انقلبت دولة الإمارات سريعا على مؤتمر برلين بشأن ليبيا بتزويدها ميليشيات مجرم الحرب خليفة حفتر بشحنات أسلحة جديدة.
وكان الموقعون على البيان الختامي لمؤتمر برلين حول الأزمة الليبية الذي عقد يوم الأحد الماضي، بالالتزام الصارم والكامل باحترام وتطبيق قرار حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا.
الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بموجب القرار رقم 1970 الصادر عام 2011، والقرارات اللاحقة بشأن منع انتشار السلاح في ليبيا، ودعوا كل الأطراف الدولية إلى اتخاذ الإجراءات نفسها.
لكن الإمارات كعادتها لم تحترم التزاماتها، بإرسال شحنات أسلحة كبيرة عبر الحدود المصرية إلى مليشيات حفتر.
بهدف تزويد دفعة كبيرة من المنضمين الجدد لها، تم تخريجهم من مدينة ترهونة تحت اسم “كتائب الجهاد”.
وأبرزت مصادر مصرية أن هناك تعويلاً إماراتيا على إجراءات حصلت أخيراً على الأرض لتعديل دفّة الأوضاع في أرض المعركة، لصالح حفتر.
وذلك لتمكينه من ترسيخ تواجده في محاور القتال حول العاصمة طرابلس، في حال أقدمت تركيا على الدفع بقوات عسكرية.
وكشفت المصادر أن القاهرة وأبوظبي سعتا خلال اجتماع برلين لتمرير قرار متعلق بفرض حظر جوي فوق ليبيا.
لمنع أنقرة من نقل أسلحة، أو مساعدات عسكرية لحكومة الوفاق.
في ظل رفض دول الجوار المتاخمة للغرب الليبي ممثلة في تونس والجزائر استخدام حدودها البرية في إدخال قوات أو مساعدات تركية لحكومة الوفاق.
في وقت سيكون فيه لحفتر ميزة عسكرية على الأرض.
إذ تقوم كل من القاهرة وأبوظبي بإمداده المساعدات العسكرية عبر الحدود البرية المصرية.
ولفتت المصادر إلى خطة مصرية إماراتية برعاية أطراف أوروبية لتفخيخ التواجد التركي في المنطقة.
عبر التضييق عليه في مناطق النفوذ الأفريقي، بفتح جبهة جديدة في البحر الأحمر، عبر اتحاد الدول المشاطئة للبحر الأحمر.
إذ تسعى أنقرة لتوسيع نفوذها في تلك المنطقة عبر تأسيس قواعد عسكرية، لتأمين تواجدها الاقتصادي هناك.
وبحسب المصادر فإن أبوظبي وعبر حلفاء سياسيين وجماعات ضغط سياسية تقوم بتمويلها، تريد أداء دور في تحجيم النفوذ التركي في تونس.
عبر مؤسسات الدولة التي تتواجد فيها تلك الجماعات، وفي مقدمتها مجلس النواب.
بالإضافة إلى ممارسة ضغوط على الرئيس التونسي دفعته لإعلان مواقف “متوازنة” أبرزها قرار منع استخدام الأراضي التونسية في عمليات قوات تركية إلى ليبيا.
ونوّهت المصادر إلى أنه تم إفشال خطة تمت مناقشتها خلال مؤتمر برلين لإرسال قوات دولية، لمراقبة الهدنة ووقف إطلاق النار والفصل بين قوات حكومة الوفاق ومليشيات شرق ليبيا.
وفي مطلع الشهر الحالي، كان البرلمان التركي قد وافق على تفويض طلبه أردوغان لإرسال قوات تركية إلى ليبيا.
وفي وقت لاحق أعلنت تركيا أن هذه القوات بدأت التدفق بالفعل إلى هناك.
في حين ذكر أن نحو “2500 مقاتل من مرتزقة شركة فاغنر الروسية في ليبيا، إضافة إلى وجود نحو 5 آلاف مرتزق من السودان، وآخرين من تشاد والنيجر”.
وكانت أثيرت الكثير من التساؤلات عن الهدف من مؤتمر برلين الذي عقد لإيجاد حل للأزمة الليبية وإحلال السلام في ليبيا.
وهو ما نجد له الجواب في الصورة التذكارية نفسها التي تختزل، في تفاصيلها، فكرة انعقاده والهدف من وراء مخرجاته.
فقد ظهر من مخرجات المؤتمر أن المهم ليس إيجاد توافق بين مواقف طرفي النزاع الليبيين اللذيْن غابا عن أشغال المؤتمر.
وغابا عن لحظة التقاط صورته التذكارية، وإنما هو إيجاد تفاهم بين مواقف الدول الإقليمية الداعمة طرفي النزاع.
وكأنما جاء مؤتمر برلين ليزكّي، رسميا، تحول ليبيا إلى مسرح لصراع جيوسياسي كبير، تتداخل فيه مصالح دول كبرى.
في مقدمتها روسيا وأوروبا وتركيا، فيما تقوم دول عربية بدور “المتعهّدين المحليين” لتنفيذ مصالح واستراتيجيات دول كبرى.
أما دعوة مؤتمر برلين إلى وقف التدخلات الخارجية في الأزمة الليبية، ووقف مد الليبيين بالسلاح.
فتلك دعوة فيها نفاقٌ ومغالطةٌ كثيران، لأن أكبر المتدخلين في الشأن الليبي، وأكبر المورّدين للسلاح والمليشيات والمرتزقة إلى ليبيا، هم أنفسهم كبار الحاضرين في المؤتمر!
فكيف يستقيم أن يدعوا أنفسهم إلى الامتناع عن شيء هم أنفسهم يأتونه؟!.