موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

الحكومة اليمنية تطالب بتفكيك مليشيات الإمارات لإنهاء انقلاب عدن

182

طالبت الحكومة اليمنية بضرورة تفكيك مليشيات دولة الإمارات لإنهاء انقلاب عدن الأخير على الشرعية في اليمن وذلك وسط تصاعد التحذيرات من دفع أبو ظبي إلى تقسيم البلاد.

وأكد وزير النقل اليمني صالح الجبواني أن عودة الدولة في عدن لن تتم إلا عبر تفكيك ما سماها “مليشيات الإمارات” وتسليح قوات الشرعية بمختلف أنواع الأسلحة.

جاء ذلك في تغريدة للجبواني على تويتر، معلقا على إعلان التحالف العربي -بقيادة السعودية- بدء انسحاب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعومة إماراتيا من مواقع تابعة للحكومة المعترف بها دوليا في عدن، وهو ما نفاه المجلس الانتقالي نفسه.

وقال الجبواني إن عودة جنود من الحرس الرئاسي إلى مبانٍ مهدمة بسلاحهم الشخصي لحراستها “لا يعني عودة للدولة كما يبشر البعض”.

وذكر الوزير اليمني أن “عودة الدولة بشكل حقيقي لن تتم إلا بتسليح قوات الشرعية بكل أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، وتفكيك مليشيات الإمارات ودمجها بالجيش والأمن ودفعها للجبهات مع الحوثي”.

 

وقد أكد المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات في اليمن أن قواته لم تنسحب من المعسكرات والمواقع الحيوية التي سيطرت عليها مؤخرا في العاصمة المؤقتة عدن، وذلك ردا على تصريحات للتحالف العسكري السعودي الإماراتي، قال فيها إن المجلس انسحب من “مواقع الحكومة الشرعية”.

ولم تنسحب قوات المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيّا، من المعسكرات ومباني الوزارات والمصالح الحكومية التي سيطرت عليها أخيرا.

واقتصرت تحركات الحزام الأمني على إعادة الانتشار داخل مباني القصر الرئاسي، لتتركز عند بواباته الخارجية ومحيطه.

وبهذا الشأن غرّد هاني بن بريك نائب رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي على تويتر، بقوله إن “الإعلان عن عودة الحياة إلى طبيعتها في بعض وسائل الإعلام -قاصدين عودة المعسكرات التي تم استعادتها من الإرهابيين- كلام عار عن الصحة”.

وقد احتفظ الانفصاليون بمعسكرات تعطيهم السيطرة على الميناء الواقع جنوب اليمن حيث المقر المؤقت للحكومة اليمنية.

وقبل نحو أسبوع، سيطرت قوات تابعة للانتقالي الجنوبي على ألوية ومعسكرات تابعة للحكومة الشرعية، بعد معارك بين الطرفين انتهت بالسيطرة على القصر الرئاسي، وهو ما اعتبرته الحكومة “انقلابا كاملا” على الشرعية في عدن، داعية إلى انسحاب قوات المجلس الانتقالي قبل أي حوار.

وينزلق اليمن بعد أربع سنوات من حرب مفتوحة تشنها الإمارات والسعودية تحت غطاء استرجاع الشرعية، نحو المستنقع ويقع فريسة الأطراف المتصارعة التي تغرقه في مياه ضحلة ليس بوسع أبنائه الإبحار نحو بر الأمان.

المشهد الحالي يجسده واقع مرير عنوانه الأبرز انفصال الشطر الجنوبي، بدعم إماراتي واضح وجلي لخطط التقسيم، تنفيذاً لأجندات دولية تنكشف بمرور الوقت.

ادعاءات الرياض بتشكيل تحالف عسكري في اليمن يهدف لكسر شوكة جماعة الحوثيين، واستعادة أراضي الشمال التي سيطروا عليها، تسقط أمام مخرجات الوضع الذي أوجد واقعا جديداً، محصلته خسارة الشمال والعاصمة صنعاء، واتجاه الجنوب وعاصمته عدن، نحو الاستقلال عن الشرعية.

انقلاب مجريات الصراع في جنوب اليمن، ترسخ بعد ما سيطر الانفصاليون الجنوبيون المدعومين من الإمارات على عدن، بشكل فعلي، وتحديداً عندما استولوا على قواعد الجيش التابعة للحكومة، مما أوجد الرياض في حالة شاذة، نتيجة صمتها شبه الكامل على الواقع المستجد.

اكتفت السعودية لفترة بالتفرج على مشهد القتال في عدن، طيلة الأيام الأربعة الحاسمة، حتى استكمال قوات المجلس الانتقالي سيطرتها على أهم المرافق الحيوية في العاصمة اليمنية المؤقتة، بما فيها قصر معاشيق الرئاسي في عدن، لتهب متأخرة وفي الوقت بدل الضائع، لتدعو أطراف القتال إلى الحوار وتعلن وقفاً لإطلاق النار.

تدخل التحالف الذي تقوده السعودية للدفاع عن الحكومة، وقصف حقل فارغ في القصر الرئاسي بعد سيطرة الانفصاليين عليه، كان متأخر جداً، أي بعدما حقق الانفصاليون مكاسب، وتعامل الجنوبيون مع الضربة الجوية على أنها طلقة تحذيرية وغادروا القصر، لكنهم ظلوا يسيطرون على عدن.

المراقب والمتابع للشأن اليمني، يقف حائراً أمام تفاصيل المشهد، وتراوده تساؤلات عميقة، عن دلالات الموقف السعودي مما يحدث، منذ الانقلاب والسيطرة على المدينة من حلفاء أبو ظبي، مع وجود قرائن تفضح بشكل جلي هذا التخاذل، وتشي أن ما حدث كان معداً ومخططاً له سلفاً، بين الإمارات والمتمردين.

ويتحدث اليمنيون بحسرة عما حدث، لعلمهم أن القوة السعودية الموجودة في الميدان طلبت بعض الإحداثيات لتحركات الانفصاليين، لكنها لم تفعل شيئاً.

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وفق القرائن التي تسربت لاحقاً، اجتمع بالمسؤولين السعوديين، وأبلغهم بخطورة الموقف في حينه، واتضح أن الرياض أرسلت عدداً من قادة ألوية العمالقة، ومسؤولين عسكريين قبل أيام من المعركة للحج، بغرض تحييدهم.

وُعود الرياض للرئيس هادي بالمساندة والتدخل لوقف أعمال المتمردين، لم تنفذ، كما أن القوة العسكرية السعودية المتمركزة حول قصر الرئاسة في عدن ظلت متفرجة وفق ما طلب منها.

الأنظار في حينها كانت تتطلع لمخرجات اجتماع الوفد السعودي بوزير الداخلية اليمني أحمد الميسري الذي طلب وقف إطلاق النار دون استجابة، ولاحقاً قامت قوة سعودية بنقل وزيري الداخلية والنقل إلى مطار عدن.

التساؤلات التي تطرح بحثاً عن إجابات تستشف فهم المشهد، الإجابة عنها تكمن أساساً في تتبع الأيدي الإماراتية، ومن خلال تلك الآثار يمكن أن تستشف الحقائق.

انتهجت أبو ظبي منذ بدايات تدخلها في اليمن، في إطار ما يسمى “التحالف العربي لدعم الشرعية” استراتيجية واضحة المعالم، لتقليص نفوذ الرئيس عبد ربه منصور هادي، والتضييق على حكومته. كما عملت على تكريس سلطة موازية، مدعومة بقوات عسكرية وأمنية، تسيطر على مناطق واسعة من الجنوب، وتدير عملياتها فيها.

هذا النهج تأكد بشكل جلي بعد إقالة الرئيس هادي، رئيس حكومته، الموالي للإمارات، خالد بحاح، في آذار/مارس 2016 وتضمن قرار الإقالة، الإشارة إلى عدم قيام تلك الحكومة بدمج فصائل المقاومة الجنوبية في وحدات الجيش والشرطة.

وجاء ذلك كرد فعل طبيعي لتطويق تحركات أبو ظبي الواسعة في مناطق يمنية عدة، مدعومة برجال محسوبين على الإمارات في كل شبر تقريباً من أراضي اليمن، فإما كانوا من قبل تابعين لها كبحاح، أو صنعتهم بمنظومة واسعة من تدريبات عسكرية قامت على تجنيد أبناء الأقاليم اليمنية على اختلاف توجهاتهم وانتماءاتهم.

مسار الأيادي الإماراتية يمتد إلى المجلس الانتقالي الجنوبي الذي أسسه محافظ عدن المقال عيدروس الزبيدي، المعروف بدعواته لإقامة دولة ذات سيادة في الجنوب، وتم تبنيه بشكل علني، ومرافقة خطوات نائبه هادي بن بريك المعروق قربه من حاكم أبو ظبي محمد بن زايد، وتلقي التوجيهات منه مباشرة.

ركزت أبو ظبي في تنفيذ أجندتها الخاصة في اليمن على استراتيجية تقوم أساسا على تنفيذ القوات التابعة لها أهدافا مباشرة لترسيخ وجودها ميدانياً مع تقييد حريتها ضمن هذه الأطر لتكون في الأخير مرجعيتها تحقيق تلك المطامح. وهذا حصراً عبر خطة مدروسة لإضعاف قيادة السلطة الشرعية في المناطق المحررة، وخلق انطباع سلبي، داخليًّا وخارجيًّا، إزاء قدرتها على تحمل مسؤوليتها، ومن ثم إزاحتها من المشهد.

ويشير الباحث نيل بارتريك في دراسة أعدها لمعهد كارينيغي للسلام، عن الإمارات وأهدافها من الحرب في اليمن، “أنه في حين تلتزم السعودية والإمارات بخوض الحرب في اليمن، يدعمٌ كل منهما أفرقاء محليين معيّنين يختلفون عن أولئك الذين يدعمهم الطرف الآخر”.

ويكشف في تلك الورقة المنشورة أنه وفق تصريحات خاصة حصل عليها من مسؤولين إماراتيين مطلعين على شؤون الأمن القومي “إن اصطفاف أبو ظبي إلى جانب المقاتلين في جنوب اليمن يُمليه واقع أن الرئيس عبد ربه منصور هادي تنقصه الكفاءة، حسب ما أظهرته الأحداث مراراً وتكراراً، ويقبع في مجمعه في الرياض”.

ويشير الباحث إلى أنه “مع العلم بأن منتقدي الإمارات يقولون إنها تساهم، عن قصد أو غير قصد، في تعزيز مجموعات انفصالية مختلفة في جنوب اليمن تتسبب بدورها في إضعاف اليمن أكثر فأكثر”.

الوقائع والأدلة على الدور التحريضي لأبو ظبي والدفع نحو تكريس حالة الانفصال للجنوب، تؤكدها قرائن ثابتة، على غرار إحباط أي محاولة لعودة الرئيس هادي إلى عدن، واستقراره فيها، مع مصادرة قراره على وظائف أجهزة الدولة الرسمية، وإفشال أي محاولة لترسيخ وجودها.

لاحقا احتكرت كافة أدوات القوة، عسكريًّا وأمنيًّا، وبناء قدراتها، وتعزيز تدريبها، مع قمع قوى المعارضة السياسية، وإفراغ الساحة الجنوبية منها.

ومضت الإمارات نحو استكمال خطة السيطرة على الشريط الساحلي مع موانئه، ومطاراته، ومنشآته النفطية والغازية، والتحكم في مناطق إنتاج النفط، والمنافذ البرية الداخلية والخارجية.

وحالياً تلعب التشكيلات المسلحة التي تتحكم فيها الإمارات في اليمن، أدوارًا مختلفة في الصراع الدائر، يوجه أغلبها نحو تمكين نفوذها في المناطق الاستراتيجية، التي تسيطر عليها.

يجمع المتابعون والمراقبون أن السعودية فقدت بوصلتها في اليمن، مع علامات استفهام تطرح حول إدراكها بشكل فعلي لما يحاك لها من قبل حليفها وهل هي واعية بنتائج ذلك، مع تساؤلات تطرح ما إن كان موقفها يعبر عن غباء أم مجرد تبادل للأدوار تلعبه الرياض مع أبو ظبي.

وبهذا الصدد يعتبر الكاتب والباحث السياسي خالد الآنسي أنه لا وجود لأجندة سعودية وأخرى إماراتية، بل هي أجندة واحدة منذ العام 2011، وتبادل الأدوار بين البلدين ما هو إلا لعبة لخداع اليمنيين.

ويشدد الآنسي على أن اليمنيين يواجهون ثورة مضادة للتخلص من الشرعية التي نتجت عن طريق الإرادة الشعبية، معتبرا أن السعودية انتقلت إلى خانة اللعب المكشوف لأنها لم تتحرك بعد تلقيها معلومات من الشرعية، وهي التي أدارت ما جرى في اليمن.

واعتبر أن مشروع تمزيق اليمن وإغراقه في دائرة الفوضى يعطي إيحاء بأهداف المشروع السعودي الإماراتي، فالذين تعللوا بمواجهة إيران هم من عملوا على تقسيم اليمن وتمزيقه.

أما عن الخيارات المتاحة أمام الشرعية، فأكد الآنسي أنها تملك ورقة المشروعية في المقام الأول، فضلا عن إمكانية فضحها لمعلومات سرية.

ولم يستبعد خيار العودة إلى مجلس الأمن ومحاسبة هذه الدول التي استغلت القرار الدولي ونفذت أجندة لا تخدم استقرار اليمن، مشددا على ضرورة اتخاذ موقف لفضح المؤامرة وعدم شرعنتها.