موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل/ الإمارات حولت ثورة الربيع اليمني إلى خراب ودمار

102

تحولت ثورة الربيع اليمني بعد مرور ثمانية أعوام على انطلاقها إلى خراب ودمار واسعين في البلد الذي يعاني ويلات الحرب والصراع الداخلي وبات مصنفا من الأمم المتحدة أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

وتعد دولة الإمارات سببا رئيسيا لما وصلت إليه حال اليمن الذي كان يقلب باليمن السعيد وبات اليوم منكوبا، ضمن دورها الكبير في حرب التحالف بقيادة المملكة العربية السعودية.

وبعد ثمانية أعوام من انطلاق ثورة الربيع اليمني، تتردد تساؤلات عدة بين اليمنيين، لعل أبرزها ما إذا كانت الثورة حققت أهدافها، بعد الحرب التي اندلعت في البلاد نتيجة محاولة الحوثيين، بالتحالف مع الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، تنصيب أنفسهم بقوة السلاح حكاماً على البلاد، وما استتبعه ذلك من تدخل عسكري بقيادة السعودية والإمارات فتت الدولة الهشة وسلب قرارها السياسي والعسكري، وحوّل رئيسها عبدربه منصور هادي إلى رهينة في العاصمة السعودية الرياض لا يقدر على العودة إلى بلاده بقرار من الإمارات.

هناك من يقول إنه لا يمكن حساب نجاح الثورة من عدمها بناء على الأحداث التي عايشها اليمن في السنوات القصيرة التي تلت ثورة فبراير فقط، ولا سيما أن الثورات عموماً تحتاج لأزمنة طويلة كي تجني ثمارها. في مقدمة أصحاب هذا الرأي من شارك في الثورة من الشباب وأصبح اليوم خارج اليمن ولم يعد قادراً على العودة إلى بلده لأسباب كثيرة أبرزها حرب التحالف السعودي الإماراتي.

يبرز هنا تعليق الصحافي السعودي المغدور جمال خاشقجي، في مقابلة تلفزيونية له بشأن الوضع السعودي في اليمن بأن “مصلحة السعودية هي في إحياء أهداف ثورة فبراير اليمنية، ففي تحقيق أهداف ثورة فبراير خلاص السعودية من هذه الحرب”.

ولم يكن هذا التعليق لحظة تعاطفٍ من خاشقجي مع الربيع اليمني أو العربي، بل تحليلا واقعيا لمسار الأحداث في اليمن، يعكس المآلات التي وصلت إليها دول الربيع العربي، منذ تبنّت السعودية والإمارات الثورات المضادة، واستخدمتا كل مواردهما في سبيل وأد أحلام الجيل الحالي من الشعوب العربية.

بعد قرن من العيش العربي على هامش الحياة، جاء جيل عربي شاب، شارك العالم مناخات الحرية والديموقراطية، وتفاعل معها في عالم الوسائط الافتراضي، وآمن أن السبيل إلى عودة حضارية عربية هو في الحرية والديموقراطية.

وفي حين استسلمت أنظمةٌ لثورات شبابها لم تتعامل الأنظمة التي لم يصل إليها مد الثورات مع هذا الجيل، باعتباره فرصةً لإعادة ترتيب وضعها، بل والاستفادة من هذا الحماس الثوري العربي في مواجهة تحديات التنمية العالمية، ومواجهة أعدائها المنطقيين.

الأطراف التي ظلت هذه الأنظمة تسوقها لشعوبها أعداء حقيقيين، مثل إيران وإسرائيل، لم يعودوا أعداء، بل في لحظةٍ أصبح الربيع العربي العدو الأول، وأصبحت محاربته الهدف الأكبر، من دون اعتبار لأثر ذلك على معركتها مع من تدّعي أنه العدو الحقيقي.

دعمت السعودية والإمارات في مصر انقلابا عسكريا دمويا على النظام الذي جاء بانتخابات ديموقراطية، وفرتها ظروف ما بعد الربيع المصري، وكانت نتيجة هذا الانقلاب دماء آلاف الشهداء الذين حاولوا الدفاع عن حلمهم، وكانت ضحيته الأكبر الحياة السياسية في مصر التي أصبحت تعيش واحدةً من أسوأ مراحلها على الإطلاق.

وبتحليل موقف مصر من معركة السعودية المفترضة، كان موقف نظام محمد مرسي الذي جاء بالانتخابات واضحا وقويا ضد تهديدات إيران، وضد تغلغلها في دول عربية، وخصوصا سورية، وهو موقفٌ يفترض أنه يدعم موقف السعودية، بينما جاء موقف نظام الانقلاب الذي سيطر على السلطة بالدعم السعودي منحازا إلى نظام بشار، وغير معادٍ لإيران!

في الملف اليمني، دعمت السعودية والإمارات عام 2014 جماعة الحوثي، وهي جماعة إيرانية بشكل صريح، أوصلتاها إلى إسقاط صنعاء، فقط لتتخلصا من النظام الذي كان يتشكل من قوى نتجت عن ثورة التغيير في صنعاء، لتصحو السعودية لاحقا على واقع إيراني يهز جنوبها، وتصل صواريخه إلى عاصمتها.

اتخذت السعودية قرار عملية عاصفة الحزم العسكرية، ومعها الإمارات بطبيعة الحال، لا ليصلح ما أفسدتاه، بل دخلتا باستراتيجية واضحة، حرصت الإمارات، بكل طاقتها وإمكاناتها، أن تنفذها ولا تتراجع عنها السعودية، وهي استراتيجية أن هزيمة الحوثي يجب أن تكون مرافقة لضرب قوى ثورة الربيع في الوقت نفسه، وبما أن من يقاتل التوغل الحوثي الإيراني هو الجيش الوطني الذي دعم ثورة فبراير، أو تشكل لاحقا من شبابها، فإن المعادلة لم تكن منطقية.

ولهذا لا يزال اليمنيون يدفعون ثمنا غاليا من دماء وجوع وتشريد وتدمير لبلدهم، نتيجة هذه الاستراتيجية الغبية، وطالت معركة كان في الوسع إنجازها خلال أشهر، لتدخل عامها الخامس.

وتقول المؤشرات إنه إذا وصل تحالف السعودية الإمارات إلى الخيار بين بقاء الحوثي أو نظامٍ يمثل قوى فبراير، فإنه لن يمانع في بقاء الحوثي، ليتحقق له (الحوثي) ما يريده وتريده إيران، ويدفع اليمن أولا، والسعودية لاحقا بشكل مؤكد، ثمنا باهظا، بسبب الحقد السعودي الإماراتي على الربيع العربي.

وما يجرى في اليمن، كان تكرر في سوريا التي دفعت الإمارات والسعودية بدعم كبير لجماعات متطرّفة داخل الصف الثوري فيها، ووجهتاه بعيدا عن وحدة الهدف، لتبدأ الانشقاقات والتراجع والخسائر في صف الثوار، ويتحول بذلك إلى صراع داخلي، منح نظام الأسد الوقت اللازم لاسترداد أنفاسه، ومنح العالم مبرّرا لعدم تقبل البديل في سوريا ومنح روسيا مبرّرا للتدخل العسكري، والنتيجة منح سورية لإيران على طبق من دم.

ولهذا، كان من الطبيعي أن تقرّر الإمارات فتح سفارتها في دمشق، لمواجهة ما أسمته التغلغل التركي والإيراني.

وباعتبار كل ما حدث، وما يعرفه الجميع من الوجود الكامل لإيران في سورية حاليا، فإن الهدف الإماراتي فعليا هو مواجهة النظام التركي، وليس من المنتظر أن تعلن السعودية الخطوة نفسها، ثم أن التوجه المعلن لدعم الأكراد ضد تركيا التي تشكّل حليفا سنيا منطقيا للخليج أمام التوسع الإيراني يعكس أولويات الأعداء لدى قيادة النظامين، السعودي والإماراتي.

في كل الأحداث وخصوصا في اليمن، كان التدخل الإماراتي السعودي موجها بشكل قاطع ومحدّد ضد الربيع العربي، وكل من وقف معه أو تعاطف معه، حتى وإن كانت النتائج ستخدم إيران، العدو الإقليمي المفترض للسعودية، ليظهر بوضوح أن الربيع العربي وقيمه التي نادى بها، مثل  الحرية والديموقراطية، وليس إيران، هو العدو الأول لأنظمة الثورات المضادة.

إذ لم يكن من أهداف ثوار الربيع العربي نظامي السعودية أو الإمارات أو غيرهما، بل كانت موجة ثورية لتصحيح أوضاع أوطاننا. ولو أتيح المجال للربيع العربي أن ينجز أهدافه لكان في وسع السعودية والإمارات أن تكونا من المستفيدين من شعوبٍ قويةٍ وأنظمةٍ قويةٍ، في دعم قضايا الأمة العربية، والحفاظ على أمنها.

بطريقةٍ ما، كان يمكن للربيع العربي أن يكون حبل نجاة للسعودية، والأنظمة التي تشبهها، ولَيس تهديدا لها، لكنها حوّلته إلى تهديد عندما تعاملت معه بوصفه تهديدا، واعتبرته خطرا يتجاوز الخطر الإيراني عليها.

وبكل مواردهما، أعطت الإمارات والسعودية القضاء على الربيع العربي أولوية كاملة. ومع كل النتائج التي حصلت عليها من سياساتهما في كل الدول، فإنهما فعليا تلفان حبل نجاتهما حول عنقهما، وتختنقان به.