قال المركز الخليجي للتفكير إن الزيارات الإسرائيلية المتعاقبة للإمارات تعكس حدة التحالف القائم بين أبوظبي وتل أبيب بما يتضمنه من توقيع اتفاقيات تشمل جميع المجالات تقريبا.
وأشارت المركز في دراسة له إلى تعدد وتعاقب الزيارات الإسرائيلية لحليفها الجديد الإمارات خلال الآونة الأخيرة بدءاً من زيارات الوفود الوزارية المختلفة مروراً بزيارة رئيس الوزراء نفتالي بينيت في الثاني عشر من ديسمبر الماضي، وأخيراً وليس آخراً زيارة الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ للإمارات 30 يناير الماضي.
بالرغم من رمزية وهامشية دور الرئيس في المشهد السياسي الإسرائيلي تنبع أهمية زيارته من توقيتها فتأتي في وقت يتصاعد فيه التوتر الإقليمي مع محاولة القوى العالمية إحياء الاتفاق النووي مع إيران.
كما أنها على بُعد أيام قليلة من استهداف ميلشيا الحوثي لأبوظبي في 17 يناير الماضية الذي تكرر أكثر من مرة إحداها خلال زيارة الرئيس الإسرائيلي.
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد قد زار الإمارات في يونيو من العام الماضي 2021، وافتتح سفارة بلاده في أبوظبي.
وجمعت الدولتان العديد من محطات التعاون والعديد من الاتفاقيات الاقتصادية والأمنية منذ توقيعها اتفاق ابراهام، في الخامس عشر من سبتمبر 2020، بوساطة الرئيس السابق دونالد ترامب، في البيت الأبيض.
وتهدف إسرائيل من هذه الزيارات المتعاقبة إلى إرسال رسائل عدة أهمها حرصها على جذب الامارات إلى جانبها في حلفها الذي تسعى إليه لتوجيه ضربة عسكرية إلى إيران في حالة فشل الاتفاق النووي الذي بات وشيكا، كما أنها ترسل رسائل تحفيزية لبعض الدول المترددة على التطبيع واظهار حجم الاستفادة من التطبيع مع إسرائيل، بالإضافة إلى زيادة التعاون في المجالين الاقتصادي والأمني.
ويجيب تقدير الموقف على سؤال حول دوافع تلك الزيارات المتعددة ومستقبل العلاقات بين الدولتين، ومدى قدرة إسرائيل على جذب الإمارات لجانبها في حلفها لمواجهة إيران.
أولاً: سياقات الزيارات المتعاقبة
تأتي الزيارة بعد عام ونصف من التطبيع بين الامارات وإسرائيل والذي شهد حراك سياسي واقتصادي كبير بين الدولتين، فمنذ التطبيع، أبرمت الدولتان عددا من الاتفاقات التجارية، وارتفع عدد الشركات الإسرائيلية الناشئة العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والزراعة في البلد الخليجي.
وكان السفير الإماراتي لدى إسرائيل محمد الخاجة أعلن السبت على تويتر ان الزيارة “كانت مجدولة مسبقًا بتاريخ 9 يناير وتم تأجيلها لظروف كوفيد-19”.
وأعرب بيان لمكتب هرتسوغ عن دعم إسرائيل لأمن الإمارات، وقال البيان: “نحن هنا معًا لإيجاد السبل والوسائل لتحقيق الأمن الكامل للأشخاص الذين يسعون إلى السلام في منطقتنا”.
السياق الداخلي
تأتي زيارة الرئيس الإماراتي لأبوظبي في ظل بيئة محلية مضطربة أمنياً فتعرضت الامارات خلال الأسبوعين الماضيين لعدة هجمات صاروخية من قبل ميلشيا الحوثي بل وبعد ساعات من هبوط الرئيس الإسرائيلي، في العاصمة الإماراتية في زيارة “تاريخية” ، تعرضت أبوظبي لهجوم صاروخي آخر، هو الثالث خلال أسبوعين فقط.
وفجر الاثنين 31يناير الماضي، أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية “اعتراض وتدمير صاروخ بالستي أطلقته ميلشيا الحوثي” من اليمن في هجوم استنكرته الولايات المتحدة.
ويربط محللون الهجوم الحوثي الأخير على الإمارات بزيارة الرئيس الإسرائيلي، معتبرين أن ذلك يمثل دلالات على “إيعاز” إيراني للجماعة اليمنية التي تدعمها كون طهران ترفض بشدة معاهدة إبراهيم.
وقال الباحث في معهد بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية، مردخاي كيدار، إن الهجوم الأخير على الإمارات “بإيعاز وتمويل من إيران”، لافتا إلى أن “من ضرب أبوظبي هو الأخطبوط الإيراني عبر ذراعه اليمني”.
وقال كيدار، لموقع “الحرة”، إن الرسالة التي ترغب إيران في توجيهها للإمارات تتمثل في أنهم “تجاوزوا الخطوط الحمراء المقبولة لديهم، بمعنى أنهم تقدموا مع إسرائيل إلى مسافة لا ترضي ملالي إيران”.
السياق الإقليمي
تأتي الزيارة في وقت يتصاعد فيه التوتر الإقليمي مع محاولة القوى العالمية إحياء الاتفاق النووي مع إيران، فتنظر الإمارات وإسرائيل والشرق الأوسط بشكل عام إلى ما يجري في فيينا بقلق شديد، لأن ما سيجري في فيينا سيحدد بشكل كبير مستقبل إيران في المنطقة.
التصريحات الصادرة من الوفود الغربية المشاركة لا تبعث على التفاؤل، إذ قال دبلوماسيون كبار من فرنسا وبريطانيا وألمانيا 13 ديسمبر الماضي إن القوى الغربية لم تُجرِ حتى الآن مفاوضات حقيقية مع إيران في المحادثات بشأن إنقاذ الاتفاق النووي، وإنه ما لم يحدث تقدم سريع فإن الاتفاق سيصبح قريباً “بلا معنى”
فإيران على الرغم من التدني النسبي لإنفاقها العسكري، وتدني صادراتها النفطية، والعقوبات التي تشل نظامها الاقتصادي والخدماتي، تدير “حربا رخيصة” بحسب موقع أتلانتيك، و”تتباهى بأنها تسيطر على أربع عواصم عربية، هي بيروت ودمشق وصنعاء وبغداد”.
وفي حين إن جيرانها الخليجيين أكثر ثراء وأفضل تسليحا، إلا أن “النهج الإيراني الأرخص يعطيها ميزة، خاصة إذا ما دمج مع برنامج نووي يتقدم باضطراد”، ونقلت أتلانتيك عن الأمير السعودي تركي الفيصل، رئيس الاستخبارات السعودية السابق قوله إن “إيران تمسكنا من مكان حساس”.
وتعارض إسرائيل الخطة الأمريكية للانضمام إلى الصفقة وتسعى إلى جذب الإمارات وحلفائها لمعارضة هذه الخطة وتوجيه ضربة عسكرية لإيران.
التعاطي الإيراني مع الزيارة
أثارت زيارة هرتسوغ إلى الإمارات ردود فعل غاضبة لدى الإيرانيين، بحسب ما ذكرته صحيفة “وول ستريت جورنال”.
قال حساب على تويتر مرتبط بالحرس الثوري الإسلامي “إن وجود النظام الصهيوني في الخليج الفارسي غير مقبول بالنسبة للجمهورية الإسلامية الإيرانية”.وأردف الحساب: “النار فقط هي التي تطهر خطوات الشيطان في الخليج الفارسي معالي محمد بن زايد. سنوفرها لك”، وفقا لما نقلت الصحيفة الأميركية”.
وندد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، باستقبال الإمارات، الرئيس الإسرائيلي، قائلا إن “الدول التي تساعد الكيان الصهيوني في إثارة الأزمات من خلال مسار التطبيع، عليها أن تعلم أنها ستكون أولى ضحايا الطبيعة العدوانية لهذا الكيان”.
وأكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية أن “إيران تندد بهذه التصرفات على طريق التطبيع”، داعياً الإمارات إلى وضع حد لـ”هذه الفرقة التي تثيرها في العالمين الإسلامي والعربي”.
وحذر وزير الخارجية الإيرانية “حسين أمير عبداللهيان”، الأربعاء2فبراير، الإمارات من سماحها بحضور إسرائيل في المنطقة، مؤكدا أن ذلك بمثابة “تهديد لكل دولها”.
وفى سياق متصل جددت ميلشيا الحوثي، 1 فبراير الجاري، تهديدهم للإمارات بشن هجمات جديدة تستهدف معرض “إكسبو دبي 2020”.
ثانياً: الأهداف والدوافع
تتعدد الزيارات المتكررة من قيادات تل أبيب إلى أبوظبي، فلدى الإمارات شيئان رئيسيان تقدمهما لإسرائيل – موطئ قدم دبلوماسي وشعبي في العالم العربي، والمال لاستثماره في اسرائيل، وفي المقابل تريد الإمارات شيئين مهمين – المساعدة الدفاعية، بأشكال مختلفة، والوصول إلى واشنطن، لذا يمكن تناول دوافع تلك الزيارات في عدة نقاط منها: –
أهداف اقتصادية
تهدف إسرائيل إلى زيادة حجم التبادل والاستثمار بين الدولتين، فالزيارة تأتي بعد عام ونصف من التطبيع والذي شهد حراك سياسي واقتصادي كبير بينهما، فمنذ التطبيع، أبرمتا عددا من الاتفاقات التجارية، وارتفع عدد الشركات الإسرائيلية الناشئة العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المالية والزراعة.
وقد بلغت قيمة التجارة البينية بينهما أكثر من 3.5 مليارات درهم (نحو 953 مليون دولار) حتى نهاية سبتمبر 2021، وتجاوزت قيمة التجارة الخارجية غير النفطية بين الجانبين 2.9 مليار درهم (نحو 790 مليون دولار) خلال الشهور التسعة الأولى من العام الماضي.
وخلال زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت ديسمبر الماضي، اتفقت الدولتان على انشاء صندوقا لتسخير العقول الاقتصادية والتكنولوجية في الإمارات وإسرائيل وإيجاد حلول للتحديات.
ووفقا للبيان الصادر عن لقاء بن زايد وهرتسوغ تناولت المباحثات الثنائية الفرص المتوفرة لتنمية التعاون على جميع المستويات.
وقال الرئيس الإسرائيلي -خلال زيارته معرض إكسبو- “تجاوزت تجارتنا بالفعل مليار دولار، وتم توقيع أكثر من 120 اتفاقا، وتأسس مؤخرا صندوق حجمه 100 مليون دولار (للأبحاث والتطوير)”.
وأضاف أن 250 ألف إسرائيلي زاروا الإمارات حتى الآن، وأنه يأمل أن يرد مواطنو الإمارات بزيارة إسرائيل بمجرد تخفيف قيود كوفيد-19.
وكانت أولى النتائج الاقتصادية المباشرة للزيارة ما كشفته صحيفة “غلوبس” الإسرائيلية، 31 يناير، أن أبو ظبي ستستثمر 10 مليارات دولار داخل إسرائيل.
التعاون العسكري والأمني
يعًد البعد الأمني والعسكري أحد الأهداف الرئيسية من التطبيع بين الدولتين، فقد سعت الإمارات في ظل هاجسها الأمني المرتبط بالمخاوف الإيرانية لحيازة أسلحة بمليارات الدولارات، والبحث عن بدائل أمنية لتعويض الانسحاب الأمريكي من المنطقة.
فتهدف تلك الزيارات إلى زيادة التعاون العسكري والأمني واستغلال توقيت ضربة ميلشيا الحوثي لمزيد من التعاون والهيمنة الإقليمية المشتركة.
ووفق وسائل إعلامية تعاونت الإمارات مع بعض الشركات الإسرائيلية قبل التطبيع ومنها شركة “البيت” للصناعات العسكرية الإسرائيلية، كما أن شركة NSO الموجودة في مدينة هرتسيليا باعت أبو ظبي منظومة باغسوس للتنصت على الهواتف المحمولة، بهدف اختراق هواتف معارضيها السياسيين، شركة أخرى باعت أبو ظبي وسائل استخبارية هي Verint التي تنتج معدات للتنصت والتجسس.
وكشفت وثيقة رسمية إسرائيلية أن اتفاق تل أبيب وأبوظبي على التطبيع يمهد لتكثيف التعاون العسكري بينهما في البحر الأحمر، وفق وسائل إعلام عبرية.
وقالت هيئة البث الرسمية إن وثيقة صادرة عن وزارة الاستخبارات الإسرائيلية تحدد مجالات التعاون المحتمل مع الإمارات، وبحسب الوثيقة، فإن التعاون في مجال الأمن يتصدر قائمة مجالات التعاون المحتملة بين البلدين.
وفي 18 نوفمبر 2021، وقّعت مجموعة “إيدج” لصناعات الدفاع المملوكة لدولة الإمارات، وشركة “آي. إيه.آي” الإسرائيلية لصناعة الطيران، اتفاقاً لتصميم سفن عسكرية وتجارية غير مأهولة. وكانت شركة “إلبيت سيستمز” الإسرائيلية للأسلحة المتطورة، قد أعلنت فتح فرع لها في دولة الإمارات.
وفي وقت سابق ذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” أن الإمارات طلبت من إسرائيل تزويدها بمنظومة “القبة الحديدية” التي تستخدم في اعتراض الصواريخ قصيرة المدى، لكن إسرائيل رفضت.
كما أعلنت شركة “ألبيت” الإسرائيلية للأسلحة المتطورة، أنها ستوفر لسلاح الجو الإماراتي أنظمة دفاع تعمل بالليزر والأشعة تحت الحمراء.
وتناولت تقارير إعلامية واستخباراتية أن هناك تعاون أمني على نطاق واسع بين الدولتين في انشاء قاعدة استخباراتية مشتركة في جزيرة سقطرى اليمنية.
فقد ذكر موقع “جي فوروم” للجالية اليهودية الناطقة بالفرنسية أن الإمارات وإسرائيل تخططان لإنشاء قاعدة تجسس في جزيرة سقطرى اليمنية في موقع استراتيجي في بحر العرب على بعد 350 كيلومتراً جنوب اليمن.
وأكد موقع “إنتليجينس اون لابن” الاستخباري الفرنسي في تقرير له في الـ 9 من سبتمبر 2020 وصول ضباط المخابرات الإماراتيين والإسرائيليين إلى جزيرة سقطرى، نهاية أغسطس 2020، وأوضح أن المجلس الانتقالي الجنوبي “تعرض لضغوط من الإمارات للموافقة على إنشاء قاعدة استخبارات إماراتية إسرائيلية”.
الحديث عن عزم أبوظبي وتل أبيب إنشاء قاعدة عسكرية استخباراتية في سقطرى ذكرها موقع “ساوث فرونت” South Front الأمريكي المتخصص في الأبحاث العسكرية والاستراتيجية، في تقرير سابق له، مستندًا إلى مصادر خاصة نقل عنها زيارة ضباط إسرائيليين وإماراتيين مؤخرًا للجزيرة وفحصوا عدة مواقع بهدف إنشاء مرافق استخبارية.
كما عقدت الدولتان العديد من المناورات العسكرية المشتركة آخرها ما ذكره موقع “إسرائيل دفينيس”، المُختّص بالشؤون العسكريّة، أنّ سلاح البحريّة الإسرائيليّة يشارك مجددا بمناورةٍ بحريّةٍ كبرى بقيادة الأسطول الخامس الأمريكيّ وبمشاركة أساطيل حربية من 60 دولة.
مواجهة إيران
تشترك إسرائيل والإمارات في مخاوفهما من إيران فيمثل التنسيق في مواجهة إيران أحد الأهداف الرئيسية للزيارات المتعاقبة، خاصة مع بدء خطوات التقارب بين الإمارات وإيران.
لطالما نظرت الإمارات إلى الهيمنة الإقليمية الإيرانية على أنها واحدة من أكبر التهديدات لأمنها الوطني، كما أن أبوظبي قلقة بشكل خاص من احتمال وجود إيران مسلحة نووياً في ظل سياسية التوسع الإقليمي التي تنتهجها إيران.
التسويق للتطبيع
تشمل أهداف الزيارة تشجيع وتحفيز الدول الأخرى على الانضمام لاتفاقيات التطبيع ويبدو هذا بوضوح من خلال دعوة الرئيس الإسرائيلي المزيد من الدول للانضمام إلى اتفاقها مع الدول العربية.
وتأمل إسرائيل من هذه الزيارات المتعاقبة أن تدفع بعض الدول المترددة مثل السعودية للتطبيع، قال يوئيل جوزانسكي، الباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي (INSS) في تل أبيب ، لـ DW في مقابلة هاتفية: “السعودية ستكون الجائزة الكبرى لإسرائيل”.
إسرائيل تسعى لتسويق نفسها إقليمياً مستغلة في ذلك الثغرات الأمنية التي سيخلفها الانسحاب الأمريكي فتحاول أن تطرح نفسها كبديل أمني خاصة مع حلفائها مثل الإمارات، فالمدخل الأمني مدخل مهم للتطبيع خاصة في دول الخليج التي تعاني من مخاوف أمنية عديدة.
ثالثاً: عقبات في طريق التعاون
بالرغم من حجم التعاون والتفاهم بين الدولتين إلا أنه واجهتهما بعض العقبات مثل رفض وزارة حماية البيئة الإسرائيليةُ منحها تصاريح لمشروع مشترك مع الإمارات يقضي بضخ النفط من الخليج إلى أوروبا مباشرة عبر ميناء إيلات الإسرائيلي على البحر الأحمر، مشيرةً إلى مخاوف بشأن التسرُّبات المُحتمَلة.
وهذا القرار، يفسد عقداً مدته 10 سنوات كان قد وُقِّعَ في ديسمبر 2020 بين مسؤولين إسرائيليين وإماراتيين، وكان العقد من شأنه أن يزيد بشكلٍ كبير من كمية النفط التي تُضَخُّ عبر محطاتٍ في إيلات وعسقلان.
كما أن الطلب الإماراتي بخصوص شراء بيع منظومات دفاع جوي، مثل «القبة الحديدية» و«مقلاع داود» للإمارات مازال غامضاً وهناك تردد في تعاطي الموقف الإسرائيلي معها.
فيما نقل موقع “أكسيوس” الأمريكي، عن مسؤولين إسرائيليين أن تل أبيب تريد مساعدة الإمارات في تعزيز دفاعاتها العسكرية بعد هجمات ميلشيا الحوثي الأخيرة قدر المستطاع، مع عدم تعريض التكنولوجيا الحساسة التي لا تريد إسرائيل مشاركتها للخطر.
وتمثل هذه النقاط بعض العقبات التي واجهت مسار العلاقتين وتحاول تلك الزيارات تجاوزها والاستمرار نحو المزيد من التعاون الاقتصادي والأمني.
رابعاً: مستقبل العلاقة بين الدولتين
المسار الأول: تعاون اقتصادي وأمني دون الانخراط في مواجهة ايران
من المتوقع أن تسفر تلك الزيارات عن زيادة التعاون بين البلدين وتجاوز بعض العقبات بالإضافة إلى التنسيق الأمني والاستخباراتي في ملفات عدة وإعادة تفعيل الإعلان الاماراتي عن استثمار 10 مليار دولار في إسرائيل مؤشر واضح لذلك المسار.
ولكنها في المقابل – وفقاً لتقدير الموقف وهو المرجح- لن تنجذب الإمارات إلى تحالف معلن مع إسرائيل في مواجهة إيران ولكن ربما سيكون هناك تعاون استخباراتي سري في هذا الملف ويرجح هذا السيناريو عدة نقاط أهما:
مسار التهدئة الإقليمي الذي تنتهجه الإمارات مؤخراَ وتقاربها مع إيران ومن المتوقع أن يزور وفد إيراني برئاسة وزير الصناعة والتعدين والتجارة الإيراني، الإمارات وسلطنة عمان الشهر المقبل.
كما ذكرت وسائل إعلام إيرانية، أن “الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي سيجري زيارة مهمة إلى الإمارات خلال الأسابيع القليلة القادمة، فالاتصالات مستمرة بين الإمارات وإيران آخرها الاتصال الذي تم بين وزيرا خارجية الدولتين الأربعاء 2فبراير الجاري، كما أن أبوظبي لا تزال ثاني أكبر شريك تجاري لإيران (بعد الصين).
الإمارات مازالت ولاعتبارات أمنية عدة ورغم “اتفاقات أبراهام”، ترى أن التهديدات العسكرية ليست هي الطريقة الأفضل للتعامل مع إيران.
التصريحات المتكررة من قيادات إماراتية حول أهمية التهدئة وينقل تقرير لـ “القناة 12” العبرية تغريدات نشرها وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش “نحن قلقون للغاية من تدخل إيران في العراق وسوريا واليمن واتخذنا خطوات لتخفيف التوتر. ولا مصلحة لنا في الوصول إلى حالة من الصراع، حيث ستدفع المنطقة ثمنها في العقود المقبلة.”
الإمارات “لها أولوياتها الخاصة ومخططاتها الإقليمية التي ربما تفوق الانضمام إلى معسكر أو آخر ووفقًا لها، فإن طريقة تحقيق أهدافها ليس فقط من خلال العلاقة مع تل أبيب، ولكن أيضًا في طهران على وجه التحديد، لأنها مهددة من قبل إيران وقريبة جدًا منها”.
المسار الثاني: تحجيم التعاون والاستجابة للضغوط الإيرانية
يتوقع هذا المسار أن تتردد الإمارات في تطوير علاقاتها الاقتصادية والأمنية مع إسرائيل في ظل التهديدات المتكررة من ميلشيا الحوثي وإيران، فإن كان استهداف ميلشيا الحوثي لأبوظبي نابع بشكل أساسي من إبعاد ابوظبي عن اليمن.
إلا أنه لا يمكن إغفال التهديدات المتكررة بعد اتفاق التطبيع، فإيران لا تريد عدوتها اللدودة “إسرائيل” على مقربة منها في ظل تغلغلها في الداخل الإماراتي وتواجدها كذلك في مدينة “سقطرى” اليمنية. ويرجح هذا السيناريو عدة نقاط منها:
إدراك القيادة الإماراتية أن وقوفها المعلن إلى جانب إسرائيل في عدائها لإيران سيكون له انعكاسات سلبية على أبوظبي فهذا سيضع الإمارات تحت طائلة النيران الإيرانية.
بالرغم من أهمية تطوير العلاقات بين الامارات وإسرائيل إلا أنه واقعياً فإن حجم الاستفادة الإماراتية من هذه العلاقة محدودة مقارنة بالاستفادة الإسرائيلية، فلم تحصل على طائرات F35 الأمريكية التي كانت سبباً من أسباب التطبيع وكذلك مازال هناك تردد إسرائيلي بخصوص منح أبوظبي منظومة الدفاع الجوية.
الانفتاح على العلاقات مع إيران وتنمية التعاون الاقتصادي بينهما.
الانسحاب المفاجئ لقوات العمالقة من جبهات التماس مع مليشيا الحوثي بمحافظة مأرب، وإعلان عودة قواتها إلى ثكناتها الرئيسية في محافظة شبوة.
لن تكسب الإمارات شيئًا من العمل ضد التهديد الإيراني فحسب، بل يمكن أن تتضرر وتخسر الكثير، عندما ترد إيران هجوم على اقتصاد الخليج، وممرات الشحن وحتى الموانئ والقواعد التي تتواجد فيها الولايات المتحدة.
حرص الإمارات على تهدئة الأجواء الإقليمية حرصاً على اقتصادها القائم على الاستقرار الأمني بشكل كبير.
الخاتمة
تشير الزيارات المتكررة للقيادات الإسرائيلية إلى ابوظبي إلى أنها تسعى لتحقيق المزيد من التعاون الاقتصادي والأمني بالإضافة إلى محاولة ضم الامارات إلى حلفها في مواجهة إيران، ووضع أبوظبي في إطار محدد في تقاربها مع طهران.
وخلص تقدير الموقف إلى أن إسرائيل ستنجح في تمرير اتفاقيات اقتصادية وعسكرية لكن في المقابل لن تكون قادرة على جذب الإمارات لجانبها في مواجهة إيران، فستمارس الإمارات سياستها البرجماتية المتميزة بها فلن تخسر أياً من الطرفين لصالح الآخر فخسارة أحدهما وخاصة إيران سيكون له عواقب سيئة على أبوظبي وسياستها الداخلية والإقليمية.
فالعلاقة ليست علاقة عكسية؛ بمعنى أن علاقة الإمارات مع إسرائيل ليست بالضرورة أن تكون دفعاً للتصعيد أو الجفاء الإماراتي مع إيران، كما أن الحوار الإماراتي مع طهران لا يعني أن أبو ظبي تفرّط بالمزايا النسبية التي تجنيها من التطبيع مع إسرائيل.