موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات: مواجهة الظلم ونهج القمع والتعذيب يجابه بالسجن التعسفي

310

أبرز مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” أن مواجهة الظلم ونهج القمع والتعذيب في الإمارات يجابه بالسجن التعسفي، مستعرضا حالة الشيخ الدكتور سلطان بن كايد القاسمي رئيس جمعية دعوة الإصلاح.

وأشار المركز إلى مضي عشرة أعوام على اعتقال الشيخ القاسمي وما تعرضت له جمعية دعوة الإصلاح، من حملة أمنية شرسة طوال قرابة عقد من الزمن.

وتضمنت تلك الحملة الاعتقالات والأحكام السياسية، وتشويه صورة القائمون عليها والتي امتدت إلى عائلاتهم وأقاربهم ثمناً لكلمة الحق التي عبروا عنها حرصاً على دولة الإمارات ونهضتها وكرامة شعبها.

وتعرض الشيخ القاسمي للتعذيب خلال فترة التحقيق، وتعاملت معه السلطات بشكل غير قانوني بدءا من مواصلة الاعتقال رغم انتهاء فترة التوقيف القانونية.

وليس انتهاء عند وضعه في الحبس الانفرادي وتعريضه للضوء القوي باستمرار، وذلك ثمناً لقول كلمة الحق تجاه سياسات الدولة الداخلية والخارجية، وحرصه على نهضة الإمارات وشعيها.

ويملك الشيخ القاسمي، المعتقل في سجون جهاز أمن الدولة منذ 2012، رؤية وبصيرة نافذتين، كتب مقالته “من أجل كرامة المواطن” ودعا إلى الإصلاحات ووقف أمام طغيان جهاز الأمن بكل قوة وصرامة لإنقاذ مستقبل البلاد.

ولأن جهاز الأمن مضى في طريقه غير السوي فواقع الدولة اليوم في مجالات الحياة المرتبطة بالمواطن في انتهاكات مستمرة.

الشيخ القاسمي وهو ابن عم حاكم إمارة رأس الخيمة، له تاريخ مليء بالإنجازات والعمل لصالح الإمارات بدءاً من المناهج الدراسية وفي جميع المناصب التي تقلدها.

فقد كان علماً من أعلامها العظماء وكاتباً تاريخه بأحرف من نور في تاريخ الدولة، حتى لو حاول جهاز الأمن وأعوانهم إخفاء إنجازاته هو وجميع المعتقلين السياسيين.

تخلى عن دراسة الطب الأحب إلى قلبه وقرر خدمة الإمارات -التي كانت حديثه عهد بالاتحاد- من خلال التربية والتعليم، وتحصل على بكالوريوس في الإدارة التربوية، من جامعة الإمارات العربية المتحدة سنة 1981.

ثم حصل على درجة الماجستير في تخطيط المناهج والتنمية البشرية، جامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية بدرجة امتياز عام – 1990. ثم تحصل على دكتوراه في السياسة التعليمية والتنمية الوطنية، جامعة مانشستر.

عمل مديراً لإدارة المناهج والكتب المدرسية في وزارة التربية والتعليم، 1981- 1987م. وترأس لجنة المناهج في الثمانينات ومراجعة المناهج الدراسية، وترأس جامعات ومراكز تربوية إماراتية وخليجية، وساهم في لقاءات تربوية وإدارية بين الإمارات وبريطانيا.

اعتقل الشيخ القاسمي في 20 ابريل/نيسان 2012 وحكم عليه بالسجن عشر سنوات إلى جانب عشرات من المطالبين بالإصلاح في محاكمة سياسية افتقدت إلى كل أسس القضاء العادل، في القضية التي عُرفت دولياً ب”الإمارات 94″.

القيّم والمبادئ أولاً

من يعرف الشيخ القاسمي يعرف شخصية الرجل الوطنية التي تقوم على مبادئ وقيّم لا تقبل التأويل أو الزيف، ومن يعرف مواقفه في السراء والضراء يعرف عِظم ولاءه للدولة وشيوخها، وولاءه للشعب الإماراتي وحقه في الحياة الكريمة.

ورغم كونه من أسرة حاكمة إلا أنه كان على مسافة واحدة بين الحاكم والمحكوم ينصح للحاكم، ويوجه المحكوم، كان مصلحاً لأجل الدولة وحمايتها.

احتفت به وسائل الإعلام الرسمية عقود قبل اعتقاله، واعتبرته “من الشخصيات التي تجمع بين الحماس الوطني والأفكار القومية والإسلامية التي يحرص على بثها في نفوس الأجيال” كما قالت صحيفة الخليج عام 2008.

ويرى الشيخ القاسمي أن “المجتمعات القوية ليست المجتمعات التي تملك المال بل هي التي تمتلك القيم والمبادئ وتعتز بها ونحن نحتاج إلى الدفع الدائم في أفكار أبنائنا ومسؤولينا لأن الدولة تحتاج إلى العلم والإصلاح وتوعية بعضنا بعضاً”.

ويعتقد أن الاختلاف قوة بالقول: “إن المجتمعات الناضجة هي التي تعرف كيف تتعامل مع الاختلاف وتحوله إلى قوة بناء وتقدم ومجتمعنا يتأثر حولنا داخل المنطقة العربية والعالم أجمع”.

الخشية على نظام الدولة

بقدر ما حاول الشيخ القاسمي بيّان أن “الاختلاف في الإمارات” سر من أسرار نضج المجتمع وقوة نظام الحكم، كان جهاز الأمن يثبت غير ذلك، وعمل جاهداً على تقديم الإمارات القوية بوحدة شعبها وشيوخها بكون نظام الحكم “هش” سهل اختراقه وحتى قلبه.

وهو الاتهام الذي وجهته السلطات للشيخ سلطان بن كايد القاسمي ورفاقه من المعتقلين الذين أُطلق عليهم “أحرار الإمارات.

إن الشيخ القاسمي الذي رفض عروض السلطات مقابل التخلي عن مطالب الشعب، يُقدم صورة للإماراتي الوطني الذي تخلى عن الألقاب والامتيازات من أجل الحق ورفضاً للظلم، بمقايضة الإماراتيين بالصمت مقابل “المواطنة”، ورافضاً للاعتساف الذي يفرز المواطنين الصالحين والطالحين بناءً على موافقة توجه السلطات والحكومة.

فوقف مع المواطنين السبعة المسحوبة جنسياتهم وكتب مقاله التاريخي “من أجل كرامة المواطن” الذي لم ينتصر للمواطنين وحدهم بل الدولة، إذ يعتبر المضي قُدماً في هذا النهج تدميراً للنسيج الاجتماعي واستبدادا ينهك الدولة ويدمر مستقبلها.

في المحاكمات السياسية الهزلية التي كشفت وجه السلطات ونفى بشكل قاطع استقلال القضاء، وفيما كان الشيخ سلطان بن كايد القاسمي يدافع عن المعتقلين في القضية المعروفة دولياً بـ”الإمارات94″ وهو أحد المتهمين فيها، كان يخشى على “نظام الدولة وصورته في الداخل والخارج”.

وقال: اتهمتنا نيابة أمن الدولة، بدون دليل معتبر، بأننا أسسنا تنظيماً يهدف إلى الاستيلاء على نظام الحكم في الدولة. وهذا افتراض خاطئ فيه إهانة لنظام الحكم في دولة الإمارات، كونه يصوره بأنه نظام ضعيف، آيل للسقوط، وسهل الاستيلاء عليه، وهذا افتراض متهافت، لا نقبله.

في الدلائل التي قدمها جهاز أمن الدولة على أن المعتقلين يهدفون للاستيلاء على نظام الحُكم قَدم مقالات ومقابلات تلفزيونية مع بعض المعتقلين يعبرون فيها عن آرائهم تجاه أوضاع الدولة والشؤون الخليجية والدولية بما في ذلك الدفاع عن الجزر المحتلة أمام إيران.

واعتبرها جهاز أمن الدولة خططا للاستيلاء على نظام الحكم. كما اعتمد على اعترافات أُخذت تحت التعذيب خلال عدة أشهر من الإخفاء القسري تعرض لها المعتقلون.

ومنطق الشيخ القاسمي سليم “فكيف لمقابلات تلفزيونية ومنشورات على شبكات التواصل أن تشكل تهديداً لنظام الحُكم، هل نظام الحكم في الدولة هش لهذه الدرجة؟!”.

خطورة التخلي عن المواطنين

دائماً ما جعل الشيخ القاسمي الإمارات والمواطنين في المقدمة، بمعرفة أن الوطن يعني الأرض والشعب، وبدون أحدهما لا يقوم الآخر.

ومن هنا كانت مواقفه قبل اعتقاله واضحة وضوح الشمس في كبد النهار بالوقوف مع المسحوبة جنسياتهم ضد تعسف جهاز الأمن.

وقال في مقاله “من أجل كرامة المواطن”: إن وقفة متأنية أمام هذا الحدث (سحب الجنسيات) تبين فداحة خطره على واقع ومستقبل دولتنا الغالية، فالوطن بالمعنى المجرد يتكون أساساً من أرض وبشر، وإن اللحظة التي نفرط فيها بواحد من البشر من إخواننا مواطني هذه الأرض الطيبة، لا تختلف عن اللحظة التي نفرط فيها بقطعة من أرض الوطن. فمن يحمي أرض الوطن إلا الرجال الذين عشقوه وأيقنوا أن “من مات دون أرضه فهو شهيد”.

ويقدم الشيخ القاسمي رؤية لما سيحدث في المستقبل إذا استمر الظلم “فليس للظلم حدود، وكلما اغتصب قطعة زادت شراهته لاغتصاب قطعة أخرى. وإذا استمر تقديس القرارات الخفية لهذا الجهاز فسيأتي غداً على جميع مكتسبات الوطن في حرية الإنسان وكرامته”.

وهذا ما حدثت خلال السنوات التسع اللاحقة على اعتقاله فقد بدأت السلطات حملتها لاعتقال “أعضاء دعوة الإصلاح” فأعقبته ببقية المعارضين، ثم توسع القمع ليشمل أبسط انتقاد يوجه للسلطات، وطاردت المعبرين عن آرائهم إلى خارج الحدود فاختطفت البعض وفشلت مع آخرين.

وفرضت نظام مراقبة ضخم لمنع الانتقاد، وأسست شبكات تجسس الكتروني معتمدة على مسؤولين سابقين في المخابرات الأمريكية والإسرائيلية. واشترت البرامج للتجسس وهذا توسع من استهداف الإماراتيين إلى المقيمين إلى مسؤولين عُرب وغربيين.

قال الشيخ القاسمي أمام المحكمة الهزلية: ”إن الوطنية الحقيقية ليست قولاً باللسان فحسب، بل لابد أن يصدقه الفعل والعمل، وتظهر مكانتها الحقيقية لدى المواطن إذا اختبرت بالبلاء ومواقف التضحية”، وهو ما أثبته قولاً وفعلاً بالتضحية والفِداء للإمارات وشعبها ونظام الحكم فيها.

لذا وكأنما “الواجب والشرف” أصبح غريباً في هوية الإمارات الجامعة، حين تصدر المشهد حملة القمع والحروب الخارجية، التهجم على المواطنة والمواطن وسلب حقوقه وحرياته، لكن أحرار الإمارات ورجاله لن تثنيهم تلك التهجمات ولن يتزعزعوا تحت الإرهاب الأمني.