررة لكنهما لم يحصلا على أية إجابات واضحة، خصوصاً أن عائلة النحاس كانت تعتقد أيضاً أنه لا يوجد سبب لدى السلطات الإماراتية لاعتقاله.
بعد أكثر من عام على اختفائه في سجون أمن الدولة، وتحديدا في يناير 2021، تم نقله إلى سجن الوثبة في العاصمة أبوظبي، حيث سُمح له للمرة الأولى والأخيرة بالاتصال بأهله، واختار الشاب السوريّ أن يتصل بخطيبته ليخبرها أن السلطات الإماراتية اعتقلته بسبب بريد إلكتروني أرسله إلى السفارة الفرنسية.
في تلك المكالمة، أخبر النحاس خطيبته، عن تعرضه للتهديد والتعذيب، وإكراهه للتوقيع على أوراق لا يعلم مضمونها وهو معصوب العينين، وذكر أن وكيل النيابة أخبره بخيارين أمامه، فإما أن يتم ترحيله إلى سوريا ليواجه عقوبة الإعدام فيها، أو أن يوقع على الأوراق.
بعد ذلك تم إحالة النحاس إلى المحاكمة، ووجهت له النيابة تهمتين: الأولى التواصل مع منظمة إرهابية، وذلك إثر تواصله مع إحدى المنظمات الحقوقية، والثانية “الإساءة لهيبة الدولة” بسبب بريده الإلكتروني إلى السفارة الفرنسية، ثم قام القضاء الإماراتي بانتداب محامية للدفاع عنه.
تواصل أهل النحاس مع تلك المحامية، لكنها كانت ترفض تزويدهم بأي معلومات عن قضية ابنهم، وترفض حتى إعطاءهم رقم القضية، بل وتخبرهم أنه غير بريء وأن جميع الأدلة تدينه، وعليهم أن يتوقعوا حكماً بالسجن يصل إلى 10 سنوات.
لاحقاً، قام أهل النحاس بالحصول على محتوى البريد الإلكتروني، دون معرفة كيفية حصول السلطات الإماراتية عليه.
كانت المفاجئة كبيرة، إذ أن البريد الإلكتروني عبارة عن طلب النحاس اللجوء إلى فرنسا، لأنه يرغب في العمل مع المؤسسات الحقوقية التي ترصد انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا، ولا يستطيع ممارسة هذا العمل داخل الإمارات لأن سلطاتها تعتبر مثل هذا العمل سياسي.
النحاس شرح في بريده قصته الكاملة منذ لحظة مغادرته سوريا، والتي يمكن إيجازها بما يلي:
النحاس من مواليد 1984، وهو حاصل على شهادة بكالوريوس في الأدب الإنجليزي، لكنه تعرض في 2011 للاعتقال من قبل قوات النظام السوري بدعوى تصويره لقمع الأمن إحدى المظاهرات السلمية.
في يوليو 2012 قام النظام السوري بالإفراج عن النحاس، ليغادر إلى لبنان، ثم إلى مصر، ليبدأ فيها نشاطه في الدفاع عن حقوق الإنسان.
أسس النحاس خلال تواجده في مصر منظمة وموقع (إنسان ووتش) لتوثيق انتهاكات النظام السوري في مجال حقوق الإنسان، إلا أنه اضطر لاحقاً لمغادرة القاهرة في يوليو 2013 بسبب الأوضاع السياسية غير المستقرة.
انتقل الشاب السوريّ بعدها إلى الإمارات العربية المتحدة وتمكن من الحصول على وظيفة “مشرف مشتريات” في أبوظبي، لكنه لم يتمكن من متابعة عمله في توثيق انتهاكات النظام السوري خوفاً من ملاحقة السلطات الإماراتية.
حاول النحاس خلال السنوات الماضية استئناف نشاط منظمته (إنسان ووتش)، وتواصل مع عدد من المنظمات الحقوقية للحصول على الدعم اللازم، لكنها جميعاً اشترطت عليه الحصول على الإقامة في أحد الدول الغربية التي تدعم حقوق الإنسان، حتى يتمكن من الحصول على الدعم وممارسة نشاطه بحرية أكبر.
قام النحاس في 2019 بإرسال بريد إلكتروني إلى السفارة الفرنسية يشرح فيه حالته ويطلب الحصول على حق اللجوء السياسي، لكن السلطات الإماراتية حصلت بطريقة ما على نسخة بريده، وقامت باعتقاله.
وقد كان من المقرر أن تكون جلسة النطق بالحكم في قضية النحاس في 9 يونيو 2021 الماضي، لكن دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية أجلت الجلسة عدة مرات لأسباب مجهولة.
وفي إطار متابعته لقضية الشاب السوريّ في السجون الإماراتية، وتحديداً في 18 مايو 2021، وجه مركز مناصرة معتقلي الإمارات نداء عاجلاً إلى ماري لولور المقررة الخاصة المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، لتبعث بدورها رسالة إلى السلطات الإماراتية أعربت فيها عن قلقها من “احتجاز النحاس التعسفي”، وطالبت السلطات هناك بتوضيح الأساس القانوني للاعتقال.