موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

حليف الإمارات ملاحق قضائيا في ليبيا في ظل فشل حملته العسكرية

189

راهنت دولة الإمارات على خلفية حفتر بدعم سياسي وعسكري وإعلامي سعيا لتحقيق مؤامراتها الإجرامية في ليبيا وكسب النفوذ فيها لنهب مقدرات البلاد وثرواتها.

لكن حفتر تواجه ميليشياته العسكرية فشلا متواصلا بحملته العسكرية التي أطلقها منذ أكثر من شهرين لمحاولة السيطرة على العاصمة الليبية طرابلس وطرد الحكومة المعترف بها دوليا.

وفي تطور يزيد محنة حفتر وإحراج الإمارات، رفعت عائلات ليبية أميركية دعوى قضائية ضد حليفة أبو ظبي أمام محاكم بولاية فرجينيا على مقربة من العاصمة واشنطن.

وأوضح محامي العائلات المتضررة أن هجمات مليشيات حفتر مسؤولة عن مقتل ستة من أفراد العائلات التي ترفع الدعوى أمام القضاء الأميركي. وستنظر المحكمة في قضية حفتر باعتباره مواطنا يحمل الجواز الأميركي.

وأضاف محامي العائلات أن الأدلة التي ستقدم للمحكمة هي مقاطع من خطابات حفتر في الأشرطة المتوفرة، مؤكدا استمراره في ارتكاب الجرائم ووجوب محاكمته كمجرم حرب.

وقال لعائلات ومحاميهم إن هناك حالات موثقة للقتل والاعتداء على المدنيين، كما هو الحال مع هاتين العائلتين.

وهناك حالات سابقة مثل رئيس ليبيريا تشارلز تايلور الذي اتهم بارتكاب جرائم حرب، وقد حوكم ابنه الذي كان يحمل الجنسية الأميركية وكان مسؤولا عن عمليات تعذيب للمعارضين في ليبيريا، وحكم عليه في ولاية فلوريدا بالسجن 79 عاما.

وفي أبريل/نيسان الماضي قالت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا إنها لن تتهاون في مقاضاة الأفراد المتهمين بجرائم حرب بسبب الهجوم الذي شنته قوات حفتر على العاصمة الليبية طرابلس.

كما دعا رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني فائز السراج إلى فتح تحقيق في الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها قوات حفتر في العاصمة طرابلس، مضيفا -في رسالة سابقة وجهها إلى المدعية العامة- أن قوات حفتر ارتكبت جرائم ضد المدنيين وقصفت الأحياء السكنية بالأسلحة الثقيلة المحرمة دوليا، واستهدفت المنازل والمدارس والمستشفيات الميدانية والمطارات وجندت الأطفال ونكلت بالأسرى والقتلى.

ويوم أمس أعلنت قوات حكومة الوفاق الوطني الليبية أنّها استعادت السيطرة على غريان، المدينة الاستراتيجية الواقعة على بعد 100 كلم جنوب غرب طرابلس والتي كانت ميليشيات حفتر تسيطر عليها وتتّخذها مقرّاً لقيادة عملياتها العسكرية.

وقال مصطفى المجعي، المتحدّث باسم قوات حكومة الوفاق إنّ “غريان تحت السيطرة بالكامل”، مؤكّداً أنّ “السيطرة على المدينة انتصار هام واستراتيجي”.

وأوضح المتحدّث أنّ المدينة كانت تتّخذها قوات حفتر “غرفة العمليات الرئيسية العسكرية بالمنطقة الغربية التي تقدّم الدعم اللوجستي لقواتها جنوب طرابلس”.

وأكّد الكمجعي خسارة قوات حفتر عشرات القتلى إضافة إلى أكثر من 18 مقاتلاً أسرتهم قوات حكومة الوفاق أثناء عملية السيطرة على المدينة.

وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل إعلام محلية صور تظهر عناصر من قوات حكومة الوفاق في وسط غريان وآليات مدمرة لقوات حفتر وعدداً من العسكريين التابعين لقواته مقيّدي الأيدي وتستجوبهم عناصر قوات الوفاق.

في هذه الأثناء تبدي الإمارات تراجعا في حجم الدعم المقدم إلى حفتر وميليشاته والخيار العسكري الذي حاولت طويلا فرضه في ليبيا، وهو ما يتمثل في تصريح وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش الذي دعا من روما إلى “تحريك الجمود والعودة للعملية السياسية” في ليبيا بوساطة الأمم المتحدة، وإنكاره لدعم بلاده قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر عسكريا.

وبموازاة ذلك بدأت الأذرع السياسية للإمارات في ليبيا في التحرك في هذا الاتجاه، لاسيما من خلال تحالف القوى الوطنية الذي يقوده السياسي الليبي البارز محمود جبريل.

وأطلق تحالف القوى الوطنية مبادرة لحل الأزمة الحالية الناتجة عن هجوم حفتر على طرابلس، أشار نص المبادرة إلى أنها أعدت من “كتلة من الكيانات السياسية والشخصيات الوطنية” دون أن تسميها، أبرز تفاصيلها عقد هدنة من 15 إلى 40 يوما، والدعوة إلى عقد مؤتمر في ثلاث مستويات: سياسي، واجتماعي، وعسكري.

وليست مبادرة التحالف وحدها التي جرى الإعلان عنها مؤخرا بالتزامن مع حالة الجمود العسكري جنوب طرابلس، بل سبقتها مبادرات من رئيس حكومة الوفاق فايز السراج، ورؤية سياسية أشار لبعض تفاصيلها حفتر في حديث صحافي، وأخرى من قبل أعضاء في مجلس النواب المنعقد بطبرق، تزامنا مع كثافة في الدعوة للحل السلمي دوليا وإقليميا، وسط جهود لم تتوقف يقودها المبعوث الأممي غسان سلامة.

ويبدو أن نتائج الميدان جاءت عكس ما تشتهي سفن حفتر وداعميه وكانت وراء الضغط باتجاه العودة للحل السياسي، خاصة أن حكومة الوفاق باتت تملك زمام المبادرة جنوب طرابلس، وسط خسائر حفتر المتلاحقة لمواقعه، وآخرها المطار، لكن اللافت في كل هذه المبادرات، وسط توقعات بإطلاق المزيد منها، أن التفاعل ضعيف معها، سيما أن أهمها، المطروحة من جانب السراج وحفتر، لم تقدما تنازلات، بل أظهرت تجاهلا للآخر.

وفي تفاصيل مبادرة تحالف القوى الوطنية، يبدو واضحا الاتجاه لإنقاذ موقف حفتر المتأزم سياسيا وعسكريا، عبر الدعوة لإنشاء منطقة عازلة بين قوتي الحكومة واللواء المتقاعد، ولا تتضمن أي دعوة لحفتر للانسحاب من مواقعه جنوب العاصمة، كما أنها حاولت التخفيف من حدة خطاب حفتر العدائي ووصفه لخصومه بالإرهابيين، فهي تتحدث بشكل واضح عن قوات الحكومة “غير الإرهابيين”.

ورغم التسريبات القليلة من كواليس الاتفاق الذي دار بين حفتر والسراج في أبوظبي نهاية فبراير/ شباط الماضي، إلا أنها تكاد تتطابق تماما مع النتائج المأمولة من المؤتمر الذي دعت إليه مبادرة التحالف في مستوياته الثلاث. فالجانب السياسي من المؤتمر يدعو لتشكيل حكومة وحدة وطنية بمشاركة كل الأطياف.

وفي الجانب العسكري يترك للقادة العسكريين تقرير مصير وشكل المؤسسة العسكرية، مشددة على أنه “لا يغفل دور الجيش بقيادة حفتر في الحرب على الإرهاب”.

وفي أكثر من موقع بالمبادرة، عمل التحالف على استمالة قوات مصراته، التي تشكل رأس الحربة للقوات التي أجهضت مشروع حفتر في السيطرة على طرابلس حاليا، عبر الثناء على “دورها في محاربة الإرهاب”، وبالتالي الدعوة لتشكيل “قوة مشتركة من الطرفين لمحاربة الإرهاب”.

ويبدو أن الصيغة التي كتبت بها بنود المبادرة سعت إلى إظهار الحياد ولكنها لن تكون مقنعة، علاوة على معرفة قطاع عريض من الليبيين بتاريخ حزب تحالف القوة الوطنية طيلة الثماني سنوات الماضية، ودعم الإمارات له.

ويظهر أن كل المبادرات الجارية ستؤدي إلى تحول كبير في المشهد السياسي، خاصة أن انقلاب حفتر عسكريا بشكل واضح على حل أممي كان على وشك الوصول إلى المرحلة النهائية، من خلال ملتقى غدامس منتصف إبريل/ نيسان الماضي، عمق انعدام الثقة، بل إنه هاجم طرابلس أثناء وجود الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس داخلها لوضع اللمسات الأخيرة على الملتقى، فضلا عن أن قادة طرابلس ومصراته صاروا أكثر تشددا في رفض قبول حفتر شريكا سياسيا.

ويبدو أن مبادرة التحالف، ومن ورائها أبوظبي، جاءت لتفصح بشكل ضمني عن فشل الرهان العسكري على حفتر، لكنها في الوقت ذاته تؤكد على استمرار الإمارات في التدخل والتنفذ سياسيا، من خلال إحياء ذراعها السياسي السابق الذي نجح في حصد أكبر عدد من كراسي البرلمان إبان انتخابات عام 2012، ونسبيا في انتخابات 2014، فيما لا يزال محمود جبريل يلقى قبولا شعبيا وسياسيا، ويسيطر بعض أعضائه على مفاصل ومراكز في الدولة، سيما في طرابلس.

وقد يبدو هجوم سفير ليبيا السابق لدى الإمارات، العارف النايض، المقرب من ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، خلال مقابلة تلفزيونية مطلع الأسبوع الجاري، على أتباع التيار المدخلي، وتحذيره لحفتر من خطورة امتلاكهم للسلاح، مؤشر آخر يعكس تغيرا في اتجاه سياسة أبوظبي في الملف الليبي.​