يواجه نائب رئيس دولة الإمارات العضو في العائلة الحاكمة في أبوظبي منصور بن زايد آل نهيان ملاحقة قضائية مرتقبة بالنظر إلى سجله كعراب لغسيل الأموال في الدولة الخليجية.
وأفادت مجلة “فوربس” الدولية بأن محامين يمثلان مواطنًا أوكرانيًا راسلوا الإدارة الأمريكية لمطالبتها بفتح تحقيق مع منصور بن زايد على خلفية مساعدته الأثرياء الروس في غسيل أموالهم بعيدا عن العقوبات الأمريكية
وذكرت المجلة أن المحاميين البريطانيين ريس ديفيز وبن كيث، قدا الطلب إلى وزارة الخارجية ووزارة الخزانة ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية في الولايات المتحدة.
وذلك نيابة عن ناشط حقوقي أوكراني، تم حجب اسمه بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة يتهم الإمارات بأنها الوجهة المفضلة للروس المعاقبين من جميع أنحاء العالم لإخفاء أصولهم.
وبحسب الطلب فأن عددًا من أصحاب الثروات الضخمة الروس الذين عاقبتهم الولايات المتحدة (وغيرها من الولايات القضائية) قاموا بنقل أصول إلى الإمارات بعد معاقبتهم.
ووفقًا لمتحدث باسم المحامين فإن طلبهم “يعرض أدلة موثقة، تشير إلى تسهيل منصور بن زايد تحديدا، والإمارات بشكل عام نقل أصول الأثرياء الروس”.
ويأتي طلب التحقيق في أعقاب تواتر إشارات على أن المسؤولين في واشنطن قلقون بشأن سجل الإمارات في التعامل مع روسيا في أعقاب غزوها أوكرانيا في فبراير/شباط 2022.
وتتضمن المطالبة بالتحقيق أسماء بعض من هؤلاء الروس الذين نقلوا أصولًا إلى الإمارات منذ استهدافهم بالعقوبات الدولية، بما في ذلك ملياردير صناعة الصلب عضو البرلمان الروسي أندريه سكوتش.
ويؤكد المحاميان البريطانيان أنه إذا تبين أن الشيخ منصور يساعد الروس في التهرب من العقوبات، فقد يكون مستهدفًا أيضًا من قبل برنامج العقوبات الأمريكي.
وقدم المحاميان طلب تحقيق مشابه إلى حكومة المملكة المتحدة، في أكتوبر/تشرين الأول 2022، فيما يتعلق بتورط منصور بن زايد المزعوم في مساعدة الروس على تجاوز العقوبات البريطانية.
وسبق أن أدان تحقيق قانوني دولي منصور بن زايد بجرائم غسيل أموال وعمليات غير مشروعة للتهرب الضريبي.
وذكر تقرير قدمه المحامون الجنائيون الدوليون إلى الحكومة البريطانية، أن منصور بن زايد لاعب رئيسي في تدفق الأصول الروسية الخاضعة للعقوبات الدولية إلى الإمارات.
وبحسب صحيفة “تليغراف” البريطانية، فإن منصور بن زايد شقيق رئيس الإمارات ومالك نادي مانشستر سيتي، متهم بمساعدة أثرياء روس على التهرب من العقوبات المفروضة عليهم، بسبب دورهم في دعم الرئيس فلاديمير بوتين في حربه على أوكرانيا.
وذكرت الصحيفة، أن منصور بن زايد له دور في نقل اليخوت الضخمة المملوكة للأوليغارشية الروس الذين نقلوا أموالهم وأملاكهم إلى الإمارات.
وأضافت الصحيفة أن في مقدمة من ساعدهم منصور بن زايد، الملياردير مالك تشيلسي السابق، رومان أبراموفيتش.
ونوهت الصحيفة إلى أن المدعين ضد منصور بن زايد، طلبوا إجراء تحقيق من وزارة الخارجية في دوره المزعوم في تسهيل التهرب من العقوبات الدولية.
ويحظى منصور بن زايد بسمعة ملوثة عالميا بفعل الفساد الفاحش الذي يتورط به في كافة الملفات.
وفي أيار/مايو الماضي كشفت وكالة بلومبيرغ الدولية بأن منصور بن زايد يتولى ملف إدارة العلاقات مع الأثرياء الروس الراغبين في نقل ثرواتهم إلى الإمارات منذ الهجوم على أوكرانيا في شباط/فبراير الماضي.
واشتهر منصور بن زايد آل نهيان خارج الإمارات لكونه مالك نادي كرة القدم الإنجليزي البطل مانشستر سيتي، أما في الداخل، فهو يعد واحدا من أباطرة المال والاقتصاد وفرداً نافذاً في العائلة الملكية الإماراتية، بحسب تقرير الوكالة الأمريكية.
ومؤخرا برز له دور آخر وراء الكواليس، وقد زادت أهمية هذا الدور في الأشهر الأخيرة: المساعدة في إدارة العلاقات مع الأثرياء الروس المتطلعين إلى نقل أموالهم للإمارات، وفقاً للعديد من الأشخاص المطلعين على تعاملات أبوظبي مع الروس، والذين طلبوا عدم الإفصاح عن هويتهم؛ لسرية المعلومات.
إذ يشارك منصور بن زايد منذ زمنٍ بعيد، في تنمية العلاقات الإماراتية-الروسية، لكن أهمية وتعقيدات منصبه بدأت تزيد منذ بداية الهجوم الروسي على أوكرانيا، بحسب المصادر.
ورغم القيود المالية الجديدة التي فرضتها واشنطن والاتحاد الأوروبي ودول أخرى، على روسيا، مما يجعلها الدولة الأكثر تعرضاً للعقوبات في العالم، لم تفرض الإمارات أي قيود عليها.
لكن هذا النهج أثار مخاوف بعض المسؤولين الغربيين القلقين من وجود ثغرات في برامج العقوبات الخاصة بهم.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أعرب نائب وزير الخزانة الأمريكي، والي أدييمو، عن مخاوف واشنطن إزاء نقل أباطرة الأعمال الروس أصولهم إلى الإمارات، وذلك خلال مكالمةٍ هاتفية مع المسؤولين الإماراتيين مطلع الشهر الجاري، بحسب شخصين مطلعين على المداولات.
بينما تتزايد أعداد المسؤولين البارزين في الحكومة، ورجال الأعمال الأثرياء، والمسؤولين التنفيذيين الروس الذين يتواصلون مع منصور بن زايد ومكتبه من أجل مساعدتهم في المعاملات الحكومية الإماراتية، بحسب عدة أشخاص مطلعين.
المصادر أضافت أيضاً أن اهتمام الروس بالاستثمار في الدولة الشرق أوسطية قد زاد في أعقاب الهجوم على أوكرانيا، حيث يتسوق بعضهم لشراء شقق في دبي، بينما يريد آخرون شراء سياراتٍ فارهة، أو يحتاجون إلى مساعدةٍ في فتح حسابات مصرفية وشركات مالية.
وأردفت المصادر أن وزارة شؤون الرئاسة، التي يقودها الشيخ منصور، قدمت مساعدات أكبر لأولئك الأثرياء منذ بداية الهجوم.
المسؤولون الإماراتيون يرون في جهود منصور بن زايد جزءاً من استراتيجية الحكومة الأوسع لجذب الشركات العالمية، والحفاظ على علاقات استراتيجية مع الشرق والغرب، وفقاً للعديد من الأشخاص المطلعين.
ولا شك في أن العلاقات الروسية-الإماراتية تحظى بأهميةٍ خاصة؛ نظراً إلى تعاونهما في نطاق تحالف “أوبك+” للدول المصدرة للنفط، بحسب المصادر.
ويعتبر منصور بن زايد (51 عاماً)، من أكثر أفراد العائلة الملكية نفوذاً في البلاد، فهو شقيق الحاكم الفعلي الشيخ محمد بن زايد ومستشار الأمن القومي طحنون بن زايد.
وكان يرافق محمد بن زايد إلى مختلف الاجتماعات مع الشركات الروسية قبل الهجوم على أوكرانيا. كما كان حاضراً في عام 2019 حين التقى محمد بن زايد مع بوتين في أبوظبي.
لكن المصادر أوضحت أن محمد بن زايد يظل مصدر القرارات النهائية في العلاقات الدبلوماسية رفيعة المستوى مع بوتين والروس.
وفضلاً عن كونه مليارديراً ثرياً، يشغل منصور بن زايد أيضاً منصب رئيس مجلس إدارة مصرف الإمارات المركزي.
وهو عضوٌ أيضاً في مجالس إدارة العديد من الشركات الأخرى، مثل عملاقة النفط الحكومية “أدنوك” وصندوق الثروة السيادية “جهاز أبوظبي للاستثمار”، الذي يشرف على أصولٍ تتجاوز قيمتها 800 مليار دولار، وفقاً لبيانات شركة Global SWF.
ويُعَدُّ راعياً للرياضة داخل البلاد، إذ يدعم مختلف الفعاليات الشهيرة بدايةً من كرة القدم وحتى سباقات الخيل والعَدو لمسافات طويلة. كما عاد نادي مانشستر سيتي إلى مقدمة الأضواء وفاز بالعديد من الألقاب منذ استحواذ الشيخ منصور عليه عام 2008، ليصبح من أهم قلاع كرة القدم العالمية.