موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الإمارات والتجسس.. مسلسل طويل من الفضائح

574

جاء الكشف عن اعتقال تركيا خلية تجسس تابعة للنظام الحاكم في دولة الإمارات العربية المتحدة ليضيف حلقة جديدة في مسلسل طويل من الفصائح التي تلاحق أبو ظبي داخليا وخارجيا.

وألقت قوات الأمن التركي في 15 أبريل/نيسان الجاري القبض على شخصين يشتبه بتورطهما في التجسس لصالح دولة الإمارات.

وكشفت شبكة “تي آر تي” التركية أن المتهمين بالتجسس لصالح الاستخبارات الإماراتية اللذين اعتقلتهما السلطات التركية قبل أيام كانا على صلة بالقيادي الفلسطيني محمد دحلان الذي يقيم في أبو ظبي ويعمل مستشارا لولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد.

ووجهت النيابة لكل من سامر سميح شعبان (40 عاما) وزكي يوسف حسن (55 عاما) -وهما مواطنان فلسطينيان- تهمة الحصول على معلومات سرية خاصة بالدولة بغرض التجسس السياسي والعسكري.

وذكرت وسائل إعلام تركية أن قوات الأمن التركية كانت تتابع تحركات المتهمين الاثنين وتتبعت اتصالاتهما حتى لحظة اعتقالهما يوم الاثنين الماضي.

ووفقا للتفاصيل الواردة بشأن مهمة الجاسوسين، فقد تركزت على متابعة أنشطة حركتي فتح وحماس في تركيا وأسماء المنتسبين إليهما والمسؤولين فيهما، كذلك كان من بين المهام الموكلة إلى المتهمين الحصول على الهيكلية التنظيمية لجماعة الإخوان المسلمين في تركيا.

وقالت مصادر أمنية إن الرجلين اعترفا بعملهما لصالح المخابرات الإماراتية.

وأضافت المصادر أن السلطات المعنية تحقق في ما إذا كان لأحدهما علاقة بجريمة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وهذه فضيحة جديدة للنظام الإماراتي بعد محاكمة سلطنة عُمان مؤخرا خلية تجسس تابعة لأبو ظبي على أراضيها.

إذ أدان القضاء في سلطنة عُمان خلية قبل أسابيع تجسس تتبع للنظام الإماراتي بعد عدد من جلسات المحاكمة.

وأصدرت محكمة الجنايات العمانية حكمها في قضية خلية التجسس الإمارتية التي أُعلن ضبطها منذ فترة وتم إحالتها إلى القضاء.

وقال الصحفي العماني المختار الهنائي، في تغريدة على حسابه الرسمي على “تويتر”: “بتهم التخابر في زمن السلم، أصدرت محكمة الجنايات بمسقط، اليوم، حكمها في القضية الأمنية، بإدانة 5 أشخاص من دولة الإمارات وعماني واحد وبراءة آخر”.

وبدأت سلطنة عُمان، في 11 مارس الماضي، محاكمة عدد من الضباط الإماراتيين بتهمة التجسس، إضافة إلى مواطنَين عُمانيين اثنين كانا يعاونان الخلية، بحسب ما سبق أن كشف الهنائي حينها.

وأكدت سلطة عُمان رسميا محاكمتها خلية تجسس تتبع للنظام الإماراتي.

وفي حينه علق وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي -في أول رد فعل رسمي على أنباء محاكمة خلية تجسس إماراتية في سلطنة عُمان- قائلا “إن هذه أمور تحصل بين الجيران”.

وكان بن علوي سئل في محاضرة له حول العلاقات الخارجية بالنادي الثقافي بمسقط عن خلية التجسس الإماراتية، فقال إن هذه الحوادث تحصل بين الجيران والسلطنة تتعامل مع كل جيرانها بلطف.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتم الكشف فيها عن خلية تجسس إماراتية في عمان، إذ أعلنت السلطنة في عام 2011 عن “تفكيك شبكة تجسس إماراتية تستهدف نظام الحكم في عمان وآلية العمل الحكومي والعسكري”.

وحينها احتوى أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح، الأزمة التي كادت تفكّك مجلس التعاون الخليجي؛ عبر اصطحاب ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد إلى السلطنة وتقديمه اعتذاراً مباشراً للسلطان قابوس بن سعيد.

وفي أبريل الماضي قالت مؤسسة “سكاي لاين” الحقوقية الدولية، إن عمليات التجسس التي تمارسها دولة الإمارات تجري على نطاق واسع، وتهدد خصوصية الأفراد والمجتمعات حول العالم.

وأبدت المنظمة الدولية التي تتخذ من العاصمة السويدية استكهولم مقرا لها، قلقها البالغ من التقرير الذي نشرته وكالة رويترز للأنباء حول قيام السلطات الإماراتية بالتجسس على إعلاميين عرب بمساعدة خبراء أمريكيين، خلال الأزمة الخليجية عام 2017.

وقالت المؤسسة في بيان لها إن التقرير تحدث عن مجموعة من خبراء التسلل الإلكتروني الأمريكيين، الذين كانوا يعملون سابقًا في المخابرات الأمريكية، ساعدوا الإمارات العربية المتحدة في التجسس على الإعلامية “جيزيل خوري”، العاملة في هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) العربي، إضافة إلى رئيس شبكة الجزيرة الجزيرة حمد بن ثامر بن محمد آل ثاني، وشخصيات إعلامية عربية أخرى.

وأضافت على لسان الباحثة “كلاوديا أونديرجيفا”، أنه وفقًا للتقرير فإن عملية التجسس التي عمل بها الخبراء الأمريكيون لصالح مشروع ريفين، وهو برنامج سري للمخابرات الإماراتية تجسس على ومعارضين، وقد تمت العملية عام 2017، مع اشتداد الأزمة الخليجية التي تُعد الإمارات إحدى أطرافها.

وكانت منظمة سكاي لاين الدولية كشفت في تقرير سابق لها نهاية العام الماضي عن تعاون أمريكي إماراتي لاختراق هواتف المعارضين والصحفيين حول العالم.

أما وكالة رويترز فقد كشفت في كانون الثاني/ يناير الماضي أيضا عن وجود المشروع الذي يعمل فيه مجموعة من الخبراء الأمريكيين لصالح الإمارات، وقد أطلق “ريفين” عمليات لاختراق هواتف آيفون الخاصة بما لا يقل عن 10 صحفيين ومسؤولين تنفيذيين بوسائل إعلامية عربية، وفقًا للوكالة.

وحذّرت كلاوديا من التعاون بين الخبراء الأمريكيين والسلطات الإماراتية، لتحقيق أهداف سياسة لصالح أحد أطراف الأزمة السياسية، داعيةً الولايات المتحدة إلى تركيز رقابتها على الخبراء والمختصين بعد انتهاء عملهم الرسمي لدى الحكومة وأجهزتها المختلفة.

ووفقًا للتقرير فإنه بعد ثلاثة أيام من بدء المقاطعة الخليجية، اخترق خبراء “ريفين” هاتف آيفون الخاص بالإعلامية جيزيل خوري. كما أظهرت وثائق برنامج “ريفين” أنه جرى استهدافها بسبب اتصالها بعزمي بشارة الكاتب المقيم في الدوحة.

واستخدم خبراء التسلل في هجماتهم سلاحا إلكترونيًا يسمى (كارما)، الذي يسمح لهم بالتسلل إلى هواتف آيفون بمجرد إدخال رقم الهاتف أو عنوان بريد إلكتروني للشخص المستهدف في البرنامج الهجومي حسب التقرير.

وشددت الباحثة في مؤسسة “سكاي لاين الدولية” على خطورة ما تم كشفه في هذه التقارير، ما يشكّل انتهاكًا واضحًا للحريات الخاصة للأشخاص، بإخضاعهم للرقابة وكشف تفاصيل حياتهم اليوميّة، الأمر الذي يُعد مخالفة للأعراف والقوانين الدولية.

وبيّنت كلاوديا أيضا أن الإمارات العربية لها سجل طويل في ملاحقة الأشخاص ومراقبتهم إلكترونيًا والتجسس عليهم، خصوصًا مع تقاطعه مع سجل انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد.

وحذّرت من خطورة هذه العمليات، التي تُعد مدخلًا للاعتداء على حريات التعبير والنشر وحريات الصحافة، إذ يمكن أن تتخذ السلطات خطواتٍ أخرى بحق الأشخاص بعد تتبع آرائهم الخاصّة وتوجهاتهم.

وفي مارس الماضي أكدت صحيفة نيويورك تايمز أن شركة Matter Dark الإماراتية تنافس بقوة مع NSO الإسرائيلية في انتشار ظاهرة “خصخصة التجسس” حول العالم، مشيرة إلى مشروع تستهدف به اعتراض الاتصالات الخلوية بدولة قطر.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية، في تحقيق موسع لها أن الشركة الإماراتية تدفع بسخاء لجذب أفضل المواهب التكنولوجية من (إسرائيل) والولايات المتحدة ودول أخرى، بهدف استخدامها في أنشطة التجسس الإلكتروني وأدوات المراقبة.

واستند التحقيق إلى مقابلات مع قراصنة إلكترونيين، حاليين وسابقين، لحكومات وشركات خاصة ووثائق، ويشير إلى عصر جديد من الحرب الإلكترونية غير المحكومة بالقوانين.

وبحسب المقابلات، فإن قراصنة تابعين للشركة الإماراتية تمكنوا من تحويل جهاز منزلي عادي لمراقبة الأطفال إلى أداة تجسس، مشيرة إلى أن أنشطة الحرب الإلكترونية، التي تقودها الشركة بالوكالة عن الإمارات، تعتمد على قراصنة تلقوا تدريبهم بوكالات تجسس أمريكية.

وطالت أنشطة شبكة  Matter Dark التجسسية رجال أعمال وحقوقيين أمريكيين، ولذا يحقق مكتب التحقيقات الفيدرالي بالولايات المتحدة (FBI) مع موظفين حاليين وسابقين بالشركة الإماراتية بشأن ارتكابهم جرائم إلكترونية محتملة.

ونقلت نيويورك تايمز عن موظف سابق بالشركة أن حالات التجسس على أمريكيين تتعلق بناشطين عملوا في منظمات أجنبية، بما في ذلك جماعات حقوق الإنسان، التي تنتقد سجل الحكومة الإماراتية.

وبحسب المصدر ذاته، فإن عملاء Matter Dark يجمعون معلومات جواز السفر أو الطلبات أو السير الذاتية الخاصة بالأمريكيين الذين تقدموا للعمل في هذه المنظمات.

ونوهت الصحيفة الأمريكية إلى أن الشركة الإماراتية استأجرت إسرائيليين عملوا سابقا في NSO لتطوير تكنولوجيا تستهدف عمليات إلكترونية ضد أعداء الدولة المتصورين في الداخل والخارج.

ومن بين التكنولوجيا التي طورتها NSO واستفادت منها  Matter Dark أداة برمجية متنقلة يمكنها جمع كميات هائلة من بيانات الهواتف الذكية دون ترك أي أثر، بما في ذلك المكالمات الهاتفية والنصوص ورسائل البريد الإلكتروني وجهات الاتصال والموقع وأي بيانات مرسلة عبر تطبيقات مثل فيسبوك وواتساب وسكايب.

وفي إحدى عملياتها التجسسية، في أواخر عام 2015، بذلت الشركة جهدًا موسعًا لاعتراض الاتصالات الخلوية في قطر، بحسب الصحيفة الأمريكية.

ولفتت “نيويورك تايمز” إلى أن أصول  Matter Dark تعود إلى شركة أمريكية أخرى تدعى (سايبر بوينت (Cyber Point) التي فازت قبل سنوات بعقود للمساعدة في حماية الإمارات من هجمات الحواسب.

حصلت Cyber Point على ترخيص من الحكومة الأمريكية للعمل لدى أبوظبي، وهي خطوة ضرورية بالولايات المتحدة تهدف إلى تنظيم تصدير الخدمات الاستخبارية، لكن الإماراتيين كان لديهم طموحات كبيرة ودفعوا موظفي الشركة مرارًا إلى تجاوز حدود هذا الترخيص.

ورفضت الشركة الأمريكية طلبات لعملاء المخابرات الإماراتيين لمحاولة كسر رموز التشفير واختراق مواقع إلكترونية على خوادم أمريكية، وهي عمليات كان من شأنها أن تتعارض مع القانون الأمريكي.

ولذلك أسس الإماراتيون Matter Dark في عام 2015، بوصفها شركة لا تلتزم بقانون الولايات المتحدة، وجذبوا عددا من الموظفين الأمريكيين في Cyber Point للانضمام إليها.

وكانت الصحيفة الأمريكية قد أكدت في تحقيقها، أن المستشار السابق بالديوان الملكي السعودي “سعود القحطاني” تواصل مع NSO الإسرائيلية، أواخر عام 2017، بهدف القيام بأنشطة تجسس مماثلة في كل من قطر وتركيا وفرنسا، استهدفت أشخاص تعتبرهم السلطة الحاكمة بالمملكة تهديدا لها، وكانت جزءا من جهود المراقبة المكثفة التي أدت في النهاية إلى اغتيال الكاتب الصحفي “جمال خاشقجي”.

وأشارت إلى أن خصخصة تكنولوجيا التجسس مكنت أصغر البلدان من الحصول عليها بعد أن كانت ذات يوم،  حكرا على القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا.

كما كان الموقع الأمريكي ” ذا أمريكان كونسيرفاتف” كشف أنه بمباركة واشنطن، استأجرت دولة الإمارات أفضل وأذكى ما لدينا لشن حرب سيبرانية، والتي تستهدف الأمريكيين حتمًا.

وتساءل الموقع، في تقرير لشاؤول أنوزيس وهو رئيس سابق للحزب الجمهوري في ولاية ميشيغان، إذا قامت دولة أجنبية بتجنيد جواسيسنا، وكان هؤلاء المجندون يتجسسون في نهاية المطاف على الأميركيين، فهل يمكن اعتبارهم خونة؟

ليجيب الكاتب “للأسف، هذا ليس سؤالًا بلاغيًا. فقد كشفت التقارير الأخيرة أن الإمارات  استأجرت عدداً من قراصنة سابقين في وكالة الأمن القومي بهدف المراقبة وشن الهجمات السيبرانية على ما يسمى بالأعداء المحليين والأجانب”.

وأضاف، في حين أن الولايات المتحدة تعتبر حليفاً للإمارات، و تستخدم الإنترنت على نطاق واسع، إلا أن الأمريكيين كانوا محاصرين حتماً في عمليات التجسس.

في 30 يناير ، نشرت رويترز خبرين، يفيدان بأن الإمارات قامت في عام 2014 بتشكيل فريق سري من عملاء الاستخبارات الأمريكيين السابقين أطلقوا عليه اسم “مشروع الغراب”.

وبحسب لوري سترود ، وهي عميل سابق لمشروع رافين، فقد استغلت المجموعة خبرتها، واستخدمت الأساليب التي تم جمعها خلال عقد من الزمان أو أكثر في مجتمع إنتل الأمريكي (بالإضافة إلى أدوات الإنترنت الحديثة) لمساعدة الإمارات على جمع المعلومات والاشتراك في الحرب السيبرانية ضد الحكومات الأخرى، بما في ذلك كبار المسؤولين الحكوميين العسكريين وناشطي حقوق الإنسان الذين ينتقدون الإمارات، وتعتبرهم أبوظبي “تهديدا للأمن القومي” ولنظام الحكم الوراثي. وقالت ستراود إنها انضمت إلى “Project Raven” بعد أسبوعين فقط من مغادرة NSA في عام 2014.

وقال محامو الأمن القومي الأمريكي لرويترز إن القوانين التي تحكم ما يمكن أن يقوم به متعاقدو الاستخبارات الأمريكية في الخارج “غامضة”. لكن الشيء الوحيد الذي لم يكن غامضا هو أن الاتفاق بين وزارة الخارجية والمقاول الإماراتي هو حظر استهداف المواطنين والشركات الأمريكية.

ومع ذلك، كانت عمليات مراقبة البيانات الواسعة الانتشار تجتاح الأميركيين على أي حال. وقالت ستراود إنهم بذلوا قصارى جهدهم للإعلان عن هذه الأهداف وحذفها ، لكن مع سيطرة عملائهم على عملهم في الإمارات ، لم يكن هناك أي مجال لمعرفة ما إذا كانت المصالح الأمريكية محمية بشكل كامل.

وتابع الموقع، الفكرة القائلة بأن دافعي الضرائب الأمريكيين يدفعون ثمن أفضل وأذكى العناصر لتدريبهم على العمل لتكون بمثابة أصول لوكالات الاستخبارات أمريكية المتعددة، ومن ثم يذهبون للعمل كأدوات لحكومة أجنبية- هي فكرة سخيفة.

فإذا لم تتمكن حكومة الولايات المتحدة من السيطرة على العناصر من العمل أينما يحلو لهم، فلا بد إذن من أن يكون هناك تنظيم على الأقل لهذا العمل.

ويقترح الموقع إجراءات تنظيم، من قبيل أن يكشف هؤلاء العناصر الذين يعملون مع حكومات أجنبية ما إذا كان عملهم هذا يضر  خصوصية وأمن المصالح الأمريكية ومواطنيها، إلى جانب حظر عمل هؤلاء مع الدول المتهمة بانتهاك حقوق الإنسان أو المشاركة في نزاعات العنف الحالية مثل الإمارات في حرب اليمن.

وطالب الموقع بالتحقيق على الفور فيما إذا للإمارات عمليات  تستهدف الأميركيين، سواء كان ذلك عن عمد أم لا.

على أقل تقدير، يقول الموقع، لا ينبغي لنا أن نجعل التجسس على مواطنينا أسهل مما سبق. يمكن وضع سياسات بسيطة تتعامل مع هذه المخاوف المباشرة ويجب أن تبقى خدماتنا الاستخباراتية متيقظة. والمفارقة هنا، هي أن الجواسيس والمتخصصين والمتسللين المدربين من دافعي الضرائب الأمريكيين يُسمح لهم ببيع خبراتنا الممولة لأي كيان أجنبي  مع الإفلات من العقاب.  واعتبر الموقع أن ذلك  أمر خطير، وسوف يعود بلا شك إلى ملاحقتنا عندما لا نتوقع ذلك.

وفي يناير الماضي كشفت وكالة رويترز العالمية للأنباء  تورط النظام الحاكم في دولة الإمارات في التجسس على هواتف آيفون مواطني الدولة وخصومها.

واخترق فريق من ضباط المخابرات الأمريكية السابقين، الذين يعملون لحساب الإمارات العربية المتحدة، أجهزة آيفون الخاصة بنشطاء ودبلوماسيين وزعماء أجانب من خصوم الإمارات وذلك بالاستعانة بأداة تجسس متطورة تسمى (كارما).

وقالت رويترز إن هذه الفضيحة تظهر كيف أن الأسلحة الإلكترونية فائقة الفاعلية بدأت تتسرب خارج القوى الكبرى وتصل إلى أيدي دول أصغر في إشارة إلى الإمارات.

وذكر خمسة ضباط سابقين ووثائق برمجية أن أداة التجسس سمحت للبلد الخليجي الصغير بمراقبة مئات الأهداف بدءا من عام 2016، ومنهم أمير قطر ومسؤول تركي رفيع المستوى وناشطة يمنية في حقوق الإنسان حائزة على جائزة نوبل. وليس من بين المصادر التي تحدثت معها رويترز مواطنون إماراتيون.

وجرى استخدام (كارما) بواسطة وحدة للعمليات الإلكترونية في أبوظبي تضم مسؤولي أمن إماراتيين وضباطا سابقين بالمخابرات الأمريكية يعملون كمتعاقدين لصالح أجهزة المخابرات الإماراتية. ولم ترد أنباء من قبل بخصوص وجود (كارما) أو وحدة التجسس الإلكتروني، التي تحمل الاسم الرمزي (المشروع ريفين).

ووصف الضباط السابقون الذين عملوا في المشروع ريفين، (كارما) بأنها أداة قادرة على إتاحة الدخول عن بعد إلى أجهزة آيفون بمجرد تحميل أرقام الهواتف أو حسابات بريد إلكتروني على نظام استهداف آلي.

غير أن أداة التجسس لها حدود أيضا، إذ أنها لا تعمل على الأجهزة التي يشغلها نظام أندرويد كما لا يمكنها اعتراض المكالمات الهاتفية. غير أن المصادر ذكرت أن ما يجعل (كارما) أداة فائقة القدرة بشكل غير عادي، أنها لا تحتاج إلى أن يضغط الهدف على رابط يتم إرساله إلى جهاز الأيفون، وذلك على خلاف كثير من الثغرات.

وجرى استخدام (كارما) في عامي 2016 و2017 للحصول على صور ورسائل بريد إلكتروني ورسائل نصية ومعلومات بشأن الموقع من أجهزة آيفون المستهدفة. وساعدت هذه التقنية المتسللين أيضا على الحصول على كلمات سر محفوظة يمكن استخدامها في عمليات تسلل أخرى.

وليس واضحا ما إذا كانت تقنية التسلل بواسطة (كارما) لا تزال مستخدمة. وقال الضباط السابقون إنه بحلول نهاية عام 2017، أدخلت أبل تحديثات أمنية على برمجياتها جعلت (كارما) أقل فاعلية بكثير.

وتحدثت لوري ستراود، الضابطة السابقة في مشروع ريفين والتي عملت سابقا أيضا في وكالة الأمن الوطني الأمريكية، عن الإثارة التي أحدثها بدء استخدام (كارما) في 2016.

وقالت “لقد بدا الأمر هكذا، ‘لدينا أداة التسلل الجديدة الرائعة هذه التي اشتريناها للتو. أحضروا لنا الآن قائمة ضخمة بالأهداف التي تمتلك أجهزة آيفون‘”. وأضافت “كان أشبه باحتفال عيد الميلاد”.

يأتي الكشف عن (كارما) ووحدة (ريفين) وسط سباق تسلح إلكتروني متصاعد، حيث تكثف الإمارات مساعيها للحصول على أكثر الأدوات والأفراد تطورا فيما يتعلق بمجال التسلل الإلكتروني.

ويقول مسؤولون مخضرمون في مجال الحرب الإلكترونية إن الطلب يزداد بشكل كبير على أدوات مثل (كارما)، التي يمكن أن تخترق مئات من أجهزة آيفون في وقت واحد لتستولي على بيانات تتعلق بالموقع أو الصور أو الرسائل النصية.

وقال مايكل دانيال مسؤول الأمن الإلكتروني في البيت الأبيض في عهد الرئيس السابق باراك أوباما إن هناك حوالي عشر دول فقط يعتقد أنها قادرة على تطوير مثل تلك الأسلحة، منها روسيا والصين والولايات المتحدة وأقرب حلفائها.

وقال باتريك واردل الباحث السابق لدى وكالة الأمن الوطني والخبير الأمني لدى أبل إن كارما وأدوات مشابهة تجعل الأجهزة الشخصية مثل آيفون “أسهل الأهداف”.

وقالت المصادر التي كانت مطلعة على المشروع ريفين إن (كارما) سمح للضباط بجمع معلومات بشأن عشرات الأهداف، من النشطاء المعارضين للحكومة إلى الخصوم في المنطقة ومنهم قطر، وجماعة الإخوان المسلمين الغريم الأيديولوجي للإمارات.

كما سمح لهم أيضا بالوصول إلى صور تمس سمعة الأهداف وصور جنسية فاضحة لهم في بعض الأحيان.

وكان أغلب موظفي ريفين ممن عملوا سابقا بأجهزة المخابرات الأمريكية الذين كانوا يحصلون على أجورهم من خلال شركة إماراتية للأمن الإلكتروني تسمى (دارك ماتر)، وذلك وفق وثائق اطلعت عليها رويترز.

وقال الضباط السابقون إن الحكومة الإماراتية اشترت (كارما) من بائع من خارج البلاد. ولم يتسن لرويترز التحقق من الجهة التي ابتكرت أداة التجسس.

وكان الضباط يعرفون كيفية استخدام (كارما)، حيث كانوا يوميا يدخلون أهدافا جديدة في نظام لا يحتاج تقريبا إلى معلومات إضافية بعد أن يحدد الضابط هدفه. غير أن مستخدمي النظام لم يكونوا على دراية كاملة بالتفاصيل الفنية الخاصة بكيفية تمكن أداة التجسس من استغلال موطن الضعف لدى أبل. وقال أشخاص مطلعون على فن التجسس الإلكتروني إن هذا ليس غريبا في وكالة مخابرات كبيرة، حيث لا يتم إطلاع مشغلي الأنظمة على معظم ما يعرفه المهندسون بخصوص تفاصيل عمل سلاح ما.

وقال ثلاثة ضباط سابقون إنهم فهموا أن كارما يعتمد، جزئيا على الأقل، على ثغرة في برنامج (آي مسج) الذي يستخدم في التراسل في أبل. وأضافوا أن الثغرة سمحت بزرع برمجيات خبيثة في الهاتف من خلال (آي مسج)، حتى إذا لم يستخدم مالك الهاتف برنامج (آي مسج)، وهو ما يمكن المتسللين من إقامة اتصال مع الجهاز.

ومن أجل بدء عملية الاختراق، لا يحتاج (كارما) سوى إلى توجيه رسالة نصية إلى الهدف، ولا يحتاج المتسلل بعد ذلك إلى أي إجراء من جانب المستهدف. ولم يتمكن الضباط السابقون من تحديد كيف يتم استغلال ذلك العيب.

وأكد شخص على اطلاع مباشر بصفقة (كارما) بيع أداة التجسس للإماراتيين من تاجر من الخارج، كما أكد تفاصيل قدراتها وكذلك اعتمادها على ثغرة في (آي مسج).

وقال ضباط سابقون في المشروع ريفين ووثائق برمجية إن فريق ريفين اخترق بنجاح حسابات مئات الشخصيات السياسية البارزة في الشرق الأوسط وكذلك النشطاء في أرجاء المنطقة وفي أوروبا في بعض الحالات.

في عام 2017، على سبيل المثال، استخدم الضباط السابقون (كارما) لاختراق هاتف آيفون يستخدمه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وكذلك أجهزة يستخدمها محمد شيمشك النائب السابق لرئيس الوزراء في تركيا، ويوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان. ولم يتضح ما هي البيانات التي جرى الاستيلاء عليها من تلك الأجهزة.

وقال شيمشك، الذي استقال من منصبه في يوليو تموز، إن اختراق هاتفه أمر “مروع ومزعج للغاية”.

واخترق فريق ريفين أيضا هاتف توكل كرمان، الناشطة في مجال حقوق الإنسان الملقبة بالمرأة الحديدية في اليمن. وعندما أبلغتها رويترز باختراق هاتفها، قالت إنها تعتقد أنه تم اختيارها بسبب تزعمها لاحتجاجات الربيع العربي في اليمن والتي اندلعت في المنطقة في عام 2011.

وقالت إنها تلقت على مدى سنوات إخطارات متكررة من حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي تحذرها من أنه جرى اختراق حساباتها. لكنها أضافت أن حقيقة مساعدة أمريكيين للحكومة الإماراتية على مراقبتها كانت صادمة.

وأضافت أن المتوقع من الأمريكيين “أن يدعموا حماية المدافعين عن حقوق الإنسان ويوفروا لهم كل سبل ووسائل الحماية والأمن… لا أن يكونوا أداة في أيدي الأنظمة المستبدة للتجسس على النشطاء وتمكينها من قمع شعوبها”.