موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

مركز دراسات: غياب الحوار الداخلي يعمق الشرخ في الإمارات

250

قال مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” إن غياب الحوار الداخلي يعمق الشرخ في الإمارات في ظل ما تواجهه من أخطار بفعل التصعيد في اليمن وهجمات جماعة أنصار الله “الحوثي”.

وشدد المركز على الحاجة في الإمارات للتوحد الداخلي لمواجهة الخطر الذي يتهدد أُسس الدولة وتقدمها الاقتصادي والبدء في حوار لوحدة الكلمة بين الإمارات السبع وتقليص الفجّوة بين الشيوخ والمواطنين.

وشنت ميليشيا الحوثي الإرهابية هجومين على الإمارات الأول بطائرات مسيّرة وصواريخ باليستية وكروز استهدف مطار أبوظبي ومنشأة قريبة لشركة النفط الوطنية في 17 يناير/كانون الثاني.

وهجوم آخر بعد أقل من أسبوع أعلنت السلطات اعتراض صواريخ باليستية. كما استولى الحوثيون قبل ذلك بأسابيع على سفينة شحن إماراتية، روابي، أثناء مرورها في المياه الدولية قبالة السواحل اليمنية.

وتصعيد ميليشيا الحوثي الإرهابية هجماتها يؤدي إلى ضرورة وضع استراتيجية عسكرية/سياسية لمواجهتهم لمنع تكرار مثل هذه الهجمات. فما الخيارات المطروحة أمام أبوظبي لدرء تكرار مثل هذه الهجمات.

وتوعدت الإمارات “بالرد المناسب على هجمات الحوثيين”، وقُصفت مواقع ومعسكرات الحوثيين في مناطق سيطرتهم بقسوة، لكن ذلك رد فعل طبيعي وسريع على الهجوم وتم بالتنسيق مع السعودية.

وتجد الإمارات نفسها أمام خيارين أساسيين. والأسئلة التي تطرح نفسها هنا، هل ستواصل أبوظبي دعم حلفائها في اليمن للتصدي بالقوة للحوثيين، وربما حتى تزيد انخراطها في محاولة لاستعادة مأرب بالكامل؟ أو هل ستتراجع تماشياً مع السياسة الخارجية الأقل تدخلاً التي أخذت تعتمدها في الآونة الأخيرة؟

أولاً، تصعيد الحرب ضد الحوثيين: تدفع هجمات الحوثيين الإرهابية إلى اتخاذ صانع القرار الإماراتي طريقاً إجبارياً لتصعيد المعارك مع الحوثيين والابتعاد عن أي خيارات لعودة التفاهمات غير المكتوبة -نفوذ إماراتي في جنوب اليمن مقابل ترك الشمال للحوثيين-.

ويبدو أن المسؤولين في أبوظبي سمعوا تهديدات الحوثيين بالانتقام، وتوقعوا هجوماً على الدولة كما تفيّد المعلومات، كما سمعوا تهديدات الحوثيين عقب الهجوم على أبوظبي بالاستمرار في شن هجمات إرهابية تستهدف أبوظبي ودبي.

وإذا ما قررت أبوظبي زيادة الانخراط في مواجهة الحوثيين فإنها ستعتمد على أدواتها في الداخل مثل المجلس الانتقالي الجنوبي وألوية العمالقة والقوات التابعة لعائلة الرئيس اليمني الراحل، ولن تغامر بإرسال قوات وطنية إلى اليمن لعدة اعتبارات محلية وإقليمية خاصة مع إعلان سياستها الخارجية الجديدة العام الماضي.

وسيكون ذلك في مسارات متعددة في محافظتي مأرب والجوف الاستراتيجيتين. وكل ذلك لدفع الحوثيين نحو التفاوض للخروج بحلّ.

لكن سيكون معها المخاطرة باحتمالية تلقي هجمات إرهابية تهدد اقتصاد البلاد وصورة الدولة كونها “آمنة ومستقرة” في محيط مضطرب.

وإذا استمر الأمر بهذه الأنواع من الهجمات على أساس أسبوعي كما يحدث في السعودية، فإن ذلك سيغير مفهوم مشهد التهديدات التي تواجهها الإمارات، ويضرّ بشدة خطط الدولة لتنويع الاقتصاد.

لكن أدواتها في اليمن ترتكز على جنوب اليمن وغربه، فيما معظم القوة والهيمنة داخل القوات اليمنية ضمن التحالف العربي في المناطق الشمالية لليمن قريبة وموالية لحزب التجمع اليمني للإصلاح (إخوان اليمن) وهو ما يجعل من تحرك أبوظبي فيها صعباً.

ودائما ما أعلنت أبوظبي أنها تقاتل الحزب في اليمن، وعمّدت خلال سنوات الحرب السبع الماضية على تجفيف أي نفوذ أو قوة للحزب مقابل دعم حلفائها الانفصاليين.

لذلك إذا ما قررت أبوظبي الدفع بمواجهة الحوثيين فإنها ستكون مجبرة على التقارب مع “حزب الإصلاح” في حالة نادرة لسياسة الدولة الخارجية منذ ما بعد الربيع العربي 2011، أو على الأقل وقف الحملة المستمرة ضد الحزب اليمني.

بالمقابل ستقدم الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، المزيد من التنازلات للإمارات لاستمرار العمليات العسكرية التي تدعمها أبوظبي في شبوة ومأرب، ويبدو أنها قامت بذلك بالفعل إذ لم تم إقالة “محمد بن عديو” محافظ شبوة المنتمي لحزب الإصلاح بشخصية موالية لأبوظبي (عوض العولقي) قبل بدء تحرك قوات العمالقة في المحافظة.

علاوةً على ذلك، عادت قوات النخبة الشبوانية المدعومة إماراتيًا إلى شبوة بعد تغيير اسمها ليصبح قوات دفاع شبوة. ما يعنيّ أن أبوظبي تحركت دعماً لخطط السعودية مقابل أن يتم تمكين حلفاءها في المحافظات الجنوبية، لكن بعد قصف الحوثيين لأبوظبي فستكون التنازلات متبادلة بين الطرفين.

ويبدو أن حزب الإصلاح يذهب في اتجاه التقارب مع أبوظبي حيث أدان الهجوم الأول على أبوظبي على الفور.

ثانياً، الاستجابة لضغوط الحوثيين: قد تضطر السلطات إلى الدفع بيد السلام نحو الحوثيين إذا شعرت بقلق أكبر من عدم قدرتها على التصدي لهجمات لاحقة من الحوثيين تستهدف البنيّة التحتية.

ولن تكون حادثة معزولة، ففي أكتوبر/تشرين الأول 2019، أعلنت الإمارات انسحاب قواتها من اليمن، جاء بعد أشهر قليلة من نشر الحوثيين مقطع فيديو يعلن مسؤوليتهم عن هجوم على مطار أبوظبي، نفت السلطات حدوثه في ذلك الوقت.

كما أن أبوظبي لن تزيد انخراطها في حرب اليمن، إذا لم تحصل على تأييد دولي واسع للدفاع عن أمنها القومي، كما أنها لن تقوم بذلك بدون قيام الولايات المتحدة والدول الأخرى بمسؤولياتها بحماية الخليج.

إضافة إلى الحد من الانتقادات الدولية لها بسبب زيادة الانخراط مجدداً في الحرب إذ أن واحد من دوافع إعلان انسحابها كان محاولة عكس السمعة السيئة التي لُصقت بالدولة بسبب تصاعد الانتهاكات التي اُتهمت الإمارات وأدواتها المحلية بارتكابها في اليمن. وصورتها المحلية لدى اليمنيين بكونها تنتهج طريقة “الاستعمار”.

وإذا لم يحدث كل ذلك فإن أبوظبي ستتجه نحو تفاهم سلام مع الحوثيين كما كان في السابق، وأفضل سيناريو يمكن أن يحرس مصالح الطرفين هو أن تتوصل الميليشيات الحوثية وأبوظبي إلى اتفاق تظل بموجبه القوات الموالية للإمارات في الجنوب كقوة دفاعية.

ومع ذلك، فإن هذا الحل سيكون له تاريخ انتهاء للصلاحية في حالة سقوط مأرب.

وحتى في حال حدوث ذلك سيستمر سلاح الجو الإماراتي في استهداف منصات إطلاق الصواريخ الحوثية، واستهداف مواقعهم.

وأشارت صحيفة “ذا ناشيونال” الإماراتية الرسمية إلى الانخراط الجوي بطائرات F-16 في اليمن، وكشفت الدفاع عن استهداف منصات إطلاق الصواريخ في الجوف بعد ساعات من استهداف الدولة يوم 24 يناير/كانون الثاني الجاري.

وفي كِلا الخيارين ستحرك الدولة دبلوماسيتها في مجلس الأمن لمحاصرة الحوثيين، كما ستدفع حلفاءها إلى تصنيف الحوثيين جماعة إرهابية.

وطلبت أبوظبي من واشنطن بالفعل إعادة تصنيف الحوثيين في قوائم الإرهاب. وأكد “بايدن” أنه إدارته تدرس إعادة الحوثيين إلى هذه القائمة.

ضرورة مناقشة داخلية

الطريقة التي تختارها الإمارات للرد سيكون لها عواقب على مسار الصراع في اليمن، حيث أدى انتصار ألوية العمالقة في شبوة إلى ظهور الأمل في إمكانية عكس هجوم الحوثيين.

ويعد التعاون الاستراتيجي المتجدد بين التحالف العربي وشركائهم المحليين يمكن أن يساعد في الضغط على الحوثيين في ساحة المعركة وإخراجهم من مأرب.

وإذا ما تراجعت الإمارات عن دعمها للميليشيات التابعة لها وأوقفت انخراطهم في معركة مأرب فإن الحوثيين سيسيطرون على مدينة مأرب، ويتجهون نحو المحافظات الجنوبية للسيطرة عليها، مستهدفين كل ما بّنته أبوظبي خلال سبع سنوات.

بغض النظر عن دوافع الحوثيين لشن هجوم إرهابي ضد الإمارات، ودرجة تدخل أبوظبي في الشؤون الداخلية اليمنية إلا أن مهاجمة أراضي البلاد استهداف لكل إماراتي.

ومع تناول الخيارات العسكرية للرد على الهجوم يجب دراسة الأسباب التي أوصلت إلى حدوث تهديد عابر للحدود يمسّ الإمارات وسكانها، ولعلّ الخط السيء الذي انتهجته السياسة الخارجية للدولة خلال العقد الماضي يحتاج إلى مزيد من المراجعة بدلاً من الإعلان عن سياسة جديدة.

وبالتوازي مع مراجعة تلك الأخطاء، من الواجب الوقوف جميعاً يدّ واحدة لمواجهة الخطر الذي يتهدد أُسس الدولة وتقدمها الاقتصادي.

ويفترض أمام هذا الخطر أن تبدأ السلطات في الحوار الداخلي لوحدة الكلمة بين الإمارات السبع وتقليص الفجّوة بين الشيوخ والمواطنين.