قالت دراسة أوروبية إن النظام الحاكم في الإمارات استغل ثورات الربيع العربي منذ انطلاقها عام 2011 لسحق أي معارضة داخلية.
وذكرت دراسة أصدرها المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية (ECFR)، أن الإمارات استخدمت بين عامي 2011 و2013 حجة الثورات العربية لتبرير القمع الوحشي واسع النطاق لحركة المعارضة المحلية الصغيرة المرتبطة بالإصلاح.
وأبرزت الدراسة تورط الإمارات بشكل رئيسي في قيادة الثورات المضادة لثورات الربيع العربي خشية على مستقبل نظامها المستبد.
وذكرت الإمارات بررت دعمها للانقلاب على الرئيس المنتخب في مصر محمد مرسي باعتبارها مسألة تتعلق بالأمن القومي وذلك من خلال رسم الروابط بين جماعة الإخوان المسلمين ومطالب الإصلاح في الدولة.
بموازاة ذلك سعت الإمارات لإعادة تسمية نفسها كقوة حديثة ورائدة عربية عبر حملات دعائية للتغطية على انتهاكاتها بحسب الدراسة.
إذ صورت أبو ظبي حملتها لتعزيز “التسامح” – التي توصف بدقة أكثر بأنها “التعددية الدينية” – على أنها معارضة مباشرة لجبهة إسلامية تمثل تقليدًا طويلاً من الظلامية الدينية.
وذلك من خلال استضافة البابا فرانسيس وبناء كنيس ضخم في عام 2019، وللترويج لحرية المسيحية واليهودية في الإمارات.
وذكرت الدراسة أن الإمارات روجت لهذه الرسائل نفسها لعقد من الزمن من خلال جهود الضغط المكثفة في أوروبا والولايات المتحدة.
والشهر الماضي أبرزت منظمة العفو الدولية حدة القمع في دولة الإمارات وسحق المعارضة فيها ضمن حكم استبدادي.
وقالت العفو الدولية إن ما يسمى “الربيع العربي” عام 2011 تحول إلى شتاء طويل لدعاة التغيير من النشطاء السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان، بمن فيهم سجناء الرأي.
وأشارت المنظمة إلى أن العشرات الذين عبروا عن آرائهم سلميًا والذين ناضلوا من أجل حقوق الإنسان الأساسية، يقضون فترات سجن طويلة تصل إلى السجن مدى الحياة في دول أبرزها الإمارات.
ولفتت إلى أنه في دول مجلس التعاون الخليجي (مجلس التعاون)، يقبع ما لا يقل عن 52 سجين رأي خلف القضبان، مسجونون لمجرد ممارسة حقهم المشروع في حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع.
وهم يضحون بسنوات من حياتهم بسبب دعوتهم إلى التغيير والإصلاح.
ولم يؤد سجنهم إلى إسكاتهم فحسب، بل امتدّ تأثيره المخيف بشكل فعّال في جميع أنحاء المنطقة، حيث لم يتبق سوى فسحة بسيطة، إن كان هناك أي فسحة على الإطلاق، لأيّ حرية تعبير.
وأبرزت المنظمة أن الإمارات – لجأت إلى قوانين غامضة الصياغة، وأحكام فضفاضة في قوانين العقوبات وقوانين الإجراءات الجنائية وجرائم الإنترنت وغيرها من القوانين لاحتجاز الأفراد ومحاكمتهم ومعاقبتهم.
وساوت الأنشطة السياسية السلمية مع التهديدات لأمن الدولة.
وفرضت قيود شديدة على التجمعات العامة والمظاهرات.
وحظرت وحلّت المنظمات غير الحكومية المستقلة، وجماعات المعارضة السياسية.
وأسكتت وحبست مؤسسي المنظمات غير الحكومية المستقلة.
وقالت المنظمة إن المحاكمة الجماعية، المعروفة باسم محاكمة “الإمارات94” شهدت محاكمة ما مجموعه 94 متهمًا جماعيّا بتهمة إنشاء منظمة تهدف إلى الإطاحة بالحكومة، وهي تهمة نفوها جميعاً.
وكان من بين المتهمين محامين بارزين وقضاة وأكاديميين وقيادات طلابية.
من بينهم الدكتور محمد الركن، محامي حقوق الإنسان الذي قدم المساعدة القانونية لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان في الإمارات.
بالإضافة الى مدافعين آخرين عن حقوق الإنسان.
فقد اعتقل ضباط أمن الدولة الدكتور محمد الركن في يوليو/تموز 2012.
ولمدة ثلاثة أشهر، لم تكن عائلته على علم بمكان وجوده.
وأدانت غرفة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا في أبو ظبي 69 شخصًا من بين 94 قيد المحاكمة، من بينهم ثمانية حوكموا غيابياً، وحكمت عليهم بالسجن لمدة تتراوح من سبع سنوات الى 15 عامًا.
وشابت المحاكمة مخالفات إجرائية خطيرة.
وقبلت هيئة المحكمة أدلّة الادعاء التي تتكوّن إلى حد كبير من “اعترافات” المدعى عليهم أثناء الحبس الاحتياطي.
ولم تراع في المحاكمة المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، بما في ذلك لأن أحكام هذه المحكمة كانت نهائية وكان القانون في حينها يحرم المتهمين من حق الاستئناف.
تحدث محمد الركن عن حياة النشطاء السياسيين في الإمارات في عام 2007، فقال: “قد يتمّ الثناء على الناشط، وقد يتلقى التهنئة على عمله، وقد يتمّ دعمه سراً، ولكن لن تُثار ضجة إذا ما حدث له شيء..”
وفي عام 2017، منح الركن جائزة لودوفيك تراريو الدولية لحقوق الإنسان.
يقضي الركن الآن عقوبة بالسجن لمدة عشر سنوات.
من جهته اعتقل المدافع عن حقوق الإنسان في الإمارات أحمد منصور في 20 مارس/آذار 2017.
وفي مايو/أيار 2018، أدين ظلماً بارتكاب جريمة “الإساءة إلى هيبة ومكانة الدولة ورموزها بمن فيهم قادتها” بالارتباط بنشاطه السلمي في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتم تثبيت إدانته والحكم عليه في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2018.
وهو محتجز في حبس انفرادي في سجن الصدر بأبو ظبي في ظروف مزرية.
ومنذ اعتقاله، سمح له فقط بمغادرة زنزانته الصغيرة لعدد قليل من الزيارات العائلية، ولم يسمح له بالخروج إلى ساحة التمارين في السجن إلا مرة واحدة.
احتجاجاً على ذلك، دخل في إضرابين منفصلين عن الطعام أضرا بصحته بشكل خطير.
كان أحمد منصور هو الصوت المستقل الوحيد الذي لا يزال يتحدث عبر مدونته وحسابه على تويتر ضد انتهاكات حقوق الإنسان من داخل البلاد.
ونتيجة لذلك، واجه ترهيبًا ومضايقات وتهديدات متكرّرة بالقتل من جانب السلطات الإماراتية أو مؤيديها.
ووضعته السلطات تحت الرقابة المادية والإلكترونية.
فقد تمّ اختراق حسابات الكمبيوتر والهاتف والبريد الإلكتروني وتويتر الخاصة به.
في عام 2015، وتقديرًا لعمله الشجاع، فاز بجائزة مارتن إينالز المرموقة للمدافعين عن حقوق الإنسان.
أثناء مشاركته في التصوير لفيلم منحه جائزة مارتن إينالز لعام 2015، قال أحمد منصور: “لا توجد وسيلة لقياس الرأي العام هنا (الإمارات) لأنه لا توجد إرادة حرة. الناس يخشون التحدث، وفي الوقت نفسه، لن يتوقفوا. لن نتوقف، علينا أن نواصل (…) إزالة حجرٍ من الجبل أفضل من ترك الجبل على حاله..”.