موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

نفق مظلم للنظام الإماراتي.. أخطاء تراكمية للاعتماد على خطط جهاز الأمن وهوس التوسع

112

قال أبرز مركز الإمارات للدراسات والإعلام “ايماسك” إن النفق المظلم الذي وصل إليه النظام الحاكم في دولة الإمارات وتوجه مؤخرا بإشهار التطبيع مع إسرائيل جاء نتيجة تراكمية للاعتماد على خطط جهاز الأمن وجوقة المستشارين الأجانب.

ونشر المركز تحليل موقف يشرح فيه “كيف وصلت الإمارات إلى التطبيع مع الاحتلال؟  وقراءة في قابلية الغرَّق في بحر السياسات الخاطئة”.

وجاء في التحليل: لم يكن إعلان الإمارات التطبيع مع إسرائيل مفاجئاً للإماراتيين والذين يهتمون بمتابعة السلوك الرسمي في السياستين الداخلية والخارجية، فالتطبيع اتجاه إجباري لطريق سلكته السلطات الرسمية يقوم على سلسلة طويلة من القرارات الخاطئة التي تقوم على خطط جهاز الأمن وجوقة المستشارين الأجانب.

السياستان الداخلية والخارجية تتشابهان كمرآة، فما تقوم به الأولى تنعكس على الثانية، والأخطاء التي تبدأ صغيرة –من وجهة نظر صانع القرار- تَكبر وتتعاظم لتصبح مشكلة حقيقية تؤدي إلى نتائج كارثية ليس فقط على الإمارات بل على المنطقة والإقليم.

خلال أكثر من 10 سنوات مضت، والدولة تغرّق في السياسات الخاطئة، أوصلت إلى للتفريط بالثوابت التي قام عليها الاتحاد ووضعها الآباء المؤسسون للدولة، وهي ثوابت متعلقة بعلاقة الشعب والسلطة في عَقد اجتماعي بُني مع تأسيس اتحاد الدولة، وثوابت في السياسة الخارجية يوضح الدستور معظمها ومواقف الآباء المؤسسون منها.

السياسات الخاطئة

لعّل أبرز تلك السياسات الخاطئة: أ) منح جهاز الأمن صلاحيات مطلقة أدى إلى نفوذ لا محدود –يرقى إلى تحكم- بالسلطات الثلاث إلى جانب الآلة الإعلامية والدعاية الرسمية.

وكان لهذا القرار الذي نشأ في (2009) التأثير الأكبر في السياستين الداخلية والخارجية وهو القرار الذي أدى إلى انفراط سلسلة السياسات الخاطئة، فهو المسؤول عن الاعتقالات، والمتحكم بالقضاء، وسجون التعذيب والإشراف على مراقبة المجتمع والتجسس عليه. فقد مُنح جهاز الأمن حق التدخل في معظم شؤون البلاد الداخلية والخارجية.

ب) حملة الاعتقالات التي شُنت خلال سنوات عشر مضت –وما زالت مستمرة- للمصلحين والمثقفين، والأحكام السياسية اللاحقة، وهؤلاء الذين تم اعتقالهم كانوا يقومون بواجب النُصح والإرشاد، وطلبوا مراراً التحاور مع صُناع القرار الإماراتيين، والقيام بالإصلاحات دستورية تضمن مجلس وطني (برلمان) كامل الصلاحيات قادر على منع استمرار غرق الإمارات في السياسات الخاطئة.

واعتقل معظم هؤلاء بسبب مطالباتهم تلك، وحوارهم من مسؤولين في أبوظبي وباقي الإمارات الأخرى من أجل تنفيذ تلك الإصلاحات والاستماع لإرادة الشعب، وتنفيذ الوعود التي قطعها رئيس الدولة قبل سنوات من اعتقالهم بشأن “الانتخاب والترشح” وصلاحيات البرلمان.

ج) حظر حرية الرأي والتعبير وتجريم ممارستها بأي شكل من الأشكال، وبناء نظام مراقبة هائل على المواطنين والمقيمين، والتجسس على السكان والسياسيين في الخارج.

وهذا التجريم الذي يستخدم قوانين سيئة السمعة يشمل أبسط أنواع الانتقاد للسلطات، وفي هذه البيئة من القمع من الصعب مراجعة صُناع القرار في الإمارات بشأن سياساتهم الخاطئة، إذ أن السجن سيكون مصير الخبراء والنخبة الإماراتية التي “تتجرأ” على انتقاد قرار السلطات مهما كانت درجة خطورته.

د) إزاحة الإماراتيين الوطنيين من مناصبهم واستبدالهم بأجانب ظناً أن السيطرة عليهم أسهل، وهي حالة تحولت إلى ظاهرة ليس في المواقع السياسية أو الاستشارات السياسية والأمنية والعسكرية، بل في الدوائر الحكومية وفي الجيش والأمن كقادة ورؤساء تنفيذيين.

وهؤلاء الأجانب خاصة المستشارين يمررون أجندتهم الخاصة والمخابراتية حتى لو كانت ضد الإمارات، ويقومون بتنفيذ الأوامر –مهما كانت مُضرّة بالإمارات- من أجل الحصول على رواتبهم. ويملك جهاز أمن الدولة حق رفض الموظفين أو ترقيتهم بناءً على آرائهم السياسية أو درجة قرابتهم من منتقدين لسياسات الدولة، وتفضيل الأجانب،

هـ) أدت تلك السياسات والقرارات الداخلية الخاطئة إلى الغرق أكثر في “الخطأ” فأصبحت الإمارات تُتقن “فنّ صناعة الأعداء خارج الحدود من دول وجماعات، فدعمت الانقلابات العسكرية وتدخلت في شؤون الدول الأخرى، وانخرطت في حروب معظمها خاسرة وتتناقض مع العقيدة العسكرية التي بُني عليها الاتحاد بعدم شن الحروب ومهمة الجيش والأمن الدفاع عن الدولة وحدودها، مُكلفة الدولة شبابها الميامين فاستشهد وأصيب المئات، واقتصادها، وسمعتها الخارجية”.

ومع كل سياسة خاطئة تسقط الدولة في هاوية دون قاع، ومع كل قرار خاطئ تتخذه السلطات معتقدة أنه سينهي – أو على الأقل تصحيح- سلسلة الأخطاء السابقة، يزيد صُناع القرار في الإمارات مستقبل الدولة ظلاماً، وهو الذي أوصل إلى قرار التطبيع مع إسرائيل.

فقد تم إزاحة الوطنيين من مناصبهم وتم تقريب المستشارين الأجانب لصناعة سياسات الدولة وهؤلاء مرتبطين بالاحتلال كعملاء وحلفاء، وتم قمع الأصوات المعارضة داخل الدولة وتهديد من يجرؤ على انتقاد أبسط القرار، وإشغال الوطن العربي بحروبٍ أو فوضى داخليه في دوله –تضطلع الإمارات بدور رئيس فيها.

مع قرار التطبيع الأخير يعتقد بعض المسؤولين المؤيدين للتطبيع أن ذلك سينهي بعصى سحرية “العزلة” في محيطها، وغضب شعوب الوطن العربي وسيوقف السقوط في الهاوية، ويجعل الإمارات دولة مؤثرة وقوية في المنطقة والإقليم.

لكن ذلك لن يحدث: على العكس من ذلك يزيد من عزلتها وغضب الشعوب عليها. وهو ثمن ستدفعه الدولة في مستقبل علاقتها بالدول العربية، عندما تستعيد تلك الشعوب السلطة -من حلفاء أبوظبي الحاليين- إذ أن الشعب مصدّر السلطة. فما يحدث هو مخاطرة فاشلة تُلصق بالإمارات عبارات سوء السمعة في وعيّ الشعوب وكُتب التاريخ، وأولها في الإمارات.

هل هناك سبيل للتراجع؟!

يُخيّل لصُناع القرار في الإمارات أنهم قطعوا كل خطوط العودة داخلياً وخارجياً بسبب تلك السياسات الخاطئة، ولا سبيل إلى المضيّ قدماً في المزيد من السياسات المماثلة. وهذه الخيالات هو ما أوصل الدولة إلى هذه المرحلة من فقدان الذات والشعور بالمسؤولية التاريخية تجاه الإماراتيين والثوابت الوطنية.

وبالفعل فقد تمادوا في سياستهم وقطعهم لخطوط التراجع، لكنهم قادرون على تصحيح المسار بحلّ كل مشكلة قرار خاطئ بمعالجة تخصه، ولتكن البداية من الداخل بعودة الإماراتيين الوطنيين إلى مناصبهم وإطلاق المعتقلين السياسيين، وإنهاء صلاحيات جهاز الأمن المطلقة –ومعالجة ما ترتب عليها- والاكتفاء بصلاحياته الوطنية المعروفة. وإطلاق حوار وطني شامل يردم الفجوة بين القيادة والمجتمع، ويُصحح مسار مستقبل الإمارات بدلاً من المغامرة به.