موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

عمال وافدون إلى الإمارات يفتقرون لحماية الصحة والسلامة من حر الصيف

657

يفتقر عمال وافدون إلى الإمارات إلى الحماية الكافية للصحة والسلامة من رطوبة وحر الصيف الشديدين في المنطقة بحسب ما أكدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الدولية.

وأبرزت المنظمة في تقرير لها، أن التعرض للحرارة الشديدة يُشكّل خطرا صحيا شديدا. يمكنها التسبب بطفح حراري، أو تشنجات، أو إجهاد حراري، أو ضربة شمس، والتي قد تكون قاتلة أو لها عواقب تستمر مدى الحياة.

وبحسب المنظمة يتعرض العمال في الهواء الطلق، من ضمنهم العاملين في قطاعي البناء والزراعة، لهذه المخاطر بشكل غير متناسب.

كنقطة بداية، أكدت المنظمة أنه ينبغي لجميع دول الخليج لاسيما الإمارات تبنّي وتطبيق “مؤشر الحرارة لجهاز البُصيلة الرّطبة الكرويّة” (WBGT) (المؤشر) كمعيار لفرض قيود على العمل خلال فترات الحر القائظ، وإعمال تدابير السلامة والصحة المهنية لحماية العمال، وإلغاء نظام الكفالة المسيء الذي يمنح أصحاب العمل سلطة غير متناسبة.

قال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “رغم الأدلة العلمية الكبيرة على الأثر الصحي المُهلك للتعرض للحرارة الشديدة، يتسبب عدم الحماية التي تقدمها الإمارات في تعرض ملايين العمال الوافدين لمخاطر جسيمة، بما يشمل الوفاة”.

وأضاف “ينبغي لدول الخليج إعطاء الأولوية لوضع استراتيجية شاملة لمعالجة الإجهاد الحراري المهني، وينبغي للمنظمات الدولية التي تدّعي الدفاع عن حقوق العمال الدولية التحدث عن هذه القضية”.

بين 2021 و2023، قابلت هيومن رايتس ووتش 90 عاملا وافدا من بنغلاديش، والهند، وكينيا، ونيبال، حول قضايا الحرارة والسلامة الصحية في ثلاث دول خليجية: قطر والسعودية والإمارات.

مع أن جميع العمال في الخليج يواجهون مخاطر التعرض للحرارة الشديدة، إلا أن العمال الوافدين هم الذين يتعرضون عمليا في غالبيتهم العظمى لظروف العمل الأخطر في المنطقة.

وجد الباحثون احتمال إصابة العمال بحالات صحية خطيرة ومزمنة جرّاء التعرض للحرارة الشديدة. لم يتمكن العمال من التعافي بالقدر الكافي من الحرارة، جزئيا لعدم وجود أماكن راحة كافية وأماكن إقامة مكيفة، كما أنه لا يُسمح دائما للعمال بالعمل بوتيرة آمنة. غالبا ما تُؤدي ظروف العمل هذه مجتمعة إلى عواقب وخيمة، منها الوفيات المرتبطة بالحرارة.

قد يصل متوسط درجات الحرارة في الخليج خلال أشهر الصيف إلى 40 درجة مئوية (104 درجات فهرنهايت) وقد تصل درجة الحرارة إلى 55 درجة مئوية عند رطوبة نسبتها 80%.

تحظر جميع دول الخليج العمل في منتصف النهار في الصيف حيث يحظر على أصحاب العمل مواصلة العمل في الهواء الطلق خلال أوقات وأشهر محددة مسبقا.

وجدت دراسات متعددة ركزت على مخاطر التعرض للحرارة في دول الخليج علاقة قوية بين الإجهاد الحراري والوفيات بسبب مشاكل القلب والأوعية الدموية.

وأشارت إلى وجود ارتفاع في مخاطر الوفيات في الأيام الحارة جدا، مع تعرض العمال الوافدين لها بشكل غير متناسب.

تتجاوز مخاطر الحرارة بشكل كبير الحماية التي توفرها ساعات حظر العمل صيفا في دول الخليج للعمال، ومنهم العمال الوافدون، حيث تحدث ظروف الحرارة الشديدة غالبا خارج أشهر الحظر وخلال ساعات الصباح والمساء في أشهر الصيف.

قال عائد من الإمارات: “رغم أن الشركة لم تجبرنا على العمل خلال فترة العصر صيفا، بقي الناس يمرضون ويفقدون وعيهم في الصباح الباكر، بين الساعة 10 صباحا و12 ظهرا”.

وأضاف آخر: “[حتى] في غير هذه الساعات الثلاث … يبقى الهواء حارا كاللهب”.

تتقاعس حكومة الإمارات في إنفاذها لتدابير الحماية ضد الحرارة غير الكافية الموجودة لديها.

قال عدة عمال إن شركاتهم تمتثل لساعات الحظر في الصيف وتخشى من زيارات التفتيش التي تجريها السلطات، لكن ينتهك أغلبها القواعد جزئيا أو كليا.

وذكر عائد من الإمارات: ” أحيانا يجبرنا صاحب العمل على مواصلة العمل سرا [خلال ساعات الحظر الصيفية]. في هذه الحالات، كنا نوزع بعض العمال للحراسة في حال قدوم شخص من الحكومة أو إدارة التفتيش”.

أعرب عمال وافدون أيضا عن قلقهم بشأن الصعوبات في محاولة نيل الراحة وشرب السوائل والتعافي، جرّاء تحدي الشركات في كثير من الأحيان اللوائح أو المعايير أو المبادئ التوجيهية المتعلقة بالسلامة والصحة المهنية.

بينما توفر بعض الشركات غرف استراحة مكيفة أثناء فترات الراحة أو تسمح للعمال بالراحة في مساكنهم، يمتنع أصحاب عمل آخرون عن ذلك.

قال عاملا بناء طرق في الإمارات إنهما صنعا هيكلا مؤقتا لهما باستخدام قماش مشمع وقضبان. يؤثر غياب مناطق التبريد أيضا على ما يتناوله العمال من طعام وماء، وهو أمر بالغ الأهمية للعمال الذين يقومون بأعمال شاقة في الهواء الطلق.

وذكر عامل مقيم في الإمارات: “كنا نحضر وجبات مطبوخة منزليا معنا في أكياس بلاستيكية، لكنها كانت تفسد غالبا بسبب الحرارة ونضطر إلى رميها”.

رغم أهمية شرب السوائل، كان العمال يضطرون إلى الحصول على مياههم من الأماكن العامة، كالمساجد، أو شرائها.

قال أحد العمال: “وضعت [الشركة] برميل ماء في الموقع، فأصبح ساخنا بسرعة كبيرة. لم يروِ الماء الساخن عطشنا”. وفرت شركات أخرى محطات تبريد مياه مع مسحوق الإلكتروليت والليمون والملح.

قال عمال وافدون أيضا إن ترتيبات تنقلهم وإقامتهم أثّرت في قدرتهم على التعافي من التعرض للحرارة الشديدة خلال يوم العمل.

قال عامل بناء في الإمارات: “أنتهي من العمل في الساعة 5 عصرا، لكن عليّ انتظار قدوم حافلة الشركة في الساعة 7 مساء، بالتالي أصل المخيم في الساعة 9 ليلا… و[عندما أنام] يكون الوقت قارب منتصف الليل، لأستيقظ في الساعة 4:30 فجر اليوم التالي. لا أشعر بالراحة الكافية”.

وقال آخر إن المناوبات الليلية ما تزال تشكل مخاطر على الصحة والسلامة رغم أن الطقس أبرد نسبيا، لكنه يبقى رطبا. قال “لا يمكن للنوم نهارا أن يعوّض النوم الجيد ليلا، لذلك أشعر دائما بالتعب”.

واجه العمال عدة مشاكل صحية، منها نزيف الأنف، وآلام الصدر، والحمى، والدوخة، والجفاف، وآلام المعدة، والغثيان، والقيء، والطفح الجلدي، والتهابات المسالك البولية التي يعتقدون أنها مرتبطة بالعمل في درجات الحرارة الشديدة.