موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحقيق: 3 عوامل تقود طريق “دبي الثرية” إلى النهاية

181

تواجه دبي مجموعة من التحديات المالية، وسط التغيرات الجيوسياسية التي حوّلت السعودية إلى منافس حقيقي لها على جذب رأس المال والاستثمار، كما حرمت حملة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان التي شنّها خلال العام الماضي ولا تزال، على الأثرياء والأمراء، وتجميد ومراقبة حساباتهم في إمارة دبي، الأخيرة من تدفق الثروات السعودية.

وتضاف إلى ذلك تداعيات الحظر الذي فرضته دول الحصار على دولة قطر، إذ اضطر القطريون إلى سحب استثماراتهم من الإمارات، كما اضطرت بعض الشركات الأجنبية والمصارف إلى مغادرة دبي بعد تعرضها للمضايقات.

الضحية الأولى للأزمة الخليجية

وسط هذه العوامل السالبة، أصبحت إمارة دبي التي تعتمد على الاستثمارات الأجنبية الضحية الأولى لسياسات دول الحصار.

وحسب تقرير نشرته “رويترز”، فإن إيجارات الوحدات السكنية الفاخرة في منطقة جميرا بيتش ريزيدنس الراقية في دبي، انخفضت بنحو 15% مقارنة مع مستواها قبل عام، وهو ما يخشى بعضهم من أن يكون إشارة إلى أن وصفة الإمارة الثرية للنجاح الاقتصادي لم تعد صالحة.

وقبل تسع سنوات، احتاجت دبي إلى إنقاذ مالي بقيمة 20 مليار دولار، لكن اقتصادها استعاد قوته ونما بواقع الثلث منذ ذلك الحين، بدعم من التجارة الخارجية والسياحة ووضع الإمارة كمركز رئيسي لخدمات الأعمال في المنطقة.

غير أن دبي تمر بوقت عصيب من جديد حالياً. فقد انخفضت أسعار العقارات السكنية بما يزيد عن 15% منذ أواخر عام 2014 وما زالت تتراجع. وهبطت سوق الأسهم 13% منذ بداية العام، مسجّلة أسوأ أداء في المنطقة.

أصدرت دبي أربعة آلاف و722 رخصة جديدة للشركات في الربع الثاني من 2018، بانخفاض نسبته 26% مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2016، وهو العام الذي بلغت فيه التراخيص الجديدة ذروتها.

وقد تكون تلك التراجعات مؤقتة، نتيجة لتباطؤ اقتصادي في منطقة الخليج نتج عن انخفاض أسعار النفط، لكن أرقاماً أخرى تشير إلى أن بعض المحركات التقليدية للنمو بدبي تفقد قوة الدفع، ما قد يعني تراجعاً طويل الأجل.

وانخفض نمو حركة الركاب عبر مطار دبي الدولي إلى قرب الصفر هذا العام، بعد 15 عاماً من الزيادات القوية. وربما تضعف رحلات الطيران طويلة المدى بشكل متزايد هيمنة دبي كمركز للسفر يربط آسيا بأوروبا.

وقال حسنين مالك، الرئيس العالمي لأبحاث الأسهم والاستراتيجية لدى شركة “إكسوتكس كابيتال”، ومقرها دبي، لـ”رويترز”، إن الزمن الذي كان بإمكان المرء فيه الانتقال إلى دبي لتكوين ثروة ربما يكون في طريقه إلى النهاية. وقال إن الإمارة كانت جذّابة على نحو متزايد كقاعدة للأثرياء الراغبين في التمتع بثرواتهم من أنحاء العالم.

لكن مالك قال إنه من غير الواضح ما إذا كان بمقدور قطاعات النقل والمناطق الاقتصادية في دبي مواصلة النمو سريعًا بما يكفي لجذب العدد الكافي من العاملين الأجانب ذوي “الياقات البيضاء” والاحتفاظ بهم لدعم الطلب في سوق الإمارة العقاري.

ويرى خبراء الاقتصاد أن خطر حدوث أزمة مالية أخرى محدود، بعد إعادة هيكلة ديون بمليارات الدولارات، وبعد أن انخفضت ديون الشركات المرتبطة بحكومة الإمارة عما كانت عليه قبل عشر سنوات، عادت إلى الارتفاع مرة أخرى.

ويقدّر مسؤولو صندوق النقد الدولي أن الناتج المحلي الإجمالي سينمو بما يزيد عن ثلاثة في المائة هذا العام. وحسب “رويترز”، يرجع معظم النمو في العام الحالي إلى زيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي، في الوقت الذي تشيد فيه دبي بنية تحتية لاستضافة معرض إكسبو الدولي 2020. وزادت ميزانية دبي لعام 2018 بنسبة 19.5% مقارنة مع 2017 إلى مستوى قياسي بلغ 56.6 مليار درهم (15.4 مليار دولار). وليس بمقدور الحكومة مواصلة زيادة الإنفاق بتلك السرعة لأجل غير مسمّى.

وقال جيم كرين، الباحث في قطاع الطاقة بجامعة رايس بتكساس ومؤلف كتاب “مدينة الذهب: دبي وحلم الرأسمالية”، إن الإمارة تواجه تحديات هيكلية، بما في ذلك بيئة جيوسياسية تزداد صعوبة.

وفي السابق، حققت دبي الازدهار عبر الاحتفاظ بعلاقات ودية مع جميع دول المنطقة، وقبول التجارة والاستثمار منها جميعاً. لكن ذلك أصبح مستحيلاً. ففي العام الماضي، قطعت الإمارات والسعودية ودول أخرى العلاقات الدبلوماسية وروابط النقل مع قطر، ما أنهى دور دبي كقاعدة للتجارة مع الدولة الصغيرة شديدة الثراء.

وحالياً تُنقل السلع التي كانت ذات يوم تُشحن إلى قطر عبر دبي، من خلال دول أخرى مثل سلطنة عُمان والهند. وتستخدم الشركات المتعددة الجنسيات مكاتبها في أوروبا والولايات المتحدة، وليس عملياتها في دبي، لإدارة أعمالها مع قطر.

العلاقات مع إيران

في غضون ذلك، تسعى الولايات المتحدة وحلفاء خليجيون، بما في ذلك الإمارات، إلى الضغط على اقتصاد إيران، عبر تقليص علاقاتها المالية والتجارية.

ويقول دبلوماسيون في المنطقة إن هذا المسعى أكثر حدة من محاولة واشنطن السابقة عزل إيران قبل سنوات عدة. وتعدّ التجارة مع إيران من أهم المحركات الاقتصادية للإمارات، لأن صادرات الأخيرة والسلع المعاد تصديرها منها إلى إيران، التي تمرّ الغالبية العظمى منها عبر دبي، بلغ إجمالي حجمها 19.9 مليار دولار في عام 2017.

وقال الرئيس التنفيذي لإحدى الشركات المالية الأجنبية في دبي إن الإمارة تواجه منافسة غير مسبوقة من دول مجاورة على رأس المال، في الوقت الذي اضطر فيه انخفاض أسعار النفط تلك الدول إلى تطوير القطاعات غير النفطية فيها.

منافسة سعودية

من جهة ثانية، تتدفّق أموال المحافظ بالفعل من بورصة دبي إلى البورصة السعودية. وفي السنوات المقبلة، ربما ينخفض الاستثمار المباشر.

وقالت شركة خدمات حقول النفط الأميركية مكديرموت إنها تتوقع نقل نشاطها تدريجياً من ميناء جبل علي في دبي إلى منشأة سعودية جديدة بحلول منتصف العشرينيات من القرن الحادي والعشرين.

وتسعى دبي إلى تعزيز مركزها التنافسي. وفي الأشهر القليلة الماضية، قالت الحكومة إنها ستخفض رسوماً حكومية، وتلغي بعض رسوم الطيران، وتثبت مصاريف المدارس واتخذت خطوات أخرى لدعم الشركات والمقيمين الأجانب.