يستخدم النظام الحاكم في دولة الإمارات مؤسسات خيرية ذراعا لتقويض الاستقرار وخدمة مؤامرات أبوظبي في نشر الفوضى والتخريب عبر دعم ميليشيات مسلحة خارج نطاق القانون.
ودفع ذلك الحكومة اليمنية إلى التوجيه بمراجعة عمل بعض المؤسسات الإنسانية العاملة على أراضيها، وتمارس أنشطة مشبوهة في تقويض الاستقرار تحت لافتة العمل الخيري والإنساني.
ووفقا لوكالة “سبأ” الرسمية، فقد وجّه مجلس الوزراء، في اجتماع عبر الاتصال المرئي، الجهات المعنية بمراجعة عمل بعض المؤسسات الإقليمية والأجنبية العاملة في اليمن، تحت غطاء خيري وتمارس أعمال سياسية.
واتهم المجلس تلك المؤسسات بالمساهمة في تقويض الأمن والاستقرار داخل البلاد، في إشارة إلى الانقلاب التي تمت ضد الدولة والحكومة الشرعية.
وأشار المجلس إلى أن تلك المؤسسات تعمل دون تراخيص من الجهات الحكومية المعنية، دون الكشف عن تفاصيل إضافية.
ولم تتطرق الوكالة الرسمية إلى هوية المؤسسات الخيرية المتهمة بتقويض الاستقرار، لكن مصدر حكومي أكد أن هناك قائمة تشمل عدد من المؤسسات على رأسها “خليفة للأعمال الإنسانية”، والتي تمتلك مكتب لها في أرخبيل سقطرى.
وذكر المصدر طلب عدم الكشف عن هويته، أن المؤسسة الإماراتية من الجهات التي سيتم سحب تراخيصها. وتمتلك مؤسسة “خليفة “الإماراتية مكتب لها في محافظة سقطرى فقط دون باقي المدن اليمنية، ويتهما ناشطون موالون للحكومة بممارسة أنشطة استخباراتية والعمل تقويض الدولة.
واليومين الماضيين، اتهم مستشار وزير الإعلام اليمني، مختار الرحبي، مؤسسة خليفة وما وصفها بـ”الأذرع الإماراتية”، بالعمل على غسل أدمغة الأجيال بمدارس سقطرى، وتوزيع مناهج إماراتية تمجد الإمارات وتزرع الشقاق بين أوساط اليمنيين.
ويقول ناشطون موالون للحكومة إن ممثل خليفة بسقطرى رجل عسكري يدعى “خلفان المزروعي”، وعمل خلال الفترة الماضية على شراء ولاءات قادة الجيش من أجل تسليم الأسلحة لمليشيا الانتقالي.
سقطري ترفض الاحتلال الإماراتي
من جهته قال شيخ مشايخ سقطرى عيسى بن ياقوت إن أبناء جزيرة سقطرى لن يقفوا مكتوفي الأيدي إزاء العبث الذي تمارسه الإمارات عبر ما يسمى “المجلس الانتقالي” الذي اقتحم خلال الأيام الماضية المدينة، وسيطر على جميع مؤسساتها.
وأكد بن ياقوت أن المجلس الانتقالي كان ولا يزال ضعيفا، ولكن الذي جعله يتفوق على السلطة المحلية هو بسط يده على سلاح الدولة، وأيضا التمويل الإماراتي الذي مكنه من شراء الذمم وضعاف النفوس.
وطالب الحكومة الشرعية باتخاذ قرار شجاع لتجنيب سقطرى كل أنواع العنف والفوضى لكونها محمية طبيعية، وسرعة العمل على استعادة مؤسسات الدولة وإخراج القوات السعودية والإماراتية من الجزيرة.
وتحدث بن ياقوت عن بداية النفوذ الإماراتي خلال الفترات الماضية وأبرز ممارساته العبثية، وأيضا مطامع الإمارات بالموقع الحيوي الذي تتمتع به الجزيرة.
وأشار إلى أن لجزيرة سقطرى أهمية عظمى، فهي تعد من أبرز مواقع التراث الإنساني العالمي، وتحتل موقعا إستراتيجيا تلخصه مقولة مشهورة “من يسيطر على سقطرى يتحكم عسكريا وتجاريا بمفاتيح البحار السبعة الرئيسة في العالم، وهي تمثل نقطة التقاء بين المحيط الهندي وبحر العرب. كما أنها تقع عند مخرج ممر مزدحم للنقل البحري يربط بين البحر المتوسط والمحيط الهندي.
وأضاف “يمكن لأي دولة تمتلك قاعدة عسكرية في سقطرى أن تصبح المسيطرة على مضيقي “هرمز” وباب المندب، الذي بدوره يؤثر على الملاحة في قناة السويس ومضيق ملقا، (الفاصل بين إندونيسيا وماليزيا) كما تصنف سقطرى من أهم أربع جزر في العالم من ناحية التنوع الحيوي النباتي، وتعتبر موطنا لآلاف النباتات والحيوانات والطيور، منها 13 نوعا لا توجد في أي مكان في العالم، حسب دراسة لمنظمة حماية الطيور الدولية”.
وذكر أنه نظرا لأن الجزيرة تتمتع بعدد من المزايا الجيوسياسية وسيطرتها من خلال موقعها الجغرافي على الممرات الدولية للتجارة العالمية، ولأهميتها الإستراتيجية التي تقع في نهاية خليج عدن وإشرافها على الطريق الملاحي باتجاه القرن الأفريقي وغرب المحيط الهندي وبالقرب من خطوط التجارة العالمية، كل ذلك جعلها محل أطماع الإمارات، كما أنها شكلت عمقا إستراتيجيا وعسكريا واقتصاديا للعديد من القوى الدولية عبر التاريخ القديم والحديث.
أطماع بالموانئ
كشّر التحالف السعودي الإماراتي عن أنيابه، وأظهر بوضوح أطماعه وأهدافه الحقيقية في تفتيت وتقسيم ونهب ثروات اليمن، بزعم دعم الحكومة الشرعية لاستعادة مؤسسات الدولة ودحر الانقلاب الحوثي.
وبرزت أول خطوة علنية ظهر فيها تقسيم الأدوار لنهب الموانئ والحدود البحرية، بالاستيلاء على أرخبيل سقطرى أهم وأكبر جزيرة يمنية عبر المليشيات المدعومة إماراتيا وبموافقة سعودية.
وتعم اليمن خلال الأيام الأخيرة، حالة صدمة واندهاش مما يحصل في سقطرى، بعد انسحاب القوات التابعة للسعودية التي كانت متمركزة في النقاط الفاصلة بين القوات الحكومية والمليشيات المدعومة من الإمارات، سواء التابعة للمجلس الانتقالي الانفصالي الذي كونته وتدعمه أو من المقاتلين “المرتزقة” الذين عملت على إدخالهم إلى الجزيرة اليمنية منذ نحو ثلاثة أشهر.
ويرى مسؤولون وخبراء اقتصاد أن ما يحدث في سقطرى يندرج ضمن مخطط غامض تم وضعه قبل بداية الحرب في اليمن التي أطلق عليها “عاصفة الحزم” يشمل أيضاً المهرة وحضرموت بصفتهما منطقتين متجاورتين ومتداخلتين جغرافياً وبحرياً، إذ يهدف هذا المخطط إلى تغيير المعالم الحدودية المعتمدة دوليا بموجب اتفاقية ترسيم الحدود بين اليمن والمملكة في العام 2000 ونزع علاماتها.
ويأتي ذلك، إضافة إلى السعي للسيطرة السعودية والإماراتية مستقبلا على مضيق باب المندب بالكامل، والذي يقع تحت السيادة اليمنية ويمر عبره حوالي 6.2 ملايين برميل يومياً من النفط الخام والمشتقات النفطية.
وفي هذا السياق، قال وزير النقل اليمني صالح الجبواني، إن ما قامت به الإمارات والمليشيات التابعة لها خطوة متوقعة وغير مستغربة.
وأضاف: “هذا ما توقعناه سابقا، حيث حذرنا من الوعود السعودية التي نخبرها جيداً منذ خمسة أعوام، لأنه كلما تم التعويل على الرياض واللجوء إليها في حل أزمة معينة نفاجأ بتسليم المنطقة والمواقع للإمارات والمليشيات التابعة لها، وهذا ما حصل في سقطرى، وقد يحصل في مواقع أخرى كما حدث سابقاً في عدن إذا استمر الركون إلى الرياض”.
وحسب مراقبين، يأتي الاستيلاء على سقطرى في إطار مساعي دولتي التحالف السعودية والإمارات لإنشاء مستعمرة اقتصادية نفطية وغازية وسياحية واستثمارية ضخمة تبدأ من مسافة 630 كيلومتراً من الربع الخالي، حدود المملكة، وتخترق 320 كيلومتراً مروراً بسواحل وشواطئ سقطرى إلى بحر العرب، حيث تشق منه قناة مياه بحرية خرافية إلى الربع الخالي.
في السياق، أكد مدير مكتب وزارة الثروة السمكية السابق في سقطرى، عجيل بن نواحي، أن الإمارات منذ أول يوم في الحرب الدائرة في اليمن قامت بإرسال مجموعة خبراء عبر سفينة سياحية وصلت إلى الجزيرة في الثالث من إبريل/نيسان 2015.
وكان خبراء، قاموا بدراسة شاملة للجزيرة من حيث مقوماتها الاقتصادية وثرواتها الطبيعية والمواقع والأماكن السياحية، وكان هناك من ضمن الفريق خبراء عسكريون قاموا بتحديد المواقع التي خصصوها فيما بعد معسكرات ومراكز تدريب لاستقطاب المسلحين، معظمهم من خارج الجزيرة.
وتقدر خريطة القطاعات النفطية الصادرة عن هيئة الإنتاج والاستكشافات النفطية الحكومية مساحة القطاعات النفطية البحرية لجزيرة سقطرى بنحو (200.000) كيلومتر مربع، بحوالي 52 ضعفا من مساحة الجزيرة البالغة (3.796) كيلومترا مربعا.