كشفت إمارات ليكس أن حالة من القلق تسيطر على النظام الإماراتي من تداعيات اعتقال رجل الأعمال اللبناني جورج نادر الذي عمل مستشارا لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.
ويدرك النظام الإماراتي أن أسوأ السيناريوهات التي تتنظر محمد بن زايد في ملف اعتقال جورج نادر في الولايات المتحدة الأمريكية لم تظهر بعد.
إذ لا يستبعد محللون أن يسعى جورج نادر لابتزاز الإمارات ماليا إذا ما تبين له أنهم قرروا التخلي عنه وتركه يواجه أحكاما بالسجن أقصرها 15 عاما.
كما لا يستبعد المحللون أن يتعاون المحققون مع نادر بصورة ما -بعيدا عن الإفراج عنه- إذا ما تبين لهم أن بحوزته أسرارا أو وثائق تدين تورط ابن زايد والعائلة الحاكمة بالإمارات بقضايا تمس الولايات المتحدة الأميركية.
ويبدو أن هذه المرة ليست كسابقاتها، ولن يكون بمقدور ولي عهد أبو ظبي إنقاذ مستشاره الذي ضبط مجددا على يد “أف بي أي” بمطار واشنطن قادما من دبي حاملا على هواتفه مواد إباحية للأطفال.
بحسب دوغلاس بانداو كبير الباحثين في معهد كيتو للدفاع والمتخصص في شؤون الخليج العربي والمساعد الخاص سابقا للرئيس رونالد ريغان، فإن الموضوع مثير للحرج هذه المرة، وكل من يحاول التدخل به سيجد نفسه بموقف حرج للغاية، فالقضية تتعلق بمسألة شرف لا مساومة فيها بالنسبة للمجتمع الأميركي.
بل إن دوغلاس توقع في تصريحات تلفزيونية أن يسعى ابن زايد للنأي بنفسه قدر الإمكان عن مستشاره المنحرف وينفض يده منه نهائيا.
ومع أن هذه ليست المرة الأولى التي يلقى القبض فيها على نادر بمثل هذه القضية بالولايات المتحدة، حيث سبق القبض عليه في الثمانينيات من القرن الماضي وكذلك في يناير/كانون الثاني الماضي بتهم بجرائم أخلاقية، إلا أن هناك إجماعا على أن هذه المرة مختلفة، وأنه سيدفع ثمنها سنوات طويلة بالسجون الأميركية.
ويفسر الصحفي والمحلل السياسي محمد المنشاوي الأمر بأن نادر أفرج عنه في الثمانينيات على اعتبار أنه كان يقوم بمصالح تخدم الأمن القومي الأميركي، حيث كان يلعب دورا في تحرير رهائن أميركيين في لبنان، وللسبب نفسه أخلي سبيله قبل أشهر لأن اسمه كان مرتبطا بتحقيقات مولر بالتدخل الروسي بالانتخابات الأميركية.
ولكن الحال مختلفة هذه المرة، فدوائر القرار الأميركية ووسائل الإعلام تدرك أن نادر لا دور له الآن غير التسويق لمحمد بن زايد في الولايات المتحدة، ومحاولة الزج بالأخير في أوساط صنع القرار الأميركي للتمكن من التأثير على السياسات الأميركية، وهو أمر مرفوض من قبل الأميركيين.
والمثير للجدل أن صحيفة نيويورك تايمز كانت قد خصصت قبل يومين من إلقاء القبض على جورج نادر، صحفتين للحديث عن الدور المشبوه لمحمد بن زايد ومحاولاته للتدخل بالسياسة الأميركية، وهو ما زاد حنق الأميركيين عليه، غير أن المنشاوي يعتقد أن توقيت نشر التحقيق جاء من باب المصادفة وليس التعمد.
ومع ذلك يرى المنشاوي أنه لا مجال لابن زايد من الانفلات من علاقته بجورج نادر أمام الأميركيين، فلا أحد بواشنطن يتعامل مع الأخير إلا بصفته مستشار ولي عهد أبو ظبي، موضحا أن نادر استطاع أن يسوق ابن زايد لدى مسؤولين أميركيين، من خلال الترويج لإستراتيجيته المعادية لإيران وللإخوان المسلمين.
وقد أمرت محكمة فدرالية في ولاية نيويورك الأميركية بترحيل نادر إلى محكمة فدرالية بولاية فرجينا على خلفية تهم تتعلق بحيازة ونقل مواد إباحية للأطفال.
وحذرت المحكمة الفدرالية نادر من محاولة الهروب من الولايات المتحدة بحجة وضعه الصحي.
وكان محامي جورج نادر يسعى لتامين بقائه في إقامة خاصة أو مستشفى في فيرجينيا بسبب وضعه الصحي لحين عرضه على المحكمة.
وقال المحامي إن موكله يقيم في أبو ظبي، وإنه قدم إلى نيويورك من دبي بهدف العلاج بعد تعرضه لمضاعفات نتيجة عملية جراحية في القلب أجريت له في ألمانيا.
وكانت السلطات الأميركية اعتقلت الاثنين مستشار ولي عهد أبو ظبي في مطار جون كينيدي الدولي في نيويورك، ومثُل لاحقا أمام القضاء حيث وجهت له تهمة حيازة وترويج مواد إباحية للأطفال.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست أنها اطلعت على وثائق رسمية تفيد بأن محكمة في ولاية فرجينيا وجهت إلى نادر حيازة أشرطة جنسية للأطفال.
وقالت مصادر إن المحققين عثروا على أفلام إباحية وأشرطة جنسية لأطفال في هاتف رجل الأعمال الأميركي ذي الأصول اللبنانية.
ولدى نادر سوابق عدلية تتعلق بالتهم ذاتها، إذ أدين قبل 28 عاما بنقله مواد إباحية للأطفال، وتم تخفيف عقوبته بعد تدخل شخصيات بارزة أمام المحكمة لصالحه بذريعة أنه لعب دورا مهما في إطلاق سراح رهائن أميركيين كانوا محتجزين بلبنان.
وتتراوح عقوبة التهمة الموجهة إلى نادر بين السجن 15 و40 عاما، وفقا للقانون الأميركي.
يذكر أن نادر رجل أعمال أميركي من أصل لبناني، وارتبط اسمه في الفترة الأخيرة بولي عهد أبو ظبي محمد زايد، وكان شاهدا رئيسيا في تحقيقات روبرت مولر بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية 2016 لصالح الرئيس دونالد ترامب.