موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

مجلس حكماء المسلمين.. أداة سياسية للإمارات بأهداف تحريضية

617

أبرز مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك”، خفايا استغلال مجلس حكماء المسلمين كأداة سياسية للإمارات بأهداف تحريضية مكشوفة.

وأشار المركز إلى لقاء الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر مؤخرا في مقر إقامته في مملكة البحرين، نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش؛ في أول لقاء رسمي لشيخ الأزهر مع مسؤول إماراتي رفيع منذ قرابة عام.

ولفت إلى أن الصحافة الإماراتية نشرت اللقاء بعد يومين من حدوثه، وأشارت إلى أن شيخ الأزهر أعرب “عن اعتزازه بالعلاقات العلمية والدينية والثقافية التي تجمع الأزهر الشريف ودولة الإمارات، وتقديره لما تقوم به قيادات دولة الإمارات من جهود لنشر قيم الأخوة والتسامح”.

ويرأس الطيب مجلس حكماء المسلمين، الذي أسسته دولة الإمارات (2014)، ووقع إلى جانب البابا فرنسيس وثيقة “الإخوة الإنسانية” (2019) التي تقول السلطات إن على أساسها أقامت “بيت العائلة الإبراهيمية”.

ويمثل المجلس واحدة من الأدوات الرئيسية لنفوذ السلطات الإماراتية على الجمعيات والمنظمات الإسلامية في الغرب.

وبحسب المركز لم يكن يعلم الشيخ أحمد الطيب أن رئاسته مجلس حكماء المسلمين -الذي انطلق كمؤسسة إسلامية أنشئت لسحب البساط من مجلس علماء المسلمين- ستتحول إلى أداة سياسية تقوم الإمارات باستخدامها إلى جانب مؤسسة الأزهر في الأهداف السياسية؛ وتبرير التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي ومصادرة حرية الاعتقاد والإيمان.

ومع أن الإسلام ليس دينا كنسيا يقوم على رأس جهة يتلقى المسلمون دينهم منها كالمسحية؛ تقدم وسائل الإعلام الرسمية الشيخ أحمد الطيب بصفته زعيم الديانة الإسلامية مقابل زعيم المسيحية البابا فرانسيس-كما يفيد مقال الدكتور أحمد عبدالعزيز الحداد مدير إدارة الإفتاء في دبي في صحيفة “الإمارات اليوم” في 04نوفمبر/تشرين الثاني الجاري (2022).

وتصاعد الخلاف بين الإمارات وشيخ الأزهر العام الماضي، عندما هاجم الأخير “الديانة الإبراهيمية” التي تروج لها السلطات في أبوظبي باعتبارها ترجمة “لوثيقة الإخوة الإنسانية” وبيت “العائلة الإبراهيمية” في جزيرة السعديات حيث يوجد مسجد وكنيس وكنيسة مجتمعة المظهر المادي للوثيقة.

اعتزال شيخ الأزهر للإمارات

وكانت الخلافات ظهرت على السطح، في نوفمبر/تشرين الثاني 2021 حين قال شيخ الأزهر في الاحتفاء بيوم العائلة المصرية إن “الديانة الإبراهيمية” تصادر حرية الاعتقاد والإيمان والاختيار.

وقال شيخ الأزهر إن الدعوة للديانة الإبراهيمية تشبه العولمة، “التي تبدو في ظاهر أمرها كأنها دعوة إلى الاجتماع الإنساني وتوحيده والقضاء على أسباب نزاعاته وصراعاته، إلَّا أنها في داخلها دعوةٌ إلى مُصادرة أغلى ما يمتلكُه الإنسانِ وهو حرية الاعتقاد والاختيار”.

وأكد شيخ الأزهر أن “اجتماع الخلق على دِينٍ واحدٍ أو رسالةٍ سماوية واحدة أمرٌ مستحيل، حيث يختلفُ الناس اختلافاً جذرياً، في ألوانهم وعقائدهم، وعقولهم ولغاتهم”.  مشيراً إلى الفرق بين احترام عقيدة الآخر والاعتراف بها، وأن ذلك لا يعني إذابة الفوارق بين العقائد والمِلل والأديان.

ولم يشر شيخ الأزهر أو المؤسسة المصرية (الأزهر) للإمارات بالاسم؛ على الرغم من أن الحديث حولها كان يعني أبوظبي و”بيت العائلة الإبراهيمية” والديانة الجديدة التي تشير إلى يوم الخميس بدلاً من يوم الجمعة لدى المسلمين والسبت لليهود والأحد للمسيحيين. وما زاد غضب شيخ الأزهر أن اتفاقية التطبيع مع الاحتلال (2020) اتخذت ذات المسمى “اتفاقية ابراهام”!

في الشهر التالي (ديسمبر/كانون الأول2021) التقى شيخ الأزهر في الإمارات بولي عهد أبوظبي (في ذلك الوقت) رئيس الدولة الحالي الشيخ محمد بن زايد، دون الإشارة إلى تصريحات شيخ الأزهر.

وفي يناير/كانون الثاني 2022 أعلن البابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية، رفضه فكرة “الدين الإبراهيمي الجديد”.

واعتزل الدكتور أحمد الطيب معظم فعاليات مجلس حكماء المسلمين خلال العامين الماضيين، وكان يكتفي بتوجيه الرسائل بصفته شيخ الأزهر.

بل يبدو أنه اعتزل الوصول إلى الإمارات ولقاء مسؤوليها الكبار، ولم يحضر شيخ الأزهر ورئيس مجلس حكماء المسلمين عزاء رئيس الدولة السابق الشيخ خليفة بن زايد (طيب الله ثراه)، كما لم يحضر للتهنئة برئيس الإمارات الجديد في مايو/أيار (2022)، واكتفى ببعث رسالتين في الموقفين.

وعقد اجتماع مجلس حكماء المسلمين دورته السنوية (04نوفمبر/تشرين الثاني2022) في البحرين، وعادة ما يعقد اجتماعاته السنوية في مقر المؤسسة بأبوظبي.

واختفت تقريباً معظم الأخبار والفعاليات عن الدكتور أحمد الطيب من وسائل الإعلام الرسمية في الإمارات، أو في الفعاليات حول التسامح والأديان التي أُقيمت في الدولة العام الماضي.

وبرزت تغطية ضعيفة لحضور “الطيب” في مؤتمر كازخستان في سبتمبر/أيلول الماضي (2022).

استغلال مؤسسة الأزهر

ولا تعود رفض الشيخ أحمد الطيب زيارة الإمارات إلى “الديانة الإبراهيمية” وحدها بل إلى مخاوف من استغلال أبوظبي لمؤسسة الأزهر، التي رفضت ضغوطاً عديدة أن تفتح فرعاً لها في الإمارات، وهو رفض من المؤسسة ومن السلطات المصرية أيضاً.

وحسب مصادر في الأزهر فإن الشيخ أحمد الطيب يعتقد أن الإمارات “أخذت وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها شيخ الأزهر أحمد الطيب وبابا الفاتيكان فرنسيس في أبوظبي2019، برعاية محمد بن زايد آل نهيان، في طريق مختلفة عن توجهات الإمام الأكبر”.

وأشارت إلى أن الإمارات “حاولت استخدامها لأغراض سياسية خاصة بها، وخصوصا في مسألة التقارب مع إسرائيل. حيث أنشأت، فيما بعد، اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، وتضم علماء دين وشخصيات في مجالات الثقافة والتعليم من الإمارات ومصر والولايات المتحدة”.

وتقول المصادر إن الأزهر والدكتور أحمد الطيب يعتقد أن أبوظبي “تحاول باستمرار استغلال مؤسسة الأزهر في دعم توجهاتها السياسية. وبدأ الأمر في هجومها على خصومها السياسيين من الإسلاميين في مصر ودول أخرى، ثم انتهى أخيراً إلى محاولة الزج به في تطبيع العلاقات مع الاحتلال الإسرائيلي، عبر وضع اسم الأزهر في أية جملة مفيدة مع إسرائيل”.

شعر الشيخ أحمد الطيب بالحرج من استخدام وثيقة الإخوة الإنسانية في التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وهو الداعم للمقاومة الفلسطينية الرافض للتطبيع مع الاحتلال “وتأكيده شرعية المقاومة الفلسطينية ضد قوات الاحتلال الإسرائيلي”.

وشن هجوماً قوياً على قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وإعلانه في خطاب رسمي رفضه مقابلة نائب الرئيس الأميركي آنذاك مايك بنس، احتجاجاً على قرار نقل السفارة إلى القدس.

ولم يتراجع “الطيب” عن رؤيته رفض “الديانة الإبراهيمية”، بل كان مصمماً على رفضها، وقال في خطابه بمؤتمر كازخستان في 14سبتمبر/أيلول 2022 لزعماء الأديان: إنني حين أدعو إلى أولية صنع السلام بين علماء الأديان ورموزها، فإنني لا أعني مطلقا الدعوة إلى إدماج الأديان في دين واحد. فمثل هذا النداء لا يقول به عاقل، ولا يقبله مؤمن أيا كان دينه. وأنا ممن يؤمنون بأن الاندماج فكرة مدمرة للأديان، ومجتثة لها من الجذور، وهي في أفضل أوصافها خيال عبثي غير قابل للتصور، فضلا عن التحقق، فقد قضى الله أنْ يجعل لكلٍّ شِرْعةً ومِنْهاجًا!!

وأضاف: ما اقصده هو الدعوة إلى العمل الجاد من أجل تعزيز المشترك الإنساني بين الأديان وبعث قيم التعارف والاحترام المتبادل بين الناس، لافتا إلى أن ما يقصده في هذا الأمر هو الدعوة إلى العمل الجاد من أجل تعزيز المشترك الإنساني بين الأديان وبعث قيم التعارف والاحترام المتبادل بين الناس.

وعلى الرغم من شيخ الأزهر لم يشر إلى “بيت العائلة الإبراهيمية” إلا أن الحديث كان حذر منها، وجاء ضداً لما تتبناه السياسة الإماراتية باعتبار الفكرة السياسية ملهمة لاستمرار التطبيع الإسرائيلي في المنطقة.

كان شيخ الأزهر قد رفض حضور أي افتتاح ل”بيت العائلة الإبراهيمية” الذي بدأ العمل عليه بعد توقيع وثيقة “الأخوة الإنسانية” وكان مقرراً افتتاحه في العام الجاري (2022).

لكن حسب تصريحات عبد الله بن زايد، وزير خارجية الدولة خلال زيارة “الاحتلال الإسرائيلي” فإن “البيت الإبراهيمي” سيفتح عام 2023. والذي يعتبره مسؤولو الاحتلال الإسرائيلي والمسؤولين في الإمارات أحد أوجه التطبيع الذي يرفضه الإماراتيون.

الإمارات كوكيل الدين الإبراهيمي في المنطقة

تعد الإمارات أبرز المتحمسين في المنطقة لفكرة الديانات الإبراهيمية كفكرة سياسية تدعو للإلحاد، وهي الفكر التي حذر منها الشيخ أحمد الطيب في مؤتمر كازخستان.

ففي أغسطس/آب 2013 أقرَّ جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي الأسبق ما عُرف “بالأرضية المشتركة بين الديانات الإبراهيمية”، وأقر بتأثير “الدين العالمي” في مواجهة التهديدات التي تلوح في الأفق في الولايات المتحدة.

علاوة على ذلك، أعلن جون كيري عن إنشاء مكتب المبادرات المجتمعية القائمة على الإيمان “White House Faith-Based & Community Initiative”، الذي يوجه الدبلوماسيين لإشراك القادة الروحيين والمجتمعات الدينية في العمل اليومي.

في عام (2019) أعلنت الإمارات “حلف الفضول العائلة الإبراهيمية” الجديد بعد اجتماعات عبدالله بن بيه رئيس مجلس الإفتاء الشرعي بالإمارات ورئيس “منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة” (تأسس عام 2014)، مع حاخامات يهود في واشنطن.

وفي عام (2020) شارك بن بيه في “ملتقى المبادرة الإبراهيمية” الذي نظمته الخارجية الأمريكية وقال بن بيه: “إن ميثاق حلف الفضول الجديد الذي أصَّلته العائلة الإبراهيمية في 2019 في أبوظبي يمكن أن يشكل مرجعية دينية قوية لهذه الانطلاقة الجديدة فهو ليس مجرّد مبادئ نظرية، لا فاعلية لها، وإنما يمكن ترجمته وبلورته في منهج عملي وبرنامج تطبيقي، يتنزّل في المدارس تعليماً للناس، وفي المعابد تعاليم للمؤمنين، وفي ساحات الصراع وميادين النزاع”.