بعد التطبيع الدبلوماسي.. الإمارات تتعاون تجاريا مع نظام الأسد علنا
كشف مسؤول باتحاد غرف التجارة السورية التابع لنظام “بشار الأسد” عن تلقيهم دعوة رسمية من غرفة تجارة وصناعة أبوظبي لزيارة الإمارات ضمن خطوة لإعادة العلاقات بين الجانبين.
وصرح عضو مجلس اتحاد غرف التجارة السورية، “عبد الرحيم رحال” بأنهم سينظمون زيارة إلى أبوظبي في 19 يناير الجاري؛ تلبية لدعوة رسمية من غرفة تجارة وصناعة أبوظبي.
وأضاف أن “الوفد يضم 26 رجل وسيدة أعمال سوريين برئاسة محمد حمشو وجملة من الاقتصاديين السوريين البارزين الذين يمثلون غرف التجارة والصناعة بعدد من المحافظات السورية.
وأوضح أن الزيارة ستستمر ليومين، وسيلتقي الوفد مع رئيس وأعضاء الغرفة وكبار رجال الأعمال”.
والشهر الماضي، أعلنت الإمارات إعادة العمل في سفارتها بدمشق، بعد سنوات من إغلاقها إلى جانب عدد من سفارات الدول العربية بعد بدء الحرب في سوريا.
وتسابقت بعض الأنظمة العربية لإعادة علاقاتها مع نظام الأسد بشكل علني، كان أولها قيام الرئيس السوداني عمر البشير، بزيارة تُعدّ الأولى من نوعها لرئيس عربي إلى دمشق، منذ عام 2011.
والذريعة التي يسُوقها المحور الإماراتي السعودي المصري في إعادة العلاقات مع نظام الأسد هي تخفيض حجم النفوذين التركي والإيراني في سوريا، ولكن تلك النظم في الحقيقة مدفوعة بالرغبة العميقة في إجهاض تحرُّكات الشعوب العربية نحو الخلاص من نظُم القمع والتفرّد؛ لكي لا يكون أيُّ نجاحٍ لتلك الآمال الشعبية العربية مصدر إلهام للشعوب الأخرى، ومنها الشعبُ العربي في الخليج، للمطالبة بتغييرات حقيقية تُحَسِّن حقوقهم، وتتجاوب مع تطلُّعاتهم نحو العدالة، والمشاركة السياسية.
والكلُّ يستذكر علامات القلق الكبير الذي انتاب الإمارات وحلفائها بعد إطاحة الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، بعد أن لم تقدِّم له الإدارةُ الأميركية السابقة الدعم، حين قدَّرت أنه لا مجال لاستبقائه، وأنّ إطاحته لن تُفضي إلى انفلات السلطة، بل إلى إمكانية إعادة إنتاج النظام، من خلال المجلس العسكري وقادة الجيش.
وها هو مبارك، فعلا، يعود، مُعزَّزا مُكرَّما، ليكون شاهدا على قضية الإخوان المسلمين، والرئيس المنتخَب محمد مرسي، في موقفٍ بالغ الاستفزاز، وفي إعلانٍ سافر بانتصار الثورات المضادَّة، في ما يشبه الاعتذار له، ولحكمه، بكل ما حمل من ظلم وفساد، دفَع ملايين المصريين إلى الخروج عليه. وهكذا تعاد السيرة مع بشار الأسد، فبقدر رمزية النظام في البطش، يجري صَقْلُه وتطهيره.
ويظهر أنَّ الآخذين بهذه الطريقة في التعامُل مع الاستحقاقات الشعبية لا يعيرون كبير اهتمام لمدى نجاعتها، على المدى الطويل، أو حتى المتوسط، فلا تلتفت دول الثورات المضادة إلى الدوافع الحقيقية لتلك الثورات، وهي دوافع وفّرتها تلك النُّظُم بالاستئثار بالرأي، والثروة.
كما لا تلتفت الدولُ المتقرّبة من دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى أسباب الرفض الشعبي العربي لأيِّ من أشكال التطبيع معها، وهي أسبابٌ تتغذّى من الاحتلال وارتفاع وتائره.
وهنا يضحِّي نظامُ الممانعة في دمشق، وحليفتُه إيران، وحزب الله، بغير قليلٍ من تلك الركيزة الفعّالة، فيما يفترَض، وهي الموقف من إسرائيل، ويتركونها تتآكل، درءًا لخطرٍ أكبر، وهو الحفاظ على النظام، وكأنّ بقاءه، بحدّ ذاته، يستأهل التضحية بكلِّ ما سواه، حتى بخطابه الأبرز، داخليا، وعربيا.
وهنا السؤال: إذا كان التقارُب يزداد بين نظُم الممانعة والاعتدال، في أوج عمليات تطبيع (المعتدلة) مع دولة الاحتلال، وفي أوج استعلاء نظام الأسد على شعبه، باستقوائه بإيران الخطر الأكبر، وَفْق التصوُّرات الاستراتيجية لدول الاعتدال، فمَن المتآمر الذي لطالما استُخدِم، مِن كلا الطرفين؟ مَن العدوّ الذي لطالما حُشِد له من أجل صرف الأصوات والمطالب المُحقّة، داخليا، لدى الشعوب الخاضعة للمحورين؟ وهل يسمح هذا الانكشاف باستمرار اللعب على هذا التناقض المعلن، بعدما طفت على السطح الأبعادُ والعوامل الأكثر فاعلية، وهي هَزْمُ الشعوب، وبأسلوب الصدمة، كما حدث لدى زيارة وزيرة إسرائيلية مسجد الشيخ زايد في أبوظبي، وكما حدث حين أُعيد إنتاج صورة مبارك في المحكمة التي أصبح فيها شاهدا مسؤولا وحريصا على الأمن القومي المصري.
نعم، تختلف الدول في مساحات، وتتفق، وتتقاطع، على مصالح مشتركة. ولكن، لنرى هنا، تلك المساحة المُظلَّلة، أو المظلمة التي تقاطعوا فيها.