موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

مليشيات الإمارات تتقدم جنوب ليبيا في مسعى لتقويض سلطة الحكومة المعترف بها دوليا

342

وسّع اللواء الليبي خليفة حفتر الذي يتزعم مليشيات الإمارات المسلحة في ليبيا نطاق سيطرته في الجنوب منذ إطلاق حملته العسكرية منتصف الشهر الماضي، في مسعى لتقويض سلطة الحكومة المعترف بها دوليا في البلاد.

ويأتي استمرار تقدم مليشيات حفتر  في ظل غياب أي موقف لحكومة الوفاق في الفترة الأخيرة، بعدما كانت قد أعلنت مطلع الشهر الحالي إرسال قوات إلى الجنوب، وتعيين الفريق علي كنه آمراً لمنطقة سبها العسكرية، غير أن قواتها اختفت أمام حملة حفتر، كما غاب كنه عن الأنظار، ليبقى تحرك الحكومة مقتصراً على ضغوط سياسية دولية بهدف الحد من سيطرة حفتر على مواقع النفط.

وتثير حملة حفتر جنوباً مخاوف من أن تكون مقدمة لعمليته المقبلة باتجاه الغرب الليبي، وتحديداً العاصمة طرابلس، والتي ستكون محل مواجهة حقيقية مع حكومة الوفاق، التي لم تنجح حتى الآن في بسط سلطتها على العاصمة، في ظل استمرار الخلافات مع مجموعة من المليشيات الرافضة للخضوع لسلطة الحكومة.

وعاد وزير الداخلية فتحي باشاغا لمهاجمة هذه المليشيات، محمّلاً إياها المسؤولية عن ضعف الوضع الأمني في العاصمة، فيما كشفت مصادر لـ”العربي الجديد”، عن حصول الحكومة على وعود أميركية بمساعدتها في ضبط الأمن في طرابلس وتحييد أطراف دولية تقدّم الدعم لهذه المليشيات المتمردة.

وهاجم وزير الداخلية المليشيات في طرابلس، معتبراً في مؤتمر صحافي، أنها سبب رئيس في فشل تنفيذ خطة الترتيبات الأمنية للسيطرة على الأوضاع في العاصمة، والتي أعلنتها الحكومة في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بالتنسيق مع البعثة الأممية في ليبيا.

ولفت باشاغا إلى أن هذه المليشيات “تستعمل شعار وزارة الداخلية من دون الالتزام بالخضوع والامتثال لقواعد القانون ومعايير الانضباط والمهنية، مستخدمة ما لديها من قوة لإرهاب الدولة والمسؤولين والمواطنين لممارسة السطوة والنفوذ وفي بعض الأحيان تنفيذ أجندات بعض المسؤولين والسياسيين”، مشدداً على أنها “لن تكون جزءاً من العمل الأمني بأي حال من الأحوال، لأنها فقدت أهم الشروط القانونية ومعايير الانضباط والسلوك القويم”.

لكن تطوراً مهماً آخر برز قد تكون له انعكاسات كبيرة على الوضع في طرابلس، إذ أن وزير الداخلية حصل على وعود أميركية بمساعدته في ضبط الأمن في طرابلس وتحييد أطراف دولية تقدّم الدعم لهذه المليشيات، ومن بينها قائد كتيبة ثوار طرابلس، هيثم التاجوري، المعروف بعلاقته بدولة الإمارات.

وكانت الوزارة قد أعلنت، في نشرات متتالية على صفحتها الرسمية، عن لقاء باشاغا بعدد من مسؤولي الحكومة الأميركية، من بينهم كبار مسؤولي البنتاغون، خلال زيارته الأسبوع الماضي إلى الولايات المتحدة.

وقالت مصادر مقربة من الوزارة الليبية إن الدعوة التي تلقاها باشاغا من الجانب الأميركي لزيارة واشنطن، تؤشر إلى رغبة أميركية في التعاون معه بجدية، وذلك ما برز في إصرارها على تقويض سلطة المليشيات، ما سيمنح الوزير الكثير من القوة للتحرك بحرية، مشيرة إلى أن مسؤولاً أميركياً بارزاً التقى، الأربعاء، في العاصمة تونس، كلاً من هيثم التاجوري، قائد قوة الردع الخاصة، وعبد الرؤوف كاره.

ورجحت المصادر أن تكون للقاء علاقة بمساعي الوزير للحد من سلطة المليشيات، مؤكدة أن خطط باشاغا المقبلة ستكون معلنة بشأن قبول أفراد المليشيات بالانخراط في دورات تدريبية احترافية في المجال الأمني والشرطي ضمن مدة زمنية محددة بالتزامن مع خطط لوزارة العمل، والتأهيل لتسهيل انخراط أفراد آخرين في مجالات العمل المدني وتجريدهم من السلاح بعد عدة إجراءات، من بينها قطع مرتبات ومزايا مالية يحصل عليها مسلحو المليشيات.

وبينت المصادر أن الخطة التي عاد وزير الداخلية وهو يحملها معه من واشنطن، تتضمن إجراءات أخرى، من بينها المجاهرة بالأمن من خلال إعادة فتح مراكز الشرطة والشرطة القضائية والحرس البلدي والبحث الجنائي ومديرية الأمن التي ستعلن عن إشرافها على تأمين مواقع حيوية واستراتيجية في العاصمة، بالتزامن مع الإبقاء مؤقتاً على سيطرة بعض المليشيات الملتزمة نسبياً بإجراءات الوزارة في مقارها في بعض المعسكرات بمحيط طرابلس كقوة تابعة لوزارة الدفاع بالحكومة تشكل طوقاً أمنياً دفاعياً عن العاصمة.

يُذكر أن الصراع بين المليشيات ووزارة الداخلية، اندلع إثر قرار للوزارة بتكليف اللواء السابع، في ترهونة، بتأمين محيط مطار طرابلس القديم، وهو القرار الذي أزعج أبرز أربع مليشيات تسيطر على طرابلس، وهي “قوة الردع الخاصة” و”كتيبة ثوار طرابلس” و”كتيبة النواصي” و”قوة الردع والتدخّل السريع”، والتي أعلنت إثر تمكّنها من طرد اللواء السابع من طرابلس منتصف الشهر الماضي، عن تشكيل جسم مسلح عرف بـ”قوة حماية طرابلس”، أعلن أكثر من مرة تمرده على الحكومة بعدم اعترافها بقراراتها.

وفي وقت تبدو فيه الحكومة منهمكة بالوضع في العاصمة ومحاولة السيطرة عليه، يواصل اللواء خليفة حفتر تمدده في الجنوب.

وفي آخر التطورات الميدانية، أكد المتحدث باسم قيادة قوات حفتر، العميد أحمد المسماري، سيطرة هذه القوات كلياً على منطقة مرزق (140 كيلومتراً جنوب سبها)، مشيراً إلى أن ذلك يعني السيطرة على كامل مناطق حوض مرزق، وهي تراغن وأم الأرانب ومرزق.

وأكد المسماري، في مؤتمر صحافي ليل الأربعاء، أن فصائل من قوات حفتر لا تزال تطارد مجموعات مسلحة في الصحراء بعدما فرت من مرزق، واصفاً تلك المجموعات بـ”الإرهابية والمرتزقة التشادية”، لافتاً إلى أن كامل المطارات والحقول النفطية في الجنوب باتت في قبضة قوات حفتر.

كما لم يفت المسماري الحديث عن القطاع القبلي وموقفه من قوات حفتر، مؤكداً أن القبائل ومنها الطوارق، باتت تؤيد عمليته في الجنوب، وأنها تساعده في مطاردة المسلحين الذين وصفهم بـ”العصابات المرتزقة”.

وجاءت تصريحات المسماري بالتزامن مع بث فيديو يظهر قادة من قوات حفتر، على رأسها اللواء عبد السلام الحاسي، قائد هذه القوات في الجنوب، يقوم بزيارة إلى حقل الشرارة النفطي، أكبر حقول النفط في الجنوب، في إشارة لسيطرة حفتر على الحقل.

ووفق شهود عيان من مرزق، فإن مدينة مرزق تشهد عمليات تمشيط ومداهمات واسعة بحثاً عن عناصر موالية للمسلحين المعارضين لحفتر.

وبحسب أحد الشهود فإن وحدات من قوات حفتر لا تزال تنتشر في كل أجزاء المنطقة، فيما انقسم الموقف في المدينة بين مرحب ورافض لسيطرة هذه القوات. وأضاف الشاهد أن “قوات حفتر اعتقلت عدداً من أفراد الأسر التي ينتمي إليها المسلحون المعارضون”، مؤكداً سيطرة قوات حفتر على أم الأرانب وتراغن.

في المقابل، لم يصدر عن حكومة الوفاق أي موقف رسمي حتى الآن، باستثناء صور بثها المكتب الإعلامي لرئيس الحكومة فائز السراج عن لقائه بعدد من قيادات منطقة مرزق، من دون أي تعليق من قبل السراج. ولا يُعرف حتى الآن مصير القوات التي أعلنت حكومة الوفاق، مطلع الشهر الحالي، عن إرسالها للجنوب، بالتزامن مع الإعلان عن تعيين الفريق علي كنه آمراً لمنطقة سبها العسكرية، وهو الآخر اختفى عن الأنظار منذ محاولة استهداف مقاتلات تابعة لحفتر، في العاشر من الشهر الحالي، طائرة مدنية كانت تستعد للإقلاع من مهبط حقل الفيل، جنوب البلاد، باتجاه طرابلس، أشارت أنباء إلى أن كنه كان يستعد للصعود إليها.

وقال المتحدث باسم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، محمد السلاك، إن الحكومة ستوضح موقفها من مستجدات الأوضاع في الجنوب في وقت لاحق، مؤكداً أن موقف الحكومة واضح في بياناتها السابقة، من خلال تأكيد ضرورة التنسيق معها في أي عملية لضبط الأمن في المنطقة، وأن أولوية توحيد المؤسسة العسكرية مهم بالنسبة إليها تلافياً لأي مضاعفات أخرى قد تجر البلاد إلى مزيد من النزاع.

وبالتوازي مع تأكيد السلاك على موقف حكومة الوفاق المطالب بضرورة التنسيق معها في أي عملية بالجنوب تستهدف الإرهاب، كشف مصدر دبلوماسي مقرب من حكومة الوفاق عن سعي سياسي حثيث للحكومة لدى عواصم دول غربية قوية للحد من سيطرة حفتر على مواقع النفط.

وكشف المصدر أن وزيري الخارجية محمد سيالة، والداخلية فتحي باشاغا، اللذين انهيا قبل أيام زيارة إلى واشنطن، حصلا على وعود بالضغط على حفتر لترك صلاحية إدارة حقول النفط في الجنوب لمؤسسة النفط التابعة للحكومة، لكنه أشار إلى أن حفتر نجح في اللعب على وتر الخلافات القبلية لإحكام سيطرته على الجنوب وقلب الموازين في المنطقة.

وأوضح أن “خطة السراج بالاستعانة بالفريق كنه وتحشيد قبيلته من الطوارق ضد حفتر لم تنجح، فالطوارق كانوا أقرب إلى حفتر الذي يقاتل خصومهم التبو على الأرض وتمكّن من كسر شوكتهم داخل مناطقهم، وأخيراً في مرزق”، مضيفاً “بالتالي تمكّن حفتر من ضم مناطق الطوارق، ومنها أوباري، سلماً، بالإضافة إلى حقول النفط، وتحديداً الشرارة والفيل، اللذين يحميهما مسلحو الطوارق، واستقبلوا بشكل سلمي قادة قوات حفتر”.

ولفت المصدر إلى أن حفتر “اعتمد مرات عديدة على فرض سياسة الأمر الواقع، آخرها في الجنوب، ما جعل المجتمع الدولي يتعامل معه على هذا الأساس، وتحديداً تجاه مواقع النفط المهمة للكثير من الدول”.

وكان مسلحون من قبيلة التبو، التي تشكّل معظم سكان مناطق حوض مرزق، وهي مرزق وأم الأرانب وغدوة وتراغن والقطرون، قد أعلنوا سابقاً تشكيل ما عُرف بـ”قوة حماية الجنوب” للحد من زحف قوات حفتر باتجاه مناطقهم، بإمرة العقيد حسن موسى التباوي، بالتزامن مع بيان لأهالي منطقة مرزق طالبوا فيه المجتمع الدولي بالتدخّل لحمايتهم من “تطهير عرقي” تسعى قوات حفتر لممارسته ضد وجودهم. وتتهم قوات حفتر التبو بالاستعانة بالفصائل التشادية المتمردة المنتشرة في الجنوب الليبي.