موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

حروب الإمارات الخارجية: نشر للفوضى وتداعيات هائلة على اقتصاد الدولة

104

يصر النظام الحاكم في دولة الإمارات على مواصلة شن حروبه الخارجية ضمن مؤامرات نشر الفوضى والتخريب في وقت يتكبد فيه اقتصاد الدولة تداعيات هائلة.

ووسط أزمة تفشي وباء فيروس كورونا، ومخاوف الدخول في كساد عالمي كما حدث في الثلاثينيات، تدفع الإمارات نفسها نحو استمرار تمويل الحروب الخاسرة في منطقة الشرق الأوسط وتعزيز الثقوب السوداء التي تبتلع المال العام، في وقت هي بأمس الحاجة للمال لمعالجة المخاطر المحدقة بمستقبل الدولة القريب مع توقف الاقتصاد بسبب كورونا.

يتهدد الإمارات أزمة اقتصادية كبيرة جداً، ستفوق معها حجم الخسائر التي حدثت في الأزمة الأخيرة في عام 2008، هي أزمة ستجتاح العالم وستدفع دولاً فقيرة إلى الإفلاس ودول كثيرة إلى تأثر كبير في اقتصادها. ومع ذلك تستمر الدولة في دفع مليارات الدولارات في حروب خاسرة على طول الشرق الأوسط وشمال وشرق أفريقيا.

أُثبتت الأزمة الأخيرة أن التعويل على النفط لمواجهة الخسائر وتمويل الحروب الخارجية، سيء وأن معظم قطاعات الاقتصاد تعتمد عليها. لذلك فإن الدرس المستفاد ككل الدروس السابقة التي تغض السلطات الطرف عنها وتفشل في التوجه لها وهو تطوير الاقتصاد غير النفطي والذهاب نحو الاكتفاء الذاتي والحصول على الأمن الغذائي بحيث لا نتعرض للمجاعة مع توقف سلاسل التوريد.

تحتاج الإمارات إلى أكثر بكثير من مسألة دعم أجزاء الاقتصاد، ووقف الحروب الخاسرة في جميع الدول الأخرى، وردم الثقوب السوداء التي تبتلع المال العام، إنها تحتاج إلى نظام مراقبة شعبي يعتمد على برلمان مكتمل الصلاحيات يتم انتخاب كل أعضاءه من كل أبناء الشعب.

نظام مراقبة يعمل بجد لمراقبة القرارات والنفقات، ويجعل الشعب شريكاً في صناعة القرار كما هو شريك في محنة الجائحة وتداعياتها التي ستمتد طويلاً على الأرجح ولن تسلم منها الإمارات.

يأتي ذلك فيما صرح وزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية فتحي باشاغا أن دولة الإمارات “سبب الكوارث في ليبيا كلها، وإنها تريد استمرار الفوضى فيها إلى ما لانهاية”.

وشدد على أن دولة الإمارات “صارت خطراً قومياً على ليبيا ولن ينتهي خطرها إلا بالقضاء على أذرعها، لأنها لا تريد أن تغير سياستها تجاه ليبيا”، مشيراً إلى أن أبوظبي “زدوت حفتر بأكثر من 20 منظومة سلاح جوي نوع بانسر”، معتبراً أنها منظومات قد تهدد الطيران المدني.

وتابع “الإمارات مشروعها هو الفوضى في ليبيا وتريد الاستمرار في ذلك ولديها هدف في ضرب الاقتصاد الليبي”.

وعن آثار الإمدادات التي تقدمها الإمارات لحفتر، أكد الوزير أن مليشيات حفتر قصفت أحياء العاصمة بـ”أكثر من 30 صاروخاً اليوم”، مشيراً إلى أن حفتر لا يزال يستعين بمرتزقة فاغنر الروس أغلبهم تمولهم أبو ظبي.

ودعا الوزير باشاغا إلى إدراك أن الإمارات تضر ليبيا عن طريق دعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر بالسلاح وتأمين العقود العسكرية له، وأشار إلى أن هناك العديد من الطائرات التي تأتي من سوريا وتحضر السلاح إلى مطار بنغازي شرقي ليبيا لدعم قوات حفتر.

وتشن ميليشيات حفتر بدعم إماراتي منذ أوائل أبريل/نيسان 2019 هجوما على طرابلس بهدف السيطرة عليها بعدما وضعت يدها على كامل الشرق الليبي وعلى جزء كبير من جنوب البلاد، إلا أن قوات الوفاق تصدت لها واستطاعت في الأسابيع القليلة الماضية الانتقال من الدفاع عن العاصمة للهجوم على معاقل قوات حفتر في الساحل الغربي للبلاد، واستعادت السيطرة على مدن إستراتيجية في تلك المنطقة.

وفي اليمن يبدو الوضع أكثر تعقيدا، إذ تدفع التطورات الأخية إلى مزيد من التعقيد على الصعد السياسية والميدانية والإنسانية كافة، وذلك في ضوء تضارب الأجندات المحلية والإقليمية، وعجز الحكومة الشرعية عن الانعطاف، ولو نسبيا، بالقرار الوطني بعيدا عن وصاية التحالف، وتفاقمِ الانقسامات بين مكوناتها، ما ينذر بغياب أي أفقٍ للحل السياسي على المدى القريب.

بعد خمسة أعوام على التدخل العسكري للتحالف السعودي الإماراتي في اليمن، تبدو الحصيلة كارثية بكل المقاييس.

وإذا كانت مسوّغات هذا التدخل قد بدت، حينها، وجيهةً في سياق الرد على الانقلاب الذي نفذه الحوثيون على حكومة الرئيس منصور عبد ربه هادي في سبتمبر/ أيلول 2014، فإن ارتفاع الكلفة الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية للحرب على اليمن، وتوظيفَ السعودية هذه الحرب في صراعها مع إيران، وضعفَ الحكومة اليمنية، ذلك كله سحب بساط الشرعية المفترضة لهذا التدخل الذي فقد كل مبرراته السياسية والأخلاقية.

وإذا كان التقـاءُ مصالح السعودية والإمارات يعود، في جانب كبير منه، إلى رغبتهما في الإبقاء على اليمن ممزّقـا، وهو ما يتيح لهما إدارة تناقضات المعادلة اليمنية وفق مخططهما القاضي باجتثاث شأفـة الثورات العربية وضرب مصادر فاعليتها، فإن تشعب الأزمة ونجاح الحوثيين في الانعراج بها، في الشمال تحديدا، نحو حرب استنزاف طويلة ومكلفة، جعلا الدولتين تدركان أن حسم الحرب لصالح أجندتيْهما أضحى غير ممكن، إن لم يكن مستحيلا، أمام الإرباك الذي صار يسبّبه تعدّد الأطراف المحلية المتدخلة في الصراع، وبالأخص في محافظات الجنوب.

ولا شك أن البنية التقليدية للاجتماع اليمني وسطوةَ الانقسامات العمودية العصبوية (قبلية، جهوية..) أسهمتا في إرباك حسابات التحالف السعودي الإماراتي، وتغذية صراع النفوذ، غير المعلن، بين الرياض وأبو ظبي، بعد أن أصبح تغيير ولاءات اللاعبين المحليين مصدرا رئيسيا لهذا الصراع.

وعلى الرغم من أن الإمارات تعترف بالنفوذ السعودي في المحافظات الشمالية لأسباب جغرافية وتاريخية، إلا أنها لا تبدو مستعدّة لذلك في المحافظات الجنوبية التي تمثل، بالنسبة لها، امتدادا حيويا ومختبرا مفتوحا لتجريب فاعلية أدوارها داخل محور الثورة المضادة.

وقد جاءت الأحداث في جزيرة سقطرى أخيرا لتكشف جزءا من هذا الصراع، فحين يلوح قادة المجلس الانتقالي الجنوبي بخيار الحرب، فذلك يعني أن هناك إصرارا، من المجلس (والإمارات طبعا) على إخراج السعودية من المعادلة الجنوبية، كما يعني، أيضا، أن المجلس يسعى إلى حشد الدعم الدولي لمشروع الانفصال في ضوء رسالته إلى سفراء الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن لدى اليمن.

وبذلك يصبّ الوضع في الجنوب في مصلحة الإمارات، المؤيدة لمشروع الانفصال، ويمنحها هامشا لتدوير نفوذها. ولكنه يُربك حسابات السعودية، ويجعل موقفها غير واضح بشأن تحرّكات المجلس الانتقالي، سيما في ظل عجزها عن تنزيل مقتضيات اتفاق الرياض المبرم بين الحكومة اليمنية والمجلس في نوفمبر/ تشرين الثاني المنصرم، وإخفاقِها المتواصل أمام الحوثيين في الشمال.

ما يحدث في اليمن مثالٌ صارخٌ على مساحة العبث الواسعة في السياسة العربية، فعلى الرغم من التكاليف الباهظة التي دفعتها، ولا تزال، الأطراف المحلية والإقليمية المشاركة في الحرب، وتفكّك النسيج المجتمعي والأهلي في اليمن وتدمير بنيته التحتية، والتفشّي المستمر لفيروس كورونـا في العالم، إلا أن ذلك كله لا يبدو أنه يشكل مسوغا سياسيا وأخلاقيا لإنهاء معاناة الشعب اليمني.