موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

مركز دراسات: الإمارات تصادر الحق في كشف الانتهاكات

231

أبرز مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” سياسة الإمارات القمعية التي وصلت حد مصادرة حق الإماراتي في كشف الانتهاكات المرتكبة بحقه.

وقال المركز إن القوانين تشُرع من أجل إعطاء أفضلية للعدالة بالاحتكام إليها، لكن في الدولة الاستبدادية حيث يوجد حُكم الفرد فإن القوانين تستخدم في السخرية من العدالة. و”العدالة” هي ميزان الدول والحضارات من حيث التقدم والانهيار.

وذكر أنه في الإمارات يبدو أن القوانين سيئة السمعة تسخر من “العدالة” وتقوّضها، يتضح ذلك من الحُكم الصادر على الناشطتين الإماراتيتين “مريم البلوشي” و”أمينة العبدولي” بالسجن ثلاث سنوات بتهمة “نشر معلومات تخل بالنظام العام”.

وأصدرت محكمة الاستئناف الاتحادية في أبوظبي في 28 أبريل/نيسان الماضي حكمها بالسجن على الناشطتين، المعتقلتين منذ 2015م وانتهت أحكام سجنهن العام الماضي “خمس سنوات بسبب اتهامات سياسية بدعم الإرهاب لإرسال أموال للنازحين في سوريا”.

وفي 30 يوليو/تموز 2019 تم توجيه تهم جديدة لأمينة العبدولي ومريم البلوشي بسبب تسليط الضوء على معاناتهم داخل السجن بكشف حجم الانتهاكات من تعذيب وإهمال طبي تتعرضان له. وعرضتا على النيابة العامة لأمن الدولة ووجهت إليهما تهم جديدة، وهي: “تسريب معلومات خاطئة تؤثر على سمعة الإمارات وسجن الوثبة بشكل سلبي والتسبب في مشاكل بين الدول.

قانون العقوبات وسلوك نفي العدالة

أجرت الإمارات تعديلات على قانون العقوبات -القانون الذي بموجبه تم الحُكم على الناشطتين- واجهت انتقادات واسعة من المنظمات الدولية، باعتبار مواد القانون فضفاضة ويمكن استخدامها في مصادرة حقوق المواطنين والمقيمين، ويجعل السلطات هي التي تحدد المُتهم وهي التي تصدر الأحكام.

تقول المادة (197-مكرر) في القانون: يعاقب بالسجن المؤقت كل من استعمل أية وسيلة من وسائل الاتصال أو تقنية المعلومات، أو أية وسيلة أخرى في نشر معلومات أو أخبار أو التحريض على أفعال من شأنها تعريض أمن الدولة للخطر أو المساس بالنظام العام.

هذه المادة-التي أُضيفت في تعديلات 2016م بموجب قرار حكومي- تشير بالسجن المؤقت وهو بين ثلاث سنوات و15 سنة.

وهي إذ تعتبرها “جناية” فإنها توضح أن أي معلومات أو أخبار حتى لو كانت حقيقية وذات مصداقية، وليس معلومات كاذبة فهي تعرض أمن الدولة للخطر وتمسّ وتخل بالنظام العام! والتقدير هنا ليس للقاضي بل للأجهزة الأمنية في اعتبار الدرجة التي يخل بها نشر معلومة على نظام الدولة العام.

وفي انتقاد عام 2017 للقانون قال المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان إن سلطات الدولة تعمّدت صياغة مواد التجريم والعقاب بشكل عام وفضفاض من أجل التمكن بسهولة من ملاحقة الناشطين السياسيين والحقوقيين والمدونين وحبسهم لمدد طويلة.

وأضاف أن السلطات تتحكّم في جهاز النيابة العامة وفي القضاء الإماراتي، تسمية ونقلاً وتأجيرا وعزلا، وهو ما مكنّها من سجن مدونين وناشطين حقوقيين وسياسيين من أجل تدوينات وتغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن اعتقلهم جهاز أمن الدولة تعسفيا وأخفاهم قسريا وأخضع البعض منهم للتعذيب وسوء المعاملة.

مطلع العام الحالي أصدر فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي بياناً قال فيه إن “العبدولي والبلوشي” محتجزتان بشكل تعسفي. وطالب سلطات الإمارات بالإفراج عنهما فورًا.

وقال البيان: نشعر بالقلق البالغ من أن العبدولي والبلوشي في حالة صحية سيئة للغاية، إذ رصد حرمانهما من الرعاية الطبية الكافية بما في ذلك في الفترة التي أعقبت إضرابهما عن الطعام في ظل ظروف الاعتقال غير الصحية والتعرّض لسوء المعاملة، فضلا عن الحرمان من التواصل مع العائلة بسبب الحبس الانفرادي”.

إخفاء الانتهاكات باستخدام القانون

إن الحُكم الصادر على الناشطتين الإماراتيتين يؤكد أن السلطات تسعى لإخفاء جرائمها في السجون الرسمية والعامة باستخدام القانون والقضاء، وهي ضمن محاولات متعددة لطمس الحقائق وإخفاء الجرائم.

هذا السلوك الذي يقوم به جهاز الأمن لا يستهدف “العدالة” فقط بل يدفع المجرمين إلى المضي قُدماً في جرائمهم وتصعيدها ضد الإماراتيين، فالقانون يحميّ مرتكب الجريمة ويُدين الضحايا، وهو طريق خَطر يوضح مستقبل الإمارات وإشاعة الخوف فيها.

القانون -إضافة إلى القانونين مكافحة الإرهاب والجرائم الالكترونية- يعتبر تهديد للإماراتيين -المعتقلين وأهاليهم على وجه الخصوص- بتعريضهم للمساءلة القانونية إذا ما حاولوا حتى التضامن مع أهلهم وأقاربهم الموجودين في السجون، أو انتقاد سلوك أو فِعل لجهاز أمن الدولة في مؤسساتهم ودوائرهم أو الحديث في الشأن العام للدولة.

وهو ما جعل الإماراتيين يفرضون رقابة ذاتية على أنفسهم. وإصدار الأحكام السياسية الجديدة على الناشطتين هي رسالة يعزز المخاوف لدى المجتمع ليزيد من فرض تلك الرقابة الذاتية حتى لا يتعرض المنتقد للسجن.

في كل الحالات من الصعب على سلطات الدولة استخدام التهديد بالسجن لإخفاء المعلومات في عصر التكنولوجيا والانترنت، إذ أن المعلومات مصيرها أن تكشف.

وفي نفس الوقت فإن مرتكبي الجرائم حتى لو تمكنت السلطات في منع تسرّب ما ارتكبوه بحق المواطنين والمقيمين في السجون إلا أنهم سيخضعون للعدالة، هذا ما يؤكده التاريخ.

كانت العدالة -وحتى المنطق- تُجبر القضاء على التحقيق في المعلومات التي قدمتها “مريم” و”أمينة” للتحقق منها. لكن القضاء يخضع لسيطرة جهاز الأمن والسلطة التنفيذية التي تعيّن القاضي وتعزله وتقوم بترقيته، والقوانين تمت صياغتها لإدانة الضحية، وتبرأة الجلادين الذين يرتكبون الانتهاكات دون خوف من قانون يردعهم.