يجمع مراقبون على أن النظام الإماراتي يسعى بشدة إلى التخلص من الأعباء الاقتصادية الضخمة لانخراطه الموسع بالصراعات الإقليمية، ومن ضمن ذلك تقاربه حاليا مع تركيا.
وتتحضر أبوظبي لمرحلة جديدة من العلاقات مع أنقرة من بوابة المصالح الاقتصادية المشتركة، وقراءة التحولات السياسية التي تشهدها المنطقة.
وسيدشن ذلك زيارة ولي عهد أبوظبي الحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد إلى أنقرة اليوم الأربعاء، للقاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بعد سنوات من الخلافات العميقة منذ بداية الثورات العربية.
وتخلل التوتر بين الإمارات وتركيا حملات سياسية وإعلامية متبادلة، ولا سيما خلال المحاولة الانقلابية الفاشلة التي شهدتها تركيا صيف عام 2016، وما عرفته الحرب الليبية من تجاذبات بين الطرفين.
ومع تعثر مسار الربيع العربي في كثير من الدول، والخضات الاقتصادية التي زادها تفشي وباء كورونا سوءاً، وبروز تقارب بين أطراف إقليمية، باتت الأجواء حاضرة لتقارب تركي إماراتي، عنوانه الأبرز راهناً الملف الاقتصادي، وخصوصاً مع مشروع طريق التجارة الذي يمر من الإمارات عبر إيران وصولاً إلى تركيا وأوروبا (المعروف بطريق الشارقة مرسين).
وتعكس رغبة البلدين بالتقارب حاجتهما إلى تعاون اقتصادي، أخذاً بعين الاعتبار الظروف في البلدين، بما في ذلك اقتراب موعد الانتخابات التركية في 2023 ورغبة أبوظبي في التخلص من الأعباء الاقتصادية للانخراط الموسع في الصراعات الإقليمية.
كما لا يمكن فصل التقارب بين البلدين عن التحولات في المنطقة التي تبعت وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض وتبريد الأجواء مع إيران ومساعيه لتهدئة التوترات في المنطقة.
ومع التوقعات أن ينعكس تحسن العلاقات بين البلدين على اقتصادهما بشكل مباشر، وأن يؤدي إلى خفض التوترات في المنطقة، إذ ينخرط الطرفان في أكثر من ساحة صراع، يبقى العنوان العريض للتقارب هو التعاون الاقتصادي، الذي سيتيح اختبار نوايا الطرفين ويمهد الطريق لاحقاً لترجمته إلى مستوى أفضل من العلاقات السياسية، في حال تحقيق أهداف البلدين منه.
وتعد زيارة محمد بن زايد إلى تركيا الأولى من نوعها خلال نحو 10 سنوات، وذلك لبحث “العلاقات الثنائية وقضايا إقليمية ودولية، تلبية لدعوة من أردوغان”.
وذكرت الإمارات أن محمد بن زايد سيبحث خلال الزيارة “العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون والعمل المشترك بين البلدين في مختلف المجالات بما يحقق مصالحهما المتبادلة”، كما ستتناول المباحثات “مجمل القضايا والمستجدات الإقليمية والدولية التي تهم البلدين”.
من جهته، أعلن مكتب دائرة الاتصال في الرئاسة التركية في بيان أن اللقاء سيعقد في العاصمة أنقرة، وسيتم خلاله بحث العلاقات الثنائية على كافة الأصعدة، والخطوات اللازمة لتطوير التعاون بين البلدين، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية، كما سيتبادل الطرفان وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية الحالية.
كذلك قالت قناة “a خبر” (a haber) المقربة من الحكومة التركية إن الزيارة يتصدرها الملف الاقتصادي، خصوصاً المشروع الإماراتي لطريق التجارة الذي يمر عبر إيران وصولاً إلى تركيا وأوروبا لتقصير مدة الطريق التجارية البالغة 20 يوماً إلى 6-8 أيام. كما أن الإمارات مهتمة بالصناعات الدفاعية التركية، فضلاً عن التعاون في الملف الصحي.