موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل: انفتاح إماراتي على التصهين الشامل

151

أبرز الكاتب الفلسطيني نزار السهلي تسارع وتيرة الانفتاح الإماراتي على التصهين الاقتصادي والثقافي والسياسي والرياضي، بإجراءات مخزية ومخزيةٍ ومهينة في اتجاه القضية الفلسطينية.

ورأى السهلي أن سياسات الإمارات تقوم بشكل مهين على تمكين الاحتلال الإسرائيلي من مستعمراته وهو ما يجد صداه صاخباً في أروقة المؤسسة الصهيونية، فالقضية أبعد من شراء نبيذ وعسل المستوطنات وأعلى من تمويل نادٍ رياضي يقوم على عدائه للعرب والمسلمين في شعاراته وبرامجه.

وفيما يلي نص المقال:

تبدو نقاط التقارب الآخذة بالتشكل بين كل من أبو ظبي وتل أبيب، بعد الإعلان عن تطبيع العلاقات بينهم، متوسعة وشاملة تتجاوز “العلاقة الطبيعية” التي تربط كيان الاحتلال مع دول كثيرة حول العالم، بما فيها القارة الأوروبية.

ففي هذه الدول لا يزال التمسك بتمثيل الادعاء والرغبة بعدم التعامل مع منتجات المستعمرات الصهيونية المقامة على جزء من الأراضي المحتلة عام 67 على اعتبار أنها تمثل جريمة حرب، والتمسك بقوانين الشرعية الدولية المتعلقة بتجريم الاستيطان، بينما لم تمضِ أسابيع قليلة على إبرام معاهدة التطبيع بين تل أبيب وأبو ظبي، يظهر موقف الأخيرة منقلبا بشكل جذري على كل الأسس الأخلاقية والقانونية بما يخدم دفاعها عن هذه المستعمرات وعن الاستثمار فيها.

جملة الاتفاقات والمشاريع التي تُحدث اقتصاداً استعمارياً بامتياز، أبرمتها تل أبيب مع أبو ظبي، وبعضها سخي بشكل غير متوقع فاجأ المؤسسة الصهيونية.

وحتى الليبراليين الغربيين على ما أظهره هذا التقارب بين الاقتصاد الاستعماري للمحتل وبين اقتصاد عربي أصبح فرعاً مهماً لتغذيته وتقويته، على حساب حقوق الشعب الفلسطيني، و بشكل غير معتاد من العلاقات “الطبيعية” القائمة بين الاحتلال ودول كثيرة حول العالم.

والمسألة لا تتوقف عند تطبيع العلاقة التي يدافع عنها حكام أبو ظبي بل في الاتجاه الحقيقي المناهض لمبدأ الحقوق الفلسطينية ورؤية المستعمرات الصهيونية وشرعيتها المرفوضة بالأساس.

تدشين الإمارات لعلاقاتها من بوابة المستعمرات الصهيونية، والعمل على تغذيتها ورفدها بأموال طائلة من الاستثمارات، لا يخضعها لنقاش وجهات نظر متباينة مع الفلسطينيين بقدر ما يضعها جنبا إلى جنب في خندق العداء الواضح والأصيل للحقوق التاريخية للفلسطينيين.

ولا يمكن التعامل مع الحقيقة الاستعمارية الجديدة الاستثمار من زاوية اقتصادية بحتة، بقدر ما يُنظر إليها كتورط مباشر في تبني السياسة الاستعمارية للمؤسسة الصهيونية ولنظام الفصل العنصري الذي تمارسه على السكان أصحاب الأرض التاريخيين.

والتورط المباشر للإمارات في الشؤون الاستعمارية الصهيونية، يغذي من طرف واحد تفوق الفكرة الاستيطانية للمستعمر في فلسطين من خلال المساهمة الرئيسية على فكرة إدخال السياسة الاستعمارية في طور جديد وبعيد كل البعد عن النقاش الاقتصادي، وقريب جداً من الاقتصاد الاستعماري الذي تمارسه دولة الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني، وضد الإمارات نفسها، وتذوب أمامه النقاشات الأساسية حول بربرية أو همجية المحتل مُستعمر الأرض والتاريخ والحضارة.

حساب الذرائع الاقتصادية، والانفتاح الإماراتي على التصهين، يجدان صعوبة في تبريرهما، حساب ينتمي فقط لفئة الخضوع التام والشامل للفكرة الاستعمارية “الصهيونية المتفوقة” وللقوة حسب وصف نتنياهو لإعلان التطبيع “القوة مقابل السلام” وهذا مبدأ ينتمي على وجه التحديد إلى الأجناس التي ستَستعمر أكثر، التشديد الصهيوني عن “التزاماته الأخلاقية” لتوظيف نقاط القوة الاستعمارية من خلال المزايا التي حصل عليها من “العناية الإلهية” لصالح “السلام مقابل القوة “هي من وسائل إخفاء بربرية الاستعمار الصهيوني وتوظيف نقاط القوة من خلال المزايا التي يمنحها حكام الإمارات للمستعمرات ولمشاريع تقوية المستعمر، وتبني عبرنة وتهويد وتزوير التاريخ والمقدسات والقضية، والتسليم بانتزاع الأرض من أصحابها بالقوة هو عار الإنسانية، وتدهور أخلاقي يلقي بظلال من الشك على ما إذا كان حكام الإمارات وأنظمة التصهين العربي لديهم القدرة على صناعة ” سلام ” يتشدقون بنيله.

تتسارع وتيرة الانفتاح الإماراتي على التصهين الاقتصادي والثقافي والسياسي والرياضي، بإجراءات مخزيةٍ، ومخزيةٍ ومهينة في اتجاه القضية الفلسطينية، والتوجه الذي يبدو مهيمناً على تمكين المحتل من مستعمراته يجد صداه صاخباً في أروقة المؤسسة الصهيونية، فالقضية أبعد من شراء نبيذ وعسل المستوطنات وأعلى من تمويل نادٍ رياضي يقوم على عدائه للعرب والمسلمين في شعاراته وبرامجه.

الإمارات صاحبة الخزائن المالية السخية في مقدورها الاستثمار وشراء الخبرات من أي مكان في العالم دون إسرائيل، لكن تخصيص المستعمرات وقادة المستعمرين بهذه الرعاية، لها علاقة بأمور عدة.

أول تلك الأمور أن مسألة الحضارة والثقافة والتاريخ هي مسألة دونية أمام التفوق الصهيوني، وأن كل هذه الحضارة الزائفة للأبراج والشوارع والبذخ الظاهر في مستعمرات العمل الإماراتية تنقصه حجة صهيونية تحول رمال الصحارى في أبو ظبي لأماكن ممارسة المستوطنين لشعائرهم التلمودية.

وطالما أن الفجوة تبقى قائمة بين القوة الصهيونية الاستعمارية وبين مستعمرة العمل القائمة على رأس المال، فإن الاعتقاد الراسخ اليوم من الجدل الاستعماري لاستثمار الإمارات من قبل القوة الاستعمارية الباطشة بالفلسطينيين، تعني أمراً واحداً أن للفلسطينيين اليوم خصماً شرساً في أبو ظبي يدعم التكاليف الناجمة عن احتلال ارضهم وقمعهم، ويمنح عدوهم مزايا التوسع الاستعماري، وهي القاعدة الأهم في التفاهم على سحق قضيتهم بعيداً عن شعار التطبيع يخدم الفلسطينيين.