يعمد النظام الإماراتي إلى الترويج لمعارض وهمية وإعلانات الوظائف الكاذبة في محاولته للتغطية على تفاقم معدلات البطالة وضف التوطين في الدولة.
وطالب مواطنون وزارة الموارد البشرية والتوطين، بإجراءات ضرورية لإحداث قفزة نوعية في ملف التوطين بدلاً من المعارض الوهمية وإعلانات الوظائف الكاذبة، فيما ألقت الوزارة المسؤولية على القطاع الخاص وتجاهلت ذكر “الحكومي”.
وأكدوا في أحاديث متطابقة نقلتها صحيفة “البيان” الرسمية، على ضرورة تفعيل دور الوزارة الرقابي لعمليات التوطين في القطاع الخاص والحكومي.
وأشار العديد من المواطنين إلى أنه لا يمكن أن ينجح التوطين دون متابعة ورقابة، واعتماد نسب محددة للتوطين في القطاع الخاص والحكومي على حدٍ سواء.
وأوضحوا أن الأمان الوظيفي يشكل محوراً رئيساً في معالجة أي خلل حال إنهاء خدمات المواطنين من قبل القطاع الخاص والحكومي دون الرجوع إلى لجنة حكومية وطنية يكون لها النظر والمشاركة في القرار.
ولفتوا إلى أهمية التفكير خارج الصندوق وإيجاد حلول ناجحة وواقعية للتوطين، كما أشاروا إلى أهمية ترجمة توجيهات القيادة على أرض الواقع وملامسة المواطنين لتلك التوجيهات.
وقال أحمد الزرعوني، إن العمل في القطاع الخاص تحدٍ كبير لكل مواطن يرغب في تحقيق طموحاته خاصة وأن الوظيفة تحجم من إثبات القدرات الخاصة عكس العمل الحر أو العمل في القطاع الخاص.
وتحدث عن تجربته موضحاً أنه يعمل في إحدى الشركات الحكومية وينوي تقديم استقالته وفتح مكتب محاماة خاص به، وأنه اتخذ القرار عن اقتناع وعلى ثقة كبيرة بتحقيق نجاح مختلف في هذا القطاع.
ولفت إلى ضرورة أن تهيئ وزارة الموارد البشرية والتوطين للمواطنين الأمان الوظيفي والذي يشمل معالجة الخلل الحالي حين إنهاء خدمات المواطنين من قبل القطاع الخاص دون الرجوع إلى لجنة حكومية وطنية يكون لها النظر والرأي والمشاركة في القرار.
وقال الزرعوني: إن توجه الشباب إلى العمل في القطاع الخاص أو فتح شركة خاصة يساهم إلى حد كبير من دعم الاقتصاد الإماراتي الذي يعتبر أمانة وواجباً على كل مواطن كذلك يفتح المجال لتوظيف مزيد من الباحثين عن عمل والتخفيف عن كاهل الحكومة في تعيين الخريجين.
وأفاد بأن ملف التوطين في القطاعين الحكومي والخاص يحتاج إلى جهود نوعية واستراتيجية جديدة تتناسب مع المتغيرات.
بدورها، أشارت فاطمة الكعبي، خريجة علاقات عامة وإعلام منذ عام ونصف العام تقريباً إلى أنها لم تحصل على وظيفة مناسبة منذ تخرجها حتى الآن على الرغم من العدد الكبير من المقابلات التي قامت به، إضافة إلى مشاركتها في الأيام المفتوحة للتوظيف وأن أهم عائق واجهها عدم وجود خبرة، متسائلة كيف تكتسب الخبرة من دون توفير وظيفة؟
وأفادت الكعبي أنها حصلت على أكثر من 20 دورة تدريبية منذ تخرجها إلا أن هذا الأمر لم يشفع لها وأنها حاولت العمل في مجال آخر غير مجال دراستها لسد فجوة البحث عن عمل إلا أن العروض التي حصلت عليها دون المستوى.
وطالبت بضرورة اعتماد نسب محددة للتوطين في القطاع الخاص، وضرورة وضوح آليات المتابعة الدعوة إلى الشفافية في عرض نتائج التوطين سنوياً وتسمية الشركات والمؤسسات الأقل في التوطين والتي لم تحقق النسب المطلوبة، إضافة إلى تطوير كفاءات المواطنين من خلال إلزام الشركات ببرامج واضحة.
وأضافت: هنالك أيضاً عزوف من قبل بعض المواطنين للعمل في المؤسسات الخاصة كون البرنامج التقاعدي لا يكون في صالحهم.
بدوره، أعرب عبد الله الزيودي عن أمله في أن يتم تفعيل قرار توطين القطاع الخاص وكذلك الحكومي الذي يعد شريكاً رئيساً في التنمية، والاستثمار بالدولة.
وتحاول الحكومة، إلقاء ملف التوطين على القطاع الخاص، دون أن يكون لها اسهامات في حل المشكلة في المؤسسات والقطاعات الحكومية التي لا تزال حتى اليوم مليئة بالموظفين الأجانب، بينما المواطنين باقين على طوابير التوظيف ومعارض الوزرات الوهمية، بحسب شكوى العديد من الخريجين المواطنين.
والإمارات تعتبر واحدة من أكثر الدول التي يوجد بها وظائف في دول الخليج العربي، لكن البطالة وسط المواطنين الإماراتيين تتزايد ويبدو أن المواطنين أكثر من يعانون مع ملامح الأزمة الاقتصادية وتفريغ بعض المؤسسات الخاصة من الموظفين.
في أبريل/نيسان 2019 زعم وكيل وزارة الموارد البشرية والتوطين المساعد للاتصال والعلاقات الدولية، عمر النعيمي، بأن القطاع الخاص في الدولة يوفر أكثر من مليونَي وظيفة تناسب المواطنين.
وجاء تصريح النعيمي في ذلك الوقت بعد أسابيع قليلة من تحقيق نشرته صحيفة “الخليج” الرسمية يؤكد أن الوزارة فشلت في توظيف المواطنين وأن معارض “التوظيف” وهمية بدون أي جدوى. وتحقيق الصحيفة الرسمية يأتي ضمن انتقادات نادرة في الدولة التي يتحكم جهاز الأمن بوسائل الإعلام.
في الأسابيع القليلة الماضية تزايدت الانتقادات التي يوجهها مدونون شباب إماراتيون، للسلطات مع زيادة توظيف الأجانب في القطاع الحكومي والخاص، مع أن شباب الدولة بإمكانهم شغل تلك الوظائف بقدرات كبيرة وتنافسية مع الأجانب.
ونادراً ما تظهر الانتقادات في الإمارات بسبب الرقابة الأمنية المشددة والمتفشية في شبكات التواصل الاجتماعي، لكن كثيرون كسروا الصمت بسبب فشلهم في الحصول على وظائف أو أنهم يشعرون أن “شباب الإمارات” بلا وظائف في بلدهم ويعانون البطالة.
ونشر المهندس الإماراتي بدر الكعبي تغريدات على تويتر يشكو من أن “الأجانب والمقيمين يجدون وظائف في لمح البصر بعد تخرجهم من الجامعة فيما المواطنين معشعشين في بيوتهم بدون وظائف”.
يشمل التوظيف القطاعين الحكومي والخاص، فالدولة بدلاً من توظيف المواطنين في الوظائف الحكومية لخدمة بلدهم تفضل الاستعانة بالأجانب، بالرغم من أن الكفاءات الوطنية تجعل المواطن في مكانه وأحياناً من حيث المؤهلات تجد الإماراتي أكثر تأهيلاً كما يقول مدونون.
ويعتقدون أن السبب وراء ذلك يعود إلى أن المسؤولين في المؤسسات الحكومية يفضلون الأجنبي لأنه يُنفذ دون معارضة وسهوله الاستغناء عنه من الوظيفة إذا تعارضت أفكاره مع أفكار المسؤولين الأعلى منه.
لغة الأرقام .. تُظهر الأرقام ذلك بشكلٍ فجّ حيث أظهر أخر مسح صادر عن الهيئة الاتحادية للتنافسية والإحصاء الحكومية عام2017 -وهو أخر عام توفرت فيه بيانات عن البطالة من جهة حكومية- ارتفاع معدل البطالة في الدولة إلى 2.5%، وبلغت نسبة البطالة بين المواطنين 9.6% فيما الوافدين2.1%. وتشير إحصائيات غير رسمية إلى أن نسبة البطالة بين المواطنين الإماراتيين تتجاوز (20%).
وهذا هو التدني الأكبر منذ عام 2009، أبان الأزمة الاقتصادية التي ضربت الدولة. وسجلت الإحصاءات عام 2016م 1.6% من بينها 6.9% بين الإماراتيين، ونحو 1.4% بين الوافدين.
وحسب إحصائيات 2017 التي أطلع عليها “ايماسك” فإن نسبة المتعطلين عن العمل بين المواطنين الإماراتيين بين الإمارات السبع هم بين الفئات العمرية بين (20-39 عاماَ) على النحو الآتي: (29.1%) للذين أعمارهم بين (20-24 سنة)، و(23.8%) للذين أعمارهم بين (25-29 سنة)، و(15.7%) للذين أعمارهم بين (30-34 سنة)، و(14.6%) للذين أعمارهم بين (35-39 سنة).
وهؤلاء هم الشريحة الأكبر في الإمارات من شبابها الذين يعانون البطالة في ظل إجراءات حكومية سيئة لتوظيفهم.
المعونات الشهرية.. في ديسمبر/كانون الأول الماضي ذكرت صحيفة “ذي ناشونال” أن المواطنين العاطلين الذين يمكنهم، تلقي مدفوعات البطالة الشهرية ابتداء من 6 آلاف درهم (تعادل 1634 دولاراً أميركياً)، سيتعيّن عليهم القبول بواحد من 3 عروض عمل تتيحها الدولة، وإلا فإنهم يخاطرون بفقدان الدعم المالي الذي يحصلون عليه من الحكومة.
وحسب الصحيفة فقد تلقى نحو 39 ألف شخص في أبوظبي ما مجموعه 806 ملايين درهم (219 مليون دولار) من مدفوعات الرعاية الاجتماعية عام 2013، وهو آخر عام تتوافر بيانات رسمية حوله. ويشكّل ذلك زيادة عن عدد 25 ألفاً و300 شخص و665 مليون درهم عن الأرقام المحققة عام 2011.
وفي 2017 حدد مجلس الوزراء 11 مليار درهم للرعاية الاجتماعية لمدة ثلاث سنوات. وبدلاً من حلّ مشكلة الوظائف برواتب أعلى من مدفوعات البطالة الشهرية، قال تقرير للموارد البشرية الإماراتية في يوليو/تموز2019 أن الحد الأدنى للرواتب 5000 درهم خصوصاً “للدوام الكامل”!
مع أن حكومة أبوظبي حددت الحد الأدنى للأجور للإماراتيين عند 10،000 درهم، كيف يذهب المواطن للعمل براتب أقل من الرعاية الاجتماعية. وهل يقبل المسؤولون في الدولة بتوظيف أبنائهم وبناتهم وحتى أنفسهم براتب 5000 درهم؟!.