تحول حكام الإمارات إلى أمراء حروب يدفعون الأموال الطائلة ويستغلون حاجات الشعوب من أجل تجنيد المرتزقة في مغامراتهم العسكرية بحثا عن نهث ثروات ومقدرات الدول وكسب النفوذ والتوسع.
لم يكن ما تم كشفه مؤخرا بشأن جولة لمسئولين كبار في من الدول الإفريقية سوى حلقة ضمن مسلسل طويل من فضائح تجنيد الإمارات المرتزقة مقابل الأموال لتسعيد حروبهم وتدخلاتهم العسكرية الخارجية.
وأوردت وسائل إعلام أن طائرة إماراتية تحمل الرقم A6-BND وتحمل شعار فريق مانشستر سيتي لكرة القدم قد حطت في الجزء العسكري من مطار الخرطوم الثلاثاء الماضي وكان على متنها مسؤولون إماراتيون بارزون.
وكانت طائرة أخرى قادمة من مطار عدن وتحمل الرقم FXX2534 قد استبقت وصول طائرة المسؤولين الإماراتيين بنحو نصف ساعة.
ومن المعروف أن مطار الخرطوم مخصص فقط لاستقبال طائرات الشحن بعد توقف حركة الملاحة الجوية بسبب جائحة فيروس كورونا.
وأكدت المصادر أن زيارة المسؤولين الإماراتيين، وعلى رأسهم مستشار الأمن الوطني في الإمارات طحنون بن زايد، جاءت للتباحث في آلية تقديم الدعم للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر، وإرسال مقاتلين سودانيين لدعم قواته، عقب تقدم قوات حكومة الوفاق في عدة محاور إستراتيجية غرب ليبيا.
وغادرت طائرة المسؤولين الإماراتيين مطار الخرطوم بعد نحو خمس ساعات متجهة إلى أبوظبي.
الجدير بالذكر أن طائرة خاصة برقم GALX، وتحمل هي الأخرى عددا من المسؤولين الإماراتيين رفيعي المستوى حطت في مطار الخرطوم السبت، قادمة من مطار دبي، ومكثت نحو ساعتين، ثم غادرت إلى جمهورية تشاد.
وقد تحول اسم طحنون بن زايد إلى وسم متفاعل على منصات التواصل العربية بعد الكشف عن زيارة إلى السودان التي قال مغردون إن الهدف منها هو الاستعانة بمقاتلين سودانيين للقتال إلى جانب اللواء المتقاعد خليفة حفتر في ليبيا.
وقال الحقوقي المصري جمال سلطان “حفتر رفض الهدنة الإنسانية من قبل مرات عديدة، فعرضه الهدنة في رمضان ليس تقوى ولا ورعا، فهو ورعاته أكثر جرأة على الدماء المحرمة، ولكنها محاولة لالتقاط الأنفاس بعد هزائمه الأخيرة المستمرة لحين ينجح طحنون بن زايد في إغاثته بدعم جديد من مرتزقة السودان”.
بدوره، أوضح الناشط الليبي حسان سليم سبب طلب حفتر الهدنة في ترهونة قائلا “بعدما حطت طائرتان أو ثلاث محملة بالذخائر في ترهونة حفتر يطلب الهدنة، وهي في الأساس المدة التي يستغرقها وصول دفعة كبيرة من المرتزقة الجنجويد، وبعدها يريد شن هجوم كاسح، وهكذا في كل مرة.. طحنون في السودان لجلب مرتزقة لحفتر”.
كما وجه المغرد عبد المعين رسالة خاصة إلى أكبر المسؤولين الحاليين في السودان، فكتب “عزيزي حميدتي ستموت عاجلا أم آجلا وتغادر الدنيا، فلا تترك الوطن رهينة عند الخارج وتظلم الأجيال الراهنة واللاحقة.. أبناء السودان للدفاع عن السودان وليس للتصدير والارتزاق، حربك في الداخل لبناء الوطن وكسب ثقة الشعب، وحروبهم خارج حدودنا ولا تعنينا فلا تقحمنا فيها أكثر وأرسل المغرد”.
وتستغل الإمارات حاجة شعوب مثل السودان وأزمته الاقتصادية من أجل تجنيد شبانه للقتال كمرتزقة مقابل مبالغ مالية ضمن حروبها وتدخلها العسكري في كل من اليمن وليبيا.
فقد أغرى الوعد بوظائف حراس أمن في الإمارات، براتب جذاب يزيد عن 2000 دولار أمريكي، الآلاف من الشباب السوداني. وكانت شركة “بلاك شيلدز” الأمنية ومقرها الإمارات هي التي تقوم بالتوظيف.
وبعد وصول الشباب إلى الإمارات، اكتشفوا أنهم سيحصلون على تدريب عسكري لمدة شهور لحماية حقول النفط والمنشآت الإماراتية في ليبيا واليمن.
صادرت “بلاك شيلدز” ممتلكاتهم الشخصية، بما في ذلك جوازات السفر والهواتف المحمولة، وطُلب من بعض السودانيين الاختيار بين الذهاب إلى ليبيا أو اليمن، لكن الشركة رفضت مطالبهم بالعودة إلى السودان.
تحصّلت وكالات السفر السودانية -بصفتها متعاقدة مع شركة “بلاك شيلدز”- على ملايين الجنيهات السودانية من الشباب الذين استجابوا للإعلانات للعمل في الإمارات.
وأفادت الأنباء أن ما يقرب من 3000 رجل سوداني تم إغراؤهم لحماية المصالح النفطية الإماراتية في ليبيا، ولكن حوالي 50 شابًا سودانيًا عادوا إلى ديارهم، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى انكشاف القضية على وسائل التواصل الاجتماعي، وبالرغم من ذلك لا يزال الكثيرون في ليبيا.
وقد غرقت ليبيا واليمن في الحروب الأهلية لمدة 6 سنوات، وتدعم القوى الخارجية -مثل الإمارات- الفصائل المتحاربة في كلا النزاعين.
وتدعم الإمارات الجنرال الليبي “خليفة حفتر”، الذي يقاتل في العاصمة طرابلس لطرد الحكومة الليبية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة.
ووفقًا لتقرير صادر عن الأمم المتحدة العام الماضي، كان هناك حوالي 1000 جندي سوداني في بنغازي في شرق ليبيا. وكان المقصود من هذه القوات حماية البنية التحتية النفطية الإماراتية حتي تتمكن ميليشيات “حفتر” من المضي في هجومها على طرابلس ضد القوات الحكومية.
وسبق أن أدانت الأمم المتحدة تجنيد الإمارات للميليشيات السودانية لمساعدة “حفتر” في تقرير صدر عام 2019 عن لجنة العقوبات الدولية على ليبيا، كما قاتلت القوات السودانية إلى جانب التحالف بقيادة السعودية في اليمن منذ عام 2015.
وقوبل الكشف عن تجنيد الإمارات الخادع للسودانيين في مناطق النزاع في ليبيا واليمن باحتجاجات غاضبة في السودان، وأطلق المحتجون حملة على وسائل التواصل الاجتماعي ضد سياسات الإمارات في السودان.
وطالب المحتجون الذين لا يزال أفراد عائلاتهم في ليبيا واليمن في يناير/كانون الثاني الماضي، الحكومة السودانية الانتقالية بالتدخل وإعادة الشباب من البلدان التي مزقتها الحرب.
وبصرف النظر عن تمويل وتجهيز مجموعات الميليشيات المحلية في ليبيا واليمن، أصبح توظيف (وإكراه) المرتزقة الأجانب لخوض الحروب بالوكالة لتعزيز المصالح الجيوسياسية، أداة سياسية خارجية مفيدة للإمارات في السنوات الأخيرة.
ولم تستغل الإمارات فقط الفقر والبطالة لدى الشباب في البلدان الأفريقية لجرهم إلى خوض حروبها بالوكالة، ولكن أيضًا أصبح تكافؤ الفرص في الاستعانة بمصادر خارجية للقتال مع المرتزقة الأجانب سمة من سمات الأجندة العسكرية لدولة الإمارات.
وشاركت مجموعة المرتزقة الأمريكية “بلاك ووتر” الشهيرة بالسمعة السيئة، والتي يرأسها “إريك برنس”، شقيق وزيرة التعليم الأمريكية الحالية “بيتسي ديفوس”، في تأسيس جيش شبه عسكري لدولة الإمارات في عام 2010 ، والذي كان يهدف إلى قمع أي من جهود العصيان المدني المؤيدة للديمقراطية.
كما عيّنت الإمارات موظفي الاستخبارات الأمريكية السابقين واستخدمتهم لاختراق الهواتف وأجهزة الكمبيوتر التابعة للحكومات الأجنبية ومجموعات الميليشيات والناشطين في مجال حقوق الإنسان والصحفيين والمعارضين. وخوفًا من ناشطي حقوق الإنسان والنقاد المحليين خاصة بعد الربيع العربي، بدأت الإمارات في استهدافهم بنشاط.
وبالرغم أن الإمارات تعهدت لعملاء المخابرات الأمريكية الذين وظفتهم بأنهم سيكونون جزءًا من حماية حكومة البلاد من التهديدات السيبرانية، إلا أن هؤلاء الأمريكيين في الواقع ساعدوا في استهداف أعداء الإمارات ومواطنيها من خلال اختراق وجمع المعلومات عنهم، بما في ذلك المراهقون الذين انتقدوا السلطات الإماراتية على وسائل التواصل الاجتماعي.
ومثل الكثير من المرتزقة العسكريين الذين لا يخشون تداعيات أفعالهم، حتى لو ارتكبوا جرائم حرب، بسبب أدوارهم ومسؤولياتهم الغامضة، كان الجواسيس الأمريكيون الموظفون يتابعون ملاحقة ناشطي حقوق الإنسان والصحفيين الذين انتقدوا السلطات الإماراتية.
وقد ساعد هؤلاء العملاء الأمريكيين في إنشاء وحدة مراقبة سرية في الإمارات، والتي يفترض أن تنمي قدراتها على جمع المعلومات الاستخباراتية وتستهدف أي شخص، حتى الصحفيين الأجانب ومنافذ الأخبار، التي تنتقد النظام.
ومع تزايد طموحاتها العسكرية، من المحتمل أن تزيد دولة الإمارات من اعتمادها على المرتزقة الأجانب بالنظر إلى قلة عدد سكانها.