موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

إمارات ليكس ترصد.. توتر غير مسبوق في علاقات الإمارات والحكومة اليمنية

133

تشهد العلاقات بين الحكومة الشرعية في اليمن ودولة الإمارات العربية المتحدة توترا غير مسبوق لعدة أسباب أبرزها يتعلق بأطماع أبو ظبي في البلاد وممارساتها العدوانية بما في ذلك تقويض سلطات الشرعية.

ومؤخرا كشفت التصريحات الصادرة عن مسؤولين رفيعي المستوى في الحكومة اليمنية ضد التحالف السعودي-الإماراتي في الأسابيع الأخيرة، عمق الخلافات التي باتت تحكم علاقة الطرفين، في ضوء جملة من الممارسات التي تنفذها أبو ظبي والرياض في جنوب البلاد وشرقها، فضلاً عن المآل الكارثي للأوضاع العامة، في العام الخامس للتدخل العسكري للتحالف، الذي يرفع شعار دعم “الشرعية” ضد انقلاب جماعة أنصار الله (الحوثيين).

وأطلق مسؤولون يمنيون، كان أبرزهم أخيراً، نائب رئيس الحكومة، وزير الداخلية أحمد الميسري، تصريحات غير مسبوقة، أثارت جدلاً في الأوساط اليمنية، بعدما تضمنت رسائل حادة عبّرت عن سخط السلطات اليمنية المعترف بها دولياً من ممارسات التحالف.

واختصر الميسري الأمر بكلمات معدودة، قائلاً إن “برنامجنا هو الزحف شمالاً وليس “الزحف شرقاً”، في إشارة إلى أن الحكومة تركز على الحرب مع الحوثيين وانتزاع المحافظات الشمالية الخاضعة لسيطرتهم بما فيها العاصمة صنعاء، وليس المناطق الواقعة شرق اليمن التي تزدحم فيها الأجندة الإماراتية ـ السعودية الخاصة، على حساب الحكومة اليمنية والأهداف المعلنة للتحالف.

مع العلم أنها ليست المرة الأولى التي يصرح فيها مسؤولون يمنيون بالحديث عن انحراف في أجندة التحالف ويهاجمون فيها الإمارات على نحو خاص، بوصفها الواجهة لجملة من الممارسات التي تقوّض الحكومة اليمنية، بما في ذلك دعم الانفصال وإنشاء القوات المناطقية غير الخاضعة للحكومة.

ومع ذلك، فقد كان اللافت في تصريح الميسري بالحديث عن “الشرق”، الإشارة إلى الممارسات السعودية في محافظة المهرة البوابة الشرقية لليمن، كما هو بطبيعة الحال لا يستثني جزيرة سقطرى التي يحضر فيها نفوذ الإمارات وسبق أن وصل بالأزمة بين أبو ظبي والحكومة اليمنية إلى ذروتها في مايو/أيار 2018.

من زاوية أخرى، جاء توقيت التصريحات الحكومية اليمنية لافتاً، وأثار تساؤلات إضافية حول ما وراء بروز الأزمة مجدداً إلى الواجهة. ووفقاً لما كشفت عنه مصادر فإن “العقبات المتزايدة التي تواجهها الحكومة بفرض سلطات في ما يُعرف بالمناطق المحررة من الحوثيين، وفي مقدمتها مدينة عدن، العاصمة المؤقتة، تأتي على رأس الأسباب التي قفزت مجدداً بأزمة الشرعية – التحالف إلى الواجهة”.

وأضافت أن “الحكومة تجد نفسها عاجزة عن التصرف كحكومة فعلية قادرة على فرض قراراتها وسلطاتها، الأمر الذي برز خلال انعقاد مجلس النواب اليمني، للمرة الأولى في مناطق الشرعية، بمدينة سيئون، بعد أن وضعت أبو ظبي عقبات في طريق انعقاده بمدينة عدن. وكل ذلك انعكس على صورة الحكومة لدى المواطن اليمني وأمام المجتمع الدولي الذي لا يزال يتعامل مع حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي كسلطة وحيدة معترف بها، لكنه في الواقع ينظر إليها كسلطة ضعيفة لا تزال غير قادرة على الوجود بصورة متواصلة داخل البلاد”.

وتصريحات الميسري التي أدلى بها خلال ما سمي “لقاء عدن التشاوري الأول”، صريحة في إيضاح جوانب الأزمة في العلاقة؛ فقد أشار إلى أن الحكومة اليمنية شريكة مع التحالف في الحرب المفترضة على “الانقلابين الحوثيين”، وليست شريكة في إدارة “المناطق المحررة”.

وتحدث عن كمّ الاختلالات التي تعاني منها عدن، على سبيل تأكيد أن الحكومة اليمنية ليست مسؤولة عما يدور في المدينة، في ظل وجود العقبات التي تقف في طريق إنفاذ قراراتها من قبل القيادة الإماراتية في المدينة وحلفائها المحليين من أذرع أمنية وسياسية انفصالية.

وفيما يلي أربع أسباب تتصدّر أزمة الشرعية في اليمن مع التحالف السعودي الإماراتي:

السبب الأول متمحور حول التدخلات الإماراتية والعقبات التي تفرضها، في طريق عودة قيادة الشرعية اليمنية وتسليمها إدارة المناطق الجنوبية والشرقية، ومع أنها ليست قضية جديدة ولا تخفى تفاصيلها، إلا أن استمرار الأزمة وطول أمدها ينعكسان على وضع الشرعية، التي تستفيد في مجمل مواقفها المنتقدة للتحالف في الأشهر الأخيرة، من السخط الشعبي المتزايد ضد التحالف، الأمر الذي يمكن تلمّسه بمتابعة حجم الانتقادات الموجهة في السياق.

أما السبب الثاني الذي دفع إلى عودة الأزمة بين الشرعية والتحالف، فهو تنصّل الأخير من الوعود التي قطعها بتصحيح العلاقة ومراجعة الممارسات. وهو الأمر الذي كان قد بدأ منذ عامٍ على وجه التحديد، حين وصلت أزمة الحكومة مع الإمارات في سقطرى إلى حدّ رفع شكوى يمنية في مجلس الأمن الدولي، بدأت على أثرها أبو ظبي جملة من الإجراءات التي سعت من خلالها لاحتواء الأزمة بالتهدئة مع الشرعية ودعوة هادي لزيارتها، بوساطة سعودية، مروراً بإبرامها تفاهمات مباشرة مع الميسري.

وكان من المفترض أن تفضي إلى إصلاح الاختلال الحاصل في وجود أجهزة وتشكيلات عسكرية وأمنية خارجة عن سلطة الشرعية (قوات الحزام الأمني والنخبتين الحضرمية والشبوانية)، وكلها تفاهمات تبخرت بعد عام من إبرامها، على نحوٍ يزيد من التساؤلات المطروحة حول ما وراء حرص أبو ظبي على إبقاء هذه القوات خارج أطر الشرعية والحكومة اليمنية.

إلى جانب ذلك، برز سبب ثالث تمثّل في انهماك التحالف السعودي ـ الإماراتي بالقيام بالمزيد من الممارسات التي تقوّض سلطة الحكومة اليمنية، بما في ذلك مواصلة “المجلس الانتقالي الجنوبي” الانفصالي أنشطته ضد الشرعية وبروز تطورات على غرار الاحتفال بتخرج دفعات جديدة من القوات الموالية للانفصاليين بحضور قادة “الانتقالي”.

وفي المهرة شرقي البلاد، واصلت الرياض الممارسات التي تعزز نفوذها ووجودها العسكري في المحافظة البعيدة عن أي مبررات مرتبطة بالحرب مع الحوثيين، في ظل سخط محلي متزايد ضد هذا الوجود واتهامات للحكومة بالتنصل من مسؤوليتها إزاء مطالب المواطنين.

أما السبب الرابع فمتمثّل في الجمود الذي تمر به البلاد على الصعيدين العسكري والسياسي، إذ تمكّن الحوثيون في الأشهر الأخيرة من إخماد انتفاضة قبلية في محافظة حجة شمالي البلاد وتقدموا في الأسابيع الأخيرة بمحافظة الضالع بمحاذاة إب. كما يواصلون الإجراءات والقرارات التي تعمّق سيطرتهم في محافظات شمال البلاد، في حين يبدو التحالف منهمكاً بالنفوذ والأجندة الخاصة جنوباً وشرقاً.

أما على الصعيد السياسي، فإن الحكومة اليمنية وفي ظل العقبات التي تواجهها من قبل التحالف، تظل عاجزة عن استثمار أي نجاحات، مثل انعقاد البرلمان للمرة الأولى.