موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات تكرس نهج القمع العابر للحدود بحق معارضيها

549

أعلنت سلطات الإمارات رسميا اليوم تسلما المعارض خلف الرميثي من الأردن بعد اعتقاله لدى وصوله عمان، لتكرس بذلك نهج القمع العابر للحدود بحق معارضيها.

وأوردت وكالة الأنباء الإماراتية أن سلطات أبوظبي “تسلمت من السلطات الأردنية خلف الرميثي الذي صدر بحقه حكم من المحكمة الاتحادية العليا عام 2013 وآخرين في القضية رقم 2012/79، حيث قضت المحكمة غيابياً بسجنه مدة 15 عاماً”.

وزعمت الوكالة أن الحكم صدر بحق الرميثي “بتهمة إنشاء وتأسيس تنظيم سري يتبع جماعة الإخوان المسلمين الإرهابية والذي يهدف إلى مناهضة المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحكم في دولة الإمارات”.

وبحسب الوكالة فإن إجراءات تسليم المذكور قد جرت وفقاً لأمر القبض الصادر بحقه والاتفاقيات المبرمة بشأن التعاون القانوني والقضائي لمجلس وزراء الداخلية العرب المعنية بملاحقة المجرمين الفارين من العدالة الجنائية في الدول العربية.

وأعلنت أنه سيتم إعادة محاكمة خلف الرميثي مرة أخرى، وذلك وفقاً للنصوص القانونية والتي تنص على أنه في حال القبض على متهم صدر في حقه حكم غيابي أو قام بتسليم نفسه تُعاد محاكمته بذات التهم المنسوبه إليه.

ولم تحدد الإمارات موعد تسلم الرميثي علما أنه تعرض للإخفاء القسري في الأردن منذ أيام وسط مخاوف كبيرة على مصيره واحتمال تعرضه للتعذيب وسوء المعاملة.

وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” يوم 12 من الشهر الجاري إن السلطات الأردنية احتجزت الرميثي الذي يحمل الجنسيتين التركية والإماراتية وقد تسلمه إلى الإمارات، حيث يواجه خطر الاحتجاز التعسفي والمحاكمة الجائرة وربما التعذيب.

اعتقلت السلطات خلف عبد الرحمن الرميثي (58 عاما) في مطار الملكة علياء الدولي في عمان حال وصوله من تركيا في 7 مايو/أيار 2023.

وقد أطلقت سراحه بكفالة في وقت لاحق من ذلك اليوم، لكنها احتجزته مجددا في 8 مايو/أيار. قال محاموه إنهم فقدوا أثره بعد 9 مايو/أيار.

في يوليو/تموز 2013، حكمت “المحكمة الاتحادية العليا” في الإمارات على الرميثي غيابيا بالسجن لمدة 15 عاما في أعقاب المحاكمة الجماعية الجائرة للغاية والشائنة في القضية المعروفة بـ “الإمارات94” لـ94 من منتقدي الحكومة، وأدانت 69 منهم.

استندت الإدانات إلى ممارستهم السلمية للحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع. يعيش الرميثي منذ إدانته في المنفى في تركيا. تحظر المادة 21 من الدستور الأردني تسليم “اللاجئين السياسيين” على أساس “مبادئهم السياسية أو دفاعهم عن الحرية”.

قالت جوي شيا، باحثة الإمارات في هيومن رايتس ووتش: “تنتهك السلطات الإماراتية منذ أكثر من عقد حقوق المتهمين في قضية ’الإمارات 94‘ ومن بينهم الرميثي ، ويخاطر الأردن بالتواطؤ في هذه الانتهاكات إذا أعاده إلى اضطهاد شبه مؤكد. يتعين على السلطات الأردنية الكشف عن مكان وجود الرميثي فورا”.

في 7 مايو/أيار، حاول الرميثي دخول الأردن بجواز سفره التركي، لكن السلطات الأردنية أوقفته بعد أن كشف مسح لقزحية العين في المطار أن الشرطة الأردنية أصدرت مذكرة بتوقيفه بناء على طلب من الإمارات.

أُفرِج عنه في وقت لاحق من ذلك اليوم بكفالة مقدارها3 آلاف دينار (4,200 دولار أمريكي)، بحسب محاميه، وسُمح له بدخول الأردن.

قال محامو الرميثي لـ هيومن رايتس ووتش إن أربعة عناصر شرطة بملابس مدنية قبضوا على الرميثي في اليوم التالي بينما كان مع صديق له في مقهى في عمان.

ذكر أحد محاميه إن الشرطة الأردنية توجهت في لاحقا إلى غرفة الفندق التي كان ينزل فيها الرميثي وصادرت حقائبه وملابسه وأجهزته الإلكترونية.

أرسل الرميثي رسالة نصية إلى محاميه كتب فيها “أخذوني”. حاول محاميه زيارته في ذلك اليوم لكن منعته الشرطة.

قال المحامون إن محكمة أردنية عقدت جلسة في 9 مايو/أيار حضروها مع الرميثي وعُرضت عليهم فيها نسخة من طلب التسليم. ألغت المحكمة الكفالة وأمرت بنقله إلى السجن وحددت جلسة بتاريخ 16 مايو/أيار.

وأفاد محامو الرميثي إنهم اكتشفوا أمر الإفراج الصادر عن المحكمة بينما كانوا يتصفحون النظام الإلكتروني لوزارة العدل في 10 مايو/أيار. لكن محامي الرميثي لم يتمكنوا من تحديد مكانه، ولم يشاهده أحد أو يتواصل معه منذ 9 مايو/أيار.

تلقت هيومن رايتس ووتش تقارير غير مؤكدة عن ترحيل الرميثي إلى الإمارات صباح 12 مايو/أيار، لكنها لم تتمكن من تأكيد التقرير بشكل مستقل. حتى عصر يوم 12 مايو/أيار، لم يكن محامو الرميثي في الأردن قد تمكنوا من الحصول على أي معلومات رسمية حول مكان وجوده.

قال أحد المحامين إن السلطات الأردنية بترحيلها للرميثي، ستظهر على أنها تحايلت على إجراءات التسليم المعتادة في البلاد. قال: “ستكون هذه كارثة بالنسبة للبلاد، وستكون السلطات التي فعلت ذلك قد انتهكت دستور الأردن”.

بدأت قضية “الإمارات94” في مارس/آذار 2012 بموجة اعتقالات تعسفية وسط حملة قمع غير مسبوقة ضد المعارضة.

أدانت المحكمة الاتحادية العليا في أبو ظبي الرميثي و68 آخرين بزعم انتهاك المادة 180 من قانون العقوبات، التي تحظر تأسيس أو تنظيم أو تشغيل جماعة تهدف إلى قلب النظام السياسي في البلاد، وفقا لوثائق المحكمة التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش.

حكمت المحكمة على 5 متهمين بالسجن 7 سنوات، وعلى 56 بالسجن 10 سنوات، وعلى 8 غيابيا بالسجن 15 سنة، وبرّأت 25 آخرين.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه من شبه المؤكد أن السلطات الإماراتية ستحتجز الرميثي على الفور، ويمكن أن يتعرض للتعذيب وسوء المعاملة أو إعادة محاكمة جائرة بناء على تهم تتعلق بانتقاده السلمي وانتمائه السياسي.

قُبض على العديد من المتهمين في القضية لمجرد انتمائهم إلى جماعة سياسية غير عنيفة، هي “جمعية الإصلاح والتوجيه الاجتماعي” التي دعت إلى مزيد من الالتزام بالتعاليم الإسلامية وانخرطت في نقاش سياسي سلمي في الإمارات لسنوات.

لم يُستأنف الحكم، في شكل يخالف القانون الدولي، لأنه صدر عن أعلى محكمة في الإمارات. شاب المحاكمة انتهاكات لمعايير المحاكمة العادلة، بما في ذلك الحرمان من المساعدة القانونية أثناء الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي قبل المحاكمة، ومزاعم التعذيب.

وتُواصل السلطات الإماراتية حبس ما لا يقل عن 51 سجينا إماراتيا في القضية ممن أكملوا عقوبتهم منذ مدة تتراوح بين شهر وأربع سنوات، متذرعةً بحجج مكافحة الإرهاب الواهية.

قالت شيا: “يواجه خلف الرميثي نفس المصير الرهيب الذي ينتظر العديد من المتهمين الآخرين في قضية ’الإمارات 94‘ ممن يقبعون ظلما في السجون الإماراتية منذ أكثر من عقد. يتعين على الحكومة الأردنية أن تقف في وجه الإمارات وأن تتمسك بالقيم المنصوص عليها في دستور المملكة”.