موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل: أزمة انعدام ثقة في علاقات الإمارات والولايات المتحدة

244

تطغى أزمة انعدام ثقة في علاقات الإمارات والولايات المتحدة الأمريكية ظهرت جلية في خضم أزمة غزو روسيا أوكرانيا واتخاذ أبوظبي موقف مخالف لتوجهات واشنطن.

وتمر العلاقات الإماراتية- الأمريكية بمرحلة سيئة للغاية من انعدام الثقة متبادل، خاصة مع بروز أبوظبي أقرب إلى موسكو من واشنطن في الحرب الروسية على أوكرانيا.

عبّرت الإمارات خلال العام الماضي -على الأقل- عن عدم ارتياحها من تعامل الولايات المتحدة مع حلفائها في المنطقة، وكان أبرز ملامح الغضب الإماراتي تعليق شراء طائرات F-35 التي ظلت أبوظبي تلّح سنوات على الإدارة الأمريكية الحصول عليها.

خلافات أوكرانيا

زادت الخلافات بشأن الحرب في اليمن، خاصة من السلوك الأمريكي الضعيف -حسب المسؤولين الإماراتيين- تجاه هجمات الحوثيين الإرهابية على أبوظبي. إضافة إلى خلافات حول شروط أمريكا لتنفيذ صفقات مبيعات السلاح.

تفاقمت الخلافات عقب رفض الإمارات لقرار صاغته الولايات المتحدة لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا بامتناعها عن التصويت وهو ما أظهر أن واشنطن لا يجب أن تعتبر دعم أبوظبي أمرا مسلما به.

وقال يوسف العتيبة سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة، يوم الخميس 03 فبراير/شباط 2022، في مؤتمر لتكنولوجيا الدفاع في أبو ظبي “مثل أي علاقة. فيها أيام قوية، العلاقة فيها صحية جدا. وأيام العلاقة فيها موضع تساؤل. واليوم نحن نمر باختبار تحمل، لكني أثق أننا سنجتازه ونصل إلى وضع أفضل”.

وتقول الإمارات ودول خليج أخرى إنها تريد البقاء على الحياد بين الحلفاء الغربيين وروسيا شريكتهم في تكتل منتجي النفط “أوبك+” وتريد الولايات المتحدة والغرب زيادة الإنتاج لتخفيض سعر برميل النفط الذي وصل إلى 115$.

وحتى الآن ترفض الإمارات التعليق على العقوبات الغربية على روسيا، حيث تملك صناديق الاستثمار الإماراتية التابعة للدولة حصصا في شركات روسية وعلاقات استراتيجية بصندوق الثروة السيادي الروسي. كما تملك أبوظبي وموسكو علاقات جيدة ومصالح مشتركة في سوريا وليبيا.

وعلى الرغم من أن الإمارات قامت بالتصويت لصالح قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة يدين الهجوم الروسي على أوكرانيا إلا أن المحللين يرون أن الموقف الإماراتي ما يزال متمسكاً بروسيا.

ولم تكن الإمارات لتقبل التصويت لصالح القرار لولا الضغط الإسرائيلي، حسب ما ذكر موقع “أكسيوس” في تقرير نشر يوم الخميس (03 مارس/آذار2022) بالقول إن الولايات المتحدة جندت الاحتلال الإسرائيلي للضغط على أبوظبي من أجل التصويت على قرار للأمم المتحدة يدين الغزو الروسي لأوكرانيا.

وقبل التصويت اتصل وزير خارجية إسرائيل “يائير لابيد”، بوزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد، وأخبره أن “إسرائيل تعتقد أن التصويت لإدانة روسيا سيكون الشيء الصحيح الذي يجب فعله”.

الخلافات العلنية: معسكر موسكو!

كان المسؤولون الأمريكيون والبريطانيون وغيرهم من المسؤولين الغربيين غاضبين من امتناع الإمارات عن التصويت على قضية سرعان ما أصبحت الهدف الأول للسياسة الخارجية الأمريكية المتمثل في عزل روسيا.

ويقول مسؤولون إماراتيون إن الامتناع عن التصويت يدل على استقلالية أبوظبي عن السياسة الخارجية الأمريكية، ويرى بعض المراقبين في ذلك توبيخا لتضاؤل الدعم الأمريكي لشركائها في الخليج مع تحوّل المصالح والتحديات الأمريكية باتجاه روسيا والصين.

وارتفعت حدة الخطاب الأمريكي تجاه أبوظبي بشدة حد اعتبارها في معسكر موسكو! وذكر موقع “أكسيوس”، يوم الأربعاء، أن وزارة الخارجية الأميركية سحبت برقية دبلوماسية كانت سترسل إلى سفارتي الولايات المتحدة لدى الإمارات والهند، تفيد بأن حياد البلدين في أزمة أوكرانيا “يضعهما في معسكر روسيا”.

وقالت مسودة البرقية إن “الاستمرار في الدعوة للحوار، كما حدث في مجلس الأمن، ليس موقفا محايدا، بل يضعك في معسكر روسيا، وهي الطرف المعتدي في هذا الصراع”.

وتقول سينثيا بيانكو الزميلة الزائرة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية -حسب ما نقلت رويترز-“الأمر مضر لأنه مؤشر علني للغاية على التوتر” وقارنت بين الامتناع عن التصويت والقنوات الأخرى غير العلنية التي عبرت بها أبوظبي من قبل عن استيائها.

وقالت بيانكو إن رسالتهم لواشنطن هي “إذا أردتم تغيير قواعد اللعبة وتريدون تقليل الالتزام نحونا، فنحن نستعيد الحق في أن نكون أقل التزاما نحوكم”.

وربط بعض الدبلوماسيين بين تردد الإمارات في إدانة موسكو وتصويت حدث بعدها بأيام قليلة حيث دعمت فيه روسيا حظرا من الأمم المتحدة على سلاح جماعة الحوثي الإرهابية اليمنية التي شنت هجمات بطائرات مسيرة وصواريخ على الإمارات والسعودية.

ونفت الإمارات وروسيا التوصل لأي اتفاقات بشأن التصويت. لكن مسألة الحوثيين لا تزال نقطة تثير التوتر مع واشنطن.

وسعت الإمارات، بعد أن قتلت هجمات صاروخية للحوثيين ثلاثة مدنيين في أبوظبي في يناير/ كانون الثاني، إلى دفع واشنطن لإعادة تصنيف جماعة الحوثي تنظيما إرهابيا ومساعدة الإمارات على تعزيز دفاعاتها ضد مثل تلك الهجمات.

وقال دبلوماسي غربي لرويترز “يعتبرون رد الولايات المتحدة متواضعا… كانوا مصرين حقا على تصنيفهم (الحوثيين) جماعة إرهابية”.

إلى أين تتجه الإمارات؟

مع زيادة هذا التوتر يقدم محللون غربيون وأمريكيون تبريرات لتوجه إماراتي معاكس. ويقول أيهم كامل من مجموعة يوراسيا للأبحاث إن تصريحات السفير عتيبة تظهر حدود العلاقة مع واشنطن التي وصفها بأنها شراكة وليست تحالفا رسميا بموجب معاهدة.

وأضاف كامل “القيادة في أبوظبي ليست مستعدة لتكون قوة تعمل بالوكالة. هم ليسوا ذراعا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط… ليس هناك معاهدة”.

يرى المسؤولون في أبوظبي أن إيران التي تدعم ميليشيا الحوثيين في اليمن تزيد من دعم جماعات مسلحة في العراق ولبنان. وفي مطلع فبراير/شباط هاجمت جماعة مسلحة عراقية تابعة لطهران الإمارات بطائرات مسيّرة أعلنت وزارة الدفاع الإماراتية اعتراضها.

ومن أجل موازنة القوة الإيرانية إلى حد ما، تؤسس الإمارات لعلاقات قوية مع دول مثل الصين وروسيا وتسعى لتعزيز قدراتها الدفاعية.

ويقول أندرياس كريج الأستاذ المساعد في كلية الدراسات الأمنية في كينجز كوليدج في لندن “هذا الميل صوب الشرق يعني بالضرورة ابتعادا من الإمارات عن الغرب” مضيفا أن الإمارات ستسعى إلى تحقيق مصالحها الوطنية.

وعلى الرغم من التعاون الأمني الإماراتي مع روسيا يقول كريج إن معظم دول مجلس التعاون الخليجي “ستظل تضع بيضها الأمني في سلة الولايات المتحدة”.

ويقول جيمس دورسي الأكاديمي واستاذ العلاقات الدولية والمتخصص في المنطقة: إن العقوبات الأمريكية التي تتجاوز الحدود الإقليمية بطبيعتها وتجبر دولًا ثالثة على الالتزام أو التعرض لعقاب مماثل يمكن أن تسرع من اتجاه عودة دول الخليج إلى الفك الأمريكي.

وتابع: لا روسيا، في حال تعثرت في أوكرانيا، ولا الصين، مستعدة أو قادرة على استبدال الولايات المتحدة كضامن لأمن الخليج. نتيجة لذلك، قد تفهم رهانات التحوط التي تتخذها الإمارات (قبول خسارة صغيرة مضمونة على حساب خسارة أكبر) شيئًا واحدًا: عدم التصرف ضد المصالح الروسية بينما تتصرف ضد المصالح الأمريكية.

وهي سياسة “لعب بالنار” حيث ستفقد حلفاء في ذات الوقت لا توجد ضمانات بأن يكون الحليف الشرقي أو الدكتاتوريات الشرقية قادرة على تقديم ذات النهج.

ولا يعني ذلك تشجيع النموذج الغربي بل تأكيد أن سياسة الدولة بالاعتماد على الآخرين لتأمين الإمارات يعتبر وضع غير صحي، وأن الإيمان بمواطني الإمارات ومنحهم حقوقهم ومشاركتهم في صنع القرار يدعم الأمن القومي للدولة ويحمي نظامها السياسي، لا أن نجعل أمن البلاد في يدّ الغرباء.