نقضت دولة الإمارات سريعا تعهداتها التي قدمتها في مؤتمر برلين للسلام في ليبيا الذي عقد الشهر الماضي بشأن وقف إدخال أسلحة إلى أطراف النزاع.
وأكدت تقارير استخبارية فرنسية وأمريكية أن النظام الإماراتي عزز بقوة دعمه لميليشيات خليفة حفتر خدمة لمؤامراته في نشر الفوضى والتخريب في البلاد.
وقال موقع إنتلجنس أونلاين الاستخباراتي الفرنسي إن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد عزز بقوة دعمه لحفتر، واصفا إياه بعرابه الأول.
وذكر الموقع أن الإمارات زودت حفتر خلال أسبوعين بما يقرب من ثلاثة آلاف طن من التجهيزات والمعدات، ما يعادل حجم ما زودته به خلال العام الماضي.
وأشار إلى أن عملية التموين والنقل للمساعدات الإماراتية لحفتر تولتها الخطوط الجوية “جينس آير” المسجلة في كزاخستان، وأيضا عن طريق طائرة “أنتونوف 124” التي يملكها بن زايد تحت مسمى شركة “مكاسيموس للشحن الجوي” والتي يُعتقد أنها شاركت في نقل معدات استخدمت في وقت سابق بحرب اليمن.
ويضيف الموقع أن تعزيز الدعم الإماراتي لحفتر تزامن مع تشكيل الإمارات ما سمتها “خلية” ليبيا لمتابعة الشأن الليبي بالتوازي مع انحسار الدعم الروسي لحفتر في سياق المفاوضات مع تركيا -وفق الموقع- والذي قال إن الدعم الروسي لحفتر أصبح رمزيا بعد مفاوضات بين موسكو وأنقرة.
وفي إطار رد الفعل الشعبي، ندد متظاهرون في العاصمة طرابلس وفي مدينة مصراتة بدعم الإمارات لهجوم قوات حفتر على مناطق ومدن في غرب البلاد.
واستهجن المتظاهرون الذي خرجوا إلى ساحة الشهداء وسط العاصمة ما سموه صمت رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، غسان سلامة، وغضَه الطرفَ عن الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها قوات حفتر من قصف للبنى التحتية والمرافق العامة وقتل للأطفال.
وفي مصراتة شرق العاصمة استنكرت الجالية السودانية في المدينة تجنيد الإمارات لأبناء السودان كمرتزقة، وشددوا على أن السودانيين ليسوا للبيع.
وفي سياق متصل، كشفت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية اليوم -نقلا عن مصادر مطلعة- أن عشرات الرحلات الجوية القادمة من الإمارات قد وصلت إلى ليبيا الأسابيع الثلاثة الماضية، وكانت تحمل أسلحة لدعم قوات حفتر، وهذه الرحلات عبَرت الأجواء المصرية.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول سابق في الاستخبارات الأميركية -ومسؤول حالي مطلع على سجل رحلات نقل شحنات السلاح- أن من بين الرحلات المسجلة رحلة لطائرة “أنتونوف 124” العملاقة والقادرة على نقل أكثر من مئة طن من العتاد في رحلة واحدة.
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أنها حاولت الحصول على تعليق رسمي من مسؤولين إماراتيين على شحنات الأسلحة المزعومة إلى ليبيا، لكن طلبها قوبل بالرفض.
من جانب آخر، قالت الخارجية الألمانية إنها تشعر بقلق بالغ إزاء التقارير الواردة بشكل متكرر عن الانتهاكات التي تطال حظر تصدير السلاح إلى الأطراف المتحاربة في ليبيا، وانتهاك وقف إطلاق النار.
جاء ذلك على لسان المتحدث باسم الخارجية كريستوفر بورغر بالمؤتمر الصحفي الدوري في برلين.
كما عبر مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة خلال إحاطة قدمها لمجلس الأمن الدولي عن غضبه وإحباطه إزاء تطورات الوضع في ليبيا بعد مؤتمر برلين، وحث الأطراف والرعاة الأجانب على الكف عن ما سماها التصرفات المتهورة.
وقال سلامة “هناك أطراف مخربة داخل وخارج ليبيا تؤكد على الجهود لتعزيز السلام، وعلى دعم الأمم المتحدة في الواجهة، ولكن وراء الكواليس تضاعف الجهود نحو حل عسكري وتفاقم النزاع”.
يُشار إلى أن ليبيا تعيش منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011 اضطرابات أمنية وسياسية بين مجموعة من القوى والمليشيات، وقد تفاقم الوضع السنوات القليلة الماضية ليتحول إلى تنازع على السلطة والنفوذ بين حكومة الوفاق المعترف بها أمميا ومقرها طرابلس وحكومة طبرق بالشرق التي تدعم قوات حفتر المسيطرة على مساحات واسعة من الأراضي.