موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل: شكوك بشأن تخلي النظام الإماراتي عن أطماعه الإقليمية

226

أظهر مراقبون شكوكا واسعة بشأن احتمال تخلي النظام الإماراتي عن أطماعه الإقليمي وذلك عقب اتخاذ أبوظبي خطوات للتقارب مع خصومها مثل تركيا وتخفيف حدة إجراءاتها العدوانية.

ويبرز المراقبون أن الإمارات بلد صغير، لديه قدرة عالية على المرونة وتبديل المواقف، وتغيير سياسته العدوانية، وهذا مصلحة أولى له.

وبغرض تشويه التاريخ العثماني، دفعت الإمارات أكثر من خمسين مليون دولار لإنتاج مسلسل “ممالك النار”، الذي لا يمجّد العرب الذين ثاروا على العثمانيين، بل يمجد عجماً آخرين، المماليك.

وتعكس هذه الدراما التاريخية الدراما الواقعية التي نشهدها “الشيطان ولا الإخوان”، وتعريف “الإخوان” في السياسة الإماراتية يمتد ليشمل تركيا وقطر والربيع العربي بعامة.

وفي نظرهم، يتقدّم هذا الخطر على الخطر الإيراني، لوجود الجدار الطائفي الذي يعزل إيران عن الأكثرية السنية في العالم العربي.

لكن فجأة تغير مسار المسلسل، وتحوّل الشيطان إلى بطلٍ يزوره مسؤول الأمن والاستثمارات، طحنون بن زايد، بعد لقاءات على مستويات أمنية. وبعدها أتمّ الوفد زيارته للدوحة، في أول زيارة من نوعها بعد الأزمة الخليجية التي كانت أبوظبي رأس حربتها.

لا قيمة للتنازلات المتبادلة، تكفّ مجموعة صغيرة من المعارضين الإماراتيين في تركيا لسانها، وفي المقابل، تُسكت الإمارات رجل المافيا التركي، سادات بكر، الذي يبثّ مواد معارضة للرئيس أردوغان وحكومته. وتنهال الاستثمارات بالمليارات، ويُدعى أردوغان لزيارة الإمارات.

يرى المتفائلون في ذلك تغيراً في سياسة الإمارات التي فشلت في حصار قطر، وفي ليبيا، وفي مسار التطبيع، وفي أفغانستان، وتواجه مشكلات جدّية مع إدراة بايدن، خصوصاً مع محاكمة توماس باراك التي كشفت مدى تورّط أبوظبي مع إدارة ترامب بشكلٍ يخالف القوانين الأميركية، ويمسّ الأمن القومي الأميركي.

وفي نظر المسؤولين الإماراتيين، فإنّ مشكلاتهم مع أميركا دفعتهم باتجاه روسيا والصين. ولا ينسون أن الأميركان منعوهم من دخول الحديدة في اليمن، حتى لا يسبب ذلك كارثة إنسانية، فمنعوا الذخائر عن الطائرات الأميركية، ما اضطرّ الأميركان إلى محاولة طلبها من تركيا وغيرها. والحرب الجوية في اليمن تعتمد، بدرجة كبيرة، على الطيران المسيَّر الصيني.

وفوق ذلك، في الملف الأفغاني، مع أنّ الإمارات موّلت حكومة أشرف غني، وشاركت في المجهود الحربي والأمني، إلا أن أميركا فضلت أن يكون عنوان الحل في الدوحة، على الرغم من محاولات الإمارات لاستضافة، ولو جزءاً من المحادثات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان.

ذلك كله وغيره أدّى إلى تغير في سياسة الإمارات، ولو بالتدريج، في نظر المتفائلين. لكن المتشائمين يرون أن لا تغير في السياسة، بل هي تمويه لا أكثر، بانتظار تغيّر الظروف، وأن أبوظبي لن تغير من سياستها الهادفة إلى إسقاط النظام التركي، ولا سيما أنها كانت شريكةً في المحاولة الانقلابية، وهي تتبع استراتيجية خلع الأسنان بالسكّر لا بالكمّاشة.

ولدى الإمارات كثير من السكّر الذي يخلع الأسنان، من دون ألم الكمّاشة، فهي ستسعى إلى اختراق المجتمع والدولة التركيين بالمليارات التي ستضخّها. ولديها تحالف استراتيجي مع إسرائيل واليونان يطوّق تركيا من الخارج.

قد تسعى الإمارات إلى ذلك، لكن المجتمع التركي أكثر تعقيداً من أن تهمين عليه بهذه الطريقة، وسبق لها أن مارست نفوذاً أكبر في أفغانستان عاد وبالاً عليها، مع أنها تمكنت من إنجاح غني في الانتخابات، بعد فوز عبدالله عبدالله.

يبدو الواقع خليطاً من التشاؤم والتفاؤل، فالإمارات بلد صغير، لديه قدرة عالية على المرونة وتبديل المواقف، وتغيير سياسته العدوانية، وهذا مصلحة أولى له، ولدى الشعب الإماراتي، مثل كل الشعوب العربية، مشاعر متعاطفة مع المحيط الإسلامي ومعادية للصهيونية. فإنّ من يريد السلام مع المعتدي الإسرائيلي ونسيان جرائمه التاريخية والراهنة، من باب أَولى أن يصالح الجار والشقيق.

من المأمول أن تتغيّر سياسة الإمارات التي كلفت الأمة دماءً غزيرة وأموالاً طائلة في ثورات مضادّة منعت التحوّل الديمقراطي في العالم العربي، وصادرت أحلام شبابه في الحرية والحياة الكريمة. وأن يتغيّر مسارها، بعد كل هذا الخراب، أفضل من أن تستمرّ به.