موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الإمارات تعرقل جهود السعودية لتهدئة الأوضاع في اليمن

166

تخوض السعودية جلسات مكوكية في محاولة لإقناع قادة المجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن – المدعوم إماراتيا – بتأجيل مطالبهم إلى حين انتهاء الحرب ضد جماعة الحوثي التي تسيطر على العاصمة صنعاء إلا أن اإمارات تواصل عرقلة جهود الرياض خدمة لمؤامراتها في التوسع والنفوذ.

ويمكث عيدروس الزبيدي، رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي اليمني، حاليا في العاصمة الرياض منذ 19 مايو/ أيار المنصرم لمعالجة آخر المآزق الواضحة لحكومة الرئيس المنفيّ عبد ربه منصور هادي.

وقال المجلس الانتقالي الجنوبي في البداية، إن الرحلة كانت من المُقرَّر أن تستغرق ثلاثة أيام. لكن عيدروس ظهر، أمس الاثنين، لأول مرة منذ وصوله المملكة، بمقر إقامته بالرياض أثناء استقباله السفير الفرنسي لدى اليمن، كريستيان تيستو.

وتعد هذه الزيارة هي الأولى للمجلس الانتقالي الجنوبي -الذي تدعمه الإمارات- منذ “اتفاق الرياض” نوفمبر/ تشرين ثان 2019.

وتوصلت المملكة بعد اشتباكات بين أنصار حكومة هادي والمجلس الانتقالي الجنوبي إلى ما يعرف باتفاق الرياض، الذي وصف بأنه غير دقيق وطموح بشكل مفرط، لأنه يسعى لتنظيم تقاسم السلطة بين الطرفين، إلا أنه بقي حبرا على ورق.

لكن الخلافات تصاعدت مجددا بين المجلس الانتقالي والحكومة الشرعية خلال الأسابيع الماضية بعد أن أعلن الانتقالي “الإدارة الذاتية للجنوب”، إبريل/ نيسان المنصرم وهو الأمر الذي اعتبرته الحكومة اليمنية انقلابا جديدا وخرقا لاتفاق الرياض الذي جرى توقيعه بين الطرفين بإشراف السعودية، ولم ينفذ حتى اللحظة.

والغريب في الأمر، أن الرياض تقابل أفعال المجلس الانتقالي بـ”صمت” وسط اتهامات يمنية بتدبير السعودية والإمارات مخططا جديدا في اليمن.

وبينما تتطلَّع المملكة التي أنهكتها الحرب إلى مخرج سلس من الحرب، وتظل الإمارات على الأرجح تحترم رغبات قيادة الرياض للتحالف، يتساءل المراقبون عن قدرة السعودية على إصلاح التحالف المُعطل مرة أخرى.

والتحالف (السعودية والإمارات) لم يفلح بتحقيق أيٍّ من أهدافه المعلنة منذ بدء الحرب أبرزها: إعادة الحكومة الشرعية بعد الانقلاب الذي نفّذه الحوثيون في أيلول/سبتمبر 2014، بل إن التحالف لم يحافظ على تماسكه.

وقالت هنا بورتر، مُحلِّلة الشؤون اليمنية بشركة DT Global، وهي شركة تنمية دولية في واشنطن: “منذ لحظة توقيع اتفاق الرياض، كان من الواضح أن تنفيذه سيمثِّل إشكاليةً”.

وأضافت بورتر: “التفاصيل غامضة. وهذا سمح لكل طرف بأن يخرج من الاتفاق بأفكارٍ مختلفة تماماً عمَّا سيبدو عليه التطبيق”، فقد نصَّت الصفقة أيضاً على إجراء ترتيباتٍ أمنية في وقتٍ قصيرٍ بشكلٍ مستحيل، ولم تُحدِّد التسلسل الذي ستُنفَّذ وفقه التزاماتٌ مُعيَّنة.

واتَّفَق كلا الجانبين، في اتفاق الرياض، على أن يتخلَّى المجلس الانتقالي الجنوبي عن أسلحته الثقيلة ويندمج في القوات الحكومية اليمنية. لكن المجلس رَفَضَ تسليم أسلحته حتى يصل إلى تسويةٍ سياسية فيما يتعلَّق بإدماجه في الحكومة.

وتُصِرُّ الحكومة اليمنية الشرعية على أن يتخلَّى المجلس عن أسلحته أولاً.

ورغم تأكيد اتفاق نوفمبر/تشرين الثاني، مشاركة المجلس الانتقالي الجنوبي في محادثات السلام المستقبلية بقيادة الأمم المتحدة، فقد جَعَلَ الرفض الحوثي الواضح لوقف إطلاق النار خلال جائحة فيروس كورونا المُستجَد الحرب الأوسع أبعد من خط نهايتها.

ويقول خبراء إن الوضع الحالي جَعَلَ المجلس الانتقالي الجنوبي أمام خيارين، في حال أراد تأمين مستقبله باليمن: إما أن يسيطر على جنوبي البلاد، وهو الأمر الذي فشل فيه حتى الآن، وإما أن يواصل التنافس على مقعدٍ في محادثات السلام التي تقودها الأمم المتحدة من خلال اتفاقٍ سياسي مع منصور هادي.

وذكرت إيلانا ديلوزير، الباحثة الزميلة بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى: “لن يحل المجلس الانتقالي الجنوبي اتفاق الرياض، لأنه سوف يخسر فرصته في المشاركة في محادثات السلام”.

وقالت ديلوزير: “لهذا السبب، من المُرجَّح أنهم لن يتخلوا عن أسلحتهم حتى يُطبَّق اتفاقٌ مع هادي بإدراجهم في الحكومة”. وترى أنه رغم قدرة السعوديين على دفع الرئيس اليمني إلى طاولة المفاوضات، فإنه ما مِن إشارةٍ على أن بإمكانهم إجباره على المساومة.

ورأت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن السعودية تبحث عن مخرج مشرف للهروب من “المستنقع اليمني”، لكن الخريطة السياسية والعسكرية في البلد الممزق يجعل مهمتها مستحيلة.

وذكرت الصحيفة أن الحوثيين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء ويواصلون هجماتهم يتجاهلون شمال اليمن، فيما يتصاعد التوتر جنوبا  حول العاصمة المؤقتة عدن، بعد إعلان المجلس الانتقالي المدعوم إماراتيا تقرير المصير أواخر أبريل الماضي.

وقالت “لوموند” إن هذه التوترات الجديدة داخل المعسكر المناهض للحوثيين تشكل عبئا إضافيا على الرياض التي يبدو أن جهودها الدبلوماسية على الساحة اليمنية محكوم عليها بالفشل.

وقال الباحث في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن ثانوس بيتوريس: إن “تصريح الجنوبيين هو قبل كل شيء رمزي، ويهدف إلى تذكير السعوديين بأنهم لا يستطيعون إدارة الجنوب دون مراعاة مصالح المجلس الانتقالي الجنوبي، وإجبار هادي على التنازلات”.

وأضاف بيتوريس: “تحقيقاً لهذه الغاية يكفي الجنوبيين دعما، عدم شعبية الحكومة الرسمية في عدن وما حولها، والدعم الشعبي الذي يتمتعون به هناك، خاصة أن إعلانهم جاء بعد فيضانات غزيرة تُرك فيها سكان المدينة الجنوبية لحالهم، مما أثار إحباط من يرون أنفسهم في الجنوب مهملين ومهمشين ومسيطرا عليهم منذ توحيد البلاد”.

وحسب الصحيفة، يتمتع المجلس الانتقالي بميزة أخرى تتمثل في أن قواته تتلقى منذ العام 2015 دعما لا يتزعزع من الإمارات التي انسحبت رسميا من الأراضي اليمنية، ولكن بعد أن رفعت القدرات العسكرية للجنوبيين وجهزتهم ودربتهم، مما سمح لهم بالسيطرة على المحافظات الجنوبية الغربية، حيث يمارسون نفوذهم في المؤسسات المدنية، رغم أن الموظفين فيها لا يزالون يتلقون رواتب من حكومة هادي.

ووثقت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان قتل وجرح أكثر من 200 ألف مدني منذ بدء دول التحالف السعودية والإمارات الحرب في اليمن مارس/آذار 2015، وقد اشتدت أزمة إنسانية من صنع الإنسان مع ما يقرب من 16 مليون شخص يستيقظون جوعى كل يوم.