جاء الكشف عن تعرض مكتب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ووزارة الخارجية البريطانية للتجسس بأهداف مرتبطة بدولة الإمارات ليكرس أن أبوظبي وفضائح التجسس وجهان لعملة واحدة.
وتم الكشف عن واقعة التجسس على مكتب جونسون من خلال برنامج “بيغاسوس” (Pegasus) الإسرائيلي، حسب ما أفاد مركز “سيتيزن لاب” التابع لجامعة “تورنتو” الكندية.
ووفقا للمركز، فإنه وجد أدلة على استهداف مسؤولين بريطانيين ببرمجية “بيغاسوس” في 5 مناسبات من تموز/يوليو 2020 إلى حزيران/يونيو 2021، مشيرا إلى أنه أبلغ لندن بتلك الاختراقات.
وأوضح المركز المتخصص بجمع البيانات وتحليلها على الإنترنت أن الاستهدافات المشتبه فيها بيغاسوس والمتعلقة بمكتب رئيس الوزراء البريطاني مرتبطة بدولة الإمارات، وأن الاستهدافات المتعلقة بالخارجية البريطانية ترتبط بالإمارات، والهند، وقبرص، والأردن.
ورجح المركز في بيان أن تكون الاختراقات في وزارة الخارجية البريطانية والكومنولث مرتبطة بأجهزة موظفيها ومسؤوليها الموجودين في الخارج والذين يستخدمون بطاقات SIM الأجنبية، على غرار اختراق أرقام الهواتف الأجنبية التي استخدمها موظفو وزارة الخارجية الأميركية في أوغندا عام 2021.
وذكر أنه “نظرا لأن محاميا مقيما في المملكة المتحدة ومنخرطا في دعوى قضائية ضد مجموعة NSO قد تعرض للاختراق من برمجية بيغاسوس في عام 2019 ، فقد شعرنا بضرورة التأكد من أن حكومة المملكة المتحدة كانت على دراية بتهديد برامج التجسس المستمر، ومن اتخاذ الإجراءات المناسبة للتخفيف من حدتها”.
يشار إلى أن بيغاسوس برمجية تجسس تطورها وتبيعها شركة “إن إس أو غروب”، ومقرها إسرائيل، ويعمل البرنامج بمجرد تحميله على جهاز الهاتف الجوال المراد مراقبته ليصبح قادرا على تحويله إلى أداة مراقبة قوية من خلال الوصول الكامل إلى الكاميرا والمكالمات والصور ومقاطع الفيديو والميكروفون والبريد الإلكتروني والرسائل النصية، وغيرها من الخاصيات، على نحو يتيح مراقبة الشخص المستهدف وجهات الاتصال.
وفي عام 2021 وجدت “إن إس أو” نفسها في صلب فضيحة تجسس عالمية بعد تحقيق نشرته 17 وسيلة إعلامية دولية، وكشف أن برنامج بيغاسوس سمح بالتجسس على ما لا يقل عن 180 صحفيا و600 شخصية سياسية و85 ناشطا حقوقيا و65 صاحب شركة في دول عدة أبرزها الإمارات.
وأكد التقرير السنوي لوزارة الخارجية الأمريكية الصادر قبل أيام، أن الحكومة الإماراتية استخدمت برمجيات مراقبة للتجسس على شخصيات حقوقية إماراتية موجودة خارج البلاد مثل آلاء الصديق، المديرة التنفيذية لـ منظمة القسط لحقوق الإنسان وذلك حتى وفاتها في حادث سير العام الماضي.
ومطلع الشهر الجاري أكدت التقارير المتواترة الارتباط الشخصي لمحمد بن زايد ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي للإمارات بفضائح التجسس بتقنيات إسرائيلية.
أحدث ذلك ما كشفته صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، بأن شركة “مبادلة كابيتال” الاستثمارية، المملوكة لحكومة أبوظبي، تستثمر في شركة الهايتك والبرمجية الإسرائيلية “إن إس أو” منذ عام 2019.
وهذه الفترة التي تتبّع فيها برنامج التجسس “بيغاسوس” التابع للشركة هواتف الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان، وزوجة حاكم دبي السابقة الأميرة هيا بنت الحسين، بحسب ما أعلنت منظمات حقوقية دولية وتقارير استقصائية.
وشركة “مبادلة كابيتال” يرأس مجلس إدارتها محمد بن زايد هي واحدة من أكبر المستثمرين في صندوق الأسهم الخاصة الذي تبلغ قيمته مليار يورو، والذي اشترى “إن إس أو” قبل 3 سنوات.
ووفق الصحيفة، يعني التزام الشركة بالمساهمة بقيمة 50 مليون يورو في صندوق الأسهم الخاصة “نوفالبينا كابيتال” في 2017، قبل أن يستحوذ على مجموعة “إن إس أو”، أن أموال الحكومة الإماراتية استُخدمت في شراء شركة إسرائيلية لتصنيع الأسلحة الإلكترونية حتى قبل توقيع الإمارات اتفاق تطبيع مع إسرائيل في أغسطس/آب 2020.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، أنهت شركة “إن إس أو” تعاقدها مع الإمارات لاستخدام برنامجها التجسسي “بيغاسوس”، بعدما قضت المحكمة العليا في بريطانيا بأنّ حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم اخترق هواتف زوجته السابقة، الأميرة هيا بنت الحسين، وفريق محاميها، خلال معركتهما القانونية بشأن حضانة طفليهما.
إلا أن الصحيفة البريطانية كشفت نقلاً عن شخص مطلع على المحادثات، عن أنه في إشارة إلى مدى رغبة الإمارات في الوصول غير المقيّد إلى برنامج التجسس، أجرت حكومة أبوظبي مناقشات داخلية حول احتمال شراء الشركة بالكامل في خريف عام 2021، إلا أنها لم تتجاوز المحادثات الأولية.
وفي تشرين ثاني/نوفمبر 2021 فجرت وسائل إعلام عبرية فضيحة مدوية جديدة للإمارات بالكشف أن محمد بن زايد ونائب رئيس الدولة حاكم دبي محمد بن راشد اشتريا منظومتي “بيغاسوس” للتجسس من إسرائيل.
وفي حينه قالت صحيفة “ذا ماركر” الاقتصادية إن شركة التجسس الإسرائيلية “NSO”، باعت للإمارات نسختين من برنامج التجسس “بيغاسوس” لاختراق الهواتف الشخصية، وليس نسخة واحدة كما كان شائعاً.
وحمل تقرير الصحيفة عنوان (دولة واحدة وحاكمان ونظامان من طراز Pegasus للاستخدام الشخصي).
وأوضحت الصحيفة، أن محمد بن زايد ومحمد بن راشد اشتريا برنامج “بيغاسوس”، حيث دفع كلّ منهما على انفراد عشرات ملايين الدولارات للحصول على برنامج التجسس.
ويستخدم برنامج التجسس المذكور لاختراق الهواتف الخاصة وتعقب حركات أصحابها، وكان في قلب العاصفة الأخيرة التي أثارها تحقيق صحافي دولي حول انتشار هذا البرنامج، وبيعه لعدة دول، واستخدامه لملاحقة معارضين للسلطات، وكذلك للتجسس على شخصيات سياسية رفيعة المستوى.