موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل: الإمارات تصر على تفخيخ مساعي حل الأزمة الخليجية

154

يصر النظام الحاكم في دولة الإمارات على مواصلة وضع العراقيل وتفخيخ مساعي حل الأزمة الخليجية المستمرة منذ سنوات على الرغم من الدعوات الدولية والجهود الأمريكية المبذولة بهذا السياق.

وشكلت تصريحات السفير الإماراتي في الولايات المتحدة يوسف العتيبة دليلا أخر على تعنت النظام الإماراتي وإصراره على استمرار شق الصف الخليجي في مواجهة استمرار الجهود الأمريكية لإنهاء الأزمة.

وصرح العتيبة خلال مشاركته في لقاء لمعهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي في واشنطن، بأن بلاده تستبعد انفراجا في الأزمة الخليجية، إذا لم تراجع دولة قطر مواقفها حسب قوله.

وقال العتيبة خلال اللقاء الذي أداره المدير التنفيذي للمعهد الجنرال عاموس يادلين، وهو الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، “لا أعتقد أن الأزمة مع قطر ستحل قريبا في ظل عدم مراجعة الدوحة لمواقفها”.

وتابع في هذا السياق: “عندما تقطع 4 دول مهمة علاقاتها مع دولة بحجم قطر، وتذكر الأسباب والمطالب وما يزعجنا، على القطريين أن يسألوا أنفسهم: لماذا حصل ذلك، وما تسبب به، ولماذا كل هذه الدول منزعجة منا”؟

وأشار السفير الإماراتي في واشنطن إلى أن عملية المراجعة لم تحصل، واتهم قطر بمواصلة “لعب دور الضحية والادعاء بأنها تتعرض للتنمر، ولكنها لم تعالج الأسباب الجذرية للمشكلة، وبانتظار تحقيق ذلك لا أعتقد أن الأزمة في طريقها للحل”.

وجاءت تصريحات السفير الإماراتي بعد أيام من حث المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالتدابير القسرية الأحادية وحقوق الإنسان، ألينا دوهان، المملكة العربية السعودية والإمارات ومملكة البحرين ومصر على السحب الفوري لجميع العقوبات والإجراءات التي فرضتها ضد دولة قطر، منذ يونيو/ حزيران 2017.

كما جاءت بعد تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي روبرت أوبرايان بأن إدارة الرئيس دونالد ترامب تعمل حالياً على رفع الحصار الخليجي على قطر، مضيفاً أن هناك “إمكانية” لحل الأزمة الخليجية.

وقال أوبرايان: “أود أن أرى ذلك الأمر يتم -لو انتهى الأمر بمغادرتنا البيت الأبيض- خلال الأيام المتبقية لنا في الرئاسة، وأعتقد أن هناك إمكانية بالفعل لأن يحدث ذلك”، بحسب موقع The Hill التابع للكونغرس الأمريكي.

وتصريحات أوبرايان ليست الأولى المتعلقة بذلك الملف، بل هي تأكيد على نفس نغمة التفاؤل التي تحدّث بها مسؤولون آخرون في إدارة ترامب، وتصبّ تلك المحاولات في إطار سعي الإدارة لإنهاء الأزمة الخليجية، بغرض تقوية الجبهة المضادة لإيران في المنطقة.

ولفت أوبرايان إلى أن “التناغم بين دول الخليج سيفتح الباب أمام المزيد من اتفاقات السلام مع إسرائيل، وسيخلق فرصاً اقتصادية حقيقية في الشرق الأوسط وفي بقية مناطق العالمين العربي والإسلامي”.

ورغم انشغال ترامب حالياً بمحاولة البقاء في البيت الأبيض لفترة ثانية، وإصراره على أنه الفائز في الانتخابات، بحسب تغريدة له مساء الإثنين، 16 نوفمبر/تشرين الثاني، قال فيها نصاً “لقد فزت بالانتخابات”، تأتي تصريحات مستشار الأمن القومي بشأن إنهاء الحصار الخليجي على قطر خلال الفترة المتبقية لترامب في ولايته الأولى، لتطرح التساؤل حول دوافع ترامب لجعل هذه القضية في قمة أولوياته.

فمن المعلوم أن الدعم غير المشروط الذي قدّمه ترامب لحكومات السعودية والإمارات ومصر كان السبب الأساسي وراء سياساتها العدوانية في المنطقة، بحسب تقرير لموقع Responsiblestatecraft الأمريكي، فلماذا يريد إنهاء الأزمة الخليجية قبل مغادرته البيت الأبيض؟

والقصة هنا تتعلق بالسنوات الأربع الماضية منذ وصول ترامب للرئاسة، والتي رأى فيها ولي عهد السعودية وولي عهد أبوظبي والرئيس المصري فرصة فريدة لاتباع سياسات مندفعة، كان من المستحيل اتّباعها في وجود الإدارات التي سبقت ترامب، سواء كانت جمهورية أو ديمقراطية، والآن مع انتخاب جو بايدن أصبح السؤال الأكبر يتعلق بالخطوات التي قد تتخذها إدارته لكبح جماح الطموحات الإقليمية لتلك الأنظمة.

وبالإضافة لملفات التدخل العسكري السعودي-الإماراتي في اليمن، والتورط في الأزمة الليبية، يأتي ملف حصار قطر على قمة أولويات إدارة بايدن الجديدة، حيث إن نجاح الإدارة الجديدة في حل الأزمة الخليجية يمثل نجاحاً سريعاً للسياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة، ويعيد ترتيب أوراق البيت الخليجي بصورة تخدم مصالح مجلس التعاون الخليجي والمصالح الأمريكية على حد سواء.

وهذا بالطبع ليس غائباً عن ترامب، الذي قالت تقارير إنه يفكر بالفعل في الترشح للرئاسة عام 2024، وبالتالي فإنه يريد أن يتم حل الأزمة الخليجية قبل مغادرته البيت الأبيض، خصوصاً أن الأمور العالقة في الملف، بحسب التقارير الإعلامية، تكاد تكون انتهت بالفعل، وهو ما يعني أن حل الأزمة بات مسألة وقت فقط، ولا يريد ترامب أن يحقق بايدن انتصاراً في السياسة الخارجية خلال المئة يوم الأولى في ولايته، ليصبح تفجر الأزمة ضمن إرث ترامب وحلها ضمن إرث بايدن.

وقياساً على الأزمة الخليجية الأولى، في مارس/آذار-نوفمبر/تشرين الثاني 2014، حينما سحبت السعودية والإمارات والبحرين سفراءها من الدوحة، بسبب مزاعم تدخُّل قطر في شؤونها الداخلية، نجد أن بايدن الذي كان نائباً للرئيس باراك أوباما وقتها قد لعب دوراً هاماً لمنع الأزمة من التفاقم، عن طريق التوازن في التعامل مع أطرافها، بحسب ما قاله بين رودز، الذي كان نائباً لمستشار الأمن القومي وقتها.

لكن حدث العكس تماماً مع وصول ترامب للبيت الأبيض، فبعد زيارته للسعودية في مايو/أيار 2017، تفجرت الأزمة الحالية بفرض الدول العربية حصاراً على قطر، ساندته إدارة ترامب لفترة قصيرة للغاية، قبل أن تدرك خطورته، وتحاول حل الأزمة دون جدوى حتى الآن.

ويرى كثير من المراقبين الآن أن واشنطن يجب أن تمارس ضغوطاً أقوى على السعودية والإمارات والبحرين ومصر لإنهاء الحصار، حتى لو وصل الأمر للتهديد بتعطيل أو تأجيل مبيعات الأسلحة الأمريكية، حتى تُنهي تلك الدول أزمتها مع قطر، وهذا ما عبّر عنه كريستوفر هانتر، الباحث في مجلس الأطلسي: “يجب أن تكون أولى خطوات إدارة بايدن في الشرق الأوسط هي مطالبة السعودية بشكل معلن بإنهاء الحصار فوراً، وأن يصاحب ذلك نية مناقشة الحصار في مجلس الأمن إذا لزم الأمر”.

ويقول هانتر إن ذلك التحرك يجب أن يكون في إطار استعادة أوسع لحكم القانون الدولي على المسرح العالمي، وفي العلاقات بين الدول، بعد أن شهدت فترة ترامب غياباً للطرق الديمقراطية والدبلوماسية، وفرضاً لأساليب الأنظمة القمعية والسلطوية دون قلق من المساءلة.

وأعلنت السعودية والإمارات والبحرين ومصر في 5 يونيو/ حزيران 2017، عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر، وحظرت الدول الأربع الطائرات المسجلة في قطر، وبالتالي منعت الخطوط الجوية القطرية، من الهبوط في أراضيها أو المرور عبر مجالها الجوي وعلقت الدول الأربع أيضاً الخدمات البريدية مع قطر.

بالإضافة إلى ذلك، نفذت الدول الأربع سلسلة من الإجراءات الانفرادية المنسقة ضد قطر، بما في ذلك إغلاق حدودها البرية، وموانئها الجوية والبحرية، وأجوائها أمام القطريين.

وفي الأسابيع التي أعقبت فرض الدول الأربع للعقوبات، نشرت الدول مجموعة من ثلاثة عشر مطلباً وستة مبادئ، واتخذت موقفاً مفاده أنه يتعين على قطر الموافقة على هذه المطالب بالكامل قبل أن تناقش الدول رفع  التدابير، حالة لا تزال سارية حتى يومنا هذا، وكذلك التدابير نفسها.

وشملت المطالب مطالبة قطر بإغلاق قناة الجزيرة وغيرها من وسائل الإعلام القطرية، ووقف العلاقات الدبلوماسية مع إيران والتعاون العسكري مع تركيا، والخضوع لعمليات تدقيق لمدة عشر سنوات لمراقبة امتثال قطر للمطالب، وهذه المطالب، التي تتعدى على الحريات الأساسية، تمت إدانتها على المستوى الدولي من قبل مؤسسات حقوق الإنسان والكيانات ذات الصلة بحرية وسائل الإعلام، بما في ذلك عدد من المقررين الخاصين للأمم المتحدة وهيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية.