موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: الإمارات تصعد جرائمها في اليمن بسلسلة عمليات اغتيال

239

تتصاعد وتيرة حوادث الاغتيالات والعمليات الإرهابية من تعز إلى عدن وحضرموت في اليمن بشكل لافتٍ أخيراً وذلك بعد نحو عامين على بدء عمليات الانتشار الأمني والعسكري لما يُعرف بـ”قوات الحزام الأمني” و”النخبة الحضرمية” المدعومة من الإمارات والموالية لها.

وكانت تعز اليمنية أمس الجمعة، أحد محطات الاغتيالات أثر نجاة خطيب أحد مساجد المدينة (جامع العيسائي) عمر دوكم وسقوط قتيل كان إلى جواره وهو رفيق الأكحلي بإطلاق نار من قبل مسلحين مجهولين، أثناء خروجهما من صلاة الجمعة، في حي المسبح.

وأثارت الحادثة موجة من السخط وردود الفعل في أوساط سكان تعز، الذين اعتبروا العملية مؤشراً خطيراً على انتقال مخطط الاغتيالات ضد الخطباء وأئمة المساجد والدعاة من مدينة إلى أخرى وصولاً إلى تعز.

يأتي ذلك في ظل التحديات الأمنية الكبيرة التي شهدتها تعز في الحرب المستمرة على أكثر من جبهة بين قوات الجيش الموالية للشرعية ومسلحي جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفائهم، أو على صعيد انتشار المجموعات المسلحة المتعددة في مناطق سيطرة الشرعية، والتي وصل التنافس بينها من وقتٍ لآخر إلى اشتباكات محدودة. بالإضافة إلى ورود أنباء عن وجود لمسلحين يُشتبه بعلاقتهم بتنظيمي “داعش” أو “القاعدة”، في بعض مناطق المحافظة.

ومن أبرز ما أعطى حادثة الاغتيال في تعز أهمية استثنائية، أنها جاءت بالطريقة ذاتها، التي باتت في الأصل من أبرز صور الانفلات الأمني، والمتعلقة بتصفيات منظمة يتعرض لها خطباء المساجد والدعاة، وأغلبها في عدن، التي قالت الحكومة اليمنية في يناير/ كانون الثاني الماضي، إن القرار الأول فيها يعود للإمارات.

ويوم الأربعاء الماضي، أقدم مسلحون مجهولون على اغتيال خطيب وإمام مسجد الرويشان في عدن، الشيخ ياسر العزي، بعد ساعات من خطف مسلحين، ساد اعتقاد أنهم تابعون لإدارة أمن عدن، لخطيب جامع آخر في مديرية كريتر. وهو أيضاً قيادي محلي في حزب التجمع اليمني للإصلاح، نضال باحويرث.

وقالت مصادر تابعة للحزب إن “الخاطفين يتبعون لإدارة أمن المدينة، قدموا على متن سيارة سنتافي سوداء وقاموا بإشهار الرشاشات عليه واقتياده إلى أحد السجون غير الرسمية”.

وتُعدّ الاغتيالات التي تستهدف الدعاة من أبرز الملفات التي تُوضع حولها علامات الاستفهام في اليمن، وعلى وجه خاص في “المحافظات المحررة”، الخاضعة بدرجة أولى للإمارات التي تتولى بدورها واجهة نفوذ التحالف.

وتشير المعلومات إلى تعرّض ما يزيد عن 20 إماماً وخطيباً وداعية للاغتيال خلال السنوات الأخيرة. وكانت الاغتيالات امتدت من عدن إلى حضرموت، مطلع مارس/ آذار الحالي، باستهداف أحد شيوخ الصوفية البارزين، بمدينة تريم، وهو الحبيب عيدروس بن سميط.

إلى ذلك، تزامنت الحوادث الأخيرة مع انفلات أمني متزايد، إذ شهدت عدن أخيراً العديد من الحوادث تبناها “داعش”، آخرها استهدف حراسة كلية الآداب الأسبوع الماضي. أما حضرموت، فقد كانت، الأربعاء الماضي، على موعد مع أحد أبرز الحوادث الدامية التي توجّهت فيها الاتهامات إلى كل من تنظيمي “القاعدة” و”داعش”.

وقتل في المحافظة عشرة جنود من أفراد “النخبة الحضرمية” بكمين نصبه مسلحون في منطقة وادي حجر، في قضية تواترت حولها أكثر من رواية. وشهدت شبوة هي الأخرى، انفجاراً أودى بحياة عدد من جنود “النخبة الشبوانية”.

وتحول اليمن منذ ثلاث سنوات إلى ساحة حربٍ وتدخلٍ إقليمي، طاولت آثارها، بدرجة أو بأخرى أغلب مدنه.

وفي هذه الحرب ظل مصطلح “المرتزقة” يرِد غالباً كمفردة من مفردات التراشق الإعلامي بين الأطراف المتحاربة، وليس تعبيراً عن وجود ملموس، له مناطق تمركُز، حيث تكفلت الكثافة البشرية في هذا البلد، بتوفير بيئة خصبة لمختلف الأطراف للاستقطاب والتجنيد.

ومع ذلك، فإن دخول الإمارات، كثاني أهم دولة في “التحالف العربي”، إلى جانب السعودية، جعل من المرتزقة الأجانب في اليمن، عنواناً بارزاً في وسائل إعلام عالمية ومحافل حقوقية، في مقابل اتهامٍ متكرر من قبل الشرعية و”التحالف” لجماعة “أنصار الله” (الحوثيين) باستقدام خبراء ومقاتلين من إيران و”حزب الله”، وتجنيد نازحين أفارقة.

وإذا كان مصطلح “المرتزقة” يطلق غالباً على من يقاتلون في بلد أجنبي لأجل المال فقد حضر في الحالة اليمنية مُرتبطاً بالجانب العسكري الإماراتي، والدور الذي تلعبه أبوظبي في هذا البلد كثاني أهم دولة في التحالف الذي تقوده السعودية. وهي تتولى واجهة الحضور العسكري للتحالف، في المناطق الجنوبية والشرقية للبلاد.

وقد تحدثت صحيفة “نيويورك تايمز”، في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، عن إرسال الإمارات مئات المرتزقة الكولومبيين سراً للقتال في اليمن.

وكتبت الصحيفة الأميركية أن “وصول 450 جنديا من أميركا اللاتينية، من بينهم جنود من بنما والسلفادور والتشيلي، إلى اليمن، يضيف مكوناً جديداً للتشكيلة الفوضوية من الجيوش الحكومية، القبائل المسلحة، المنظمات والشبكات الإرهابية، والمليشيات اليمنية”.

وذكرت الصحيفة أنه جرى اختيار القوات الكولومبية الموجود في اليمن، من لواء يبلغ تعداده حوالي 1800 جندي من أميركا اللاتينية، موجودين في قاعدة عسكرية إماراتية.

ومعلوم أن الأمم المتحدة أقرت في الرابع من ديسمبر/كانون الأول 1989 “الاتفاقية الدولية لمناهضة تجنيد المرتزقة واستخدامهم وتمويلهم وتدريبهم”.

ولطالما ارتبط ذكر الإمارات بتجنيد المرتزقة الأجانب منذ سنوات حيث أشارت “نيويورك تايمز”، في التقرير ذاته إلى أن بناء جيش المرتزقة الأجنبي في الإمارات كان يدار سابقاً من قبل مؤسسة “بلاك ووتر”، المرتبطة بمؤسسها إيريك برينس.

كما أشارت إلى أن المجندين الأجانب في الإمارات من المرتزقة يتقاضون من ألفي إلى ثلاثة آلاف دولار أميركي. ونقلت الصحيفة عن ضابطٍ عسكري كولومبي سابق، قوله إن المجندين الذين وُظّفوا في اليمن، سيتلقون مبلغاً إضافياً قدره ألف دولار أسبوعياً. وبحسب تقارير عدة، فإن تجنيد معظم الجنود السابقين في كولومبيا، يتمُّ من قبل شركة “غلوبال انتربرايزس”، وهي شركة كولومبية يديرها قائد العمليات الخاصة السابق، أوسكار غارسيا باتي، وهو قائد لواء القوات الكولومبية في دولة الإمارات.

في السياق ذاته، زعمت وسائل إعلام إيرانية أن “قائد عمليات مرتزقة بلاك ووتر في اليمن المدعو ماسياس باكنباه، وهو مكسيكي الجنسية، قتل في محافظة تعز جنوبي غرب اليمن”، وذلك في ديسمبر/كانون الأول 2015.

إلى ذلك، نقلت وكالة “فرانس برس”، عن ضابطين سابقين وخبير أمني، في 19 ديسمبر/كانون الأول 2015، أن الإمارات أرسلت سرّاً نحو 300 مرتزق إلى اليمن.

وقالت المصادر للوكالة إن “خبرة الجنود الكولومبيين السابقين في قتال المليشيات اليسارية وتجار المخدرات في بلدهم، شجّعت الإمارات على الاستعانة بهم نظراً لقلة خبرة جيشها نسبياً.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2017، أفادت تقارير صحافية بأن “الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات”، وجهت رسالة إلى أعضاء البرلمان في كولومبيا، وإلى الرئيس خوان مانويل سانتوس، تؤكد فيها وجود لواء من 1800 مقاتل كولومبي دفعت بهم الإمارات إلى اليمن. وحثّت الحملة السلطات الكولومبية على ضرورة “ملاحقة المرتزقة الكولومبيين الموجودين في اليمن”.

وبحسب مواقع إخبارية، فقد تمّ الإعلان، في نوفمبر/تشرين الأول 2017، في العاصمة الفرنسية باريس، خلال مؤتمر صحافي عقدته مجموعة من المحامين والخبراء في القانون الدولي، عن تقديم شكوى جنائية باسم “اللجنة العربية لحقوق الإنسان” أمام مكتب المدعي العام لمحكمة الجنايات الدولية، بشأن ارتكاب الإمارات “انتهاكات” عبر استخدامها مرتزقة في اليمن.

ونقلت هذه المواقع، عن محمد جميل، رئيس المنظمة، أنه تمّ التواصل مع البلدان التي ينحدر منها المرتزقة (أستراليا، وكولومبيا، والسلفادور، وبنما، وتشيلي)، وأن منظمته طالبت تلك البلدان بسحب رعاياها من اليمن.

ونسبت للمحامي والخبير الدولي في ملفات جرائم الحرب، جوزيف براهام، قوله إن عدم توقيع اليمن والإمارات والسعودية على معاهدة روما، وعدم اعتراف هذه الدول بنظام روما الخاص بالجنائية الدولية، “لا يمنع محاكمتها لوجود ثغرة قانونية سيتمُّ استثمارها في محاكمة الإمارات، بسبب لجوئها إلى مرتزقة يقدر عددهم بما بين 1500 و2000 مرتزق من جنسيات مختلفة، من أستراليا وتشيلي وكولومبيا وبنما والسلفادور وجنوب أفريقيا، وهي بلدان تعترف بالمحكمة الجنائية الدولية.

وباستثناء الساحل الغربي الذي برز فيه الحديث عن “المرتزقة الأجانب” المجندين من قبل الإمارات، خصوصاً في العام الأول للحرب، فإن وجودهم ومهامهم ليست واضحة على وجه الدقة، غير أن القوات الإماراتية يتركز وجودها بشكل عام، في كلٍ من عدن ومحيطها من المحافظات الجنوبية، وصولاً إلى حضرموت في الشرق، بالإضافة إلى القواعد الموجودة في جزر في البحر الأحمر، وجزيرة سقطرى في المحيط الهندي.

وكثيراً ما تحدّث الإعلام التابع للحوثيين وحلفائهم، عن مشاركة “مرتزقة” في الساحل الغربي (ميناء المخا ومديرية ذوباب القريبة من مضيق باب المندب)، يعملون لصالح شركات في “بلاك ووتر” وغيرها وأعلنوا عن سقوط قتلى منهم، إلا أنّ الإمارات لم تصدر تعليقاً بالنفي أو التأكيد.