تروج دولة الإمارات بكثافة لنفسها إعلاميا على أنها قبلة العمال الوافدين وجنة الحصول على امتيازات وظيفية لكن ذلك مجرد تغطية على “جحيم” فعلي للعمال الأجانب لاسيما من جنسيات آسيوية.
وترصد منظمات حقوقية دولية منها هيومن رايتس ووتش انتشار الإساءات العمالية في الإمارات، ومنها استغلال عمال البناء الوافدين بشكل خطير والتمييز بشكل تعسفي بحقوق عاملات المنازل، فضلت عن ممارسات عنصرية متعددة.
وتصادر الشركات في الإمارات بموجب نظام الكفيل الذي يشكل نوعا من العبودية، جوازات سفر العمال لمنعهم من العودة إلى بلدانهم دون إذنها، فيما يجبر العمال على العمل لساعات طويلة ولم يحصلوا على تعويض إضافي.
وتمثل العمالة الأجنبية جزءاً كبيراً من الطاقة العمالية في الإمارات والذين تجذبهم فرص العمل والمشاريع والأنشطة الاقتصادية، مشكلين نسبة حوالي 86% من سكان الدولة.
ويبلغ عدد جنسيات العمالة الأجنبية، متعددة الثقافات، أكثر من مائتي جنسية. رغم تأكيد المسؤولون في الدولة على التزامهم احترام حقوق العمالة، إلا أن المنظمات الدولية تصنف الإمارات بشكل سلبي في مؤشرات حقوق العمال والعبودية الحديثة.
وقبل أشهر سحب صندوق الثروة السيادي النرويجي الأكبر في العالم، استثماراته من شركة أمنية بريطانية؛ لانتهاكات ترتكبها الشركة بحق عمالها الأجانب في دولة الإمارات.
وتوصف شركة الأمن البريطانية “G4S”، بأنها أكبر جيش خاص في العالم، وتعد ثالث أكثر شركات القطاع الخاص توظيفا في العالم، وتقدم خدمات تأمين المنشآت عبر موظفيها من أفراد الأمن.
وقال الصندوق النرويجي، الذي يعد أكبر صندوق ثروة سيادي في العالم بقيمة 1.1 تريليون دولار، إنه اتخذ الخطوة بسبب “مخاطر غير مقبولة تسهم بها الشركة في ظل مسؤوليتها عن انتهاكات خطيرة ومنهجية لحقوق الإنسان. وتوظف الشركة في الإمارات آلاف العمال معظمهم من جنسيات دول مثل الهند وباكستان ونيبال.
وجاء القرار في أعقاب توصية من مجلس الأخلاقيات التابع للصندوق، الذي قال إن تحقيقاته بشأن عمليات الشركة في الإمارات أظهرت انتهاكات جسيمة للموظفين الأجانب.
وتملك الإمارات سجلا أسودا فيما يتعلق بحقوق العمال الأجانب خاصة من دول آسيا، وأحدث انتهاكاتها إهمالها بشكل صارخ صحة وسلامة العمال رغم مخاطر تفشي جائحة “فيروس كورونا” (COVID-19).
وتجاهلت السلطات الإماراتية قبل أيام إصابة أحد موظفي معرض إكسبو بفيروس كورونا، وقررت مواصلة العمل في تجهيزات إنشاء مواقع العرض رغم الدعوات الدولية المتكررة لحماية سلامة وصحة العمال.
وقال مجلس جنيف للحقوق والحريات إن على دولة الإمارات مراعاة صحة وسلامة آلاف العمال العاملين في تجهيز منشآت معرض إكسبو 2020 المقرر في إمارة دبي في ظل مخاطر فيروس كورونا.
وأكد مجلس جنيف في بيان صحفي أن الاستجابة لجائحة “فيروس كورونا” تتطلب إعطاء الأولوية للحق في الصحة للجميع واحترام حقوق الإنسان عبر تجنيب العمال في الإمارات وغالبيتهم وافدين من دول آسيوية خطر الإصابة بالوباء المتفشي عالميا.
ونبه إلى أن العمالة الوافدة في الإمارات غالبيتها من دول آسيوية تتركز على الفئات الهشة والضعيفة ويقطنون في تجمعات معرضة للخطر تفتقد للحماية ودرجات السلامة العامة.
وأكد المجلس الحقوقي الدولي أن الحماية من خطر الإصابة بفيروس كورونا تتطلب إجراء عاجل بوقف الأعمال الجارية في منشآت معرض إكسبو خاصة أنها تتم في مجمعات مكتظة يسهل فيها انتشار العدوى.
وقال مجلس جنيف إن احترام حقوق الإنسان وفقا للمعايير الدولية مثل “مبادئ الأمم المتحدة التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان” تفرض على الإمارات اتخاذ إجراءات فورية فيما يخص حماية العمال.
وأضاف أن لدى الإمارات سجلا سيئا فيما يخص انتهاكات العمل، حيث يواجه عمال البناء الوافدين استغلالا خطيرا، وتعتمد الدولة نظام الكفالة الذي يربط العمال المهاجرين بأرباب عملهم ويمكن محاكمتهن بتهمة “الفرار” ومعاقبتهن بالغرامات والسجن والترحيل، إذا تركوا صاحب العمل.
وشدد مجلس جنيف للحقوق والحريات على أنه يتوجب على الإمارات ضمان بقاء حقوق الإنسان في جوهر إجراءات الوقاية من فيروس كورونا دون تمييز وفي مقدمة ذلك سلامة العمال المهاجرين ذوي الأجور المتدنية المعرضين للعمل القسري بشكل كبير.
كما سبق أن أبرزت الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات التعسف الحاصل بحقوق عمال مشاريع تشييد منشآت المعرض الدولي اكسبو المقرر هذا العام في دبي الإماراتية.
ودعت الحملة الدولية في بيان لها، دول العالم المقرر مشاركتها في معرض اكسبو 2020 إلى الانتباه لما يتعرض له العمال في الإمارات من انتهاكات جسيمة.
وأكدت أن من واجب تلك الدول تحمل مسئولياتها القانونية والأخلاقية بضرورة مقاطعة اكسبو دبي 2020 انتصارا للعمال الوافدين وما يتعرضون له من انتهاكات.
وأشارت الحملة الدولية إلى استمرار الإمارات في تطبيق نظام الكفالة التعسفي الذي يربط تأشيرة العمال الوافدين بأصحاب العمل.
ويواجه الذين يتركون أصحاب عملهم دون إذن عقوبة بسبب “الهروب”، تشمل الغرامات والسجن والترحيل، فيما لا يزال العديد من العمال الوافدين ذوي الأجور المنخفضة عرضة للعمل القسري.
ويعول المسؤولون في دبي على المعرض الدولي لاستقطاب ملايين التجار والزوار والسياح، وبالتالي تحفيز قطاعات التجارة والسياحة والعقارات.
لكنهم لا يظهرون أي اهتمام بما يتعرض له العمال الوافدين في تشييد منشآت المعرض الدولي لتعسف بأبسط حقوقهم وسوء معاملة على كافة المستويات.
وقالت الحملة الدولية لمقاطعة الإمارات إن تفضيل المصالح الاقتصادية والتجارية من أي دولة للتغاضي عن انتهاكات حقوق العمال في الإمارات يشكل وصمة عار وأمر مشين.
وجددت الحملة الدولية دعوتها منظمة العمل الدولية إلى اتخاذ تدابير فورية ضد انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات بشأن العمال الذين ما زالوا يفتقرون إلى أساسيات متطلبات الصحة والسلامة المطلوبة في مجال البناء.
كما دعت الأمم المتحدة إلى تعيين مقرر خاص من أجل الإشراف على أوضاع حقوق الإنسان الخاصة بالعمال الآسيويين والأجانب في الإمارات بسبب الإساءات التاريخية التي تحدث في البلاد بانتظام.
وشددت الحملة على أنها سوف تستمر في الدفاع عن حقوق العمال الأجانب في الإمارات في ظل ما يتعرضون له من انتهاكات واسعة من حيث الأجور المتدنية والخضوع لممارسات العبودية مثل نظام الكفالة.