موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإعلام البريطاني يصعد حملته ضد الإمارات.. قوانينها قمعية تقيد الحريات

284

نشرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” تقريرا ضد الإمارات جديدا تنتقد فيها بشدة قوانين الدولة وتصفها بأنها قمعية تقيد الحريات.

وأبرزت بي بي سي في تقريرها أن نائب رئيس الإمارات حاكم دبي محمد بن راشد روج للإمارة بوصفها مدينة براقة، يأتيها الناس من شتى بقاع العالم من أجل عقد الصفقات التجارية، ومكان يعد الأفضل للاستجمام في المنطقة العربية.

وقالت “لكن بالنسبة للإماراتيات، تعد القوانين والأنظمة السارية محددة لحرياتهن إلى حد كبير”.

وأشارت إلى حالة الشيخة لطيفة وهي واحدة من 25 من أبناء وبنات محمد بن راشد.

وظهرت إلى العلن تفاصيل مثيرة حول اختطاف الشيخة لطيفة واحتجازها في ظروف تحيط بها السرية.

وقد مضت أشهر عديدة لم تسمع فيها تينا جاوهانين أي خبر عن صديقتها الشيخة لطيفة.

وكانت لطيفة – التي تخضع للاحتجاز في دبي بعد محاولتها الهرب – على اتصال بتينا لوقت طويل باستخدام هاتف سري.

ولكن الاتصالات انقطعت بشكل مفاجئ.

في المناسبة الأخيرة التي التقت فيها تينا بلطيفة، كانتا على ظهر يخت تتطلعان إلى النجوم في الليل عندما كانتا تبحران في المحيط الهندي.

كان ذلك في شباط / فبراير 2018، وكانتا قد قررتا المضي قدما في خطة محفوفة بالمخاطر لإخراج لطيفة من دبي من أجل أن تتمكن من بدء حياة جديدة في الخارج.

قالت الشيخة لطيفة في شريط مصور سجلته قبل هربها “لا يُسمح لي بقيادة السيارة، ولا يُسمح لي بالسفر أو مغادرة دبي بالمرة”.

وأضافت “لم أغادر البلاد منذ عام 2000. طلبتُ كثيرا أن يُسمح لي بالسفر للدراسة ولعمل أي شيء عادي. لم يسمحوا لي بذلك. أريد أن أغادر هذا البلد”.

وتحدثت الشيخة لطيفة بسعادة بادية عما سيحدث لها في المستقبل.

وقالت “أتطلع بإيجابية إلى المستقبل. لا أعلم كيف سأشعر عندما أستيقظ في الصباح وأفكر بما بإمكاني أن أفعل هذا اليوم. أنا أتطلع إلى ذلك بالفعل”.

منعت الشيخة لطيفة من استخدام جواز سفرها، وكانت تخضع للمراقبة، ولذلك قررت الهرب مع تينا من دبي والتوجه إلى الساحل العماني.

وقد استغرق توجههما إلى المياه الدولية وقتا طويلا حيث استقلتا زورقا وزلاجات نفاثة.

ولكن بحلول المساء، تمكنتا من الوصول إلى اليخت الذي كان من المفروض أن يوصلهما إلى الحرية.

وقالت الشيخة لطيفة في رسالة بعثت بها إلى صديقة لها عبر موقع فيسبوك “أنا حرة”.

كانت الاثنتان تخططان أن تهربا بحرا عبر المحيط الهندي، ومن ثم التوجه إلى الولايات المتحدة حيث يمكن للطيفة أن تطلب حق اللجوء السياسي.

ولكن بعد ثمانية أيام، وعندما كانتا تقتربان من السواحل الهندية، تقوضت خطة الهروب بشكل مروع.

فقد صعد رجال مسلحون إلى ظهر اليخت.

واختبأت الصديقتان في مرحاض ولكن المسلحين استخدموا قنابل الغاز لإجبارهما على الصعود إلى ظهر اليخت.

وقالت تينا “كانت لطيفة تصرخ وتركل، وكانت تقول “لا تعيدونني إلى الإمارات. اقتلوني هنا”.

وكانت تلك هي المرة الأخيرة التي شاهدن فيها صديقتها.

وفي تسجيلات مصورة نشرت في الفترة الأخيرة، تروي الشيخة لطيفة بالتفصيل حادثة اقتحام اليخت.

“كنتُ أقاوم، وجاء شخص يحمل كيسا صغيرا، استخرج منه إبرة غرزها في ذراعي”.

وتقول الشيخة لطيفة إنها نُقلت لاحقا إلى سفينة حربية هندية.

وقالت “حملني رجال القوات الخاصة عبر ممر إلى غرفة كبيرة، وكان أمامي فيها أربعة أو خمسة من الجنرالات”.

“كررت لهم اسمي: اسمي لطيفة آل مكتوم”.

“لا أريد العودة إلى دبي، أريد الحصول على حق اللجوء. كنت في المياه الدولية، وعليكم إطلاق سراحي”.

ولكن طلباتها ذهبت أدراج الرياح، وتقول إن أحد عناصر القوات الخاصة الإماراتية أمسك بها.

وقالت، “أمسك بي، ورفعني إلى الأعلى. كنت أقاومه وأركله. كان أكبر حجما مني بكثير، ولكني لاحظتٌ أن ذراعه كانت مكشوفة. كانت تلك فرصتي الوحيدة. لقد عضضته بكل ما أوتيت من قوة، وهززت رأسي، بينما بدأ الصراخ”.

وتقول إنها خدرت وأعيدت جوا إلى دبي.

وقالت “شعرتُ آنذاك بحزن عميق، فكل ما عملت من أجله لنيل حريتي قد تبخر. وأنا هنا منذ ذلك الحين، لوحدي، في سجن انفرادي. لا أتمكن من الحصول على أي رعاية طبية أو أي محاكمة أو أي شيء آخر”.

أعيدت تينا إلى الإمارات بمعية طاقم اليخت الآخرين، حيث احتجزت مدة أسبوعين.

بعد ذلك، بدأت في رواية قصتها للإعلام الدولي. وأسست حملة “حرروا لطيفة” ورفعت قضيتها إلى الأمم المتحدة.

ولكن مع مرور الأشهر، لم تسمع أي شيء من لطيفة.

إلا أنه في يوم في أوائل عام 2019، وعندما كانت تقوم بزيارة أسرتها في فنلندا، استلمت رسالة من شخص لا تعرفه.

كان عليها أولا الإجابة على أسئلة لإثبات شخصيتها.

كانت تينا قد دربت لطيفة قبل عدة سنوات على فن (الكابويرا)، أحد فنون القتال البرازيلية.

كان الغريب يريد أن يعرف لقب لطيفة في دروس الكابويرا.

وبعد وقت قصير تمكنت تينا من التحدث مع الشيخة لطيفة مباشرة.

“عندما سمعت صوتها للمرة الأولى، أجهشت بالبكاء. لم تكن لي حيلة. كان الموقف عاطفيا جدا”.

أصبح بإمكان لطيفة تسجيل أشرطة مصورة، وما كشفت عنه تلك الأشرطة كان صادما فعلا.

ففي واحد من التسجيلات، تظهر الشيخة، والتي يبلغ عمرها الآن 35 عاما، وهي تختبئ في زاوية في حمامها الخاص، وهي تتحدث بصوت خافت.

“أسجل هذا الفيديو من الحمام، لأن هذه هي الغرفة الوحيدة التي أتمكن من اغلاقها. أنا رهينة، ولست حرة. أنا محتجزة في هذا السجن، وحياتي ليست في يديّ”.

وكانت لطيفة، التي بدت شاحبة ومنتفخة، قد قضت سنوات ثلاث تحت الاحتجاز دون التمكن من رؤية ضوء الشمس.

وقالت، “أنا موجودة في فيلا، ولكن هذه الفيلا حوّلت إلى سجن. فكل الشبابيك مغلقة، وهناك خمسة من رجال الشرطة في الخارج واثنتان من الشرطيات يوجدان داخل الفيلا. لا أتمكن حتى من الخروج لاستنشاق الهواء الطلق”.

تقع الفيلا على مسافة أمتار قليلة فقط من الشاطئ، في حي راق من أحياء دبي.

يقول المدير التنفيذي لمنظمة هيومان رايتس ووتش لحقوق الإنسان، كين روث، في هذا الصدد، “يجب علينا ألا نعتقد بأن هذا المعتقل جيد لمجرد أنه فيلا”.

وأضاف “هذه السيدة مسجونة، وهي في سجن انفرادي. إن السجن الانفرادي من هذا الشكل يعد عموما شكلا من أشكال التعذيب خصوصا إذا استمر لهذه الفترة الطويلة”.

الخوف باد في الأشرطة التي نشرتها الشيخة لطيفة، فصوتها كان يبدو عليه الخوف والتوجس.

وتقول “أشعر كل يوم بالقلق والخوف على حياتي وسلامتي. لست متأكدة من تمكني من الخروج من هذا الموقف. هددتني الشرطة بأني قد أسجن طيلة حياتي ولن أشاهد أشعة الشمس أبدا. ولذا فلست في أمان هنا”.

ولكن رغم المخاطر المترتبة على استخدامها لهاتف سري، بدأت في رواية قصتها المثيرة بشكل مفصل وهادئ.

وقالت، “الأمر بسيط بالنسبة لي. هل أنا حرة أم لا؟ حسنا، العالم سيعلم بأني لست حرة. أي شخص يهتم بحالتي يعلم بأني لست حرة. لذا، جيدا، سيعلم العالم بأني لست حرة وأني لن أتماشى مع دعايتهم. هذه هي شخصيتي”.

وقال محمد بن راشد من جانبه إنه يعتبر عملية إعادة الشيخة لطيفة إلى دبي بأنها “عملية إنقاذ”.

وفي كانون الأول / ديسمبر 2018، وبعد اختفاء لطيفة لنحو 9 شهور، كانت دولة الإمارات تتعرض لضغوط كبيرة.

إذ طالبتها الأمم المتحدة بإثبات بأن الشيخة ما زالت على قيد الحياة وخلاف ذلك ستضطر بأن تعلن بأنها ربما ماتت.

زارت الأميرة هيا بنت الحسين، زوجة الشيخ محمد، لطيفة، ودعتها هيا إلى تناول وجبة الغداء.

وتقول لطيفة في أحد تسجيلاتها، “قالت لي إن الموضوع سيشبه نوعا من الامتحان، للتأكد من رد فعلي لوجود عدد كبير من الحاضرين بعد مكوثي في السجن لفترة طويلة”.

وقالت، “إذا تصرفتِ بشكل لائق، وكانت ردودك مقبولة، سيطلق سراحك بعد أيام”.

ولكن لطيفة لم تكن تعلم آنئذ بأن هيا كانت قد خدعت هي الأخرى.

فقد قيل لها إن لطيفة مصابة بالاضطراب ثنائي القطب – وإنها كانت معرضة للاستغلال من طرف ثالث.

ومن أجل الإثبات بأن لطيفة في وضع جيد، اتصلت الأميرة هيا بصديقتها ميري روبينسون، المفوضة العليا السابقة لحقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة.

وفي الـ 15 من كانون الأول / ديسمبر 2018، توجهت روبينسون إلى دبي حيث قالت إن هيا ومساعديها أحاطوها علما “بالحالة المرضية” المزعومة التي كانت تعاني منها لطيفة.

ووافقت روبينسون على المساعدة على الاتصال بالأمم المتحدة.

لم تحط لطيفة بهذه التطورات، وأثناء تناول وجبة الغداء، نوقشت مواضيع شتى كالبيئة والقفز المظلي الحر والكتاب الذي كانت روبينسون توشك على إصداره.

“تقول لطيفة، “لم نتطرق إلى وضعي بالمرة. لم نناقش حالتي أبدا”.

ولم يكن لديها أي علم بأن روبينسون كانت قد عملت كمفوضة أممية لحقوق الإنسان.

وقالت ميري روبينسون لنا إنها لم تستجوب لطيفة حول الأشرطة المسجلة أو حول هروبها، ولم تطلب منها أن تجتمع بها وجها لوجه.

وقالت “لم أكن أعرف كيفية التعامل مع شخص مصاب بالاضطراب ثنائي القطب. لم أرغب في التحدث معها وزيادة آلامها خصوصا خلال غداء لطيف”.

ولكن روبينسون سمحت للمصورين بالتقاط صور للطيفة التي وافقت بإيصالها إلى الأمم المتحدة.

وتقول روبينسون إنها كانت تعتقد بأن هذه الصور هي صور شخصية، ولذا فإنها صُدمت عندما نشرتها السلطات الإماراتية للعالم بهد تسعة أيام.

وأعيدت لطيفة، عقب ذلك الغداء، إلى سجنها في الفيلا. وقالت “كان الأمر مدبرا، بدا وكأنهم قد خدعوني”.

ولم يتغير أي شيء بالنسبة للشيخة المفقودة.

ولكن حصل تطور مثير بالنسبة لزوجة أبيها الأميرة هيا.

تقول روبينسون “بعد فترة ليست بالطويلة، استلمت مكالمة من هيا قالت فيها “يا ميري، أنا موجودة في لندن، لقد وصلت إلى لندن بصحبة طفليّ. لقد جئنا إلى هنا بالملابس التي نرتديها فقط لأني كنت خائفة. كنا على خطأ. فقد اكتشفت الكثير”.

وقالت الأميرة هيا في وقت لاحق إن محمد بن راشد لم يكن راضيا عن اهتمامها بلطيفة، وإنه أصبح أكثر عدائية تجاهها.

وبحلول شهر نيسان / أبريل 2019، تقول إن وضعها وموقعها في دبي لم يعد آمنا.

ولذا وفي 15 نيسان / أبريل 2019، قررت الهرب إلى بريطانيا.

بعد أن واجه بن راشد هرب واحدة من زوجاته واثنتين من بناته، شرع في رفع دعوى قضائية أمام المحكمة العليا في بريطانيا يطالب فيها بإعادة ابنتيه إلى دبي.

ولكنه لم يكن يعلم بما يخفي القضاء له.

ففي شهر آذار / مارس 2020، كشف قرار أصدرته المحكمة العليا عن تفاصيل أخرى حول معاملته لبناته الكبريات.

فقبل 18 سنة، كانت ابنته الثانية، واسمها شمسة، قد اختطفت في بريطانيا وأعيدت قسرا إلى دبي، وهي سجينة هناك منذ ذلك الحين.

وكشف قرار المحكمة التفاصيل كاملة للمرة الأولى للكيفية التي تمكن فيها عملاء الشيخ محمد من تعقب شمسة إلى مسكنها في بلدة كمبريج وأعادوها إلى دبي.

كما توصل قاضي المحكمة العليا إلى أن الأميرة هيا تعرضت للتهديد، وأن الشيخة لطيفة قد اختطفت وسجنت، وأن بن راشد لم يتعامل بأمانة وصدق مع المحكمة.

كان ذلك انفراجا بالنسبة لتينا، التي قالت، “أعتقد بأن ذلك (الحكم) سيؤدي إلى إطلاق سراحها بشكل سريع”.

ولكن لمرة أخرى، لم يتغير الكثير بالنسبة للطيفة في سجنها في دبي.

تقول تينا “ماذا علينا عمله من أجل إطلاق سراحها؟ إن الأمر محزن جدا”.

كانت لطيفة، المحتجزة لوحدها في فيلاتها في دبي، تتابع تطورات القضية أولا بأول وتحرص على الاتصال يوميا بصديقتها تينا وابن خالتها (خالة تينا) ماركوس المقيم في بريطانيا وبأحد مؤسسي حملة “حرروا لطيفة” ديفيد هاي.

وتحولت المحادثات المصورة المقتضبة بينهم إلى نقاشات مطولة.

ويقول ماركوس، “كان الهاتف يعني الكثير، فقد كان عبارة عن حبل نجاة”.

في ذلك الوقت، كانت لطيفة في السنة الثالثة في السجن الانفرادي.

“ويقول ماركوس، “كان كل يوم يمثل صراعا بالنسبة لها، وكان يمكنك أن تستدل على ذلك من نبرتها. كنت أعلم أنها متعبة وأن صحتها لم تكن على أحسن ما يرام”.

ولكن، وفي يوم ما، انقطعت الاتصالات بطريقة لم تقل دراماتيكية عن اليوم الذي استؤنفت فيه.

والآن، وبعد مضي عدة شهور، قرر كل من تينا وديفيد وماركوس نشر بعض من تسجيلات لطيفة أملا في أن يضغط ذلك على الشيخ محمد من أجل إطلاق سراحها.

وتقول تينا “لم نتوصل إلى هذا القرار بشكل يسير، فقد فكرنا مليا بالأمر”.

“ولكن آن الأوان لفعل شيء ما. أشعر بأنها تريد منا أن نكافح من أجلها وألا نستسلم”.

وتشعر تينا بقلق عميق إزاء مصير صديقتها.

وتقول “اعتقدت مبدئيا بأنها كانت تعاني من مشاكل مع هاتفها، كنت آمل بأنها ستظهر ثانية. لم أكن أريد أن اعتقد بأنها ستختفي”.

ولكن، وبعد فترة، تبين لها أن لطيفة لن تعود.

وتقول “نحن قلقون جدا على حالتها، فإذا قبض عليها وهي تستخدم الهاتف، فستزداد حالتها سوءا بالتأكيد.”