موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقق: لا مكان لحقوق الإنسان في سياسات الإمارات الخارجية

180

يكرس النظام الحاكم في دولة الإمارات نهجه القائم على خدمة مؤامراته وتدخلاته العدوانية في رسم سياساته الخارجية وهو أمر يتجلى بوضوح في سوريا وعلاقاته التطبيع التي يعززها سرا وعلانية مع نظام مجرم الحرب بشار الأسد.

لا مكان لحقوق الإنسان والمبادئ مطلقا هو أبرز عناوين سياسات النظام الإماراتي، إذ تجاهل ولا يزال على مدار سنوات مأساة الشعب السوري جراء بطش نظام الأسد وأقام العلاقات الأمنية والاقتصادية المتقدمة جدا مع دمشق.

ويقول موقع responsible statecraft الأمريكي إن علاقات الإمارات مع نظام الأسد غامضة وأشبه ما تكون بعلاقتها بإسرائيل، الغاطس فيها أكثر من الظاهر، لكن في النهاية تصب في صالح مؤامرات أبوظبي دون أي اعتبار للشعب السوري.

ويعتبر الموقع الأمريكي أنه عندما بدأ النظام السوري في إعادة فرض سيطرته على المناطق المختلفة في البلاد، كان على الحكومات العربية أن تختار بين سياستين سائدتين: موقف روسي يؤيد ويحثّ على التعامل مع دمشق، وموقف أمريكي ممتنع يدعو إلى مقاطعة النظام السوري وفرض عقوبات عليه.

وضمن هذين الموقفين المهيمنين على التعامل مع سوريا، كانت هناك ثلاثة دوافع تحكُم تدخلَّ الحكومات العربية. الأول هو انعدام الثقة المشترك تجاه الإسلاميين في بلادهم، وهو الدافع الذي تشاركت فيه الإمارات والسعودية والجزائر ومصر.

ويتألف الدافع الثاني من العوامل الجيوسياسية التي تخضع لها السياسات الخارجية، وأبرزها التأثير الإيراني في لبنان والعراق. والثالث هو الهدف المتمثل في إضعاف النفوذ الإيراني في سوريا وإحداث شقاق بين دمشق وطهران، وهو موقف دعت إليه بالأساس السعودية والبحرين.

وأشار الموقع إلى إعادة الإمارات نهاية عام 2018، فتح سفارتها في دمشق، ودعمت في الوقت ذاته قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد ضمن حملة مضادة موجهة مباشرةً إلى تركيا التي تعتبر القوات الكردية السورية قوات إرهابية.

ولاحقا عمد النظام الإماراتي بحسب الموقع الأمريكي إلى تعزيز علاقاته مع نظام بشار الأسد لخدمة ودعم حليفه الأخير مجرم الحرب في ليبيا خليفة حفتر.

إذ تم برعاية أبو ظبي إعادة فتح السفارة الليبية في دمشق، بعد أن ظلت مغلقة منذ عام 2012، وعادت إلى العمل في 3 مارس/آذار، لكن دون تواصل مع حكومة الوفاق الوطني الليبية في طرابلس المعترف بها دوليا.

وتردد أن أبوظبي رعت زيارة سرية لحفتر إلى دمشق وهو ما أفضى إلى اتفاق بين الجانبين على التعاون والتنسيق في ارتكاب المزيد من الجرائم بحق الشعبين السوري والليبي.

وكان ولي عهد أبو ظبي الحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد استغل أزمة فيروس كورونا المستجد ليجري اتصالا هاتفيا هو التواصل العلني الأول منذ عام 2011 مع بشار الأسد.

ويجمع مراقبون على أنه ليس عجيباً ولا غريباً ولا مفاجئاً اتصال محمد بن زايد ببشار الأسد. علما أن بز ايد ولا أركان السلطة الإماراتية عموماً، لم يكونوا راغبين يوماً لا بإزاحة النظام السوري، ولا بإصلاحه، حتى منذ اندلاع الثورة.

حفلات الغزل المتبادلة بين آل الأسد وآل نهيان قبل 2011، والتي تشتدّ حرارتها كلما عدنا إلى الوراء، زمن أوسمة حافظ لزايد والعكس بالعكس، تقدّم عينة عن كيف ينظر حاكم كل من البلدين إلى نظيره، ولا تغيّر الشتائم الموسمية العادية شيئاً في “العلاقات المميزة”.

لم يعادى حكام أبوظبي القتلة القابعين في دمشق لأسباب عقائدية ولا على خلفيات مصلحية، رغم أن معاداة نظام الأسد ليست قيمة في حد ذاتها تُحتسب في رصيد صاحب العداء، فما أكثر هؤلاء الذين سمّوا نفسهم “أصدقاء الشعب السوري” وهم في ميزان الحقارة والقمع والدموية والتسلط والظلامية ينافسون الأسدين الأب والابن، وإن كانت تلك المنافسة شديدة العُسر، نظراً إلى ما بلغه حكّام قصر المهاجرين.

لكن للإمارات تاريخاً خاصاً مع التقيّة التي جعلتها يوماً ما عضواً من دون ضجة في صفوف نادي “الأصدقاء” هؤلاء. عضو كان مبادراً في ممارسة كل أصناف السياسات الضارة بحق الشعب السوري خصوصاً: يهتفون باسم السوريين، ثم يحجبون تأشيرات الدخول لآلاف منهم منذ السنوات الأولى من عمر الثورة، ويعتقلون مئات منهم، ثم يأتي دور توظيف سوريين في عداوات أبو ظبي لأنقرة وللدوحة لخدمة أجندة روسيا خصوصاً (هل تذكرون أحمد العودة وتسليم المناطق لروسيا في درعا؟) ويحوّلون من تيسّر من بين السوريين أيضاً، مبكراً، إلى مرتزقة لديهم، وصولاً إلى رعاية إعادة الأسد ونظامه إلى حضن النظام الرسمي العربي في مقر جامعة الدول، فيُعاد افتتاح السفارات العربية في دمشق، وإرسال عمر البشير في زيارته الأخيرة إلى الشام قبل التوجه إلى السجن، ويا للمفارقة.

لم تنضم الإمارات إلى نادي “أصدقاء الشعب السوري” إلا مجبرةً، عندما كان هناك قرار أميركي بإضعاف النظام السوري إلى الحد الأقصى، في انتظار ظهور بديل سوري “مقبول” من صفوف المعارضة، تصبح معه إطاحة نظام الأسد ذات معنى سياسي يضمن مصالح واشنطن وحلفائها في الإقليم.

هكذا انضمت الإمارات إلى مناهضي النظام السوري، ودفعت ما عليها من أموال، وسايرت بذلك أيضاً الهوى السعودي في الانتقام من الإهانة الشخصية التي وجهها بشار الأسد لمسؤولين عرب بعد حرب تموز/يوليو 2006 عندما وصفهم بـ”أنصاف الرجال”.

لكن رحلة الكذب الإماراتية في ادعاء العداء للنظام السوري كانت قصيرة جداً، حتى إنها، على قصر مدتها، طالت أكثر مما يفترضه المنطق.

فالمنطق يضع كلّاً من حُكام أبوظبي ودمشق في خانة أعز الأصدقاء؛ هم واحد في نظرتهم الى الحرية كتخريب، والمواطنين كعبيد أو موتى، والديمقراطية كحكم الغوغاء و”الإسلام الجيد” ذاك الذي يحصر وظيفته بخدمة السلطان واختراع الفتاوى غب الطلب لما يناسبه، وإلا يكون إرهاباً.

أما الهيمنة الإيرانية في سورية واحتمال أن تشكّل عثرة في طريق دمشق ــ أبوظبي، ففي هذا الكثير من الوهم: ألم تكن الإمارات سبّاقة في مصالحة (إن افترضنا أصلاً وجود خلاف) إيران من بوابة حرب اليمن؟ أليست الإمارات الشريك التجاري الأكبر لإيران من بين دول مجلس التعاون الخليجي؟.

وما هو المفاجئ في اتصال بن زايد بالأسد، بينما العلاقات الأمنية بين البلدين لم تنقطع يوماً؟ اسألوا علي المملوك وصِلة الوصل المصرية بين البلدين، عباس كامل. أين الغرابة في الاتصال، بينما الإمارات أعادت افتتاح سفارتها في دمشق (وجرّت معها بعض التابعين) منذ 2018؟

كان النظام السوري ولا يزال مصدر اطمئنان لبلد مثل الإمارات، وإن اضطر مرغماً أن يساير الرغبة الأميركية مؤقتاً. أما وقد اختفى الضغط الأميركي، فلم يعد يبقى إلا انتظار نهاية الموجة الحالية من كورونا، لكي يزور بشار الأسد أبوظبي، ويرد له محمد بن زايد وسام الاستحقاق من الدرجة الممتازة الذي سبق أن سلمه حافظ الأسد لزايد آل نهيان في دمشق ذات يوم من عام 1973.