موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

دراسة: علاقات متوترة خليجيا للإمارات بفعل أطماعها الإقليمية

468

أبرزت دراسة نشرها مركز “البيت الخليجي للدراسات والنشر” ما تتصف به علاقات الإمارات على المستوى الخليجي من توتر دائم بفعل أطماع أبوظبي الإقليمية.

وبحسب الدراسة تشهد دول مجلس التعاون الخليجي منذ قمة العلا بالسعودية (مطلع يناير 2021) ديناميكية دبلوماسية نشطة، سواء في إطار العلاقات البينية بين أعضائها أو لجهة التفاعلين الإقليمي والدولي في المجالات الاقتصادية والتكنولوجية وصولا إلى قضايا الأمن والدفاع.

ورأت الدراسة أنه يمكن اختصار الديناميكية هذه بالقول إنه توجه عام يتسم بخفض التصعيد بعد تأزم داخلي وخارجي لسنوات، كان أبرزه حدّة الخلافات مع قطر، والتوتر الذي شهدته العلاقات العمانية الإماراتية.

الحراك الدبلوماسي النشط تجلّت مظاهره بالتفاهمات والاتفاقيات الموقعة بين دول المجلس، وفي الزيارات الخارجية حيث كانت العواصم الخليجية قبلة الزائرين الدوليين.

والسؤال المطروح: هل تمكنت دول مجلس التعاون من تجاوز كامل لتلك الأزمات؟ للإجابة على هذا السؤال بموضوعية لا بد من تسليط الضوء على المسببات العميقة للأزمات بين دول مجلس التعاون.

الخلافات الحدودية

كغيرها من الدول العربية، تعتبر الخلافات الحدودية أساساً في الصراع والتنافس والتوتر في العلاقات، وهي لعبت، ولا تزال، دورًا عائقًا أمام تماسك صلب لدول مجلس التعاون الخليجي إلى جانب خلافات يتعلق بعضها بتوسيع النفوذ والعلاقات الشخصية بين الأسر الحاكمة والتشابك القبلي والتباين في المصالح والتوجهات السياسية الخارجية.

الخلافات قديمة، لكنها تفجرت بشكل حادّ مع ظهور النفط في المنطقة، وأدت إلى مناوشات عسكرية بين أغلب دول الخليج في إطار التنازع على آبار نفطية تقع في مناطق حدودية مختلف على ترسيمها.

ومع نشوء الاتحاد الإماراتي عام 1971، ظهر الخلاف بين أبو ظبي والدوحة بعد رفض قطر الانضمام إلى الاتحاد الجديد.

ثم تفجر الخلاف القطري مع عدد من الدول الخليجية بعد إزاحة الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لوالده عن الحكم عام 1995. وهكذا اتسمت العلاقات بالتردّد بين الانفراج والتوتر.

لم تكن تلك الخلافات لتصل إلى ما وصلت إليه من تدني في العلاقات البينية، ولم ترتق الى مستوى “الحصار” أو “المقاطعة” مع قطر -حسب تسمية كل فريق – لولا ظهور الربيع العربي، وموقف كلّ دولة خليجية من تطورات الأحداث وكيفية توظيفها وتحقيق مصالحها منها.

سعت دول الخليج للتأثير في المشهدين السياسي والأمني في عدد من الدول التي اجتاحتها الانتفاضات الشعبية وتلك التي صاحبتها اضطرابات أمنية مثل مصر واليمن وسوريا وليبيا والعراق والبحرين والسودان، وإلى حد بعيد تونس.

لم تكن وجهات نظر الدول الخليجية متطابقة أو حساباتها منسجمة فيما بينها حيال التعاطي مع تلك الاضطرابات والانتفاضات التي استحال بعضها أعمالاً مسلحة.

تباينت القراءات وتفاوتت مستويات التدخل لدى كلّ دولة، وإن كان الهدف المرغوب خليجيًا هو مقاومة أي تغيير قد يصل منطقة الخليج أو يمسّ مصالحها.

في الواقع، هدفت التدخلات الخليجية المباشرة وغير المباشرة في المناطق المضطربة سياسياً، والتي اتخذ بعضها طابعا أمنيًا وعسكريًا، إلى الحدّ من الآثار السلبية للانتفاضات على استقرارها السياسي ونظم الحكم فيها.

تواصلت عملية مقاومة أي تغيير سياسي في المنطقة في مسعى خليجي واضح لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل عام 2011 وقطع دابر قوى الإسلام السياسي الساعية الى السلطة بغض النظر عن أدبياتها ومرجعياتها ووسائل عملها السياسي.

الأزمة القطرية

في يناير 2014 قامت السعودية والإمارات والبحرين بقطع علاقاتها مع قطر وسحب سفرائها منها بحجة تنصل قطر من الاتفاقات الموقعة معها، متهمين الدوحة بتهديد أمن دول الخليج وتعريض مجتمعاتها للخطر من خلال سياساتها المناقضة لغالبية دول الخليج في الملفات الإقليمية.

تمكنت الكويت في حينها من ابرام وساطة انتهت بتوقيع اتفاق الرياض بين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز وأمير دولة القطر تضمّن العديد من القضايا أبرزها: عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأية دولة، وضبط الخطّ التحريري لقناة الجزيرة، وعدم دعم جماعة الاخوان المسلمين في مصر.

ثم عاد الخلاف للانفجار بشكل أكبر عام 2017، حيث اتُهمت قطر من جديد بالتنصّل والالتفاف على ما تمّ الاتفاق عليه في الرياض، فقامت السعودية والبحرين والإمارات ومصر بسحب سفرائها من الدوحة، معلنة قطيعة تامة معها ما لم تستجب لعدد من الشروط تمثلت في تقليص التمثيل الدبلوماسي مع إيران، وإغلاق القاعدة العسكرية التركية، وعدم استضافة شخصيات معارضة لدولهم، والتوقف عن دعم “التنظيمات الإرهابية”، وإغلاق قناة الجزيرة.

رفضت قطر مطالب الدول الأربعة، ثم تدخلت الكويت مرة أخرى في دور الوساطة عبر أميرها الراحل الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي سعى للتواصل مع أمير قطر لتهدئة الموقف وتجنب التصعيد.

وكاد الخلاف يتحول إلى عمل عسكري لولا الوساطة الكويتية وفقا لما ألمح إليه أمير الكويت خلال مؤتمره الصحفي مع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في سبتمبر 2017.

كان يُؤمل من الولايات المتحدة أن تقف الى جانب الدول الأربعة في مواجهة قطر إلا أن البيت الأبيض دعا الى الحوار والوحدة بين حلفائه الخليجيين قبل أن يشيد ترمب بجهود أمير دولة قطر الشيخ تميم في مكافحة تمويل الإرهاب خلال استقباله له في البيت الأبيض عام 2018.

بقي “الحصار” أو “المقاطعة” ثلاث سنوات حتى عام 2021، حين أعلن وزير الخارجية السعودي في قمّة العلا عودة العلاقات كاملة مع وقطر وأن الجميع اتفق على تنحية الخلافات جانبًا.

كانت مُبررات التصالح تُسوق إعلامياً أن ظروف المقاطعة لم تعد قائمة بعد فرملة قطر دعمها لقوى الإسلام السياسي وتراجع خطر الاخوان المسلمين في المنطقة.

العلاقات العمانية الإماراتية

لم تقتصر الخلافات على قطر وحدها داخل البيت الخليجي، بل وصلت دولة عمان التي اتخذت مسارًا مختلفًا إلى حد بعيد، فهي نأت بنفسها تمامًا عن التدخل في الصراعات البعيدة عن حدودها مثل سوريا وليبيا ومصر.

كما أبقت على علاقة مستقرة مع إيران ونشّطت محركاتها الدبلوماسية لتكون منصة للوساطة بين إيران والعالم الغربي من جهة، وبين الحوثيين ودول عاصفة الحزم الخليجي من جهة أخرى. وكان موقفها من تركيا أكثر ثباتًا في حين جهدت الكويت للبقاء على مسافة واحدة من الجميع.

لم تحظ عمان بالرضى من قبل جيرانها السعوديين والإماراتيين بعد “المقاطعة الرباعية” لقطر. وكما شهدت العلاقات العمانية السعودية صعوبات حاولت قيادة البلدين التغلب عليها في مراحل مختلفة من تاريخها، فإن العلاقات الإماراتية العمانية لم تكن أحسن حالًا، فقد شهدت هي الأخرى عقبات متعددة كما مرّت بفترات حرجة للغاية.

من أبرزها الخلافات الحدودية التي لم تُرسّم بشكل نهائي إلا في عام 2008، ثم إعلان عُمان عام 2011 اعتقال خلية داخلية قالت إنها تعمل لصالح دول الإمارات، عقبتها أزمة متحف اللوفر الإماراتي عام 2017 حين عرض خريطة للدولة تظهر فيها أراضي تابعة لعُمان ضمن الحدود السياسية لدولة الإمارات.

ثم في عام 2018 قالت الحكومة العُمانية إنها ألقت القبض على ما سمته خلية تجسس إماراتية تستهدف المواقع الحكومية والعسكرية.

بالرغم من حرص البلدين على عدم تظهير الخلاف للإعلام بشكل دائم، إلا أن وزير خارجية عُمان السابق، يوسف بن علوي، قال في حوار مع قناة “روسيا اليوم” في فبراير 2019 إن بلاده تختلف مع دولة الإمارات بسبب الحرب في اليمن، وإن “الإمارات لها تطلعات، لكن ينبغي أن تكون تلك التطلعات محكومة ومنضبطة”. يحكى هنا عن توجس عُماني من تنامي نفوذ دولة الإمارات على حدودها، وخاصة في محافظة المهرة اليمنية.

لكن زيارة رئيس دولة الإمارات الشيخ “محمد بن زايد” إلى سلطنة عُمان نهاية سبتمبر 2022، سعت لإعادة العلاقات الإماراتية العُمانية إلى ما كانت عليه قبل التدخل العسكري في اليمن.

الخاتمة: تتجه دول الخليج حاليًا لتجاوز خلافات الماضي، وطيّ صفحة النزاع الخليجي-الخليجي، محاولة التركيز على تهدئة أجواء البيت الداخلي.

هذا ما نلمسه في التصريحات الصحافية للمسؤولين، حيث يتم التركيز على أواصر التعاون والتكاتف ووحدة المسار والمصير أمام استحقاقات إقليمية ودولية ملحة.

العلاقات القطرية البحرينية لم تسر بالسرعة المطلوبة نحو إصلاح الخلل بين البلدين، ولم يدبّ فيها الدفء الذي نشهده حاليًا في العلاقات السعودية القطرية. كما أن التقدم في العلاقات السعودية القطرية هو أسرع مما عليه في العلاقات الإماراتية القطرية.

هذا الحال إن دل على شيء فإنه يظهر أن الخلاف في جزء منه يعود لاعتبارات هي أبعد من تلك الاشتراطات التي وضعتها الدول الأربعة على طاولة المفاوضات مع قطر عام 2017.

المشكلة أن العلاقات الخليجية الخليجية مهما بلغت في توترها أو تماسكها فإنها تظل عرضة للتبدل وعدم الاستقرار، وذلك أنها محكومة غالبًا بالمواقف المرتجلة التي تغيب عنها الرؤى الاستراتيجية وهو ما يسبب هدر الطاقات والإمكانات. فما أنفقته دول الخليج في مناطق النزاع أثّر على الإنفاق المحلي، وعمليات التنمية الداخلية، وكذلك على احتياطيات الثروة السيادية فيها.