موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: التنكيل بحق معتقلي الرأي.. نهج إماراتي متصاعد

218

نددت عشرات المنظمات الحقوقية الدولية باعتداء عناصر أمن النظام الإماراتي قبل أيام على معتقل الرأي الناشط الحقوقي في الدولة أحمد منصور.

وشكلت الحادثة أحدث شواهد التنكيل نهد التنكيل والقمع الذي يمارسه جهاز أمن الدولة الإماراتي بحق معتقلي الرأي في سجون النظام وانتهاكاته الجسيمة لحقوق الإنسان.

وبرز هذا الأسبوع ما تعرض له منصور في عدد من دول العالم، بحيث طالبت أكثر من 140 منظمة حقوقية حول العالم النظام الإماراتي بالإفراج الفوري عنه.

كما غرد عشرات الناشطين من كل دول العالم متضامنون يدعون لإطلاقه ومحاسبة اليد الآثمة التي اعتقلته وترتكب أبشع الانتهاكات بحقه وحق المعتقلين الإماراتيين في السجون منذ سنوات.

يبقى منصور أيقونة الحرية في الإمارات إلى جانب الشيخ الدكتور سلطان بن كايد القاسمي والدكتور محمد الركن والدكتور محمد المنصوري وباقي المعتقلين، أحرار الإمارات، الذين يدفعون ثمن مطالبتهم بالحرية وحقوق المواطنين.

إذ تستعرض السلطات قوتها على المواطنين وإظهار تحكمها وتخويفها على العُزل الذين يطالبون بكل سلمية واحترام سلطات البلاد بالسماح بحرية الرأي والتعبير والمشاركة السياسية التي تحمي مستقبلهم ومستقبل أولادهم. لكن السلطة التي تستخدم القوة دون عدالة مستبدة.

ويتعرض منصور والمعتقلون في سجون جهاز أمن الدولة لأبشع الانتهاكات وأسوئها بسبب تعبيرهم عن آرائهم وانتقادهم السلطات، ما يجعل ملف حقوق الإنسان في الإمارات مثقل ويرسم علامة من الخزي في جبين الإمارات، وهو ما تدفع سياسات جهاز الأمن دائماً للوصول إليه: سمعة سيئة وصمة عار دائمة.

تستعد الإمارات لمؤتمر التسامح العالمي في عام التسامح، وهي شعارات وفعاليات مستمرة في الدولة من أجل تحسين السمعة، أما إذا كانت السلطات حقاً تريد إظهار التسامح فطريق ذلك معروف “المواطنون أولى بالمعروف”، الإفراج عن المعتقلين والاعتذار لهم وعائلاتهم والحصول على حق كافي للمشاركة السياسية من كافة أفراد الشعب عبر مجلس وطني منتخب والسماح بحرية الرأي والتعبير هي أبرز الدلائل على “التسامح” وعلى عامه الذي يقترب من نهايته مع زيادة في همجية القمع والأحكام السياسية والسجون السرية.

كما يمثل نهج الاختفاء القسري في الإمارات سياسة ممنهجة كان ضحيتها العشرات من معتقلي الرأي من المعارضين ونشطاء حقوق الإنسان والأكاديميين لمطالبتهم بالإصلاح والحريات.

ففي الإمارات قائمة طويلة من النشطاء والحقوقيين الذين تعرضوا لجريمة الاختفاء القسري في دولة الإمارات من بداية الربيع العربي، وسك تأكيد حقوقي على رفض هذه السياسة المخالفة للقانون الدولي ولحقوق الإنسان.

وقد عرّفت المحكمة الجنائية الدولية، الاختفاء القسري بأنه: “إلقاء القبض على أي شخص/أشخاص، أو احتجازه، أو اختطافه من قبل دولة أو منظمة سياسية، أو بإذن أو دعم منها لهذا الفعل أو بسكوتها عليه، ثم رفضها الإقرار بحرمان هؤلاء الأشخاص من حريتهم أو إعطاء معلومات عن مصيرهم أو عن أماكن وجودهم بهدف حرمانهم من حماية القانون لفترة زمنية طويلة”.

والمواد 1 و2 و5 من الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري والتي تجرم الاختفاء القسري باعتباره جريمة ضد الإنسانية بحسب القانون الدولي، وترفض التذرع بأي ظرف استثنائي لتبريره.

ومنذ عام 2011 شنت السلطات الإماراتية هجمة شرسة على دعاة الإصلاح والنشطاء الحقوقيون وقد كان من أهم أسلحتها القمعية الاختفاء القسري حيث قامت بتعريض عشرات الأشخاص للاختفاء القسري وحرمانهم كليًّا من حماية القانون.

أكثر من 100 ناشط وحقوقي وأكاديمي وأستاذ ومحامي تعرضوا للاختفاء القسري لفترات متفاوتة عقب اعتقالهم و لم يسلم أي من الأشخاص الذين تعرضوا للاعتقال التعسفي من الاختفاء القسري رجالا أو نساء، كما حدث مع الدكتور ناصر بن غيث الذي تم إيقافه في أغسطس 2015 فتعرض للتعذيب ولسوء وكذلك الناشط الحقوقي أحمد منصور الذي اعتقل في 2017  وظل سنة كاملة في مكان غير معلوم مع تعرضه للتعذيب.

ومعاناة المختفين قسريا في الإمارات تمتد لأسرهم الذين تنطلق رحلة بحثهم عن مصير ذويهم، حيث تُسد أمامهم كافة الطرق القانونية وتمتنع الجهات القضائية عن فتح أي تحقيقات تخص عمليات الاختفاء، وتتعرض الأسر للخطر والتهديد إذا ما حاولوا البحث عن ذويهم في أقسام الشرطة.

واستمرار افلات مرتكبي جريمة الاختفاء القسري وغيرها من الجرائم ضد النشطاء والحقوقيين من العقاب والمحاسبة لتتواصل بذلك سياسة التعتيم التي تمارسها الدولة في ملف انتهاكات حقوق الإنسان.

وتطالب المنظمات الحقوقية بالإفراج الفوري دون قيد أو شرط عن كل معتقلي الرأي في الإمارات وهم ضحايا للاختفاء القسري ووقف كل أشكال التعذيب وسوء المعاملة ضدهم داخل السجن أو خارجه.

كما تطالب بفتح تحقيق جاد ومستقل في ادعاءات الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والتعذيب التي تعرض لها سجناء الرأي ومحاسبة كلّ من يثبت تورطه في ذلك دون إفلاتهم من المساءلة والعقاب بالإضافة إلى جبر ضرر الضحايا وردّ الاعتبار لهم.

ومطلع آذار/مارس الماضي كشف توثيق حقوقي عن اعتقال دولة الإمارات العربية المتحدة 200 معتقل رأي على الأقل يتعرضون للتعذيب الجسدي والنفسي ويجبرون على تقديم اعترافات تحت الضغط.

جاء ذلك خلال ندوة بشأن حالات “الاختفاء القسري والتعذيب وسوء معاملة السجناء في الإمارات”، على هامش اجتماعات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية.

وقالت مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان إنّ “الإمارات لم تسمح بإجراء تحقيق حقيقي، والضحايا يتعرضون لممارسات تنتهك القوانين الدولية”، مضيفةً أن “سجناء الرأي يتعرضون للتعذيب في سجونها ويجبرون على التوقيع على اعترافات”.

وأوضحت “الكرامة” أنّ هناك عمليات سجن واسعة النطاق، وحرمان من الحريات وأدوات القانون تجرم حرية التعبير.

وأشارت إلى أنه “لا يوجد في الإمارات مجتمع مدني؛ لأن الحقوق المدنية مقيدة، وليس هناك حرية تعبير، خصوصاً أن واقع حقوق الإنسان مختلف عن الصورة التي تقدمها الإمارات”.

وكانت المنظمة العربية لحقوق الإنسان كشفت، في تقرير لها بمايو الماضي، أن “تمادي السلطات الإماراتية في تحطيم منظومة القيم والعادات والتقاليد للمجتمع القبلي في الإمارات؛ بتعذيب النساء والتهديد باغتصابهنّ، أمر غير مسبوق في دول الخليج، ويؤكّد أن الأجهزة الأمنية لم تعد تعبأ بأي احتجاج شعبي أو دولي”.

ودعت المجتمع الدولي للضغط على السلطات الإماراتية للإفراج عن كل المعتقلين السياسيين في الإمارات، والتحقيق في كل الانتهاكات التي تعرّضوا لها، ووقف سياسة التعذيب داخل مقار الاحتجاز الإماراتية لكل السجناء.

أما منظمة العفو الدولية (امنستي) فأكدت تقريرها السنوي لحقوق الإنسان في العالم، سوء أوضاع حقوق الإنسان في دولة الإمارات خلال عام 2018، حيث شهدت الدولة انعداماً لحرية الرأي والتعبير في الدولة.

وحسب التقرير فإن مساحة التحرك أمام المجتمع المدني في الإمارات ظلت شبه منعدمة طوال العام؛ حيث ظل أشهر ناشط من نشطاء حقوق الإنسان في الدولة خلف القضبان؛ بينما اشتد مدى الخوف الذي يدفع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان والمعارضين للإحجام عن المجاهرة بما حدث لهم.

وقال التقرير: “كثرت الأنباء التي تفيد باعتقال رعايا أجانب على نحو تعسفي في الإمارات. وظلت المرأة معرضة للتمييز على مستوى النص القانوني وعلى مستوى الممارسة الفعلية. وقامت السلطات بإدخال العديد من الإصلاحات في مجال العمل والتي يمكن أن يستفيد منها العمال المهاجرون، لكن هؤلاء العمال ظلوا معرضين للاستغلال في إطار بعض السياسات الأخرى”.

ولفت التقرير إلى أن السلطات الإماراتية ترفض منح الجنسية للآلاف من الأفراد المولودين داخل حدود الإمارات العربية المتحدة، مما يجعلهم في واقع الحال بدون أي جنسية. وتم احتجاز بعض المعتقلين بمعزل عن العالم الخارجي وفي أماكن غير معلومة لعدة أسابيع أو شهور.

وقال التقرير: استمر إسكات النقد الموجه للحكومة عن طريق ملاحقة المعارضين السلميين قضائيا وسجنهم. ففي 29 مايو/أيار، حكم على أحمد منصور، آخر المدافعين عن حقوق الإنسان المعنيين بتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات العربية المتحدة والكشف عنها للعالم، بالسجن عشر سنوات بسبب قيامه بنشر تعليقات على حساباته على وسائل التواصل الاجتماعي. وجاء ذلك بعد أكثر من عام قضى أغلبه معتقلا بمعزل عن العالم الخارجي في مكان غير معلوم.

وأضاف “تمت محاكمته في إطار من السرية في واقع الحال، فلم تنشر عنها أية معلومات إلا بعد صدور الحكم. وطبقا للصحافة الإماراتية التي تخضع لرقابة صارمة، فقد أدين أحمد منصور (بنشر معلومات زائفة وشائعات وأكاذيب عن الإمارات العربية المتحدة)؛ مما يؤكد أنه حوكم نظرا لممارسته الحق في حرية التعبير، وهو ما تم تأكيده سابقا في تصريحات حكومية. وفي 31 ديسمبر/ كانون الأول، أيدت محكمة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا الإدانة والحكم. واعتبر الحكم نهائيا ولا يمكن الطعن فيه”.