قال موقع ستراتفور الأمريكي، إن السعودية والإمارات تضغطان لإجبار سلطنة عُمان على تغيير مواقفها حيال العديد من القضايا، وتبني السياسات التي تتماشى بشكل وثيق مع سياساتهم الخاصة.
ويرى الموقع انه بالرغم من التزام سلطنة عُمان الحياد حيال نزاعات الخليج العربي، ومع استهداف الولايات المتحدة إيران بالعقوبات الاقتصادية، فإن السعودية والإمارات تضغطان عليها وتدفعانها لقطع علاقاتها مع إيران.
وأضاف الموقع، ان مسقط ستستعين بعلاقاتها الواسعة والمميزة مع القوى الدولية والإقليمية لمقاومة الضغوط، واصفاً اياها بأنها ذات خبرة في توازن القوى.
وأفاد الموقع بأن عُمان تدفع اليوم ثمن حيادها، من قبل بعض جيرانها العرب الغاضبين عليها، بسبب إعاقتها للجهود السعودية -الإماراتية لتحويل مجلس التعاون الخليجي، الى اتحاد تصبح فيه بشكل رمزي جزءاً من اتحاد خليجي.
كما رفضت مسقط توحيد صفوفها مع الإمارات وواجهت الجمود الذي تعرضت له الدوحة العام الماضي ، حيث اختارت بدلاً من ذلك الاحتفاظ بصلاتها مع قطر والحفاظ على علاقاتها التجارية والدبلوماسية مع إيران.
وفيما يخص حرب السعودية والامارات على اليمن، فإن مسقط “اختارت البقاء على تواصل مع جميع أطراف النزاع لتسهيل المفاوضات، في حين تتنافس مع الإمارات من أجل السيطرة على محافظة المهرة الشرقية في اليمن، التي كانت إلى ما قبل التدخل الإماراتي العسكري، منطقة نفوذ عُمانية”.
وأشار الموقع إلى رغبة الرياض وأبو ظبي في أن تكون مسقط أكثر مرونة تجاه مصالحهما الإقليمية، من خلال الضغط عليها بوقف تجارتها مع إيران، واغلاق أي باب للتواصل مع الحوثيين، والانضمام لدول حصار قطر.
وأضاف: “قد يكون لدى السعودية والإمارات مجموعة من وسائل الضغط من أجل دفع عُمان لذلك، مثل إقناع واشنطن بأن مسقط هي الحلقة الأضعف في الاستراتيجية الأمريكية المعادية لإيران؛ كونها تسمح لطهران باستخدام الأراضي العُمانية للالتفاف على العقوبات والحصار”.
وتابع “حتى لو فشل ذلك، فإن السعودية والإمارات قد تضغطان على مسقط من خلال التضييق على المواطنين العُمانيين والشركات العاملة في الإمارات، التي تعتبر أكبر شريك تجاري للسلطنة”، بالاضافة الى حيازة السعودية على صندوق استثماري في سلطنة عُمان، بقيمة 210 مليون دولار في منطقة الدقم، كما تستثمر الإمارات في الموانئ العمانية، الأمر الذي قد يشكل وسائل ضغط أخرى على السلطنة العمانية.
ونوه التقرير إلى وجود محاولات للتأثير على عملية خلافة السلطان، مع تردد أنباء حول تردي حالته الصحية، الأمر الذي قد يدفع السعودية والإمارات الى التعرف “من خلال استخباراتهما، على خليفة السلطان، والأسماء المرشحة لتولي عرش السلطنة؛ وهو ما قد يجعل من مسقط هدفاً للهجمات السعودية-الإماراتية خلال الفترة المقبلة.”
وكانت صحيفة الأخبار اللبنانية نشرت مؤخرا ملفا خاصا مزعوماً حول الجهود التي يبذلها ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، من أجل ما سمّته “إخضاع عُمان”، إلى جانب دور الأخيرة في مساندة قطر.
وأشارت إلى أن “التحرك باتجاه السلطنة لثنيها بالترغيب أو الترهيب، يبدو أنه قد بدأ فعلا منذ فترة بقيادة الإمارات، التي لها سوابق تاريخية في استفزاز عُمان والتدخل في شؤونها”، منوهة إلى أن “أبو ظبي حاولت الانقضاض على الظهير الجنوبي الغربي للسلطنة في اليمن (محافظة المهرة)، عن طريق شراء الولاءات وعمليات التجنيد والأعمال الإنسانية”.
واستدركت بقولها إن “الجهود الإماراتية لم تفلح في تحقيق الاختراق المطلوب، ما دعا السعودية إلى التدخل بنفسها تحت ستار منع التهريب”، مؤكدة أنه “حتى اليوم، لا يزال الشد والجذب قائما بين الرياض التي تحاول إحكام قبضتها على المهرة وبين أذرع النفوذ العمانية التي بدأت السلطنة بمدها في المحافظة، منذ أن انطلقت من هناك الدعوات إلى انفصال ظفار نهاية ستينيات القرن الماضي”.
وبينت الصحيفة أنه “بموازاة التحرك السعودي على الأرض، تتولى أبو ظبي مهمة إثارة مسقط إعلاميا، تارة عبر الدعوة إلى ضم جزيرة سقطرى إلى الإمارات، وتارة أخرى عبر إحياء الحساسيات التاريخية المتصلة بالحدود بين الدولتين، خصوصا محافظة مسندم العُمانية، التي لا تخفى الأطماع الإماراتية فيها”.
من جهة أخرى نفى محافظ المهرة اليمنية “راجح سعيد باكريت”، و على الهواء مباشرة، ما أورده مذيع قناة أبوظبي، الذي حاول اتّهام سلطنة عُمان بوجود عمليات تهريب أسلحة من خلال منفذ صرفيت العُماني إلى اليمن.
ونفى محافظ المهرة بشكل قاطع أي عمليات تهريب الأسلحة من منفذ صرفيت، مؤكداً أن المنفذ للركّاب وليس للشحن، وأن الأسلحة التي يتم ضبطها يمكن أن تكون شُحنت في مناطق أخرى في اليمن .
كما أكد “باكريت” أن المنفذ لا يستقبل الشاحنات الكبيرة نظراً لطبيعة المنطقة الجبلية، حيث أن محافظة المهرة تشكل الحدود الشرقية للجمهورية اليمنية مع السلطنة.
ومؤخراً، يعمد الإعلام الإماراتي إلى بثّ شائعات وأكاذيب حول استخدام الحدود بين سلطنة عُمان واليمن لعمليات تهريب أسلحة، وهو ما تنفيه السلطنة بشكلٍ قاطع.
وتسيطر القوات السعودية التي وصلت إلى محافظة المهرة نهاية العام الماضي وبداية العام الحالي، على منفذي شِحن وصِرفَت البريين اللذين يربطان المهرة بسلطنة عمان.
كما منعت حركة الملاحة والصيد في ميناء نِشْطون على مضيق هرمز وحولت مطار الغيضة الدولي إلى ثكنة عسكرية، ومنعت الرحلات المدنية من الوصول إليه.
وكانت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية نشرت العام الماضي تقريراً تحت عنوان “عُمان تتخوف من نفوذ أبو ظبي في اليمن”، وقالت فيه إن أول هذه المخاوف هو الدور المتزايد لدولة الإمارات في الأجزاء الجنوبية من اليمن.
وذكرت الصحيفة أن بعض العمانيين يفسرون مساعي الإمارات للسيطرة على الأراضي والنفوذ في جنوب اليمن كمحاولة لمنافسة الاستثمارات التي تمولها الصين في مشروع الميناء العماني “بالدقم” أو بشكل عام لتطويق السلطنة بشكل استراتيجي.
ويحتدم السباق المحموم على فرض السيطرة والنفوذ بين الرياض وأبوظبي في المهرة، وسط مخاوف لدى سلطنة عمان من حالة العبث والتحشيد العسكري الذي تشهده المهرة باعتباره تهديداً للأمن القومي للسلطنة، خاصة من التحركات الاماراتية المشبوهة، وحالة العداء الخفي بين الجانبين.