موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

ملف الذهب القذر القادم من دبي يعود إلى الواجهة في سويسرا

262

عاد ملف الذهب القذر القادم من إمارة دبي إلى الواجهة مجددا في سويسرا في ظل التحقيقات المستمرة في خفايا نهب ذهب من مناطق صراع في إفريقيا بعد تهريبه إلى دولة الإمارات.

واضطرت شركة فالكامبي لتكرير الذهب التي يُوجد مقرها في سويسرا، إلى إصدار بيان تنفي فيه الاتهامات بشأن تعاملات الذهب مع شركة مثيرة للجدل في الإمارات.

وقال المدير التنفيذي ميشائيل ميزاريك إن مزاعم منظمة سويس ايد  غير الحكومية لا أساس لها من الصحة. ففي تقرير نُشر في وقت سابق من هذا العام، اتهمت المنظمة الشركة بشراء الذهب من شركة كالوتي في دبي والتي تتورط باستيراد المعدن الثمين بشكل غير قانوني من مناجم توجد في مناطق منكوبة بالصراعات في القارة الأفريقية.

وأكد ميزاريك لصحيفة “لوتون” السويسرية اليومية الناطقة بالفرنسية الصادرة في لوزان أن “هذه المزاعم خاطئة”. وقال إن فالكامبي قد تمت تبرئتها من أي مخالفات على مدى العامين الماضيين في عمليتي تدقيق من قبل رابطة سوق السبائك في لندن (LBMA)، وهي الهيئة العالمية للتحقق من المعادن الثمينة.

وأوضح ميزاريك: “لقد كنا شفافين بشأن أصول عمليات تسليم الذهب، سواء كان ذلك مع سلطات الجمارك السويسرية أو مع الرابطة”. وأضاف المدير التنفيذي للشركة أن “فالكامبي” قدمت أيضًا جميع المعلومات التي تطلبها صناعة المعادن الثمينة السويسرية.

في المقابل، لم يؤكد ميزاريك أو ينفي ما إذا كانت فالكامبي ما تزال تتعامل مع شركة كالوتي ومقرها الإمارات.

وتعمل فالكامبي أيضًا على تطوير نظام لتحسين شفافية سلسلة توريد الذهب، وفقًا لسيمون كنوبلوخ، رئيس العمليات في الشركة.

وأكد كنوبلوخ في حوار مع “لوتون” أيضا: “نحن حريصون على إظهار قدرتنا على ضمان نظام تعقب كامل للمواد الملغومة قانونًا من أي بلد في العالم “.

وقال إن النظام سيتم وضعه في مكانه في الأشهر القليلة المقبلة وأفاد أنه “يستند إلى تقنية بلوكتشين”.

ووفق ميزاريك فإن أفضل طريقة لمعالجة قضية الذهب المشكوك فيه تتمثل في “تنظيم مائدة مستديرة مع ممثلين عن صناعة التكرير والمنظمات غير الحكومية وكذلك وسائل الإعلام”.

وفي تموز/يوليو الماضي قال “المجهر الأوروبي لقضايا الشرق الأوسط” إن السلطات في سويسرا فتحت تحقيقا رسميا في خفايا نهب ذهب من مناطق صراع في إفريقيا بعد تهريبه إلى دولة الإمارات العربية المتحدة.

وذكر المجهر الأوروبي ـوهو مؤسسة أوروبية تعنى برصد تفاعلات قضايا الشرق الأوسط في أوروباـ أن الأمر يتعلق بتهريب الذهب من دول إفريقية أبرزها السودان وغانا وتنزانيا وزامبيا، بما يمثل واحدة أخطر الأزمات التي تواجهها هذه الدول لما لها من آثار سلبية على اقتصادها وحرمانها من أحد أهم موارد النقد الأجنبي، والإيرادات الجمركية المفروضة على تصدير الذهب.

ويعتبر غياب سوق منظمة لتجارة الذهب في غالبية الدول الإفريقية يتم فيها تداول المعدن الأصفر بشفافية ووضوح، وبالسعر العادل أدى إلى تفضل المنقبين للتهريب ونقله إلى سويسرا ودول أوروبية أخرى عبر بوابة إمارة دبي الإماراتية.

وأطلع المجهر الأوروبي على نتائج تحقيق لمنظمتين غير حكوميتين في سويسرا تؤكد أن إمارة دبي تعد بوابة لنقل ذهب مناطق النزاع في إفريقيا ونقله إلى مصافي التكرير السويسرية.

ومع قيام سويسرا بتكرير ومعالجة ثلثي الذهب العالمي، ولكونها المركز الرئيسي لتجارة الذهب العالمية، يتوجب على الدولة تبني مبادرة للأعمال المسؤولة، في محاولة لإلزام الشركات المحلية بتقييم تأثير أنشطتها على حقوق الإنسان ونهب ثروات ومقدرات الدول.

وتخضع شركات سويسرية لتكرير الذهب – على رأسها شركة فالكامبي (Valcambi SA) للتدقيق بسبب الأضرار والمخاطر المرتفعة الناجمة عن توفير تهريب كميات الذهب المُستخرج في أفريقيا، والداخل إلى سلسلة توريد هذه المصافي.

ونشرت منظمتان غير حكوميتين تقريرين متوازيين يتناول أحدهما تحت عنوان (المنعطف الذهبي) الذي نَشَرَته منظمة “سويس أيد” ومقرها في برن، تجارة الذهب في دولة الإمارات مع التركيز على مصفي وتاجر الذهب “كالوتي” الذي يقع مقره في دبي – وعلاقاته بشركة “فالكامبي”، لتكرير المعادن الثمينة التي يقع مقرها في كانتون تيتشينو.

وجاء في التقرير أنه يتم اللجوء إلى وسطاء لإخفاء مَصدر الذهب، بدلاً من الحصول عليه مُباشرة من المصدر”. وكانت الإمارات صدَّرت 149 طناً من الذهب، بقيمة 6,8 مليار فرنك سويسري (7,2 مليار دولار)، إلى دولة جبال الألب في عام 2019.

وأظهر التحقيق أن المصادر الحقيقية لغالبية هذه الكميات من الذهب المناجم الحرفية الأفريقية الذي صدر معظمه بصورة غير مشروعة من مناطق منكوبة بالصراعات، مثل جمهورية الكونغو الديمقراطية ومنطقة دارفور في غرب السودان.

وكما يشير التقرير، تتم معالجة هذا الذهب من قبل شركات إماراتية لا ترتبط بعلاقات مباشرة مع المصافي السويسرية، الأمر الذي يجعل تَتَبُّع مصدر المعدن الأصفر وضمان استخراجه في ظل ظروف تحترم حقوق الإنسان والبيئة أمراً مستحيلاً.

وتعد شركة “فالكامبي” هي أكبر مستورد سويسري للذهب من الإمارات. ووفقاً لمنظمتي “سويس أيد” و”غلوبال ويتنس” غير الحكوميتين المُطَّلِعتين على خفايا هذه الصناعة، قامت شركة “فالكامبي” بين عامي 2018 و2019، باستيراد 20,5 طناً من الذهب من شركة “كالوتي” مباشرة، بالإضافة إلى حصولها على أكثر من 60 طناً أخرى من شركة “تراست وان” للخدمات المالية المحدودة المسجلة في المملكة المتحدة والمرتبطة بـشركة ‘كالوتي’.

التقرير الآخر هو عبارة عن تحقيق أجرته منظمة ‘غلوبال ويتنَس’ بعنوانBeneath the Shine: A Tale of Two Gold Refiners (تحت البريق: قصة مصفاتَي ذهب). وهو يتفق مع استنتاج منظمة سويس أيد باحتمال حصول كالوتي على ذهب سوداني مُرتبط بالصراع وانتهاكات حقوق الإنسان في دارفور بين عامي 2012 و2019.

وبحسب ما ورد في التحقيق، قامت كالوتي بشراء الذهب من بنك السودان المركزي، الذي حصل عليه من جماعات مسلحة تسيطر على مناجم في دارفور.

وقدر تقرير سابق لوزارة المعادن السودانية الفرق بين المنتج من الذهب في السودان وبين المصدر إلى الخارج بقيمة تتراوح بين 3 مليارات و4 مليارات دولار سنوياً، ويمثل تصدير الذهب نسبة 37% من إجمالي صادرات البلاد خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة حسب تقرير وزارة المعادن السودانية. وبحسب إحصائيات رسمية فإن ما نسبته 70% من إنتاج الذهب في السودان يهرب إلى الخارج بشكل غير قانوني.

وأكدت جهات حقوقية سويسرية على أن المصارف والجواهريون وصُنّاع الساعات في سويسرا يتوجب عليهم تتبع نهاية سلسلة التوريد عبر إجراءات مختلفة لبذل العناية الواجبة. وعلى إثر قيامها بتحليل ممارسات 15 شركة، وجدت “سويس أيد” أن قدرة هذه الشركات على ضمان مصدر الذهب النظيف محدودة.

كما شككت المنظمة غير الحكومية أيضاً في مصداقية رابطة سوق لندن للسبائك (وهي هيئة الترخيص الرئيسية في قطاع الذهب)، التي رَفَضت ممارسات كالوتي، ولكن قدرتها على التحقق من هوية مزودي المصافي السويسرية مثل ‘فالكامبي’ تبقى محدودة.

وتلتزم شركة ‘ميتالور’ (METALOR) إحدى كُبريات المصافي السويسرية الأربعة المتخصصة في تكرير وصقل بعدم استيراد الذهب من دبي بسبب استحالة تتبع مصدره، ولأن مخاطر الانتهاء بذهب غير شرعي في نهاية المطاف مرتفعة للغاية.

يشار إلى أنه سبق أن توصل تحليل أجرته وكالة رويترز العالمية للأنباء إلى وجود عمليات لتهريب الذهب بمليارات الدولارات من أفريقيا كل عام عن طريق الإمارات التي تمثل بوابة للأسواق في أوروبا والولايات المتحدة وغيرها.

وتظهر بيانات جمركية أن الإمارات استوردت ذهبا قيمته 15.1 مليار دولار من أفريقيا عام 2016 أي أكثر من أي بلد آخر، ارتفاعا من 1.3 مليار فقط عام 2006. وكان الحجم الإجمالي 446 طنا بدرجات نقاء متفاوتة ارتفاعا من 67 طنا فقط عام2006.

ولم يكن جانب كبير من هذا الذهب مسجلا ضمن صادرات الدول الأفريقية. وقال خمسة خبراء اقتصاديين حاورتهم رويترز إن ذلك يشير إلى نقل كميات كبيرة من الذهب دون تسديد الرسوم الضريبية الواجبة عليها للدول المنتجة.