يثير ازدياد اهتمام الأجانب بشراء العقارات في العاصمة الإماراتية أبوظبي الجدل وشبهات غسيل الأموال في ظل سجل أسود للدولة في تسهيل عمليات الاحتيال ودعم الإرهاب وجذب الفاسدين للاستثمار فيها.
وبحسب وكالة بلومبيرغ الدولية تشهد شركة الدار العقارية PJSC، أكبر مطور عقاري في أبوظبي، ارتفاعًا كبيرًا في الطلب على المنازل، مدفوعًا إلى حد كبير بالمشترين الأجانب.
وصرّح محمد المبارك، رئيس مجلس إدارة شركة الدار وعضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، في مقابلة مع ديفيد روبنشتاين لبرنامج “The David Rubenstein Show: Peer to Peer Conversations”، أن الشركة زادت عدد مشاريعها الجديدة من حوالي اثنين أو ثلاثة سنويًا في عام 2008 إلى 14 مشروعًا جديدًا هذا العام.
وقال المبارك: “لقد نما خط التطوير لدينا بثمانية أضعاف”، موضحًا أن الزيادة مدعومة بارتفاع عدد المشترين الأجانب من آسيا وأوروبا. وأضاف أن نسبة المشترين الدوليين ارتفعت من 11% في عام 2021 إلى 30% هذا العام.
وتعمل أبوظبي على جذب المغتربين للعيش فيها وتعزيز السياحة من خلال مبادرات بقيمة 10 مليارات دولار.
تشمل هذه الجهود إنشاء متحف غوغنهايم، بالإضافة إلى متحف اللوفر القائم بالفعل، واستثمارات بمليارات الدولارات في حدائق ترفيهية واسعة النطاق، وفنادق خمس نجوم، ومنازل فاخرة، ومجمعات رياضية، وأبراج مكتبية عالية المستوى.
تأتي هذه الجهود في إطار تنويع اقتصاد المدينة واستقطاب مؤسسات مالية عالمية مثل شركة Brevan Howard Asset Management وشركة Kirkoswald Asset Management التابعة لغريغ كوفي، اللتين أنشأتا مقرات لهما في الإمارة.
أوضح المبارك، الذي يشغل أيضًا منصب رئيس دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي، أن الإمارة ستحتاج إلى زيادة عدد غرفها الفندقية بنسبة 60% لاستيعاب الطلب المتزايد من السياح، حتى خلال أشهر الصيف الحارة.
وأضاف أن أبوظبي بحاجة إلى بناء 20,000 غرفة فندقية خلال السنوات الخمس المقبلة لتوسيع المعروض الفندقي البالغ حاليًا حوالي 33,000 غرفة.
وتخطط أبوظبي لبناء قاعة “Sphere”، وهي هيكل دائري مغطى بشاشات LED يوفر تجربة غامرة لمحبي الحفلات الموسيقية والعروض الأخرى. القاعة مستوحاة من “Sphere” في لاس فيغاس، التي افتتحت العام الماضي بتكلفة تقدر بـ2.3 مليار دولار.
وتعد الإمارات نقطة جذب لأصحاب الملايين بشكل بارز على مستوى العالمي بفضل التساهل في مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة والسماح بنطاق واسع لجرائم غسيل الأموال.
وبحسب موقع al-monitor الأمريكي فقد ساعدت القواعد التنظيمية المتساهلة والطرق السهلة للحصول على التأشيرات في جذب الأفراد ذوي الثروات العالية إلى دولة الإمارات.
وأبرز الموقع تتويج الإمارات كأكبر دولة جاذبة للثروات في العالم للعام الثالث على التوالي، في تقرير أصدرته الأسبوع الماضي شركة هينلي آند بارتنرز، وهي شركة استشارات بريطانية في مجال استشارات الهجرة الاستثمارية.
ومن المقرر أن تجتذب أبوظبي تدفقًا صافيًا قدره 6700 فردًا بثروة سائلة تبلغ مليون دولار أو أكثر في عام 2024، وفقًا للتقرير، مع توقع إضافة عدد كبير من المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى التدفقات المرتفعة بالفعل من الهند، الشرق الأوسط وروسيا وأفريقيا.
وبفضل سجلها المتساهل في مكافحة غسي الأموال والتدفقات المالية غير المشروعة، سجلت دبي عاشر أسرع زيادة في العالم في عدد المليونيرات بين عامي 2013 و2023.
وتنشط جرائم غسيل الأموال في دولة الإمارات في العديد من القطاعات الاقتصادية الرئيسية، وعلى رأس ذلك العقارات، واستشارات الثروات، وتجارة التجزئة الفاخرة، والمطاعم والفنادق، والسيارات والأزياء.
واجتذبت دولة الإمارات تدفقاً صافياً قدره 5,200 مليونير في عام 2022 و4,700 في عام 2023، ليصل إجمالي عدد المليونيرات إلى 116,500.
وبحسب الشركة، ستجذب أبوظبي حوالي 5% من 128 ألف مليونير من المتوقع أن ينتقلوا إلى جميع أنحاء العالم في عام 2024، وهو رقم لا يتناسب مع حصتها من سكان العالم، والتي تبلغ 0.12%.
وبرزت الإمارات كمغناطيس للثروة العالمية يجذب الأفراد الأثرياء من الدول الغربية وكذلك من القوى الناشئة الراسخة مثل الهند والاقتصادات الحدودية الأصغر في آسيا وأفريقيا لاسيما الفاسدين منهم والمتهربين من دفع الضرائب.
كما يعد غياب ضرائب الدخل الشخصي والأرباح الرأسمالية والميراث أمرًا أساسيًا لدولة الإمارات، كما ساهمت سهولة الحصول على تأشيرات إقامة طويلة الأجل المعروفة باسم التأشيرات الذهبية، فضلاً عن انتشار الكحول على نطاق واسع، منذ عام 2020 في جاذبية الإمارات الأفراد ذوي الثروات العالية.
وتؤكد منظمات دولية متخصصة في مكافحة جرائم غسيل الأموال أن سلطات الإمارات لم تفعل الكثير لمكافحة التدفقات المالية غير المشروعة.
وأثار تدفق الثروة الروسية إلى الإمارات منذ عام 2022 مخاوف من أنها تعمل كملاذ لأولئك الذين يواجهون إجراءات غربية عقابية.
وقال منتقدون إن الأفراد الخاضعين للعقوبات تمكنوا من الاحتفاظ بأصولهم في الإمارات، بما في ذلك عن طريق شركات الظل.
وأدرجت الهيئة الرقابية المالية الدولية الإمارات في قائمتها الرمادية بسبب أوجه القصور الاستراتيجية في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب التي تم تحديدها مسبقًا خلال التقييمات المتبادلة.