موقع إخباري يهتم بفضائح و انتهاكات دولة الامارات

تحليل/ الفشل نتيجة حتمية لأطماع الإمارات في اليمن

108

يجمع مراقبون على أن الفشل يمثل النتيجة الحتمية لأطماع دولة الإمارات في حربها على اليمن وما تعمل على تحقيقه من أجندة خاصة مرتبطة بالسيطرة على الموانئ والمناطق الاستراتيجية في البلاد.

ولم يكن توقّع التحوّل المفاجئ لموقف الإمارات في اليمن والكشف عن انسحاب جزئي لقواتها، يحتاج إلى تدقيق في الأسباب، بقدر ما يمثّل نتيجة طبيعية لجملة من الممارسات والقرارات المتهورة لدولة جاءت تحت مبرر مساندة الحكومة الشرعية ضدّ انقلاب الحوثيين، ثمّ ما لبثت أن كشفت عن أجندة خاصة تخالف الأهداف المعلنة جملة وتفصيلاً.

وقد برز التدخّل الإماراتي مع إرسال أبوظبي أول قوات برية للتحالف لتدخل المعركة، حين أرسلت قوة محدودة في يونيو/ حزيران 2015 إلى عدن، ساهمت في تدريب قوات محلية إبان المعركة التي تمحور هدفها حينذاك حول انتزاع السيطرة على العاصمة المؤقتة من الحوثيين وحلفائهم.

خلال شهري يوليو/ تموز وأغسطس/ آب في ذلك العام، خسر الحوثيون معظم مناطق الجنوب، ليحلّ فيها خليط من القوات الحكومية والمجموعات المسلحة غير النظامية التي نشأت خلال المواجهات تحت مسمى “المقاومة الشعبية” أو “المقاومة الجنوبية”.

وفي تلك الأثناء، كان من المنتظر أن تعود الحكومة الشرعية بما فيها الرئيس عبدربه منصور هادي إلى البلاد، باعتبار ذلك على رأس الأهداف المعلنة للتحالف، ولأن شرارة التدخل العسكري بدأت مع تقدّم الحوثيين نحو عدن وإجبار الرئيس على الخروج منها.

ما حدث على أرض الواقع كان مختلفاً تماماً، إذ شرعت أبوظبي في تحقيق أجندة خاصة مرتبطة بالسيطرة على الموانئ والمناطق الاستراتيجية اليمنية، كالجزر، وبدأت بدعم إنشاء تشكيلات عسكرية وأمنية موالية لها، ترفع رايات الانفصال، ولا تختلف عن الحوثيين إلا في كونها توالي أبوظبي، في حين فرضت واقعاً منع الحكومة الشرعية من العودة، وعملت في المسار ذاته على الدعم اللامحدود لتقسيم اليمن، بما في ذلك ممارسة مضايقات وحملات ملاحقة ضدّ مواطنين متحدرين من المحافظات الشمالية في عدن.

وفي حين تحوّل الوجود العسكري الإماراتي في اليمن إلى أزمة معلنة مع الحكومة الشرعية منذ أكثر من عامين، وصلت إلى حدّ تقديم الأخيرة شكوى رسمية في مجلس الأمن الدولي في مايو/ أيار 2018 على خلفية التهور الإماراتي بالسعي لاحتلال ميناء جزيرة سقطرى ومطارها بالقوة العسكرية ومن دون أي مبررات، فتح اليمنيون أعينهم على هذا الدور، وواجهت أبوظبي مقاومة يمنية، في بلد ومجتمع أكبر من أن تنطلي عليه ألاعيب تمسّ كل ما له علاقة بوحدته وأمنه ومقدراته.

في المحصلة، يمثّل الانسحاب المفاجئ للإمارات، سواء كان اليوم أو غداً، نتيجة حتمية للتهور وللممارسات التي استغلت المحنة التي يمر بها اليمن لتنفيذ أجندة ضيّقة، مهما بدا أنها تحققت، فإنها ستتبخر في نهاية المطاف

ويؤكد المراقبون أن التسريبات التي أطلقتها الإمارات خلال الأيام الأخيرة بشأن بدء تقليص وجودها في اليمن يمثل صورة للنهاية المتوقعة لتهور أبو ظبي في بلد مثل اليمن.

وقد عاد الوجود العسكري الإماراتي في اليمن، إلى واجهة التطورات من جديد، في أعقاب تسريبات عن انسحاب جزئي للقوات الإماراتية المشاركة ضمن التحالف السعودي، الأمر الذي أشعل موجة من التعليقات والتفسيرات، شككت في مجملها بتوقيت هذا الانسحاب.

وتم ذلك في ظل بروز مؤشرات عن خلافات بين الإمارات والسعودية وعقب التصعيد الإماراتي ضد الحكومة اليمنية، مع اعتبار كل ذلك مؤشراً على نهاية حتمية لتهور دولة بحجم الإمارات، سعت للتصرف كما لو أنها دولة استعمارية في بلد كبير بحجم اليمن.

وأكدت مصادر محلية في عدن وأخرى حكومية أن تحركات عسكرية شهدتها معسكرات التحالف أخيراً، شملت مغادرة عربات وآليات عسكرية، يُعتقد أنها تابعة للقوات الإماراتية، مدينة عدن منذ نحو أسبوع، أعقبها وصول آليات ومعدات أخرى عبر “ميناء الزيت” في المدينة نفسها، نُقلت إلى قاعدة التحالف في منطقة الشعب.

وتضاربت المعلومات بشأن طبيعة القوة التي وصلت، وما إذا كانت تابعة للإماراتيين أو للسعوديين، الذين تتواجد قوات محدودة تابعة لهم في أكثر من منشأة في عدن، فضلاً عن تواجد القوات السودانية التي شاركت بفعالية في أغلب المعارك في جبهات الحرب مع جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) ولكن بعمليات كانت القيادة فيها للإماراتيين.

وفيما كانت المعلومات الأولية قد ربطت التحركات العسكرية للتحالف في عدن والساحل الغربي، بتصعيد عسكري محتمل في مدينة الحديدة غربي البلاد، جاءت التسريبات عن تقليص الإمارات تواجدها العسكري في اليمن، لتثير قراءات مغايرة لتطورات الأسابيع الأخيرة يمنياً، بما فيها التصعيد الإماراتي المفاجئ في كلٍ من محافظتي سقطرى، الجزيرة الاستراتيجية شرقاً، ومحافظة شبوة جنوباً.

وشهدت المحافظتان اشتباكات متقطعة بين القوات المدعومة من الإمارات (الحزام الأمني في سقطرى والنخبة الشبوانية في شبوة) وقوات موالية للحكومة اليمنية الشرعية، على نحوٍ ملفتٍ يعزز من وجود إجراءات إماراتية مستعجلة تستمد عواملها من الأزمة اليمنية ومن التصعيد مع إيران في منطقة الخليج عموماً.

ومن أبرز الملابسات التي سبقت التسريبات عن “تقليص الوجود العسكري” الإماراتي في اليمن، تواتر مؤشرات عن تفجّر خلافات غير مسبوقة مع السعودية بشأن الموقف في اليمن، إذ تلقّت أبوظبي انتقادات حادة وشديدة اللهجة من مسؤولين يمنيين يتواجدون في السعودية، على خلفية تصعيدها ضد الحكومة الشرعية في شبوة وسقطرى، وما تردد عن مخططٍ أعدته أبوظبي عبر “المجلس الانتقالي الجنوبي” الانفصالي، لإكمال الانقلاب وسيطرة الانفصاليين في عدن.

وعلى الرغم من نفي هذه المعلومات، جاءت التطورات في سقطرى وشبوة لتشير إلى تحركات إماراتية غير محسوبة، أُقرت على ما يبدو على عجلٍ، لحسابات مرتبطة بمسار الحرب في اليمن أو التصعيد في الإقليم.

وواجهت الإمارات انتقادات من يمنيين في السعودية وحتى من سعوديين، على غرار تصريحات تلفزيونية للأكاديمي السعودي تركي القبلان، والذي اعتبر أن سعي الإمارات وراء مصالحها الضيّقة على الجغرافية اليمنية يتناغم مع “المشروع الإيراني” في المنطقة، واعتبار ما تقوم به غير منسجمٍ مع أهداف التحالف، على خلفية تصعيد المليشيات والمجموعات المسلحة المدعومة من أبوظبي جنوباً في الأسبوعين الأخيرين.

ويبدو أن ما فاقم الخلاف بين السعوديين والإماراتيين (أخيراً على الأقل)، توقيت التصعيد الإماراتي ضد الحكومة اليمنية جنوباً، في أعقاب الهجمات غير المسبوقة للحوثيين في الأراضي السعودية، على نحوٍ خلق حالة من الإرباك في أوساط السعوديين، الذين فتحوا أعينهم على الأخطاء والإخفاقات المرتبطة بحربهم المشتركة مع الإمارات، لتظهر في المحصلة، ومن خلال الحراك العسكري للحوثيين، وكأن جماعة “أنصار الله” باتت في وضع أقوى، بعد ما يقرب من أربع سنوات ونصف من الحرب.

من زاوية أخرى، وبما لا يتعارض مع حسابات أبوظبي المرتبطة بالتصعيد الأميركي مع إيران والخلافات مع الرياض، تبرز تساؤلات عن توقيت التصعيد الإماراتي المفاجئ في الأسابيع الماضية، إذ نفذت محاولات متكررة لبسط سيطرة أتباعها على ميناء جزيرة سقطرى الاستراتيجي، بعدما فشلت باحتلاله بواسطة قواتها مباشرة منتصف العام 2018، بسبب رفض الحكومة اليمنية وتقديمها شكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولي.

كما سعى حلفاء الإمارات إلى إكمال بسط السيطرة في محافظة شبوة النفطية ومهاجمة مدينة عتق (مركز المحافظة)، وما رافق ذلك من تفجيرات متكررة استهدفت أنبوب تصدير النفط والغاز في مناطق سيطرة قوات “النخبة الشبوانية” (الذراع الإماراتية في المحافظة).

كلها تطورات أظهرت كما لو أن أبوظبي وحلفاءها يتصرفون بإجراءات متهورة ومكشوفة يحاولون مسابقة الزمن فيها، استباقاً لتحولات لن تكون على الأرجح في صالحهم، وهو ما تعزز من خلال الإعلان الإماراتي عن سحب جزئي للقوات من اليمن.

إلى جانب ذلك، وبصرف النظر عما إذا كان العد التنازلي للانسحاب الإماراتي في اليمن، قد بدأ بالفعل، أو أن الإعلان والتسريبات مجرد مناورة، إلا أنها بالمجمل صورة عن النهاية المتوقعة للتهور الإماراتي في بلد كاليمن، يفوق عدد سكانه الإماراتيين بنحو 29 ضعفاً.

وقد واجهت مخططات أبوظبي التقسيمية وممارساتها ضد المواطنين في المحافظات الخاضعة لنفوذها، رفضاً يمنياً، ما جعل من انتكاسة الأطماع الإماراتية مسألة وقتٍ، مع عدم التقليل من الآثار المدمرة لهذه الممارسات طوال السنوات الماضية، على وحدة اليمن وأمنه واستقراره.