موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

أحياء روسية بالكامل تظهر في الإمارات هرباً من العقوبات الدولية

819

قال مركز الإمارات للدراسات والإعلام ايماسك، إن أحياء روسية بالكامل تظهر في الإمارات هرباً من العقوبات الدولية المفروضة على موسكو منذ غزوها الأراضي الأوكرانية في شباط/فبراير الماضي.

وأشار المركز إلى تركيز الصحافة الدولية على أن الشركات والمليارديرات الروس يفرون من بلادهم وأوروبا إلى الإمارات لتجنب العقوبات الدولية بسبب الحرب الروسية على أوكرانيا.

وقال قادة الأعمال المنخرطون في العقارات والعمليات التجارية إن دبي تبدو الملاذ الجديد لأصحاب المليارات ورجال الأعمال من روسيا.

ولم تفرض الإمارات عقوبات على روسيا، ولم تنتقد الغزو الروسي لأوكرانيا. كما يتم منح الروس الذين لم يذكروا في العقوبات تأشيرات في الإمارات في حين أن العديد من الدول الغربية فرضت عليهم قيودًا.

وقالت تقارير بريطانية وأمريكية إن الأوليغارشيون الروس يفرون إلى دبي لتجنب تأثير العقوبات الغربية بسبب حرب فلاديمير بوتين في أوكرانيا.

وسبق أن نشر مركز الإمارات للدراسات والإعلام “ايماسك” تقريراً في مارس/آذار الماضي يبين تدفق الأوليغارشيين إلى الإمارات.

تدقيق أوروبي واسع على الإمارات

وقد قام عدد من الأوليغارش الروس بالفعل بإرساء يخوتهم في مراسي دبي لتجنب العقوبات الغربية. وذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن الأوليغارش يسعون لمبادلة شققهم في لندن بعقارات في دبي من أجل تجنب تدقيق المنظمين الغربيين الذين يسعون إلى معاقبة الكرملين وداعميه على الهجوم الذي يشنه ضد أوكرانيا.

وقال تقرير لصحيفة ميرور البريطانية إن المليارديرات ورجال الأعمال الذين اتخذوا هذه الخطوة بدأوا في ترسيخ جذورهم، حيث ارتفعت مشتريات العقارات في دبي من قبل الروس بنسبة 67٪ في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022. لم تفرض الإمارات عقوبات على روسيا، ولم تنتقد الغزو الروسي لأوكرانيا.

ووفقا لبحث جديد مكون من 46 صفحة أشارت له صحيفة الإندبندنت إلى أن أكثر من 20 مراسلاً صحفياً من أوروبا الغربية والشرقية، والدول الاسكندنافية، ودول البلطيق، ودول البلقان، بحثوا في أسماء مالكي العقارات، تبين أن أكثر من 100 شخصية سياسية وإعلامية وأوليغارش روس قريبين من الكرملين يملكون عقارات في دبي والإمارات.

كما أن هناك كذلك العشرات من الأوروبيين المتهمين بغسل الأموال والاختلاس والفساد، وكذلك العديد من الفارين من القانون.

ما يشير إلى أن الأوروبيين باتوا يدققون بشكل كبير على “غسيل الأموال” في الإمارات، ويخشى خبراء اقتصاد من أن يؤدي ذلك إلى عقوبات على النظام المالي والاقتصاد الإماراتيين.

وقال قادة الأعمال لبي بي سي إن التقديرات تشير إلى أن مئات الآلاف من الأشخاص غادروا روسيا خلال الشهرين الماضيين، على الرغم من عدم توفر الأرقام الدقيقة.

ارتفاع أسعار العقارات

وفقًا لأحد الاقتصاديين الروس، غادر ما يصل إلى 200000 روسي في الأيام العشرة الأولى منذ بدء الحرب. وجدت “بيترهوم” (Betterhomes)، وهي وكالة عقارية مقرها دبي، أن مشتريات العقارات من قبل الروس ارتفعت بنسبة الثلثين في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2022- حسب ما أفاد تقرير تلفزيون (بي بي سي).

وأدى وصول المواطنين الروس إلى تعزيز الطلب على الفيلات والشقق الفاخرة في جميع أنحاء الإمارات، حيث أبلغ وكلاء العقارات عن ارتفاع أسعار العقارات.

وكان تقرير لمجلة “فوربس” في أبريل/نيسان الماضي، أشار إلى قفزة كبيرة في عدد المليارديرات الروس الذين يبحثون عن منازل بملايين الدولارات في دبي، وقد زاد الطلب على العقارات الفاخرة في المدينة بسبب تدفق الروس وفقاً لـ”بي بي سي”، حيث أكد سماسرة تمويل عقاري ارتفاع أسعار العقارات هناك مع وصولهم.

وقالت وكالة عقارية أخرى “مودرن ليفينج” (Modern Living) إنها وظفت العديد من الوكلاء الناطقين بالروسية لتلبية الطلب المتزايد، حيث قال الرئيس التنفيذي تياجو كالداس إنهم يتلقون مكالمات عديدة من مواطنين روس يتطلعون إلى الانتقال إلى دبي على الفور.

وقال كالداس “الروس الذين ينزلون لا يشترون من أجل الاستثمار فحسب، بل ينظرون إلى دبي كوطن ثان.”

ما يعني أن الروس لايقبلون على شراء المنازل في دبي بغية الاستثمار فقط، بل ينظرون إلى الإمارات على أنها بلدهم الثاني، كما قال كالداس. حيث يتطلع الروس للاستفادة من “الإقامة الذهبية” طويلة الأمد التي يمكنهم الحصول عليها في حال استثمارهم ما لا يقل عن 10 ملايين درهم (2.7 مليون دولار) في شركة محلية أو صندوق استثماري، أو بطرق أخرى.

كما أن امتلاك المليارديرات الروس للعقارات في دبي أو أي إمارة أخرى في الدولة يتيح لهم الحصول على الجنسية الإماراتية.

انتقال الشركات

كما قامت الشركات متعددة الجنسيات والشركات الروسية الناشئة بنقل موظفيها إلى الإمارات، مما تسبب فيما أطلق عليه قادة الأعمال “هجرة الأدمغة”.

كما كان هناك ارتفاع كبير في عدد العملاء الروس الذين اتصلوا بـشركة “فروتوزون” (Virtuzone) التي تساعد الشركات على بدء عملياتها في دبي. وقال جورج هوجيجي الرئيس التنفيذي لهذه الشركة إنه  “تتلقى خمسة أضعاف الاستفسارات من الروس منذ بدء الحرب”. وقال: “إنهم قلقون من الانهيار الاقتصادي القادم”.

وأضاف: “لهذا ينتقلون إلى هنا لتأمين ثرواتهم”.

وفي مارس/ آذار الماضي، أشارت داريا نيفسكايا، الشريكة في شركة “إف تي إل أدفايزرز” (FTL Advisers) القانونية التي تتخذ من موسكو مقراً لها، والتي تقدّم خدماتها للروس الأثرياء، إلى أن قضية هجرة الأثرياء الروس لا ترتبط بشريحة الأوليغارشية.

وقالت إنه “حتى الروس الذين لديهم مصادر دخل شفافة، وليست لديهم صلات بسلطات الدولة، يخشون أن يتم جمعهم مع رجال الأعمال الخاضعين للعقوبات أو أن يتم نزع ممتلكاتهم، وهم يحاولون إعادة هيكلة ملكية أصولهم حتى لا يتعرّضوا للمطاردة العمياء”.

نيفسكايا ذاتها وبحسب “بلومبرغ”، وصلت مؤخراً إلى دبي لأن شركتها شهدت زيادة في الطلب من الروس لتسجيل الشركات في دولة الإمارات للاحتفاظ بأصولهم، بما في ذلك الأصول المالية.

احياء كاملة للروس في الإمارات

صحيفة “انوفي إيزفيستيا” الروسية كتبت تقول: سيؤدي الحظر المرتقب على شراء العقارات في الاتحاد الأوروبي إلى حقيقة أن الروس سينتقلون بكثافة إلى الإمارات.

يخطط الاتحاد الأوروبي، في إطار الحزمة السادسة من العقوبات، لمنع المواطنين الروس من شراء عقارات في الاتحاد الأوروبي. ما سيؤثر هذا التقييد على الأفراد والكيانات القانونية التابعة للروس.

في الوقت نفسه، لن تؤثر العقوبات على الروس الحاملين لجنسية أخرى أو تصريح الإقامة في دول الاتحاد الأوروبي أو في سويسرا. تسبب هذا الخبر في ردود فعل متباينة في وسائل الإعلام الروسية والشبكات الاجتماعية.

يعتقد المراقب السياسي في صحيفة كومرسانت “ديمتري دريز” أنه إذا تم اعتماد حزمة العقوبات هذه، فإن حقبة بأكملها ستنتهي: “… وليس فقط الأحياء الروسية في نيس وكورشوفيل وماربيا، ولكن أيضًا الشقق ذات الميزانية المحدودة في جمهورية التشيك وسلوفاكيا واليونان – كل هذا لن يحدث مرة أخرى على المدى المتوسط. مع شكوك إذا استمرت هذه الأحياء وممتلكات هؤلاء الروس في البقاء، على الرغم من أنه ليس من الواضح كيف ستتحول الأحداث إلى أبعد من ذلك. لكن ربما لن تكون هناك صفقات جديدة بالشكل الذي كان عليه في السنوات التي سبقت الحرب”.

يعتبر الخبير الاقتصادي يفغيني كوجان أن هذه الإجراءات لا معنى لها، خاصة بالنسبة لأوروبا نفسها: من تستهدف هذه الإجراءات؟ ضد أولئك الذين غادروا روسيا بعد 24 فبراير ولم يصبحوا مقيمين / مقيمين في الاتحاد الأوروبي بعد ، وكذلك ضد المتقاعدين الروس الذين يشترون شققًا صغيرة في بلغاريا وإسبانيا وكرواتيا كأكواخ صيفية.

وقالت صحيفة إيزفيستيا “بادئ ذي بدء، على الأرجح ، سيعاني سوق العقارات في البلدان الأوروبية الفقيرة، التي تلقت دعمًا جيدًا بسبب الفئات المذكورة أعلاه”…

وأشارت بالقول: حسنًا، أصبحت الإمارات بديلاً آخر لأوروبا. على سبيل المثال، تظهر أحياء روسية بأكملها بالفعل في دبي.

الخبير الاقتصادي فلاديسلاف إينوزيمتسيف كتب في عموده: “هناك رأي مفاده أن الحرب تجلب الخسائر للجميع، لكن هذا ليس صحيحًا تمامًا. هناك مستفيدون أيضا. أهمها اليوم الإمارات. فلم تخيف الاستحواذ على الممتلكات والأصول الروسية (حتى الآن في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة وسويسرا) الأعمال التجارية العالمية، ولكنها أثارت قلقًا كبيرًا على حد سواء الروس أنفسهم الذين يعيشون في الخارج وأصحاب الثروات التي لا يكسبون دائمًا ثروات كبيرة بنزاهة.

ونتيجة لذلك، ارتفع الطلب على العقارات في الإمارات إلى مستويات قياسية، وارتفع عدد الصفقات في بداية العام الجاري بنسبة 75٪ مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021، وزادت قيمتها الإجمالية بمقدار 2.45 مرة. كان الاتجاه الجديد هو بيع العقارات في لندن مع الشراء المتزامن في دبي أو الشارقة أو أبوظبي”.

الموقف الرسمي

وكانت الإمارات إحدى الدول الثلاث، إلى جانب الصين والهند، التي امتنعت عن التصويت في الأمم المتحدة في فبراير/شباط لإدانة غزو روسيا لأوكرانيا. كما امتنعت عن التصويت في الجمعية العامة يوم السابع من أبريل/نيسان لتعليق عضوية روسيا في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.

وتأتي زيادة الاستثمارات الروسية بعد أشهر قليلة من وضْع الإمارات العربية المتحدة على “القائمة الرمادية” لمجموعة العمل المالي، الدولية التي ترصد المخالفات المالية حول العالم.

ويعني ذلك رقابة متزايدة تشهدها الإمارات على صعيد جهودها للتصدّي لعمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.

وتقول الحكومة الإماراتية إنها اتخذت تدابير هامة لتنظيم الاستثمارات الوافدة، كما صرّحت بأنها لا تزال ملتزمة بالعمل عن كثب مع منظمة مجموعة العمل المالي الدولية من أجل مزيد من التحسّن.

وأكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مارس/آذار الماضي، أن موسكو تثمن دور الإمارات المتزن والمعتدل بشأن أوكرانيا، على هامش استقباله وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد.

ويخلص البحث الذي أطلعت عليه “صحيفة الإندبندنت” إلى أن دبي تبدي القليل من الاستعداد لفتح كتبها والتوقف عن السماح للأثرياء المحتالين بإخفاء أموالهم على شواطئها.

إلا أن الخبراء يشيرون إلى أن العقوبات الغربية على المعاملات المالية القادمة من دبي وإليها قد تكون الطريقة الوحيدة لإقناعها باتخاذ إجراءات صارمة