أبرز موقع أوروبي واسع الانتشار الدور التخريبي لدولة الإمارات وحليفتها السعودية في تعزيز الاستبداد في منطقة الشرق الأوسط بأي ثمن ضمن قيادتهما الثورات المضادة للربيع العربي.
ونشر موقع “مودرن دبلوماسي” الأوروبي تقريرا تحدث من خلاله عن حقيقة أن الانتقال السياسي في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أصبح يعمل حتى الآن على مبدأ التناقض.
وقال الموقع المتخصص في تناول شؤون السياسة الدولية إن السعودية والإمارات سعتا في دول المنطقة، منها ليبيا والسودان والجزائر، إلى الحفاظ على البنية الاستبدادية بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأي ثمن، كما أنهما تحرصان إما على تعزيز الأنظمة العسكرية لتكون قوة سياسية حاسمة أو دعم صعود القوات التي تناسب جدول أعمالهما.
فالمعركة الليبية من أجل طرابلس -إلى جانب المظاهرات الجماهيرية المناهضة للحكومة التي أطاحت بالقادة المستبدين في الجزائر والسودان- تبرهن على أن كلا من الاحتجاجات العربية الشعبية عام 2011 التي أطاحت بأربعة رؤساء، والثورة المضادة لها، ما زالت مستمرة ونشطة.
وأورد التقرير -الذي كتبه جيمس دورسي- أن المعركة تعدّ بمثابة تحذير للمحتجين في السودان والجزائر الذين تخاطر مطالبهم بالتغيير الجوهري بمضايقة الإمارات والسعودية ومصر.
اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعوم سعوديا وإماراتيا، يأمل بهجومه على العاصمة طرابلس أن ينهي الصراع أو على أقل تقدير يعزز من نفوذه في أي محادثات سلام.
المحتجون في الجزائر والسودان -يقول دورسي- عازمون على منع تكرار التجربة المصرية حيث دحر الجنرال (في إشارة إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي) -المدعوم من قبل الامارات والسعودية- إنجازات ثورتهم لتثبيت دكتاتورية وحشية، أو التجربة في اليمن وليبيا وسوريا التي عانت الحروب الأهلية بسبب تدخل قوى أجنبية.
فقد تعهدت السعودية والإمارات الأسبوع الماضي بتقديم مساعدات بقيمة ثلاثة مليارات دولار إلى السودان، على شكل مبالغ نقدية بقيمة خمسمئة مليون دولار ومساعدات من الأغذية والوقود والأدوية الرخيصة.
هذه المساعدات ساهمت في تعميق الانقسامات في أوساط المعارضة التي تعهدت بمواصلة الاحتجاجات في الشوارع حتى يتحقق الحكم المدني الكامل على الرغم من إقالة الرئيس عمر البشير، واستقالة كبار الضباط العسكريين، بمن في ذلك رئيس المخابرات، وإلقاء القبض على أشقاء البشير.
فبينما طالب محتجون سودانيون العسكر برفض تلك المساعدات، فإن جماعات معارضة أخرى بما في ذلك المسلحة قامت بزيارة أبو ظبي لمناقشة المشروع الذي تدعمه السعودية والإمارات والقائم على مجلس انتقالي بقيادة العسكر.
السعوديون والإماراتيون يأملون أيضا أن يكون طه الحسين -الذي كان من الشخصيات النافذة في دائرة البشير- لاعبا أساسيا في حماية موقف العسكر.
كما أن رئيس المجلس الانتقالي عبد الفتاح البرهان ونائبه الفريق محمد حمدان “حميدتي” يحظيان بعلاقات وطيدة مع الدولتين الخليجيتين خاصة لأدوارهما السابقة في قيادة قوات سودانية بالتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن.
وحميدتي كان قائدا للقوات المتهمة بارتكاب مجازر في دارفور، ويعتقد كاتب المقال أنه يتطلع إلى السلطة، ويصفه مسؤولون غربيون بأنه “سيسي السودان” في إشارة إلى سيسي مصر الذي أسس أكثر الأنظمة قمعا في تاريخ مصر الحديث.
فدور العسكر في الإطاحة بنظام حسني مبارك في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، واستعادته السلطة بانقلاب، إلى جانب القلق من تطبيق ذلك على حميدتي، دفع أحد المحتجين السودانيين إلى الهتاف “إما النصر أو مصر”.
ويخلص الكاتب إلى أن ثمة فرصة في السودان والجزائر لتجنب المصير الذي تعانيه ليبيا من العنف، أو الحرب الأهلية في سوريا واليمن.