موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تفاصيل صادمة لتورط الإمارات بالتجسس على إعلاميين عرب

606

كشفت وكالة رويترز العالمية للأنباء أن دولة الإمارات استعانت بخبراء في التسلل الإلكتروني سبق أن عملوا في المخابرات الأميركية؛ للتجسس على هواتف شخصيات إعلامية عربية، على رأسها رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني وإعلاميون آخرون بالشبكة، وذلك منذ بدء الحصار على قطر منتصف العام 2017.

وبدأت القصة في يونيو/حزيران 2017 عندما قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها مع دولة قطر وفرضت عليها حصارا جويا وبحريا وبريا، عقب قرصنة موقع وحسابات وكالة الأنباء القطرية ونسبة أخبار كاذبة لها.

وفي الأسبوع نفسه، بدأ خبراء أميركيون كانوا عملاء سابقين للمخابرات الأميركية، لصالح مشروع “ريفين” السري الذي سبق أن أطلقته المخابرات الإماراتية عام 2009 للتجسس على منشقين ومعارضين ومتهمين بالإرهاب، حيث استهدف الخبراء هواتف آيفون خاصة بما لا يقل عن عشرة إعلاميين ومسؤولين في وسائل إعلامية.

ومن بين الشخصيات الإعلامية المستهدفة رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني، والإعلامي بالشبكة فيصل القاسم، إضافة إلى رئيس تحرير صحيفة “العرب” القطرية عبد الله العذبة، والإعلامية في هيئة الإذاعة البريطانية جيزيل خوري المقيمة في بيروت، ومدير تلفزيون “العربي” عبد الرحمن الشيال، والكاتب عزمي بشارة، وأحد المنتجين بقناة “الحوار”.

ونقلت رويترز عن خبراء شاركوا في مشروع “ريفين” أن الهدف كان العثور على أدلة تظهر أن حكومة قطر تؤثر على تغطية الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلام، وكشف أي علاقة بين الجزيرة وجماعة الإخوان المسلمين.

كما نقلت الوكالة عن الملحق الإعلامي بسفارة قطر في واشنطن جاسم بن منصور آل ثاني قوله إن “حكومة قطر لا تطلب أو تسأل أو تفرض على الجزيرة أي أجندة”، مضيفا أن قناة الجزيرة “تُعامل مثل أي وسيلة إعلام أخرى محترمة”.

وقال فيصل القاسم -بعدما أبلغته رويترز باختراق هاتفه- إنه لم يفاجأ باستهدافه من قِبل الإمارات التي اتهمها بأنها “رمز للفساد والسياسة القذرة”، مضيفا “باختصار، إنهم يخافون الحقيقة”.

أما العذبة فعلق قائلا إنه يعتقد أنه استهدف لأنه “مؤيد للربيع العربي منذ البداية”، ولأنه انتقد الإماراتيين مرارا على معارضتهم لهذا الحراك.

في المقابل، لم تحصل رويترز على أي تعليق من مسؤولين إماراتيين وأميركيين بشأن مشاركة عملاء أميركيين في هذا المشروع، بينما قالت سفيرة الولايات المتحدة السابقة لدى قطر دانا شل سميث إنها ترى من المقلق أن يعمل مسؤولون سابقون بالمخابرات الأميركية لصالح حكومة أخرى في استهداف حليف لواشنطن.

وأضافت “ينبغي ألا يُسمح لأشخاص يتمتعون بهذه المهارات بتقويض المصالح الأميركية، أو العمل بما يتنافى مع القيم الأميركية، سواء عن علم أو بدون علم”.

واستخدم خبراء التجسس في هجماتهم برنامج “كارما” الذي سمح لهم بالتسلل إلى هواتف آيفون بمجرد إدخال رقم الهاتف أو عنوان بريد إلكتروني للشخص المستهدف، ثم الوصول إلى جهات الاتصال والرسائل والصور وبيانات أخرى، ولكن دون القدرة على مراقبة المكالمات الهاتفية.

وكان تقرير لرويترز قد كشف في يناير/كانون الثاني الماضي عن مشروع “ريفين” ومحاولته اختراق هواتف عدة سياسيين في المنطقة، ومنهم أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ووزير الخارجية العماني يوسف بن علوي، ومحمد شيشمك نائب رئيس الوزراء التركي السابق، والناشطة اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام توكل كرمان، والأمير السعودي متعب بن عبد الله قبل اعتقاله في فندق الريتز.

وقبل سبعة أشهر من الآن، كشفت صحيفة “نيويورك تايمز” عن استخدام الإمارات برامج تجسس إسرائيلية تنتجها شركة “أن.أس.أو” لاختراق هواتف سياسيين آخرين، منهم أمير قطر.

إذ تم الكشف عن اختراق فريق من ضباط المخابرات الأميركية السابقين، الذين يعملون لحساب الإمارات العربية المتحدة، أجهزة آيفون الخاصة بنشطاء ودبلوماسيين وزعماء أجانب من خصوم الإمارات، وذلك بالاستعانة بأداة تجسس متطورة تسمى “كارما”.

وأظهرت تصريحات خمسة ضباط سابقين ووثائق برمجية أن تطبيق “كارما” سمح للإمارات بمراقبة مئات الأهداف بدءا من عام 2016، ومنهم أمير قطر ومسؤول تركي رفيع المستوى وناشطة يمنية في حقوق الإنسان حائزة على جائزة نوبل.

ويقول التقرير إن المحللة الاستخبارية في وكالة الأمن الوطني الأميركي لوري سترود التحقت بهذا المشروع، لتنضم إلى 12 خبيرا سابقا في الاستخبارات الأميركية يعملون في المشروع السري الإماراتي.

وتم التعاقد مع سترود في البداية من قبل متعاقد في مجال أمن الإنترنت في ميرلاند الأميركية، لمساعدة الإمارات على شن حملات قرصنة، ولكن في عام 2016 نقلت الإمارات المشروع إلى شركة الأمن المسماة “دارك ماتر” ومقرها أبو ظبي.

وبعد فترة، اكتشفت سترود أن أنشطة الشركة تتجاوز الخطوط الحمر بعد توجهها لاستهداف الزملاء الأميركيين، وتقول “أنا أعمل مع وكالة استخبارات أجنبية تستهدف الأميركيين، فأنا رسميا جاسوسة شريرة”، مما دفعها لترك المشروع.

وجرى استخدام “كارما” بواسطة وحدة للعمليات الإلكترونية في أبو ظبي، تضم مسؤولي أمن إماراتيين وضباطا سابقين بالمخابرات الأميركية يعملون متعاقدين لصالح أجهزة المخابرات الإماراتية.

ووصف الضباط السابقون -الذين عملوا في “المشروع ريفين”- كارما بأنها أداة قادرة على إتاحة الدخول عن بعد إلى أجهزة آيفون بمجرد تحميل أرقام الهواتف أو حسابات بريد إلكتروني على نظام استهداف آلي.

غير أن أداة التجسس لها حدود أيضا، إذ إنها لا تعمل على الأجهزة التي يشغلها نظام أندرويد، كما لا يمكنها اعتراض المكالمات الهاتفية.

وذكرت المصادر أن ما يجعل “كارما” أداة فائقة القدرة بشكل غير عادي هو أنها لا تحتاج إلى أن يضغط الهدف على رابط يتم إرساله إلى جهاز الآيفون، وذلك على خلاف كثير من الثغرات.

وبحسب رويترز، فقد جرى استخدام “كارما” في عامي 2016 و2017 للحصول على صور ورسائل بريد إلكتروني ورسائل نصية ومعلومات بشأن الموقع من أجهزة آيفون المستهدفة.

وساعدت هذه التقنية المتسللين أيضا على الحصول على كلمات سر محفوظة يمكن استخدامها في عمليات تسلل أخرى.

وليس واضحا إذا كانت تقنية التسلل بواسطة “كارما” لا تزال مستخدمة. وقال الضباط السابقون إنه بحلول نهاية عام 2017، أدخلت آبل تحديثات أمنية على برمجياتها جعلت “كارما” أقل فاعلية بكثير.

ويقول مسؤولون مخضرمون في مجال الحرب الإلكترونية إن الطلب يزداد بشكل كبير على أدوات مثل “كارما”، التي يمكن أن تخترق مئات من أجهزة آيفون في وقت واحد لتستولي على بيانات تتعلق بالموقع أو الصور أو الرسائل النصية.

وقال مايكل دانيال مسؤول الأمن الإلكتروني في البيت الأبيض في عهد الرئيس السابق باراك أوباما إن هناك نحو عشر دول فقط يعتقد أنها قادرة على تطوير مثل تلك الأسلحة، منها روسيا والصين والولايات المتحدة وأقرب حلفائها.

وذكر باتريك واردل، الباحث السابق لدى وكالة الأمن الوطني والخبير الأمني لدى آبل؛ إن “كارما” وأدوات مشابهة تجعل الأجهزة الشخصية مثل آيفون “أسهل الأهداف”.

وقالت المصادر التي كانت مطلعة على مشروع “ريفين” إن “كارما” سمح للضباط بجمع معلومات بشأن عشرات الأهداف من النشطاء المعارضين للحكومة إلى الخصوم في المنطقة، ومنهم قطر وجماعة الإخوان المسلمين.

وبحسب رويترز، فإنه في عام 2017 -على سبيل المثال- استخدم “كارما” لاختراق هاتف آيفون يستخدمه أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وكذلك أجهزة يستخدمها محمد شيمشك النائب السابق لرئيس الوزراء في تركيا، ويوسف بن علوي بن عبد الله الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية في سلطنة عمان.

واخترق فريق “ريفين” أيضا هاتف توكل كرمان، الناشطة في مجال حقوق الإنسان الملقبة “بالمرأة الحديدية” في اليمن.

وقالت كرمان لرويترز إنها تلقت على مدى سنوات إخطارات متكررة من حسابات على وسائل التواصل الاجتماعي تحذرها من أنه جرى اختراق حساباتها. لكنها أضافت أن حقيقة مساعدة أميركيين للحكومة الإماراتية على مراقبتها كانت صادمة.

وأضافت أن المتوقع من الأميركيين “دعم حماية المدافعين عن حقوق الإنسان وتوفير كل سبل ووسائل الحماية والأمن.. لا أن يكونوا أداة في أيدي الأنظمة المستبدة للتجسس على النشطاء وتمكينها من قمع شعوبها”.