تحليل: الإمارات بين مقارنات تناقض الواقع وأخرى مغيبة من نظامها الحاكم

يعمد النظام الحاكم في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى استخدام وسائل إعلامه الرسمية لإغراق مواطني الدولة والوافدين إليها في سلسلة مقارنات تعد عمليا مناقضة للواقع ولا تمت للحقيقة بصلة.

يقوم على سياسة المقارنات الدائمة جهاز أمن الدولة في الإمارات مستهدفا من وراء ذلك فرض سيطرته وإنفاذ سياساته الظالمة بحق الإماراتيين وغيرهم.

وأنشأ جهازا أمن الدولة الإماراتي على مدار السنوات الماضية جدولاً من المقارنات السيئة التي يقدمها لاستهداف الإماراتيين وليس تلبيه حاجاتهم وحقوقهم وتأمين مستقبلهم.

يقوم الجهاز مستخدماً الآلة الإعلامية وشبكات التواصل الاجتماعي ببث تلك المقارنات والمقايضات بين الإماراتيين، فعلى سبيل المثال: الأمن العام والقومي للإمارات مقابل حرية الرأي والتعبير.

وعلاوة على كونه إساءة لمفهوم الأمن بتبرير حملة القمع الشعواء السيئة والمستمرة منذ أكثر من ثمان سنوات، فهو إساءة للإمارات التي يمكن أن يتأثر أمنها القومي بسبب “تغريدة” لانتقاد مسؤول على “تويتر”. كما أن ذلك إساءة لعلاقة الحكام بالشعب وإساءة لقادة الأمن والجيش في الدولة، أن هذه التغريدة تعتبر “تهديداً” وجودياً لنظام الحكم وتسعى لتمزيق “الهوية الوطنية الجامعة”!

ومن بين المقارنات السيئة مقارنة الشعب الإماراتي بغيره من الشعوب الأخرى الفقيرة، الجائعون في اليمن، وطوابير الخبز في مصر، وهذه ليست مقارنة عادلة فتلك شعوب لها أوضاعها واقتصادها، بعكس الإمارات التي وهبها الله مخزونات النفط التي يفترض أن يكون هناك توزيع عادل للثروة.

وبدلاً من تلك المقارنة غير السليمة، يمكن أن نقارن وضع المواطنين من حيث المعيشة والسكن والرواتب في الإمارات الشمالية وبين المواطنين في إمارة أبو ظبي ودبي؛ وبين المواطنين الإماراتيين العاديين والنخب السياسية والاقتصادية التي تمنح نفسها الامتيازات وتستثني بقية المواطنين منها.

كما يعمد جهاز أمن الدولة الإماراتي تغييب مقارنات لحال الإمارات قبل سنوات عندما كانت تمتع بعلاقات طيبة وحسن جوار إقليميا ودوليا وبين واقعها الراهن كطرف رئيسي في تأجيج الصراعات الخارجية وزرع الفتن وشن الحروب والتدخلات العسكرية في دول عربية عديدة.

تغيب هذه المقارنة لعدم إبراز حدة التدهور الحاد الذي بات يلازم سمعة الإمارات إقليميا ودوليا وهي التي تتهمها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بارتكاب جرائم حرب مروعة ضمن حرب اليمن والحظر الدولي لنقل السلاح إلى ليبيا لصالح مليشيات إجرامية وغيرها من الممارسات المشينة.

كما يتم تغييب مقارنة وضع الإمارات الاقتصادي قبل سنوات وواقعها الراهن في ظل تخبطها بأزمات مالية تهدد أكبر أذرعها الاقتصادية من شركات وبنوك وتطال مختلف المجالات.

تجاهل هذه المقارنات وغيرها يعمد إليها النظام الحاكم في الإمارات من أجل تجاهل واقع الحاجة إلى الإصلاح في الدولة بوصفه ضرورة بحيث يتم السماح للشعب بمراقبة عمل هيئات بلاده ومؤسساته والعمل لمصلحة الإماراتيين وعرقلة ورفض كل ما يمس “سلطة المجتمع والحكام” وأي إساءة بينهما؛ ولن يتم ذلك إلا بمجلس وطني كامل الصلاحيات ينتخبه كل الإماراتيين، والحد من عمل جهاز الأمن الذي يبذل كل الجهود كيّ يفرض على الشعب الإماراتي: كيف يفكر وكيف يبحث وكيف يصل للحقائق المزيفة المجافية للواقع!.


Posted

in

by