تقرير: شكوك متزايدة بشأن علاقات مشبوهة بين جهاز أمن الدولة الإماراتي وفيسبوك
من المقرر أن يبدأ “المجلس الوطني للإعلام” ذراع جهاز أمن الدولة الإعلامي، بالشراكة مع شركة فيسبوك اليوم الاثنين (23 ابريل/نيسان) الجاري، حملة تهدف “إلى الحد من انتشار الأخبار المضللة”.
وحسب الصحافة الرسمية التي نشرت التفاصيل يوم الأحد (22 ابريل/نيسان) فإن الحملة ستكون مشتركة بين فيسبوك والصحف الإماراتية؛ ستقدم إرشادات للمستخدمين في دولة الإمارات.
تمثل فيسبوك شركة رائدة في شبكات التواصل الاجتماعي، باعتبارها تُتيح مناخاً أكبر وأوسع لحرية الرأي والتعبير، وتعاقدها مع “المجلس الوطني للإعلام” ذارع جهاز أمن الدولة للعلاقات مع شركات متعلقة بالإعلام والصحافة والقرصنة الالكترونية للحد من حرية الرأي والتعبير ومراقبة المدونين، يفتح المزيد من الشكوك حول علاقة جهاز أمن الدولة بفيسبوك منذ فضيحة شركة “كامبردج أناليتيكا”.
بحسب الخطة المطروحة “ستعمل الصحف على نشر إعلانات توعية تهدف إلى تثقيف الجمهور ومساعدته على تقييم مصداقية الأخبار والمعلومات المنشورة على وسائل التواصل الاجتماعي، في حين سيقوم موقع فيسبوك بإضافة إرشادات على صفحة الأخبار تساعد مستخدميه في دولة الإمارات العربية المتحدة على تمييز الأخبار الصحيحة من الأخبار المضللة وغير الصحيحة”.
وكالعادة عملٌ بنصوص فضفاضة تتيح المزيد من التكهنات حول الدور المناط بهذه الشراكة وإن كان لها علاقة بإتاحة معلومات الصفحات والأشخاص للسلطات الإماراتية.
وفي مارس/آذار الماضي أصدر المجلس الوطني للإعلام “نظام الإعلام الإلكتروني” الذي يفرض على المؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي الحصول ترخيص من الحكومة لممارسة أنشطتهم؛ فيما يعتقد أنه قانون جديد يستهدف حرية الرأي والتعبير في الدولة.
الأهم أن فيسبوك تجاهل باتفاقه مع الإمارات حقائق ثابتة بشأن السجل الحقوقي الأسود لأبو ظبي وقمعها المتواصل للمدونين والحريات العامة.
ويجب أنّ تعرف “فيسبوك” أنّ لدى الإمارات قوانين صارمة تحكم التعبير. ويحتاج الصحفيون العاملون في البلد إلى بطاقات صحفية تصدرها الحكومة. كما تم حبس الأشخاص بسبب تعليقاتهم عبر الإنترنت.
وفي قضية متعلقة بتدوين على فيسبوك، يستمر احتجاز الصحافي الأردني “تيسير النجار”، بسبب منشور نشره على فيسبوك عام 2014 ينتقد فيه الإمارات العربية المتحدة.
وتم الحكم عليه في محكمة سياسية بالسجن ثلاث سنوات العام الماضي وغرامة نصف مليون درهم إماراتي (نحو 136 ألف دولار)، وكان قد اعتقل عام 2015 وضل في سجون سرية تعرض خلالها للتعذيب. قبل أنّ ينقل إلى سجن “الوثبة” الصحراوي.
وفي مارس/آذار الماضي، بدأت الدولة محاكمة سرية للناشط الحقوقي البارز أحمد منصور بعد عام من اعتقاله، بسبب تعليقات على تويتر وكان أخر الأصوات الشجاعة التي تتحدث في تويتر عن واقع حقوق الإنسان في الإمارات، ولا يزال مكان اختطافه مجهولاً، كما أنّ عائلته لم تتمكن خلال عام من زيارته إلا مرتين فقط، في مقر أمني ليس له علاقة بمكان احتجازه. ويُمنع من لقاء المحام أو توكيل محام رغم بدء المحاكمة السرية.
وفي مارس/آذار أيضاً، كان العام الأول للمدون أسامة النجار في السجن بعد أنَّ أنهى الحكم الصادر بحقه بالقضاء ثلاث سنوات في السجن بسبب تعليقات على تويتر.
وكان من المفترض أنّ يتم الإفراج عن النجار في 17 مارس/آذار 2017 لكن جهاز أمن وأتباعه أقر تمديد احتجازه بأمر من المحكمة بمزاعم أنه “يمثل تهديدًا”.
ولم تحدد السلطات مدة هذا الاحتجاز التعسفي وغير القانوني والذي يمثل انتهاكًا صارخًا لحقوق النجار الأساسية.
ويتحكم جهاز أمن الدولة بالسلطات الثلاث إلى جانب وسائل الإعلام، ويفرض تعتيماً على أي أخبار تخص عشرات المعتقلين السياسيين والمدونيين الذين تم اعتقالهم خلال السنوات السبع الماضية.
وتعاني الإمارات من سجل سيء للغاية في حقوق الإنسان، فقد اعتقلت وعذبت العشرات وربما المئات من المواطنين بسبب تعليقات وتدوينات على شبكات التواصل الاجتماعي التي منها فيسبوك.
ولا يوجد صُحف ووسائل إعلام إماراتية مُستقلة تمارس عملها داخل البلاد، كل وسائل الإعلام تابعة للسلطة، حتى المنتديات الإعلامية، بما فيها نادي دبي للصحافة، والمنتديات التي تُقام سنوياً للإعلام والصحافة يشرف عليها جهاز أمن الدولة.
حتى أن منتدى حقوق الإنسان في دبي يتم برعاية “وزارة الداخلية” بذكر ذلك لا تستغرب إن علمت أن وزير الداخلية الشيخ سيف بن زايد هو المتحدث الرسمي باسم منتدى الإعلام الإماراتي الذي حدث في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ومن الأفضل لـ”فيسبوك” الابتعاد عن فضيحة ثانية والابتعاد عن أي جهة ترتبط بشركة “كامبريدج أناليتيكا” للاستشارات السياسية التي حصلت بطريقة غير مشروعة على معلومات شخصية لما يقدر بنحو 87 مليونا من مستخدمي “فيسبوك” وهو الذي أثَّر فعلاً على سمعة الشركة العالمية.
وكشفت وثائق شركة “كامبريدج أناليتيكا” التي قُدمت إلى روبرت مولر، المحقق الخاص المكلف من قبل وزارة العدل الأمريكية للتحقيق في مزاعم تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية، أنَّ المجلس الوطني للإعلام- الجهة التي تشاركها فيسبوك حالياً الحملة- وقعت عقداً بقيمة (333) ألف دولار من أجل ربط القطريين بالإرهاب في شبكات التواصل الاجتماعي خلال عام 2017.
ويبدو أن “فيسبوك” تبحث عن فضيحة جديدة لها علاقة بـ”الإمارات” و”بالمجلس الوطني للإعلام” ذراع المخابرات للسيطرة على المدونين في شبكات التواصل الاجتماعي.