موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

مركز دراسات: النهج العدائي للإمارات سجل فشلا ذريعا

368

قال مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” إن النهج العدائي للنظام الإماراتي داخل الدولة وخارجها سجل فشلا ذريعا وأجبر أبوظبي على التراجع عنه في علاقاته الإقليمية.

وذكر المركز أن الضغوط الاقتصادية والداخلية في الإمارات، أجبرت أبوظبي على الاعتراف بفشل “اللعبة الصفرية” ضد منافسيها الإقليميين ما دفعها إلى تركيز علاقتها مع تلك الدول وفق أولويات جديدة في السياسة الخارجية.

وحسب المركز فإن الاعتراف بفشل تلك السياسة يوازيه فشل في الداخل باستخدام القمع المفرط ضد المواطنين لمنع “مطالب الإصلاحات” التي أصبحت الإمارات في أمَسّ الحاجة إليها.

خلال السنوات الماضية لعبت الإمارات في علاقتها مع “تركيا” و”قطر” منحى “عدائي” -أكثر من كونه خلافاً وتنافس- فاندفعت بكل قوتها نحو مقاطعة قطر المجاورة، وتركيا الدولة المؤثرة في المنطقة.

ويعود ذلك لأسباب خلافات متعلقة بدعم أطراف متنافسة في المنطقة العربية عقب الربيع العربي (2011)، حيث دعمت قطر وتركيا ثورات الربيع العربي التي أوصلت ما تعرف بجماعات “الإسلام السياسي” إلى السلطة عبر انتخابات حرّة ونزيهة.

فيما اتخذت أبوظبي خطاً معادياً لتلك الجماعات وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين المصرية، فشنت حروباً، ودعمت انقلابات لإنهاء تجربة الربيع العربي ودفع جماعات “الإسلام السياسي” إلى الظل.

في أغسطس/آب 2021، زار مستشار الأمن الوطني الإماراتي طحنون بن زايد آل نهيان، وهو الرجل القوي في الإمارات وشقيق ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد، تركيا وقطر، وهو ما يمثل انعطافة جديدة في سياسة أبوظبي تجاه الدولتين.

الانعطاف المفاجئ

طوال تلك الفترة لم تقدم وسائل الإعلام الرسمية تحليلاً لأسباب الانعطاف في سياسة أبوظبي تجاه الدولتين، حتى التاسع من سبتمبر/أيلول الجاري حيث نشر مركز الإمارات للسياسات الذي يعمل تحت إشراف جهاز الأمن ليقدم ثلاثة متغيرات أدت إلى تغيير الإمارات لسياسة “اللعبة الصفرية” مع أنقرة والدوحة:

أولها، جائحة كورونا “كوفيد-19” وما تمخض عنها من تداعيات اقتصادية أثّرت في اقتصادات دول الإقليم كلها.

والمتغير الثاني، وصول إدارة ديمقراطية إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2021، وتبنّيها توجهات في السياسة الخارجية تجاه المنطقة مغايرة لإدارة ترمب السابقة (حليفة أبوظبي)، ونيّة الإدارة الجديدة تخفيف التوترات في الإقليم.

والمتغير الثالث، توصُّل أغلب الدول في المنطقة إلى أن الاستقطابات الإقليمية، أضرّت باستقرار المنطقة، وأثّرت في الموارد السياسية والاقتصادية لجميع هذه الدول، والأهم أن تلك الاستقطابات دخلت مرحلة الجمود بحيث لم تعد تحقق أهدافاً أو مصالح جديدة لجميع الأطراف.

إن “اللعبة الصفرية” التي لعبتها أبوظبي خلال السنوات الماضية مع معظم دول المنطقة جعلها بعيدة أقرب إلى “الانعزال”، ومع التغيرات العالمية بما في ذلك سيطرة حركة طالبان على أفغانستان وخروج الاحتلال الأمريكي بعد 20 عاماً يبعث خشية المسؤولين في أبوظبي من تجاوزها، وتحوّل جهود السنوات العشر الماضية إلى سراب مع رغبة دولية في التصالح، وبناء نظام أمني جديد في المنطقة لحمايتها.

عندما بدأت أبوظبي سياسة الاستقطاب و”اللعبة الصفرية” يفترض أنها كانت تعيّ جيداً حجم التداعيات الاقتصادية والسياسية على الإمارات.

وفي قرارات مثل تلك التي اتخذتها أبوظبي كان من المفترض أن يتم إشراك الشعب -كل الشعب بما في ذلك الشيوخ والمواطنين- فالثمن لمثل هذه السياسة يدفعه الجميع.

قدم مركز الإمارات أربعة توجهات إماراتية للسياسة الخارجية أولها: إصلاح العلاقات الخارجية، وثانيها، تخفيف الاستقطابات الإقليمية، وثالثها: علاقات جيدة مع السعودية، ورابعها: “الاقتصاد” هو الأولوية الأولى للسياسة الخارجية الإماراتية.

في التوجه الأول اعتراف واضح بأن “اللعبة الصفرية” لأبوظبي فشل في السياسة الخارجية. كما أنها كما يبدو تحتاج وقت لتغيير رؤيتها لمواجهة الربيع العربي، فحسب المركز فإن أبوظبي ستعمل مع منافسيها في الملفات الاقتصادية والملفات المتفق عليها، وسيتم إدارة الملفات الخلافية.

وعلى الرغم من ذلك فإنه تأكيد آخر على الفشل إذ تبخرت كل الشروط التي كان المسؤولون في أبوظبي يقدمونها لاستعادة العلاقات الاقتصادية الجيدة مع تركيا وقطر قبل حل الملفات الخلافية -بما في ذلك حل ملفات إقليمية مثل ليبيا-.

فشل النهج القمعي

إن الاعتراف بفشل السياسة الخارجية وسياسة “اللعبة الصفرية” لأبوظبي يؤكد فشل سياستها الداخلية أيضاً، حيث اتخذت السلطات نهجاً قمعياً استهدف المنتقدين.

فخلال السنوات العشر الماضية اُعتقل عشرات المثقفين والمسؤولين والناشطين الإماراتيين، ومثلهم من العرب والأجانب بسبب تعبيرهم عن آرائهم تجاه سلوك الدولة الداخلي والخارجي.

اُعتقل عشرات الإماراتيين -بما في ذلك المعتقلين في القضية المعروفة (الإمارات 94)- لأنهم طالبوا بالإصلاحات السياسية التي تتضمن “مجلس وطني اتحادي” (برلمان) كامل الصلاحيات منتخب من كل الشعب، دون قوائم أمنية مختارة بعناية للمرشحين والمقترعين، وبصلاحيات تشريع ومحاسبة كاملة.

وتبنت السلطات الإماراتية سياسة اللعبة الصفرية مع مواطنيها، فمنعت أي انتقاد مهما كان بسيطاً، وفرضت الموافقة الأمنية -منذ 2009م وتزايدت منذ 2011- في كل المجالات بما في ذلك تجديد الإقامات، والجوازات، والتوظيف والترقيات، فعزلت المواطنين الأكفاء واستبدلتهم بالأجانب حتى لو كانوا غير اكفاء لأن المواطن سينتقد وسيرقى في وظيفته وسيرفض أي سلوك يضرّ ببلاده ودولته؛ فيما الأجنبي فإن السلطات ستقوم بترحيله أو سجنه إذا ما عبّر عن رأي آخر غير ما يريده المسؤولون.

وتفرض السلطات مراقبة أمنية ضخم، وتقوم بالتجسس  على المواطنين والمقيمين في هواتفهم وأجهزتهم الالكترونية وتستخدم تلك المعلومات لمحاسبتهم وسجنهم، لأن القوانين سيئة السمعة تقوم على مواد فضفاضة يمكن أن تستخدمها السلطات لسجن المنتقدين.

أثبت سلوك الدولة الداخلي والخارجي أهمية الشروع في “مطالب الإصلاحات” التي من أجلها اُعتقل عشرات المواطنين، وسحبت جنسيات عشرات آخرين في سياسة عقاب جماعي تتعارض مع دستور وقوانين الإمارات وقيّم وأخلاق الإماراتيين وكل الشرائع السماوية.

إن السنوات العشر الماضية بما تخللها من سقوط وانهيار في سلوك الدولة وسمعتها بحاجة إلى تخلي أبوظبي عن “اللعبة الصفرية” ضد شعبها وأمتها، فهذا الشعب من أجله أُقيمت الحكومات، ولأجل مطَالبِه ورؤاه تُقام السياسات الداخلية والخارجية ويتم تنفيذها.